شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"بسبب العادات السائدة"... عاملات الأمن في اليمن يواجهن النبذ والتحرش

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

الخميس 14 نوفمبر 202401:35 م

تلعب النساء العاملات في المجال الأمني دورًا محوريًا في تثبيت الأمن والاستقرار، نظرًا لوجود أعداد كبيرة من الضحايا من النساء والفتيات، وهو ما يفرض الحاجة لوجود العنصر النسائي في هذا المجال.

إلا أن الوضع يختلف كثيرًا في اليمن، حيث تواجه النساء اللاتي التحقن بالسلك الأمني أشكالًا مختلفة من العنف والتمييز رغم قلة عددهن.

تعاني العاملات في المجال الأمني في اليمن من النظرة المجتمعية السلبية تجاههن، والممارسات التمييزية والتضييق. وتعد العادات والتقاليد المجتمعية والتشدد الديني السائد في عموم البلاد من الأسباب الرئيسية التي تقف خلف ذلك. ورغم وصول المرأة إلى مستويات جيدة من حقوقها في مختلف مناحي الحياة في العالم، إلا أن المرأة اليمنية لا تزال تعاني من صور مختلفة من العنف.

مضايقات وسب وشتم

"نتعرض لمضايقات وإساءات وسب وشتم بسبب العادات والتقاليد التي ترى أن المرأة لا تصلح للعمل في أقسام الشرطة. المجتمع ينظر إلينا بأننا سيئات وأننا صعاليك، ويطلق علينا ألفاظًا بذيئة، ويقال لنا إن الأفضل أن تبقَي في المنزل"، هذا ما تقوله لرصيف22 أم سلمى (اسم مستعار)، التي تعمل في الشرطة النسائية بمحافظة تعز جنوب غرب اليمن منذ أكثر من عامين، وهي تصف ما تعانيه خلال ممارستها لعملها في السلك الأمني. وتشير إلى أنه لا يوجد وعي مجتمعي بأهمية دور النساء في الأمن في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد، وهن موجودات أساسًا لحماية المجتمع.

بينما تسرد الشرطية أم محمد قصتها لرصيف22 قائلة: "منذ بدأت العمل في الشرطة النسائية بتعز، كان أهلي بجانبي، وهذا من حسن حظي. ففي اليمن، العائلات الداعمة لبناتها قليلة، ورغم ذلك، في البداية واجهت اعتراضًا من أهل زوجي بحكم أن هذا العمل خاص بالرجال وأنه يسبب لهم إحراجًا. لكن زوجي كان وقف إلى جانبي يدعمني ويشجعني، إلا أن المجتمع في معظمه معارض لهذا العمل بشدة، ويتعرض لنا البعض بالسب والشتم، معتبرين أن عمل النساء في أقسام الشرطة واختلاطهن بالرجال أمر سيء حسب اعتقادهم". 

تعاني العاملات في المجال الأمني في اليمن من النظرة المجتمعية السلبية تجاههن، والممارسات التمييزية والتضييق. وتعد العادات والتقاليد المجتمعية والتشدد الديني السائد في عموم البلاد من الأسباب الرئيسية التي تقف خلف ذلك

وتروي بأنها تحاول دائمًا أن تشرح للناس إيجابيات دور المرأة في السلك الأمني في تحقيق الأمن والسلام، وتذكر بأن في عهد النبي كانت هناك محاربات يعالجن الجرحى، "لكن الأغلب يعترض بسبب العادات والأعراف التي تظلمنا وتنتقص من حقوقنا".

وتشير إلى أن بعض رجال الأمن لا يتقبلون وجود النساء بينهم لذا يتعرضن للإساءة، سواء بالنظرة السلبية أو العنف اللفظي أو التحرش. وتختتم قائلة: "هذه المعاناة لم تنتهِ إلى الآن، لكن ثقتي بنفسي هي ما يجعلني أستمر في هذا العمل، ولن يكون هناك حل إلا بوقفة جادة وتعاون جميع الأطراف المحلية والجهات المانحة للتوعية المجتمعية".

