يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدّى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
في سياق الاهتمام الواسع الذي حظي به تشييع الأمين العام الراحل لحزب الله حسن نصر الله، وخليفته هاشم صفيّ الدين، الأحد 23 شباط/ فبراير الجاري، راجت الكثير من المعلومات المضللة، وفي مقدّمتها ادّعاء البعض أنّ الحزب انتهز الفرصة وقام ببيع تذاكر حضور التشييع مقابل 350 ألف ليرة لبنانية (نحو أربعة دولارات أمريكية)، بالإضافة إلى مزاعم أخرى من بينها حضور وفد يهودي المراسم. وقد خضعت هذه الادعاءات للتحقّق من قبل منصات عربية متخصّصة في تدقيق المعلومات.
"حزب الله يتاجر بجثة زعيمه الراحل"
نشرت مواقع إلكترونية، ومستخدمون عبر منصات التواصل الاجتماعي، مزاعم مفادها أنّ حزب الله "يتاجر بجثّة زعيمه ويبيع تذكرةً لحضور التشييع بمبلغ 350 ألف ليرة". أُرفِق هذا الادّعاء بصورة لنصر الله، عليها اسمه.
دقّق المرصد الفلسطيني "تحقّق"، في صحة هذا الزعم، وتوصّل إلى زيفه، وذلك عبر التواصل مع مسؤولة العلاقات العامة في حزب الله، رنا الساحلي، والمحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر، وقد نفيا للمرصد صحة ما يتم تداوله بشأن توزيع بطاقات مدفوعة للمشاركة في تشييع جثمان نصر الله.
"نصرالله كان يشاهد جنازته" و"حزب الله يتاجر بجثّة زعيمه الراحل" و"وفد يهودي حضر التشييع"... هكذا فنّد مدقّقو المعلومات العرب الادّعاءات المتّصلة بتشييع حسن نصر الله وخليفته هاشم صفيّ الدين
وعن حقيقة صور البطاقات المرفقة مع الادّعاء، قالت الساحلي، إنّ هذه البطاقات غير صادرة عن الحزب، ومن المرجّح أن يكون أحد المناصرين لحزب الله قد صمّمها.
كما وجد فريق "تحقّق"، أنّ معلومات البطاقة تحتوي على بعض الأخطاء؛ فقد ذُكر فيها أنّ اسم والدة نصر الله هو "مهدية صفيّ الدين"، في حين أنّ اسمها الحقيقي هو "نهدية صفيّ الدين". كما ورد أنّ تاريخ ميلاده، هو 31 آب/ أغسطس 1960، لكن التاريخ الصحيح هو 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1959.
وشُيّعت جنازة الأمينين العامين لحزب الله، حسن نصر الله وهاشم صفيّ الدين، اللذين قُتلا في غارتين إسرائيليتين منفصلتين، يوم الأحد 23 شباط/ فبراير 2025، في العاصمة اللبنانية بيروت، وسط إجراءات أمنية مشدّدة.
"وفد يهودي حضر التشييع"
في غضون ذلك، تناقلت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، صورةً لأعضاء حركة "ناتوري كارتا" اليهودية المناهضة للصهيونية، وهم يرتدون الزيّ الديني اليهودي، ويحملون الأعلام الفلسطينية. أُرفِقت الصورة بادّعاء أنها التُقِطت لأعضاء الحركة في أثناء حضورهم مراسم تشييع نصر الله وصفيّ الدين.
وكتب بعض ناشري الصورة: "وصل وفد من عائلة نيلسون مانديلا، إلى بيروت، للالتحاق بموكب النور، ووجهت رسالةً ابنة غيفارا، ووفود من أيرلندا وأمريكا اللاتينية، ووفد من رجال الدين اليهود المناهضين للصهيونية وكثر غيرهم… كم كنت جامعاً وعابراً للطوائف يا نبراس المقاومة".
تحقّق مرصد "كاشف" الفلسطيني، من الصورة المتداولة من خلال البحث العكسي عن مصدرها، وتوصّل إلى أنّ الصورة قديمة، وسبق أن التُقِطت لأعضاء من الحركة المناهضة للصهيونية في أثناء زيارتهم لبنان عام 2012.
والتقط الصورة المصوّر باتريك باز، ونشرها على حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، بتاريخ 30 آذار/ مارس 2012، قائلاً إنّها "توثّق لحظة وضع أعضاء الحركة إكليلاً من الزهور على قبر عماد مغنية في لبنان".
