شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
طقس الهجرة الأمريكي السنوي…  قصص مثيرة قد تغيّر حيوات شباب مغاربة؟

طقس الهجرة الأمريكي السنوي… قصص مثيرة قد تغيّر حيوات شباب مغاربة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الأحد 24 نوفمبر 202401:23 م

"قبل سنتين، تقدّمت لبرنامج القرعة لأول مرة عندما كنت في سنة التخرّج من الجامعة، وكانت تلك ضربة حظّي… تم قبولي، وحصلت على البطاقة الخضراء. انتقلت إلى هنا مع أقاربي، وأتابع حالياً دراستي الجامعية العليا، وأعمل في الوقت نفسه موظّفةً في مكتبة".

بهذه الكلمات تخبر الشابة المغربية سمية محمود (اسم مستعار بناءً على طلبها، 32 عاماً) رصيف22 عن تجربة الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية عبر برنامج القرعة لتأشيرات التنوّع (DV Lottery).

توضّح سمية أن أسرتها "كانت سعيدة جداً بحصولي على تلك الفرصة. كأي أسرة مغربية تحلم بأن يحظى أبناؤها بأفضل الفرص، وقد ساندني أهلي طوال رحلتي إلى أمريكا منذ بدايتها"، منوّهةً بأن "كل ما كان يُقلق أمي هو أن أتزوج شاباً أمريكياً أو أنسى ثقافتنا وتقاليدنا، فظلّت تذكرني على الدوام بممارسة العبادات والتشبّث بالأكل المغربي".

إقبال كبير على "الحلم الأمريكي"

يداعب حُلم الهجرة إلى أمريكا آلاف الشباب المغاربة سنوياً مع اقتراب تشرين الأول/ أكتوبر إذ يقبلون بكثافة على التسجيل في "اللوتري الأمريكي" الذي يمثّل أحد الطرق الشرعية والآمنة لتحقيق "الحلم الأمريكي" الطامحين له سعياً إلى حياة أفضل.

"كل ما كان يُقلق أمي هو أن أتزوج شاباً أمريكياً أو أنسى ثقافتنا وتقاليدنا، فظلّت تذكرني على الدوام بممارسة العبادات والتشبّث بالأكل المغربي"... شباب وشابات من المغرب يتحدثون لرصيف22 عن أحلامهم مع "اللوتري الأمريكي" 

هذا البرنامج الذي نشأ بموجب قانون الهجرة لعام 1990، يوفر نحو 55000 فرصة هجرة ضمن هذا الطقس السنوي ويتم اختيار "الفائزين المحظوظين" بشكل عشوائي من بين جميع المسجلين بعد التحقّق من استيفائهم شروط الأهلية، ومن أهمها أن يكونوا من مواطني الدول ذات النسب الدنيا في الهجرة إلى الولايات المتحدة.

يحصل الفائزون بتأشيرة التنوّع على رخصة الإقامة الدائمة والمعروفة باسم البطاقة الخضراء "Green Card"، وفقاً للموقع الرسمي للسفارة والقنصليات الأمريكية في المغرب. 

حسب آخر إحصائيات برنامج تأشيرة التنوّع المعلنة بين عامي 2019 و2021، فإن أعداد طلبات الهجرة المقدمة عبر الإنترنت من المغرب بلغت لعام 2019 نحو 258.668، وقد ارتفع إلى 326.166 عام 2020، قبل أن يتراجع مجدّداً إلى 211.649 عام 2021. 

مع ذلك، تبقى هذه الأرقام مهمة وتضع المغرب في مراتب متقدمة من حيث عدد المتقدمين لبرنامج تأشيرات التنوّع بالمقارنة مع البلدان الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمنطقة العربية على وجه التحديد من بين "البلدان المؤهلة"، وتتغيّر قائمة هذه الدول سنوياً بناءً على عدد المهاجرين منها إلى الولايات المتحدة حيث يشمل البرنامج الدول ذات العدد المنخفض من المهاجرين إلى أمريكا خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وبالرغم من أن "الحظ" عامل محوري في نتائج البرنامج، يرسم الشباب المغاربة آمالاً كبيرة وصورة مشرقة لمحاولة الهجرة عبره، وهي الأفكار التي تدعمها تجارب ناجحة لمن سبقوهم من مواطنيهم إلى "بلاد العم سام" بفضله واستطاعوا تأسيس حياة مستقرة، مادياً على نحوٍ خاص.

