يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22 بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
استُهدِفت الإدارة الجديدة لسوريا بموجة من المعلومات المضلّلة، دارت حول علاقته بإسرائيل، ومزاعم عن صلته بتنظيم داعش، كما راجت ادّعاءات بشأن اغتيالات علماء سوريين، وهي الادّعاءات التي كانت محلّ تدقيق وتفنيد مدقّقي المعلومات العرب خلال الأسبوع الماضي.
تقرير عبد الله الشريف عن "مكبس" سجن صيدنايا، وحقيقة العثور على صدام حسين حيّاً فيه، وصورة مزعومة لرئيس الحكومة السورية الانتقالية البشير بسكين ولحية طويلة… هذه أبرز المعلومات المضلّلة التي طاولت الإدارة الجديدة في سوريا ومعتقلات نظام الأسد هذا الأسبوع
التضليل يرافق عمل الإدارة السوريّة الجديدة
لاحقت المعلومة المضلّلة رئيس الحكومة السوريّة المؤقتة، محمد البشير، وزعيم "هيئة تحرير الشام" محمد الجولاني، مدعيةً تورطهما في أعمال عنف، ورفعهما رايات دينية، إلى جانب تداول مزاعم أخرى حول مطالبات شعبية بإعدام الجولاني، ووقوع شجار في أول اجتماع للحكومة السوريّة الجديدة.
كذلك راجت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لرجل ملتحٍ يمسك بسكين، مع زعم أنها لرئيس الحكومة السوريّة المؤقتة، محمد البشير، قبل توليه قيادة الحكومة. وفنّدت منصّتيّ "صحيح العراق" و"صواب" هذه المعلومات وبيّنتا أن الصورة تعود إلى الجهادي الفرنسي من أصول جزائرية في تنظيم داعش، رشيد قاسم، الذي اشتبه في وقوفه وراء العديد من الهجمات الإرهابية في فرنسا، قبل مقتله بالموصل في 2017.
وراج فيديو لعراك بين مجموعة من الأشخاص، مع زعم أن الفيديو التقط أثناء انعقاد أول اجتماع رسمي تعقده الحكومة السوريّة الانتقالية، إلا أن تدقيق منصّتيّ "كاشف" و"صواب" كشف أن الفيديو يعود لمشاجرة خلال المؤتمر السنوي للهيئة العامة لمحامي حلب في آب/ أغسطس 2024.
وتحقّقت منصّة "فارق" من صورة مقتطعة من فيديو على قناة الجزيرة، تظهر رئيس الوزراء السوري، محمد البشير، بجانب العلم السوري وراية دينية. وتوصّلت إلى أن الفيديو الأصلي للبشير يظهره وبجانبه العلم السوري فقط، وأن الراية الدينية مأخوذة من فيديو آخر.
تداولت حسابات عبر منصّات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مزعوماً لمعتقل سوري يضحك بشكل هستيري، بعد تمكن المعارضة السوريّة المسلّحة من فتح معتقلات نظام بشار الأسد وتحرير من كانوا فيها. أسفر بحث منصتي "صواب" و"تحقّق" عن الفيديو، فتبيّن أنه "مشهد تمثيلي"
تضليل حول علاقة الإدارة الجديدة وإسرائيل
رافقت المعلومات المضلّلة مواقف الإدارة الجديدة في سوريا تجاه إسرائيل، متراوحة بين مزاعم بوجود تنسيق مشترك بينهما لإسقاط نظام الأسد، والسعي إلى إصدار قانون يتيح للسوريين العمل في إسرائيل وتوقيع معاهدة سلام بين الجانبين، وادّعاءات باحتلال أراضٍ سوريّة وتعزيز الوجود العسكري الإسرائيلي داخل سوريا.
تداولت حسابات منصّات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، زُعِم أنه يُظهِر احتفالات أقامها الجيش الإسرائيلي في عمق الأراضي السوريّة، عقب احتلالها. كشف تدقيق المرصد الفلسطيني "تحقّق" أن المقطع جاء في سياق تحفيز قائد إسرائيلي جنوده، قبل اجتياح رفح جنوب قطاع غزة بتاريخ 8 أيار/ مايو 2024.
وبحثت منصّة "يوب يوب" عن أصل صورة نشرت مرفقة بادّعاء أن الجيش الجيش الإسرائيلي دفع بتعزيزات عسكرية إضافية، بالتزامن مع تقدّمه في ريف دمشق، واتضح أنها ترجع إلى عام 2008، وتُظهِر مركبات روسية في طريقها إلى أوسيتيا الشمالية الروسية.
كذلك، كشفت منصّة "صواب" زيف تصريح منسوب لقائد "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع، الملقّب بالجولاني، مفاده أن الحكومة الجديدة تعمل على إعداد قانون يسمح للسوريين بالدخول إلى إسرائيل، وأنها بصدد التوقيع على معاهدة سلام مع تل أبيب، إذ لم تنقله أي من الوسائل الإعلامية الموثوق بها. وكشفت أيضاً منصّة "تيقن" زيف صورة مُرفقة بخبر منسوب لقناة الشرق، ورد فيه: "السفيرة الإسرائيلية في تركيا تلتقي أردوغان، وتؤكد أن التحرّك الإسرائيلي التركي المشترك أسقط النظام السوري" إذ تبيّن أن الخبر غير صحيح، ولم يُبثّ على قناة الشرق.
معلومات مضلّلة عن معتقلات الأسد
تداولت حسابات عبر منصّات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مزعوماً لمعتقل سوري يضحك بشكل هستيري، بعد تمكن المعارضة السوريّة المسلّحة من فتح معتقلات نظام بشار الأسد وتحرير من كانوا فيها. وأسفر بحث منصتي "صواب" و"تحقّق" عن أصل الفيديو "مشهد تمثيلي" نشره صاحبه على تطبيق "تيك توك"، ولا علاقة له بمعتقلات الأسد.
