شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
دمشقيون يبيعون منازلهم خوفاً من الغارات الإسرائيلية... وإيرانيون يشترونها

دمشقيون يبيعون منازلهم خوفاً من الغارات الإسرائيلية... وإيرانيون يشترونها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الثلاثاء 19 نوفمبر 202412:46 م

تعرض هاجر (اسم مستعار) منزلها للبيع. وهو يبعد 4 دقائق سيراً للوصول لاوتستراد المزة في الجهة الغربية الجنوبية للعاصمة دمشق.

تقول إنها لم تكن لتفكر يوماً بمغادرة المنزل الذي عاشت فيه أجمل أيام طفولتها وورثته عن والديها. إلا أنه "غدا اليوم مرتعاً للغرباء، ولم يعد آمنا كما كان قبل السنوات الماضية التي شهدت تصاعداً في الكثير من المناطق، لكن منطقة المزة على وجه الخصوص تضم مقارَّ أمنية وعسكرية سورية، وأخرى لسفارات ومنظمات أممية.

سأبيع وأهاجر 

توضح هاجر أنها خلال شهرين منذ عرضها المنزل للبيع ومن دون وسيط خفّضت سعره حوالي 10% عن السعر المخفض أصلاً الذي عرضته به.

والمنزل من 135 متراً مربعاً، وتعرضه السيدة بمبلغ 1.2 مليار ليرة سورية، (82 ألف دولار) بينما من المفترض أن يصل سعره لمليار ونصف على أقل تقدير، أي نحو (100 ألف دولار).

فقد قررت هاجر شراء منزل أصغر في منطقة أخرى في دمشق، لتوفير بعض المال من ثمن المنزل والابتعاد عن التوترات التي بات يشهدها الحي الذي تقطنه، وفق ما تقول. 

بسبب الخوفات من قصف إسرائيلي جديد، تعرض هاجر منزلها للبيع. وهو يبعد 4 دقائق سيراً للوصول لأوتستراد المزّة في الجهة الغربية الجنوبية للعاصمة دمشق، وتقول إنها لم تكن لتفكر يوماً بمغادرة المنزل الذي عاشت فيه أجمل أيام طفولتها وورثته عن والديها 

بينما اضطر مصطفى (اسم مستعار) لتخفيض سعر منزله الذي عرضه للبيع منذ حوالي 35 يوماً بمبلغ 750 مليون ليرة سورية (51 ألف دولار) إلى 590 مليون ليرة (40 ألف دولار)، وهو منزل بمواصفات جيدة يقع في الطابق الأول بالقرب من فندق الآرت هاوس في حي المزة، وكان سعره يقارب 900 مليون ليرة سورية (حوالي 61 ألف دولار).

يقول مصطفى إن أبناءه المغتربين في إحدى الدول الأوربية أصروا عليه أن يبيع بأسرع وقت للالتحاق بهم، موضحاً أنه بدأ يشعر بالخوف، لا سيما بعد مغادرة عدد من جيرانه لمناطق أخرى في دمشق بعد تعرض منازلهم لأضرار بسيطة والكثير من الخوف جراء غارة إسرائيلية استهدفت الحي خلال الأسابيع الماضية.

المُلاك يرفضون تأجير الإيرانيين

حركة ركود ملحوظة بات يشهدها سوق العقارات في عدة أحياء في دمشق وبالأخص حي المزة، سواء بالبيع أو التأجير مع كثرة العرض في مقابل تراجع على الطلب.

ويأتي الركود بعد حركة نشطة شهدتها المنطقة لا سيما مع بدء توافد اللاجئين من لبنان. إذ ارتفعت الإيجارات 60% وفق وسائل إعلام موالية للنظام قالت إن إيجار شقة "سوبر ديلوكس" في كفرسوسة وصل إلى 180 مليون ليرة سورية سنوياً (12 ألف دولار). وإلى ارتفاع الإيجارات ضمن المناطق الشعبية، مثل "جرمانا" التي وصلت قيمة الإيجار الشهري فيها إلى 15 مليون ليرة سورية (حوالي ألف دولار). 

اضطر مصطفى لتخفيض سعر منزله الذي عرضه للبيع في حي المزة، بعد إصرار أبنائه المغتربين في إحدى الدول الأوربية عليه أن يبيع بأسرع وقت للالتحاق بهم. 

وبسبب الغارات الإسرائيلية التي استهدفت شخصيات لبنانية وإيرانية مقربة من حزب الله انتقلت مؤخراً للعيش في أحياء دمشق، أحجم عشرات الأهالي عن تأجير منازلهم للوافدين الجدد. وقد تجاوز عدد الوافدين من لبنان إلى سوريا الـ 479 ألفاً بين لبناني وسوري، وصلوا من المعابر الحدودية في ريف دمشق وحمص وطرطوس، وفق موقع أثر برس المقرب من النظام.