ووفق إحصائيات وزارة الخارجية الأمريكية، فقد بلغ عدد الفائزين المغاربة في قرعة الهجرة الأمريكية عام 2023، نحو 4.469، بزيادة ملحوظة مقارنة مع السنوات السابقة. علماً أن عملية اختيار المتقدمين لا تخلو من بعض التعقيدات.

وتعتبر أغلبية الدول الأفريقية "مؤهّلة"، بالإضافة إلى بعض الدول الآسيوية بينما تُستثنى عادةً دول مثل الصين والهند والمكسيك لأن عدد المهاجرين منها يفوق الحد المطلوب وفقاً لدليل برنامج تأشيرات التنوّع. 

أما بالنسبة لقائمة "الدول المؤهلة" هذه العام، فهي تشمل جميع الدول الأفريقية، بما فيها المغرب، باستثناء نيجيريا. كما تشمل القائمة دول منطقة الشرق الأوسط جميعها، في حين استُبعِدت دول من أمريكا الوسطى مثل السالفادور وهندوراس، وبعض دول منطقة البحر الكاريبي وشرق آسيا.

الدول التي استثنتها وزارة الخارجية الأمريكية من برنامج "قرعة تأشيرات التنوّع" عام 2024

الدول غير المؤهلة للوتري الأمريكي عام 2024

تدفعنا كل هذه المعطيات إلى التساؤل عمّا يدفع الشباب المغاربة إلى الإقبال الكثيف على الهجرة لأمريكا، وهل تحفّز تجارب سابقيهم على المزيد من الهجرات إلى الدولة العظمى في العالم؟ وإلى أي مدى تتطابق الأهداف والأحلام نتيجة هذه التجارب؟ في ما يلي أجوبة عن هده الأسئلة.

ما الذي يدفع شباب المغرب إليه؟

حسن آيت عيسى (37 عاماً)، من إقليم تنغير جنوب شرق المغرب، يعمل حالياً سائق شاحنة في أمريكا، يروي لرصيف22 أنه تحمّس للتقديم في "القرعة الأمريكية" بتشجيع من عائلته وأصدقائه، حتّى أنه قدّم ست مرات على التوالي تقريباً منذ حصوله على شهادة الباكالوريا. 

ويلفت عيسى إلى أن "عملية التقديم ليست معقدة، لذا كنت أملأ المعلومات بنفسي وأساعد بعض معارفي في عملية التقديم. حالفني الحظ عام 2021 وتم قبولي، وبدأت في إجراءات الحصول على التأشيرة واستيفاء كل الوثائق المطلوبة، وكنت أيضاً محظوظاً في الحصول على موعد التأشيرة في أجل قريب، ثم اجتزت إجراءات الفحص الطبي واستكملت جميع المراحل بشكل جيد".

"أردت تحسين حالتي المادية"، هذا ما دفعه إلى التفكير في الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية حسبما يقول عيسى، مردفاً بأنه "قد يحلم بعض الأشخاص بشراء منزل وسيارة، ولكن ذلك يتطلّب منهم سنوات طويلة في المغرب لتحقيقه نظراً لانخفاض الأجور. لقد عملت موظفاً في القطاع الحكومي قبل هجرتي، ولم تكن أجرتي (راتبي) تسمح لي برفع سقف طموحاتي البتة".

ويستطرد: "في أمريكا، الأمر أسهل بكثير. يكفي أن تعمل عشر سنوات على الأكثر وستتمكن من تحقيق الكثير". لكن العامل الاقتصادي لم يكن السبب الوحيد لهجرة عيسى الذي يضيف أنه أراد "خوض التجربة وترك منطقة الراحة التي كنت أعيش فيها، لأتعلم أشياء جديدة. كان هذا تحدّياً لطالما أردت خوض غماره".

المختار أحمد (34 عاماً)، هو اسم مستعار لمهاجر من تنغير أيضاً، سعى خلف الهجرة عبر "اللوتري الأمريكي". يقول: "قبل نحو عشر سنوات كنت طالباً في جامعة ابن زهر بمدينة أكادير، لم يسبق أن راودتني فكرة الهجرة إلى أمريكا، ولم تكن حلماً بالنسبة لي. لكن رفاقي في السكن الجامعي شجّعوني على قرار التقديم. فقدّمنا جميعاً".

ويتابع: "حصلت على رمز التأكيد ونسيت الأمر تماماً. في أيار/ مايو 2013، وهو موعد الإعلان عن النتائج، كان لا بد أن نتحقق ما إذا حالفنا الحظ أم لا. كنت آخر من يتحقق، وأول من يحصل على 'Has been selected' في المجموعة"، مردفاً "رغم وضوح العبارة على شاشة الحاسوب، ساورتني الشكوك، ولم أصدق ما رأيته في البداية". وهو يلفت إلى أن "الدافع وراء رغبتي في الهجرة كان متابعة دراستي والبحث عن فرص عمل أفضل من أجل مستقبل أسرتي".