"نصر الله كان يشاهد جنازته"
كذلك، انتشرت صورة ومقطع فيديو لرجل دين مسنّ يرتدي عمامةً سوداء، ويجلس في شرفة مطلّة على المدينة الرياضية، حيث شُيّع نصر الله وصفيّ الدين، وادّعى الناشرون أنّ هذا الشخص هو نصر الله نفسه، وقد حضر لمشاهدة المشيّعين لجنازته، فيما زعم بعضهم أنّ "السيّد حيّ".
تحقّقت "صحيح العراق"، من هذا الزعم، وتوصّلت إلى زيفه، إذ تبيّن لها أنّ الشخص الموجود في الشرفة المقابلة لموقع الجنازة -بحسب مصادر قريبة من حزب الله- هو رجل الدين قاسم الحائري، الذي بدت ملامحه في مقطع الفيديو المنتشر قريبةً إلى ملامح نصر الله، حتّى اعتقد البعض أنّه نصر الله ذاته.
من هو "شبيه" حسن نصرالله الذي حضر جنازته
والحائري، هو معتمد المرجعية الدينية العليا في دولة الكويت، ويُعدّ من الشخصيات البارزة في المجتمع الشيعي الكويتي، ويُشرف على "ديوان السيد الحائري"، الذي يُعدّ مركزاً للتواصل مع المجتمع وتنظيم الفعاليات المختلفة.
ما حقيقة مقطع الفيديو الذي تداولته حسابات على السوشال ميديا لامرأة ترقص، مع ادّعاء أنه يُظهر مشاهد من سهرة لـ"أتباع حزب الله في إحدى شقق لبنان"، بالتزامن مع مراسم تشييع نصر الله؟ وكيف ظهر شعار الحزب فيه؟
اعتاد الحائري، على المشاركة في الفعاليات الدينية والاجتماعية، وحضور جنازات الشخصيات الدينية. وتضمّ صفحة "ديوان الحائري"، العديد من الصور التي توثّق مشاركته في مناسبات مختلفة، حيث علّق بعض المستخدمين على الشبه بينه وبين حسن نصر الله.
"سهرات أتباع حزب الله في أثناء التشييع"
إلى ذلك، تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لامرأة ترقص داخل شقّة سكنية، مدعيةً أنها مشاهد من سهرة لـ"أتباع حزب الله في إحدى شقق لبنان"، بالتزامن مع مراسم تشييع الأمين العام الراحل.
أجرت منصة "صحيح العراق"، بحثاً عكسياً عن أصل الفيديو، ووجدت أنه نُشر لأول مرة في شباط/ فبراير الجاري، عبر حسابات وصفحات تنشر حفلات من نوادٍ ليلية داخل العراق، وليست له علاقة بحزب الله. أما شعار "المقاومة الإسلامية في لبنان" الخاص بحزب الله، فقد أُضيف إلى الفيديو الأصلي بهدف التضليل.
كما انتشرت صورة يظهر فيها جثمان، ورجل مسنّ يقبّله، وادّعى ناشرو الصورة أنها التُقطت في أثناء استخراج جثمان نصر الله من المكان الذي دُفن فيه، استعداداً لمراسم تشييعه.
ما حقيقة تقبيل مسن جثمان حسن نصر الله قبل دفنه
دقّقت منصة "الفاحص"، في مصدر الصورة، وتوصّلت إلى أنّ ما نُشر بشأنها مضلّل، إذ تعود لجثمان ابن خالة الإعلامية اللبنانية زينب عواضة، التي نشرت الصورة مع الرثاء في حسابها على منصة "إكس"، في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Some One -
منذ 3 أيامالذي كتب وتخيل هذه العلاقة، وتخيل مباركة الوالدين، وتقبل المجتمع لهذه المثلية الصارخة. ألم يتخيل...
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياماول مرة اعرف ان المحل اغلق كنت اعمل به فترة الدراسة في الاجازات الصيفية اعوام 2000 و 2003 و كانت...
Frances Putter -
منذ 6 أيامyou insist on portraying Nasrallah as a shia leader for a shia community. He is well beyond this....
Batoul Zalzale -
منذ أسبوعأسلوب الكتابة جميل جدا ❤️ تابعي!
أحمد ناظر -
منذ أسبوعتماما هذا ما نريده من متحف لفيروز .. نريد متحفا يخبرنا عن لبنان من منظور ٱخر .. مقال جميل ❤️?
الواثق طه -
منذ أسبوعغالبية ما ذكرت لا يستحق تسميته اصطلاحا بالحوار. هي محردة من هذه الصفة، وأقرب إلى التلقين الحزبي،...