منيرة من سكان حي المزة قالت لرصيف22 إن القصف الإسرائيلي يستهدف أماكن محددة وشخصيات إيرانية بالدرجة الاولى، وإن الأهالي في الحي قاموا بإخراج كل المستأجرين الإيرانيين وإخطار أصحاب المكاتب العقارية بأنه لن يتم تأجير المنزل لغير السوريين.

استغلال للشراء بأسعار بخسة 

في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي والباحث في مركز جسور للدراسات خالد تركاوي لرصيف22 إن ما يحصل في أحياء دمشق، وفي حي المزة تحديداً هو حالة عدم استقرار في السوق العقارية، والتي تأتي نتيجة خوف الأهالي وانتشار الشائعات التي سببتها الغارات الإسرائيلية التي استهدفت الحي بشكل متكرر ومفاجئ.

ويضيف: "الخوف يجبر الملاك على ترك البيوت، إما عن طريق البيع أو التأجير، وهو ما يفسر انخفاض الأسعار، وهي حالة غير جيدة تحفز شهية المستغلين للحصول على عقارات بأسعار مخفضة سترتفع قيمتها وستعود لطبيعتها فيما بعد".

رغبة البيع الملحة أتاحت بفرصة البعض لاستغلال الوضع والسيطرة على هذه العقارات حيث وثق المرصد السوري بأن إيران ومليشياتها أقدموا على شراء عشرات الشقق السكنية من السوريين. 

ويشير التركاوي إلى أن التوقعات القريبة توحي أيضاً بتأثر قطاعات أخرى، كسوق المواد الغذائية الذي سيكون وضعه أصعب كون الأسعار ترتفع مع ارتفاع معدلات النزوح والهجرة، بينما سيتحسن وضع أصحاب المحال التجارية بشكل نسبي، من جراء حصولهم على العملة الصعبة والتصريف للوافدين.

المزّة لم تعد المزّة 

وفقاً للعامل في أحد المكاتب العقارية أحمد ماجد، فإن الطلب تراجع بشكل كبير، ما أدى لانخفاض جزئي في الأسعار بسبب رغبة عشرات العائلات بالبيع المستعجل بداعي السفر أو الانتقال لأحياء أخرى، ومنهم من انتقل ليصبح هناك العديد من المنازل المعروضة للبيع وجاهزة للتسليم. 

بسبب الخوف من الاستهدافات المحددة،  قام العديد من الملاك بإخراج كل المستأجرين الإيرانيين وإخطار أصحاب المكاتب العقارية بأنه لن يتم تأجير المنزل لغير السوريين 

ويرجع الماجد حالة الركود لسببين أولهما زيادة وتيرة الاستهداف الإسرائيلي لأهداف محددة، سكنت مؤخراً في حي المزة، وهو ما رفع نسبة الخطر بالنسبة للأهالي، لا سيما مع قوة الضربات وسقوط ضحايا مدنيين.

وكذلك لتراجع الخدمات في أحياء محددة، كالأبنية على أوتستراد المزة، والتي تسمى بالـ(14)، وباتت تعاني من عدم توفر خدمة "الأمبيرات" التي تعد ضرورة ملحة بديلاً عن الكهرباء، هذا مع قلة أنظمة الطاقة الشمسية، إذ لم تعد المنطقة خياراً جيداً للاستثمار في الوقت الراهن، وفق ما يقول الماجد.

ووفق ما رصد رصيف22، فإن المكاتب العقارية تعرض بشكل يومي عشرات العقارات للبيع في أحياء متفرقة من منطقة (المزة 86) أو الأوستراد، وتقدم عروضاً تنافسية أدت لتراجع في الأسعار بنسبة لا تقل عن 15%. 

رغبة البيع الملحة أتاحت الفرصة لاستغلال الوضع، حيث وثّق المرصد السوري بأن إيران ومليشياتها أقدموا على شراء عشرات الشقق السكنية من السوريين.

ففي 18 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، قضى سبعة أشخاص بينهم أطفال ونساء، وأصيب 11 آخرين جراء قصف إسرائيلي استهدف مبنىً سكنياً في منطقة المزة في دمشق.

ووفق وكالة "سانا" فإن "العدو الإسرائيلي شن عدواناً جوياً بثلاثة صواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفاً أحد الأبنية السكنية والتجارية في حي المزة المكتظ بالسكان في دمشق، ما أدى لسقوط ضحايا وإلحاق أضرار مادية كبيرة في الممتلكات الخاصة بالمنطقة المحيطة".

وخلال مطلع الشهر الماضي أيضاً، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل 14 مدنياً بينهم إعلامية وطبيبة وعائلة يمنية، بـ 3 ضربات إسرائيلية استهدفت مباني سكنية في أقل من 10 أيام. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image