لكل زمان طعم مميز، ولرمضان طعم ليس كطعم أيّ زمان آخر، حيث يُضفي الشهر الكريم حلاوته على الزمكان الذي يمرّ به، فيصبغه بألوان الفرح والإيمان، ألوان البهجة والعبادة والغفران، التي تتلوّن هي الأخرى بألوان الزمان والمكان، فتخلق طعماً فريداً لكل رمضان.
امتاز طعم الزمان في رمضان، بأوقافه الخاصة عبر العصور الإسلامية المختلفة، وذلك قبل ظهور الدولة الحديثة، الدولة الوحش أو "الليفايثان" كما وصفها توماس هوبز، في كتابه "ليفايثان" (عام 1651)؛ كانت لكل حقبة تاريخية ولكل دولة أو إمبراطورية إسلامية أوقافها الرمضانية التي كانت تمزج قيم رمضان الروحية، بطابعها لتعطي طعماً مميزاً للشهر الكريم في زمانها.
الأوقاف في الحضارة الإسلامية
الوقف في اللغة يعني الحبس أو المنع، وأما في الفقه فيعني حبس الأصل وتسبيل المنفعة، أي تخصيص أصل معين لا يُباع ولا يُوهب، والاستفادة من عائداته وأرباحه في وجوه البرّ المختلفة.
وقد عرّفه الإمام أبو حنيفة، بأنه حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة، كما ذُكر في حاشية ابن عابدين، وعرّفه الحنابلة كما ذكر عرفة بن قدامة الحنبلي في "المغني"، على أنه اختصار تحبيس الأصل وتسييل الثمرة.
وفي كتابه "الوقف في المدينة" (The Waqf in the City)، الصادر عن المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، يقول راندي ديغيلهم، إنّ الأوقاف انتشرت في كل المدن في العالم الإسلامي، وقد لامست حرفياً كل قطاع اجتماعي واقتصادي داخل المراكز الحضرية، وحتى في الأرياف.
ويُعرّفه ديغيلهم، على أنه فرصة تمويل مستفيد معين أو مجموعة من المستفيدين، بمبلغ محدد من العائدات المتأتية من الإيرادات المتولدة عن الممتلكات المملوكة لمؤسس الوقف والتي يعينها كأصول وقف.
كانت الأوقاف تعبيراً مجتمعياً فريداً في العالم الإسلامي منذ القرون الأولى للحضارة الإسلامية، من أعلى وأقوى طبقات المجتمع إلى أكثرها تواضعاً، أثرت الأوقاف في آن واحد على الحياة اليومية للناس عبر العصور ومختلف الأزمان طوال أكثر من ألف عام
مفهوم الوقف كان حاضراً في العديد من الحضارات السابقة على الحضارة الإسلامية، لكن أحداً لم يقدّمه مثلما قدّمته الحضارة الإسلامية كركيزة أساسية لتفعيل قوّة المجتمع لخدمة نفسه في شتى المجالات بطريقة مستدامة، ودون الاعتماد على السلطة الحاكمة.
إنّ الوقف قادر على تجسيد الأهداف الرئيسة لإدارة الثروات في الإسلام، وضمان التوزيع العادل للثروة داخل المجتمع، وتجنّب تركيزها في أيدي الفئات ذات الدخل المرتفع، وذلك كنتيجة لحركة الأموال المستمرة والمتواصلة من الأوقاف المتغلغلة في نواحي الحياة كافة، وإليها.
قدّمت الأوقاف خدماتها لشرائح المجتمع كافة من الفقراء والمساكين، وذوي الاحتياجات الخاصة، والأسرى، والغرباء، والسجناء، والعلماء، وطلبة العلم، وكبار السنّ، والمجاهدين، والغارمين، والغارمات، والنساء اللواتي فقدن عوائلهنّ أو مصادر دخولهنّ، أو حتى النساء اللواتي وقع نفور بينهنّ وبين أزواجهنّ، وليس لهنّ أهل أو محارم يأخذون بحقوقهن، كما وصل الأمر إلى تخصيص أوقاف للعناية بالحيوانات والطيور، وفقاً لما جاء في كتاب "مدوّنة أحكام الوقف الفقهية"، الصادر عن الأمانة العامة للأوقاف في دولة الكويت.