وراجت على مواقع التواصل مقاطع مصورة متنوعة قيل إنها توثّق لقاء معتقلين محررين مع عائلاتهم، بعد تحريرهم من معتقلات الأسد. كشف المرصد الفلسطيني للتحقّق والتربية الإعلامية "كاشف" عن عدم صحتها، مبيّناً أن بعضها يعود لأسرى فلسطينيين. وكان أبرزها، فيديو للإفراج عن أسيرتين فلسطينيتين، ولقاء الأسير الفلسطيني عثمان زيادة بعائلته، وفيديو قديم لأسير فلسطيني محرّر خلال زيارته قبريّ ابنيه، وفيديو للأسيرة الفلسطينية رشا حرز الله.
ودقّقت منصّة "صواب" صورة ادّعى ناشروها أنها تُظهر العثور على الصحافي الأمريكي، أوستن تايس، المفقود في سوريا منذ عام 2012 أثناء تغطيته لأحداث الحرب في سوريا. واتضح أن الشخص الذي عثر عليه هو مواطن أمريكي يُدعى ترافيس بيت تيمرمان، كان قد فُقد الاتصال به بعدما دخل سوريا قبل سبعة أشهر.
كما تناقل مستخدمو مواقع التواصل صورة منسوبة للجزيرة، مفادها عثور قوات المعارضة السوريّة على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، في سجن صيدنايا بعد 19 عاماً من تنفيذ حكم الإعدام عليه في بلاده. أسفر تدقيق منصّة "هي تتحقّق" عن أن الصورة المتداولة عُدّلت رقمياً، والصورة الأصلية تعود إلى حادثة اعتقال الرئيس الجورجي السابق، ميخائيل ساكاشفيلي، من قبل قوات الأمن الأوكرانية عام 2007. توصّل بحث منصّات "صواب و"تحقّق" و"تيقن" و"كاشف" إلى النتيجة ذاتها.
ونشرت وسائل إعلام عربية وغربية صوراً وفيديوهات لـ"مكبس" بسجن صيدنايا في سوريا بعد دخول قوات المعارضة العاصمة السوريّة دمشق، وادّعوا أنه كان يستخدم في قتل المعتقلين بالسجن. كما شارك اليوتيوبر عبد الله الشريف تلك المعلومة مع تصريح أنه يُستخدم لفرم عظام البشر. وهي معلومات فنّدتها منصّة "صحيح مصر" ووجدت المنصّة أن دياب سرية، مؤسس رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، نفى في فيديو على صفحة الرابطة على فيسبوك تلك الادّعاءات، وقال إن الجهاز الذي يظهر في القنوات الفضائية ما هو سوى "مكبس خشب MDF" يستخدم فقط للأخشاب.
كما أسفر تدقيق Verify-Sy تقريراً مثيراً للجدل نشرته CNN للحظة تحرير "مُعتقل" يُدعى "عادل غربال" من سجن سرّي في سوريا، عن أن الشخص الظاهر بالفيديو ضابط سابق في المخابرات الجوية السوريّة، ويُدعى "سلامة محمد سلامة"، المعروف بلقب "أبو حمزة"، وأن لديه تاريخاً من الانتهاكات الخطيرة؛ بما في ذلك التعذيب والابتزاز. وفي الفيديو، ظهر سلامة في حالة صحية جيدة ويرتدي ملابس نظيفة لا تتماشى مع ظروف الاعتقال في سجن صيدنايا، كما أن الفيديو المزعوم لتحريره أظهر السجن فارغاً.
"دكتور الكيمياء حمدي إسماعيل ندى، والعالمة السوريّة شادية حبال وزوجها، الدكتورة زهرة الحمصية عالمة الذرة الميكروبيولوجية"... هذه حقيقة الاغتيالات المزعومة لعلماء سوريين في الآونة الأخيرة على صلة بهجمات إسرائيل على منشآت علمية ومختبرات سوريّة
ادّعاءات مضلّلة عن اغتيال علماء سوريين
في سياق متّصل، أعقب الهجمات العنيفة التي شنّتها إسرائيل على منشآت علمية ومختبرات سوريّة بعد إسقاط نظام الأسد، انتشار ادّعاءات مضلّلة حول اغتيال الموساد الإسرائيلي مجموعة من العلماء السوريين.
تداولت مواقع الكترونية وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أخباراً تزعم اغتيال علماء وشخصيات سوريّة، من بينها دكتور كيمياء يُدعى "حمدي إسماعيل ندى"، والعالمة السوريّة شادية حبال وزوجها في دمشق. وهو ما فنّدته منصّة "يوب يوب"، لتجد أن الصورة تعود لمواطن مصري يُدعى حمدي إسماعيل ندى، كان قد نشر صورته شخصية هذه في حسابه. كما اتضح أن العالمة السوريّة شادية حبال تعيش في الولايات المتحدة. توصّلت "صحيح العراق" إلى النتيجة ذاتها.
كذلك فنّدت منصّة "متصدقش" زعماً رائجاً مفاده: "اغتيال الدكتورة زهرة الحمصية عالمة الذرة الميكروبيولوجية السوريّة بمنزلها برصاصتين في الرأس"، وأُرفقت به صورة لسيدة يُزعم أنها العالمة المُغتالة. واتضح أنه لا توجد عالمة سوريّة معروفة بهذا الاسم، ولم يستند الادّعاء إلى أي مصدر موثوق به.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه