شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
الرهاب من الحقن والمياه والطيور... 5 أنواع غريبة من الفوبيا

الرهاب من الحقن والمياه والطيور... 5 أنواع غريبة من الفوبيا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الخميس 23 يناير 202501:12 م

قد نتعرّض لحادثةٍ ما في طفولتنا تتسبب لنا في "فوبيا" تستمر معنا طوال حياتنا، وهذا ما حدث مع ريم صابر، التي لديها فوبيا من الطيور منذ أن كانت في الخامسة من عمرها.

تقول ريم (37 عاماً)، لرصيف22: "في إحدى المرات، كنت في زيارة جدّتي التي تقوم بتربية الكثير من الطيور المختلفة على سطح منزلها، وكنت في هذا اليوم أرتدي فستاناً لونه أحمر، ولم أكن أعرف أن الديك الرومي ينجذب إلى هذا اللون عادةً، وحين مررت بجانبه قام بعضّي في ساقي".

رعب أمام الطيور

لم تنسَ ريم تلك الواقعة أبداً، والتي باتت تؤثر عليها، فهي تبتعد عن كل الطيور الحيّة ولا تقترب منها حتى لو من مسافة بعيدة: "أي طائر له ريش يسبب لي الرعب"، وفق قولها، كاشفةً أنها ترتعش وتشعر بالتعرق، وتفقد قدرتها على التصرف السليم لو رأت أمامها طائراً، وهذا ما حدث لها ذات مرة عندما كانت في بيت صديقة لها، وظهرت لها دجاجة بشكل مفاجئ فصرخت طالبةً المساعدة، بينما ضحك عليها من رآها في هذا الموقف.

"في إحدى المرات، كنت في زيارة جدّتي التي تقوم بتربية الكثير من الطيور المختلفة على سطح منزلها، وكنت في هذا اليوم أرتدي فستاناً لونه أحمر، ولم أكن أعرف أن الديك الرومي ينجذب إلى هذا اللون عادةً، وحين مررت بجانبه قام بعضّي في ساقي"

في الواقع، إن الرهاب هو أحد اضطرابات القلق الأكثر شيوعاً، ويقدّر المعهد الوطني للصحة العقلية أن أكثر من 12% من البالغين/ ات في الولايات المتحدة الأمريكية يعانون من رهاب محدد في مرحلة ما من حياتهم/ نّ، وهذا الرهاب يختلف من شخص إلى آخر وفقاً للتجارب الشخصية والخبرات التي مرّ بها.

كما تقدّر منظمة الصحة العالمية، أنّ نحو 264 مليون شخص حول العالم يعانون من اضطراب واحد على الأقل.

والخوف من الطيور، أو الأورنيثوفوبيا، هو الإحساس بالخوف الشديد من الطيور أو التواجد حولها لأسباب مختلفة. ذكر الموقع الطبي "هيلث لاين"، بعض هذه الأسباب، ومنها ما قد يكون ناتجاً عن تجربة شخصية أو حادثة، وغالباً ما تقع في مرحلة الطفولة وتنتج عنها ذكرى مخيفة وغير مريحة للشخص، وقد ينتقل الخوف من الآخرين فيلاحظ الشخص مثلاً أن والديه لديهما هذه الفوبيا فتنتقل إليه بمرور الوقت، وقد تنتقل إلينا من خلال قراءة معلومات مغلوطة عن خطورة هذه الكائنات، فيتولد لدينا خوف مفاجئ منها.

في حديثها إلى رصيف22، تصف أخصائية الطب النفسي وعلاج الإدمان الدكتورة نهال زين، "الفوبيا" بأنها شعور من القلق الشديد المستمر ينتاب الشخص تجاه شيء معيّن: "هذا الاضطراب يدفعه للابتعاد عنه وتجنّبه، ما يؤثر على حياته بصورة سلبية".

وتذكر نهال، أن للفوبيا أعراضاً واضحةً من بينها ضربات القلب السريعة، الرعشة في الجسد، الإحساس والشعور بالإغماء، وتنامي السيناريوهات السيئة تجاه موقف قد لا يستدعي كل هذا القلق، فيشعر الشخص بالخطر والتهديد والقلق سواء من الطيور أو المصعد مثلاً، أو أي شيء آخر غير منطقي بالنسبة للبعض.