الأوقاف الموسمية
تُعدّ نوعاً من الأوقاف المخصصة للصرف في مواسم بعينها، مثل شهر رمضان أو موسم الحج، أو الأعياد والمناسبات، ويتميّز هذا النوع من الأوقاف بالتركيز على تلبية احتياجات المجتمع في فترات زمنية محددة، ما يجعله أداةً فاعلةً في دعم المجتمع أوقات الحاجة.
ومن أمثلة الأوقاف الموسمية، أوقاف الأضاحي التي كانت تُخصّص عائداتها لشراء الأضاحي وتوزيعها على الفقراء في عيد الأضحى، ما يضمن استفادة المحتاجين من شعيرة الأضحية على أوسع نطاق ممكن، وأوقاف الحج التي كانت تُخصص لمساعدة غير القادرين على أداء فريضة الحج، أو لتوفير الخدمات اللازمة للحجّاج، مثل سقيا الماء أو الضيافة في الطرق المؤدية إلى مكة والمدينة المنورة، بالإضافة إلى أوقاف كسوة الشتاء، لتوزيع الملابس الشتوية والأغطية على الفقراء لتقيهم برد الشتاء.
وتُعدّ الأوقاف الموسمية شكلاً من أشكال الإبداع الوقفي في التاريخ الإسلامي، إذ أسهمت في تحقيق الاستدامة المالية للأعمال الخيرية وربطت العطاء بأوقات الحاجة الفعلية.
طعم الزمان في أوقاف رمضان
بدأت الأوقاف منذ عهد النبوّة، لكنها تطورت واتخذت أشكالاً مختلفةً في العهود اللاحقة مع اتساع الدولة، وتعدد الموارد، وكثرتها، وكان النبي محمد، قد أوقف بعض أراضيه لصالح الفقراء والمحتاجين، ما يُعدّ من أولى صور الوقف الإسلامي، وفقاً لما ذكره علي محمد الزهراني، في بحثه "نظام الوقف في الإسلام حتى نهاية العصر العباسي الأول".
وفي عهد الخلافة الراشدة، بدأت تتخذ الأوقاف شكلاً أكثر تنظيماً، ومن ذلك يُذكر وقف أرض السواد في العراق بعد فتحها في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.
ولا شكّ أن فعل الخير، في كل العهود الإسلامية، كان يكثر في شهر رمضان خاصةً، لكن فكرة الأوقاف الموسمية، والأوقاف الرمضانية منها، ربما ظهرت متأخرةً قليلاً مع العصر الأموي، الذي اتّسعت فيه الدولة، وتضاعفت أراضيها ومواردها.
كان خلفاء بني أميّة يوقفون الأوقاف لتقديم الطعام في المساجد في شهر رمضان، وأبرزهم في ذلك الخليفة الوليد بن عبد الملك (705-715)، كما أنشأ الخلفاء الأمويون أوقافاً لدعم توزيع الطعام على المحتاجين في رمضان، مثل وقف التمور والخبز في الحجاز والشام، كما جاء في كتاب "أخبار مكة" للأزرقي.
انتُزعت الأوقاف بشكل أو بآخر من طعم زمان رمضان، لكن بقيت بصمتها في الشهر الكريم في كل مكان حول العالم، من موائد الرحمن في حي المطرية، إلى صلاة التراويح في ميدان "تايم سكوير" في نيويورك.
أما الدولة العباسية، فقد شهدت أزهى عصورها مع الخليفة هارون الرشيد، وابنه المأمون، حيث وُضعت أوقاف لدعم الموائد الرمضانية في بغداد، والعديد من المدن والحواضر في الدولة، وكانت تُقام يومياً على امتداد طرق الحج، كما خُصصت أوقاف لدعم توزيع الحبوب والزيت على الصائمين الفقراء، وكانت بغداد مركزاً كبيراً لأعمال الأوقاف التي تُصرف داخلها وخارجها، وكانت تتفاوت قوّة الأوقاف واستدامتها من عصر إلى عصر، ففي العصر العباسي الأول ازدهرت الأوقاف ازدهاراً غير مسبوق، وعندما ضعفت الدولة في عصر العباسي الثاني مع سيطرة الأتراك، تراجعت الأوقاف بعض الشيء، بحسب ما ذكر كلّ من علي محمد الزهراني، في بحثه "نظام الوقف في الإسلام حتى نهاية العصر العباسي الأول"، والدكتور محمد عبد العظيم أبو النصر، في كتابه "الأوقاف في بغداد العصر العباسي الثاني".
وتسري حالة القوة والضعف تلك على كل العصور والإمبراطوريات الإسلامية المختلفة منذ عهد النبوة وحتى نهاية الدولة العثمانية، إلى أن قضي على الأوقاف بشكل شبه كامل مع زمن الاستعمار الأوروبي، وما بعده.
العصر الفاطمي كان عصراً ذهبياً لطعم الزمان في رمضان، حيث اهتمّ الفاطميون بالشهر الكريم اهتماماً بالغاً، وكان لهم نظام وقفي خاص له، كما أنشأ الخليفة المعزّ لدين الله الفاطمي، أوقافاً لتمويل موائد ضخمة تُعرف باسم "موائد الرحمة"، وكان يوزّع فيها اللحم والأرز مجاناً، كما وقفت الدولة أموالاً لدعم الأسواق الرمضانية وتوفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة للفقراء، وقد شهدت الأوقاف تحولات كبيرة في مصر في العصر الفاطمي، بعد أن تحولت القاهرة إلى عاصمة خلافة تُقابل عاصمة الخلافة العباسية في بغداد، وفي الدولة الفاطمية برز الفارق بين نظرة السنّة والشيعة للأوقاف، حيث استغلها الخلفاء والوزراء الفاطميون لنشر المذهب الشيعي الإسماعيلي في مصر، في حين نظر إليها أهل السنّة على أنها وسيلة فعالة لمقاومة المدّ الشيعي الفاطمي في كلٍّ من مصر والشام.
وبرغم ثراء العصر الفاطمي، إلا أنّ الحديث عن الأوقاف في المصادر الأصلية والتراثية كان عابراً، ولم يحمل بين طياته تفاصيل تُذكر، في ظلّ قلّة الوثائق الرسمية التي تخصّ الأوقاف الفاطمية، فلا توجد سوى وثيقتين، الأولى هي وثيقة وقف الوزير طلائع بن رزيك على الأشراف، وهي في حالة سيئة جداً، وفيها الكثير من الكلمات المطموسة والصفحات الناقصة، ما أدى بدوره إلى صعوبة كبيرة في التعامل معها. أما الوثيقة الثانية، فهي وثيقة وقف الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله على مساجده في القاهرة والفسطاط، والتي وردت في خطط من ابن عبدالظاهر، والمقريزي، وذلك حسب ما ذكر الباحث سمير حامد محمد عبد الرحيم، في بحثه تحت عنوان "الأوقاف في عصر الدولة الفاطمية".
أما في العصر المملوكي، فكان شهر رمضان كما بقية العصور الإسلامية، فرصةً طيبةً للإكثار من الصدقات وإطعام الفقراء، ومن مظاهر التوسيع فيه صرف رواتب إضافية لأرباب الوظائف، وطلبة العلم، والأيتام، ولا سيّما من السكر الذي تتضاعف كمية المستهلك منه في رمضان بسبب الإكثار من الحلوى.
وذكر الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور، أنّ وثائق الأوقاف حددت بالتفصيل نصيب كل فرد من أرباب الوظائف وطلبة العلم والأيتام من السكر الطيب الأبيض النقي، كلّاً حسب منزلته ومكانته، إذ تراوح طبقاً لما جاء في وثيقة وقف السلطان حسن، بين خمسة عشر رطلاً، وخمسين رطلاً، لمن يمكن أن نطلق عليهم أصحاب الوظائف العليا، وما يتراوح بين عشرة أرطال، ورطلين لأصحاب الوظائف الدنيا، وطلبة العلم، والأيتام، فقد نصت الوثيقة على توزيع ثلاثة وعشرين قنطاراً بالقنطار المصري، وأربعة وسبعين رطلاً بالرطل المصري من السكّر الطيب الأبيض النقي.
ولم يقتصر أمر التوسيع في شهر رمضان على توزيع السكّر، بل شمل ذلك أيضاً توزيع الطعام المجهز طبقاً لشرط الواقف، والذي اشتمل على الخبز واللحم والأرز والعسل وحبّ الرمان... إلخ. فكما جاء في وثيقة وقف السلطان حسن، "ويصرف في كل يوم من أيام شهر رمضان ثمن عشرة قناطير من لحم الضأن، وثمن أربعين قنطاراً من خبز القرصة، وثمن حبّ رمان، وأرز، وعسل، وحبوب، وأبزار، وتوابل، وأجرة من يتولى طبخ ذلك، وتفرقته، وثمن غير ذلك مما يحتاج إليها من الآلات التي يطبخ بها، فيطبخ ذلك في كل يوم من أيام رمضان، زيادةً على ما هو مرتب في ليالي الجمع، ويُقسم إلى نصفين، فالنصف منه يفرّق على المقيمين في الأماكن المذكورة، من الطلبة، وأرباب الوظائف، والأيتام، والمؤدبين، والعريفين، على ما يراه الناظر، والنصف الثاني يفرّق على الفقراء، والمساكين، من جيران المكان، وغيرهم، على ما يراه الناظر".
كذلك حرص الواقفون على التوسيع على أرباب الوظائف، والصوفية، والأيتام، والفقراء المجاورين للمؤسسة الدينية بمناسبة عيد الفطر، حتى يشارك هؤلاء الفقراء في بهجة العيد، مثال ذلك ما تذكره وثيقة وقف الأمير صرغتمش، التي تنصّ على التالي: "ويُصرف في عيد الفطر من كل سنة مائتا درهم نقرة يشترى بها كعكاً وتمراً وبندقاً وخشكنانا (والخشكنان نوع من المخبوزات المحلاة)، ويفرّق ذلك على الأيتام ومؤدبهم، والعريف".
كما تذكر وثيقة السلطان قايتباي، كما أوردها الدكتور سعيد عاشور، أنه "يُصرف في كل سنة تمضي من سني الأهلة، في يوم عيد الفطر توسعة لأرباب الوظائف بالجامع المذكور أعلاه، ما مبلغه من الفلوس الموصوفة أعلاه ألفا درهم… يوسع الناظر بذلك عليهم في يوم عيد الفطر على حسب ما يراه".
أما الدولة العثمانية، فقد شهدت ذروة سنام الأوقاف، حيث أنشئت مؤسسات ضخمة للأوقاف، إذ أنشأ السلطان سليمان القانوني، أوقافاً لتمويل موائد إفطار عامة في إسطنبول والمدن الكبرى، كما كانت السلطانة كوسم مهبيكر، من أكبر الواقفين، إذ موّلت توزيع آلاف الوجبات المجانية يومياً في رمضان.
كانت الدولة العثمانية صاحبة أكبر جهاز إداري والأكثر تنظيماً وترتيباً وتأسيساً لمؤسسات الأوقاف، وكانت تهتم كثيراً بشهر رمضان، وتستقبله بحفاوة، بحسب ما ذكره محمد فريد بك، في كتابه "الدولة العلية العثمانية".
وبحسب حسان حلاق، في كتابه "أوقاف المسلمين في بيروت في العهد العثماني"، ففي بيروت العثمانية كان هناك وقف باسم "قُفة الخبز" وكان له دكان خاص تُوضع فيه قفة مليئة بالخبز في كل يوم جمعة، يقصدها المعوزون والفقراء والمساكين القاطنون في بيروت من مختلف الطوائف، فيوزع عليهم الخبز، ويأخذ كل منهم حاجته وينصرف، وكانت لهذه القُفة أوقاف عديدة مثل بعض العقارات والمخازن التي عاد ريعها وربحها ووارداتها إلى القفة، والعمل على استمرارها، وقد تعددت مثل تلك الأوقاف في جميع البلاد تحت الحكم العثماني من أقصى شرق العراق وبلاد القوقاز، إلى الجزائر وتونس غرباً، ومن اليمن والصومال جنوباً إلى تخوم فيينا شمالاً.
نزع الأوقاف من طعم الزمان
كانت الأوقاف تعبيراً مجتمعياً فريداً في العالم الإسلامي منذ القرون الأولى للحضارة الإسلامية، من أعلى وأقوى طبقات المجتمع إلى أكثرها تواضعاً، أثرت الأوقاف في آن واحد على الحياة اليومية للناس عبر العصور ومختلف الأزمان طوال أكثر من ألف عام.