تيار الهجرة يتصاعد

تكاد دوافع الهجرة إلى أمريكا لا تختلف من وجهة نظر الكثيرين، فبينما تسير عجلة تحقيق الأحلام ببطء شديد في الوطن، تتسارع الحياة نحو مستقبل مشرق في الضفة الأخرى، وتجعل الرغبة في تحقيق الاستقرار المادي وضمان مستقبل أحسن، لذا يحاول الشباب باستماتة الحصول على فرصة للهجرة.

تبعاً لذلك، ما تزال المملكة المغربية تواجه خلال عام 2024 ضغطاً متنامياً في تيارات الهجرة، كنتيجة مباشرة لعدم الاستقرار في منطقة الساحل، فضلاً عن قابلية الحدود للنفاذ. كشفت معطيات وزارة الداخلية المغربية إحباط 11.323 محاولة للهجرة غير النظامية على مستوى عمالة المضيق (أحد الأقاليم الإدارية المغربية)، و3325 محاولة على مستوى إقليم الناظور (شمال المغرب)، خلال آب/ أغسطس الماضي، قام بها أشخاص من جنسيات مختلفة، بحسب وكالة أنباء المغرب العربي.

35% هي نسبة الشباب المغاربة حاملي الشهادات الجامعية الذين يفكرون في الهجرة، حسب ما ورد في تقرير حديث للبارومتر العربي.  لخّص الاستطلاع الذي بُني عليه مضمون التقرير أسباب ميل هذه الفئة إلى الهجرة في "الرغبة في الحصول على فرص عمل ومعيشة أفضل في الخارج" و"زيادة الأوضاع الاقتصادية المثيرة للسخط".

"قد يحلم بعض الأشخاص بشراء منزل وسيارة، ولكن ذلك يتطلّب منهم سنوات طويلة في المغرب لتحقيقه نظراً لانخفاض الأجور. لقد عملت موظفاً في القطاع الحكومي قبل هجرتي، ولم تكن أجرتي (راتبي) تسمح لي برفع سقف طموحاتي البتة… في أمريكا، الأمر أسهل بكثير"

هذا الواقع، يبدو كرجع صدى للتحدّيات التي تفرضها البطالة وضعف فرص العمل في المجتمع المغربي، بسبب محدودية الفرص الاقتصادية، خاصة في المناطق الريفية والمهمّشة. ورغم تزايد الوصول إلى التعليم، لا تتوافق المهارات المكتسبة دائماً مع متطلبات سوق العمل، ما يزيد من صعوبة التوظيف. كما أن التنمية تتركز في المدن الكبرى، ما يُفاقم الفجوات بين المناطق. ورغم وجود مبادرات لتعزيز مشاركة الشباب في القيادة، لا يزال تمكين الشباب من الحياة السياسية متعثّراً.

تختلف التحديات والحلم واحد

تجري عملية التقديم مجاناً على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية، بين 5 تشرين الأول/ أكتوبر و5 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام. وتتطلّب هذه العملية إدخال بيانات دقيقة عن المتقدم وأسرته، إلى جانب تقديم صورة حديثة وفق معايير صارمة. ورغم أن الاختيار عشوائي، فإن المنافسة شديدة بسبب العدد الكبير من المتقدمين من كل دولة. وقد يشكل عدم الدقة في المعلومات أو الصورة سبباً رئيسياً لرفض الطلب، لذا لضمان فرصة أكبر، يُنصح المتقدم بمراجعة طلبه بعناية والالتزام التام بالشروط المطلوبة.

وفي حديثه عن التحديات التي تواجه المهاجرين عن طريق نظام القرعة، بعد الهجرة، يقول حسن آيت عيسى عن تجربته: "في الحقيقة لم أجد صعوبات كثيرة خلال رحلتي، فقد وجدت أبناء بلدتي هنا وقدّموا لي الدعم والمساعدة، والمواطنون هنا متعاونون جداً. يصعب أن أستحضر أية صعوبات خلال تلك الفترة. ربما كانت اللغة حاجزاً في البداية وهو أمر طبيعي، لأن اللغة العامية مختلفة تماماً، لكنني تأقلمت وتعوّدت بسرعة. كما لم أسمح لنفسي بالوقوع في أزمة الوحدة والانعزال، واشتغلت كثيراً على بناء شخصيتي والبحث المستمر عن أمور جديدة كل يوم".

من جهته، يلفت المختار إلى أن "الحصول على التأكيد بالقبول ليس نهاية القصة لأنه بعد إرسال الملف الشخصي إلى القنصلية من أجل الحصول على الفيزا واستكمال الوثائق المطلوبة، كان رقمي الترتيبي مرتفعاً آنذاك، وهذا يعني أنني قد لا أتمكن من الحصول على الفيزا لأن عدد الأشخاص الذين يتمكنون من ذلك يكون محدوداً. وحالفني الحظ مرةً أخرى بالحصول على موعد مقابلة التأشيرة وموعد الفحص الطبي".

ويتابع المختار: "كل مرحلة أصعب من سابقتها". فبعد حصوله على الوثائق، جاء موعد السفر الذي لم يكن سهلاً بالنسبة له مع أول رحلة طيران وقد "حلّقت من الدار البيضاء باتجاه مدريد، ومن مدريد إلى ميامي، وبعدها إلى أورلاندو".

بعد وصوله إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ المختار رحلة البحث عن عمل، والحصول على رخصة القيادة، وبعد مرور عام على انتقاله إلى أمريكا أصبح بإمكانه الالتحاق بالجامعة كمواطن أمريكي، وحصل على الدعم المادي لمتابعة الدراسة. "الجيد في الأمر هنا أنك تستطيع متابعة الدراسة في أي تخصص تريده، فبالرغم من أنني كنت أدرس الأدب الفرنسي في المغرب، غيّرت تخصصي هنا ودرست علم الأشعة، هذا أمر غير متاح في المغرب"، يستطرد.

قبل أربع سنوات تقريباً، انتقل محمد إبراهيم (28 عاماً) إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعمل في مجال المطاعم قبل أن يحصل على رخصة قيادة ويعمل سائقاً. يقول لرصيف22: "لا خلاف على أن رحلة طلب التأشيرة تأتي بمجموعة من التحدّيات. لا يتعلق الأمر فقط بملء نموذج عبر الإنترنت بل بمتطلبات ووثائق كثيرة ومعقّدة، لكنني حرصت على اتّباع الإجراءات بالشكل الصحيح لضمان تقديم ناجح"، مضيفاً "السفر إلى الخارج لأول مرة لم يكن بالسهل وكان بمثابة تحدٍ جديد".

يوسف أقبور (36 عام)، شاب مغربي آخر من مدينة أكادير، جنوب المغرب، يعمل لحسابه الخاص، ويعيش في أمريكا منذ 13 عاماً بفضل "البطاقة الخضراء" التي ظفر بها عبر القرعة. يحكي لرصيف22 عن تجربته: "نشأ لدينا حلم الهجرة إلى أمريكا من كل المشاهد التي رأيناها في أفلام هوليوود، وهي في الواقع لا تختلف عن ذلك كثيراً"، موضحاً "بعد انتقالي إلى أمريكا واجهتُ صعوبة التأقلم مع اللغة، إنكليزيتي لم تكن في أحسن حال آنذاك، وهو ما يُعرّض الكثيرين أمثالي للعنصرية أيضاً".

الزواج الأبيض وسيلة أيضاً

الفشل في الحصول على تأشيرة عبر القرعة، لا يمنع كثيرات وكثيرين من اللجوء إلى بعض الحيل للتغلّب على ذلك، ومن بينها "الزواج الأبيض" إذ يكفي العثور على شخص يملك بطاقة إقامة، والزواج منه لتسهيل عملية الحصول على إقامة والانتقال للعيش في بلاد المهجر. هذه الظاهرة منتشرة جداً، وهناك سماسرة يتخذون منها مهنةً إذ يتوسطون بين الراغبين في الزواج من أجل الفيزا وحملة "البطاقة الخضراء".

ويشرح يوسف: "الكثيرون يرون في من واتتهم الفرصة في قرعة الحصول على البطاقة الخضراء ورقة حظ يحاولون بشتى الطرق التشبّث بها للعبور إلى الضفة الغربية أيضاً. بعد حصولي على التأشيرة، تلقيت نحو ستة عروض زواج مقابل مبالغ مالية مغرية"، يقصد أن فتيات طلبن منه الزواج مقابل مبلغ مالي من أجل فرصة الهجرة إلى أمريكا.