رهاب الموت

"سيناريوهات تتكرر في ذهني ولا تنتهي حتى لو حاولت ذلك. كلها سيناريوهات سوداوية ومخيفة عن الموت. مرات أكون أنا الميتة وأتخيل نفسي كيف سأموت، وماذا سيفعل الآخرون، وكيف سيعيش أولادي. أرى كل شيء في تخيلي حتى مشاهد الغسل وبكاء أهلي وأقاربي. لا نهاية لهذه التخيلات"؛ هذا ما تقوله سماح محمد (39 عاماً)، وهي تتحدث عن رهاب الموت، لرصيف22.

واللافت أن الموضوع لا ينتهي لدى سماح، عند هذا الحدّ، ولكنه يصل إلى مواقف أخرى مثل الخوف المستمر والمتواصل على عائلتها؛ مثلاً، إن لم يجب والدها على التلفون تظن أن شيئاً ما حدث له أو لوالدتها. الخيالات مستمرة والمشاهد تتكرر في ذهنها.

من هول ما تعيشه سماح تصبح بعض المشاهد مرئيةً: كل ما تتخيله وتخاف منه تراه أمام عينيها في صور متحركة تكاد تكون ملموسةً، كمشهد موتها المتخيل أو مشهد فقدانها شخصاً عزيزاً عليها من عائلتها. تعيش التفاصيل والإحساس، إلى درجة تصل إلى حد البكاء، حتى تجد تلك القوة التي تخرجها من خيالها لتتذكر أنه فقط مجرد خوف وخيال.

"سيناريوهات تتكرر في ذهني ولا تنتهي حتى لو حاولت ذلك. كلها سيناريوهات سوداوية ومخيفة عن الموت. مرات أكون أنا الميتة وأتخيل نفسي كيف سأموت، وماذا سيفعل الآخرون، وكيف سيعيش أولادي. أرى كل شيء في تخيلي حتى مشاهد الغسل وبكاء أهلي وأقاربي. لا نهاية لهذه التخيلات"

ذكر موقع "كليفيلاند كلينيك"، أن رهاب الموت هو إحساس طبيعي فهو الخوف من المجهول وما لا نعرفه، ولكنه قد يتحول إلى تروما عندما يؤثر على الحياة اليومية للشخص بصورة مرضية، وأكد الموقع أن هناك دراسات تثبت أن هذا الرهاب منتشر بين 3% إلى 10% بين الناس، وأن من بين أسبابه الحالة النفسية التي يعيش فيها الشخص وخلفيته السابقة عن الموت.

وفي دراسة أجرتها مجلة التمريض "بي إم سي"، اتضح أن العمل في خطر قد يكون من أهم عوامل الإصابة برهاب الموت، فمن بين 158 ممرضاً وممرضةً يعملون في الرعاية المشددة، تبيّن أن 139 منهم يعانون من الخوف الشديد والقلق من الموت ولا يمتلكون المرونة النفسية للتعامل مع المشاهد التي يتعرضون لها كل يوم.

وعن فوبيا الموت أو المرض، تؤكد الطبيبة النفسية نهال زين، أن الأعراض في بعض أنواع الفوبيا تقترب من نمط الوسواس القهري: "تكون هناك أفكار تضغط على عقلي تدفعني للقيام ببعض التصرفات القهرية التي قد يكون الغرض منها التجنب أو التطمين".

وتضيف: "قد تزداد الأعراض إلى درجة تمنع الشخص من الخروج، وقد تمنع أولاده أو أحد أفراد عائلته من الخروج بسبب القلق والخوف".

رهاب المياه

لم يكن من السهل على محمد سيد (28 عاماً)، أن يعترف أن لديه فوبيا من المياه، خاصةً أن ذلك جعله عرضةً للسخرية من أصدقائه المقربين.

يقول محمد لرصيف22: "خوفي من المياه بدأ معي منذ الطفولة، حتى فكرة الاستحمام أو إغراق وجهي بين قطرات المياه تسببان لي الخوف والاختناق، وفي الوقت الذي كنت أسافر فيه مع أصدقاء إلى المصيف كنت أهرب دائماً من المياه، ولم يصدق أيّ منهم مدى رهبتي من المياه إلا عندما دفعني أحدهم إليها بالخطأ فكدت أموت من الهلع".

حصل محمد على بعض المساعدة من طبيب نفسي مختص، ولكنه لم يستكمل الجلسات وأصبح الآن يتعامل مع رهاب المياه بشكل أكثر مرونةً.

رهاب السيارات

لم تكن هدى فوزي، تتوقع أن تكون لديها فوبيا من السيارات، ولكنها كانت تشعر منذ الصغر بخوف شديد ورهبة من مجرد ركوب أي سيارة، خاصةً عندما تكون على طريق سريع حيث تظل متخوفةً وتتعرق وتدعو الله أن تنزل بسلام منها، ولكن عندما قررت أن تتعلم القيادة تأكدت أنها تعاني من الفوبيا.

تقول هدى (29 عاماً)، لرصيف22: "ذهبت لتلقّي التمرين لأقود سيارةً، وكنت قد رتبت أموري على أنني سأشتري سيارةً من أجل العمل. لم أستطع حتى أن اجتاز أول حصة. تعرّقت يداي، وارتعش جسدي. كل ما كنت أريده أن أتوقف وأذهب بعيداً عنها. الأمر مخيف بالنسبة لي. كنت أشعر بأني سأختنق وأتسبب في حادث".

في هذا الصدد، يقول الطبيب النفسي أحمد عزت، لرصيف22: "الاستجابات الجسدية لأي نوع من الفوبيا تؤثر على جسم الإنسان مثل زيادة ضربات القلب والرعشة والخوف".

ويضيف: "مهما اختلفت الأنواع، فإنها عادةً ما يكون لها تأثير على الجسد. ويلجأ الشخص إلى العلاج عندما تؤثر الفوبيا على حياته وتمنعه من العيش بشكل طبيعي".

رهاب الحقن

تعاني آية عفيفي، من فوبيا الحقن والمستشفيات، إذ تصاب بالقشعريرة والألم الجسدي بمجرد أن ترى الإبرة، وتشعر بالرعب بمجرد أن تفكر في أن الإبرة ستخترق جسدها، أو حتى أي جسد آخر غير جسدها.

 إذا كنتم/ نّ من الأشخاص الذين يعانون من رهاب معيّن، عليكم/ نّ مهما كان غريباً عنكم/ نّ ألا تشعروا بالخجل من طلب المساعدة، خاصةً في حال كانت الفوبيا تؤثر على حياتكم/ نّ بشكل مباشر، فالاهتمام بالصحة النفسية ليس رفاهيةً إنما ضرورة لتخطي العوائق التي من شأنها أن تؤثر سلباً عليكم/ نّ

تشرح آية، لرصيف22، ما يحدث لها: "وقت ولادة ابنتي الممرضة، رُكّبت لي الكانيولا بشكل خطأ وأُصبت بانهيار عصبي وقتها وطردت الممرضة. كما كنت أصاب بالكوابيس بسبب دخولي المستشفى. دائماً أحلم بأن الطبيب لن يأتي وأنني سأتعرض لمخاطر. هناك خوف ورعب شديد من مجرد دخول المستشفى ولو حتى مع شخص غيري".

يتحدث الطبيب النفسي أحمد عزت، عن أسباب الفوبيا: "هي تجارب سيئة تؤدي إلى نوبات خوف وهلع، وقد يكون بعض أنواع الفوبيا وراثياً، والفوبيا تصبح مؤلمةً عندما تجعل المرء في عزلة اجتماعية ويشعر بالخوف المستمر، وفي بعض الحالات الشديدة قد تدفعه للإدمان".

متى يكون العلاج ضرورةً؟

ترى المعالجة النفسية الدكتورة نهال زين، أن العلاج يصبح ضرورةً عندما تؤثر الفوبيا على حياة الشخص بشكل مباشر، خاصةً على حياته العملية: "في هذه الحالة يكون العلاج ضرورياً، ولكن في حال كان الشخص بعيداً عن محيط الفوبيا الخاصة به، فأحياناً لا يكون هناك دافع للعلاج، ثم إن الرغبة في العلاج تعتمد على مدى تأثيرها على حياة الشخص".

وتوضح زين، أن العلاج في هذه المرحلة يبدأ بالعلاج المعرفي السلوكي، وهي مدرسة علاجية أثبتت نجاحها، ويبدأ بمرحلة التعرض بالتدريج فيقوم المعالج النفسي أولاً بتصحيح المعلومات المغلوطة تجاه هذا العرض المسبب للفوبيا، ثم يبدأ بتمرينات مع المريض ويكون العلاج بالتدريج حتى يتخلص المصاب من القلق بشكل تدريجي وليس دفعةً واحدةً.

في الختام، إذا كنتم/ نّ من الأشخاص الذين يعانون من رهاب معيّن، عليكم/ نّ مهما كان غريباً عنكم/ نّ ألا تشعروا بالخجل من طلب المساعدة، خاصةً في حال كانت الفوبيا تؤثر على حياتكم/ نّ بشكل مباشر، فالاهتمام بالصحة النفسية ليس رفاهيةً إنما ضرورة لتخطي العوائق التي من شأنها أن تؤثر سلباً عليكم/ نّ.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image