تُعدّ نوعاً من الأوقاف المخصصة للصرف في مواسم بعينها، مثل شهر رمضان أو موسم الحج، أو الأعياد والمناسبات، ويتميّز هذا النوع من الأوقاف بالتركيز على تلبية احتياجات المجتمع في فترات زمنية محددة، ما يجعله أداةً فاعلةً في دعم المجتمع أوقات الحاجة
ينظر كثير من الباحثين إلى نظام الوقف وتبنّي أفراد الأمة المسلمة له باعتبارهما من الأسس المهمة للنهضة الإسلامية الشاملة بأبعادها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية، وأنّ هذا النظام كان وراء بروز الحضارة الإسلامية وليست الدول الإسلامية المتعاقبة والخزائن السلطانية، كما ذكر الدكتور محمد عمارة، في ورقة بحثية له تحت عنوان "دور الوقف في النمو الاجتماعي وتلبية حاجات الأمة"، ضمن أبحاث ندوة "نحو دور تنموي للوقف"، برعاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية.
كما يرى يحيى محمود جنيد، في كتابه "الوقف وبنية المكتبة العربية"، الصادر عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أنّ الوقف هو بؤرة النهضة العلمية والفكرية العربية والإسلامية على مدار القرون.
يوضح ديغيلهم، أنه على مستوى أكثر تواضعاً أنشأ أشخاص من ذوي المكانة الأكثر تواضعاً، أوقافاً صغيرةً جداً من حيث الأصل وجهة الصرف، وهكذا تغلغلت الأوقاف في كل صغيرة وكبيرة في المجتمعات الإسلامية، ولكن مع نهاية الفترة الاستعمارية نحو منتصف القرن العشرين، عندما تأممت أصول المؤسسات في العديد من البلدان ذات الأغلبية الإسلامية، أُدمجت أصول الأوقاف كلها ضمن الإدارات الحكومية.
أدى ذلك إلى ضياع كل الجهود المجتمعية المبذولة طوال نحو ألف و300 عام، ودخول الأوقاف في تروس الماكينات الحكومية للدول العربية والإسلامية الحديثة الليفايثان الفاسدة، ونزع الأوقاف عن طعم الزمان الذي احتفظ بمكوناته الأخرى، من الإيمانيات والروحانيات والتقاليد والعادات، من فرحة وزينة وفوانيس، وفعل للخيرات، وموائد للرحمن، لكن مع المزيد من الإسراف والهدر.
على سبيل المثال، كانت بعض أوقاف رمضان مخصصةً لفتح التكيات لإفطار الصائمين من فقراء المسلمين، تلك التكيّات التي اندثرت الآن، وحلّت محلها موائد الرحمن، وصناديق أو حقائب رمضان، والتي تعتمد على التبرّع الآني لتجهيز الموائد أو الحقائب، وذلك كل عام، بينما كانت الأوقاف المخصصة لإفطار الصائمين في سابق العصور والأزمان تقوم بنسبة كبيرة من هذا العبء، ما يؤدي إلى توفر فائض في حالة وجود أموال للتبرع بها.
انتُزعت الأوقاف بشكل أو بآخر من طعم زمان رمضان، لكن بقيت بصمتها في الشهر الكريم في كل مكان حول العالم، من موائد الرحمن في حي المطرية، إلى صلاة التراويح في ميدان "تايم سكوير" في نيويورك.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Karami Meriam -
منذ 6 ساعاتنيتمءتحءنخوماك الامام الخامنئي, ب58
Karami Meriam -
منذ 6 ساعاتنيتمءتحءنخوماك الامام الخامنئي, ب58
Apple User -
منذ يوميناتمنى الرد يا استاذ ?
Apple User -
منذ يومينهل هناك مواقف كهذه لعلي بن ابي طالب ؟
Assad Abdo -
منذ 5 أيامشخصية جدلية
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 6 أيامأن تسخر التكنولوجيا من أجل الإنسان وأن نحمل اللغة العربية معنا في سفرنا نحو المستقبل هدفان...