"HasnotBeenSelected"

في تجربة مغايرة تماماً، ابتسم الحظ لخالد حسين (39 عاماً) ومنحه الفرصة قبل أن يفقدها بشكل درامي وصادم. يقول عامل التوصيل من بومالن دادس لرصيف22 بنبرة ملؤها الحسرة: "كنت قد تقدّمت لبرنامج القرعة قبل سنوات، خلال سنواتي الأولى في الجامعة، ولم يكن التقديم آنذاك سهلاً إذ لم تكن النتائج متاحة عبر موقع الإنترنت، بل كان يتم إرسال إشعار القبول عبر البريد. وبالفعل قُبِل طلبي، وأُرسل الإشعار إلى عنواني في مدينتي حيث تعيش أسرتي بينما كنت أتابع دراستي بمدينة أكادير".

ويتابع: "استلمت أمي الرسالة ولم تكن تعلم ماهيتها لأنها لا تستطيع القراءة، وقامت بالاحتفاظ بها، ومع مرور الوقت نسيت أمرها ولم تخبرني عنها إلا بعد قرابة عام، وهي المدة التي كان يجب أن أكون قد أنهيت فيها إجراءات الحصول على الفيزا والسفر. هكذا ضاع الحلم الأمريكي". ويختم: "شعُرت بإحباط شديد وخسارة فادحة، حاولت التقديم مرات أخرى لكن الحظ لم يحالفني بعد".

وفق الباروميتر العربي، فإن 35% من المغاربة يفكرون في الهجرة إلى الخارج.  ترتفع هذه النسبة إلى 55% في أوساط الشباب البالغة أعمارهم ما بين 18 و29 عاماً. في حين أن 26% من المغاربة الذين شملهم استطلاع الجهة البحثية يفضلون الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً

كيف ينظر المغاربة إلى الهجرة؟

حال المغاربة كحال شباب أغلب دول المنطقة، يطمحون إلى "الضفة الأخرى" أملاً في حياة أكثر استقراراً وفرص أفضل للعيش الكريم. في هذا السياق كشفت دراسة استطلاعية حديثة أنجزها "البارومتر العربي" حول "الرأي العام تجاه الهجرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" أن 35% من المغاربة يفكرون في الهجرة إلى الخارج. 

وأكدت نتائج الاستطلاعات التي أجراها البارومتر العربي أن 55% من الشباب المغاربة البالغة أعمارهم بين 18 و29 عاماً عبّروا عن رغبتهم في الهجرة. في حين أن 26% من الذين شملهم الاستطلاع يفضلون الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً.

تبعاً لذلك، يراهن آلاف الشباب المغاربة على هذه القرعة من أجل تحسين أوضاعهم المادية، لا سيّما في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي تصاعدت منذ جائحة فيروس كورونا. ووفقاً لتقرير نشرته جريدة هسبريس الإلكترونية المغربية، رصدت فيه نبض الشارع المغربي حول الهجرة، تباينت آراء المغاربة حول برنامج القرعة الأمريكية. فبينما يرى بعض الشباب فيه فرصة لتحسين أوضاعهم والحصول على حياة أفضل بالخارج، يفضّل آخرون البقاء واستثمار إمكانياتهم في المغرب رغم التحدّيات. ومن جهة أخرى، يعبّر خريجو الجامعات عن استيائهم من ضعف الفرص المحلية، ما يزيد رغبتهم في الهجرة لتحقيق أحلامهم.

إلى ذلك، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المحلية يبقى برنامج القرعة لتأشيرات التنوّع حلماً سنوياً يراود الشباب المغاربة، كفرصة لحياة جديدة ومستقرة. لكن هل الهجرة هي السبيل الوحيد لتحقيق طموحات الشباب؟ أم أن خلق فرص محلية وتعزيز البيئة الاقتصادية يمكن أن يفتحا لهم آفاقاً بديلة قد تجعل من الوطن الخيار الأول لتحقيق الاستقرار وبناء الطموح؟ ويطرح السؤال الأهم هنا عن السبيل إلى إعادة ثقة الجيل الصاعد في مستقبل الوطن.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

نؤمن بأن للإنسان الحق في التفكير وفي الاختيار، وهو حق منعدم في أحيانٍ كثيرة في بلادنا، حيث يُمارَس القمع سياسياً واجتماعياً، بما في ذلك الإطار العائلي، حيث أكثر الدوائر أماناً، أو هكذا نفترض. هذا الحق هو الخطوة الأولى نحو بناء مجتمعات ديمقراطية، فيها يُحترم الإنسان والآخر، وفيها يتطوّر وينمو بشكل مستمر. لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا!/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard
Popup Image