في الأرياف تحديدًا… منبوذات

تلفت أم علي (اسم مستعار)، شرطية في ريف تعز، إلى أن وجود النساء كشرطيات في اليمن أمر منبوذ، وفي الأرياف تحديدًا لا يوجد تقبل لهن، ويعتبر هذا المجال حساسًا. أما في المدن، فهو مقبول نوعًا ما، إلا أن النساء الشرطيات في الريف يتعرضن للسب والشتم، وتُطلق عليهن أوصاف غير لائقة.

علاوة على الصعوبات التي تتعرض لها النساء العاملات في القطاع الأمني، يواجهن أيضًا معوقات أخرى، منها عدم كفاية الرواتب، وعدم القدرة على العمل لدى جهات أخرى، وعدم توفر زي الشرطة، وغياب الدورات التأهيلية والدعم النفسي. 

تلعب العاملات في الأمن دورًا مهمًا في اليمن، تحديداً مع ارتفاع نسبة العنف ضد النساء بنسبة 63% منذ بداية الصراع بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان.

يشير مصدر أمني لرصيف22، فضل عدم ذكر اسمه، من محافظة حضرموت شرقي اليمن إلى أن النساء العاملات في المجال الأمني يتعرضن لإساءة السمعة، إذ يُنظر إلى المرأة التي تعمل في السلك الأمني بنظرة دونية، ويشار إليها بأنها سيئة أخلاقيًا فقط لأنها انضمت للسلك الأمني.

ويعزو المصدر هذا إلى البيئة العامة للقطاع الأمني وسوء تعامل بعض الأفراد مع النساء، فضلًا عن رفض المجتمع لفكرة اختلاط المرأة في مكان العمل. 

نظرة دونية 

بينما تقول مرسيليا العسالي، ناشطة مجتمعية، إن العادات والتقاليد المجتمعية هي من أهم الأسباب وراء إساءة سمعة النساء الأمنيات، إذ يُنظر إلى المهن الأمنية كمهن ذكورية تتطلب بنية بدنية، رغم أن العمل الأمني لا يتطلب بالضرورة معايير بدنية، بل يتطلب حسًا أمنيًا وشجاعة وقوة قلب. وترى أن العادات والتقاليد حصرَت هذه المهن على الرجال فقط. وتضيف أن المجتمع لا يرغب في أن تتفوق النساء على الرجال.

ويلفت المحامي خالد كمال لرصيف22 إلى أن النساء الأمنيات يتعرضن للسمعة السيئة بسبب الموروث الديني والعادات السائدة، حيث ينظر إليهن البعض على أنهن "غير طبيعيات"، وتصل الانتقادات إلى حد اتهامهن باضطرابات هرمونية.

أهمية وجود المرأة في السلك الأمني

تلعب النساء الأمنيات دورًا كبيرًا في مساعدة النساء والفتيات في جميع إجراءات الإبلاغ وتكوين الملف الجنائي وصولًا إلى النيابة العامة، كما يعملن على دعم النساء المعنفات والتخفيف من الأضرار النفسية لهن خلال الإبلاغ، والحفاظ على خصوصية النساء المُبلِّغات. ورفد السلك الأمني بالكوادر النسائية من مختلف التخصصات يعزز العمل الأمني ويواكب تطورات المجتمع، وفق حديث المصدر الأمني. 

موظفة في المجال الأمني: "نتعرض لمضايقات وإساءات وسب وشتم بسبب العادات والتقاليد التي ترى أن المرأة لا تصلح للعمل في أقسام الشرطة. المجتمع ينظر إلينا بأننا سيئات، ويطلق علينا ألفاظًا بذيئة، ويقال لنا إن الأفضل أن تبقَي في المنزل" 

تشير العسالي إلى أن الحلول تتمثل في تعزيز الوعي المجتمعي من خلال حملات التوعية وإبراز قصص نجاح النساء الأمنيات، وتبني آليات واضحة للاختيار والترقية في الوظائف الأمنية بعيدًا عن التحيزات والنظرة التقليدية، وإشراك الناشطات وحقوق المرأة في إصلاح المؤسسات الأمنية. وتضيف أن للناشطات دورًا مهمًا في تسليط الضوء على تحديات النساء الأمنيات، مثل غياب المرافق المناسبة وغياب الدورات التدريبية والتأهيلية. وتشير إلى أن استمرار هذه الظواهر قد يدفع العديد من العاملات في المجال الأمني إلى الانسحاب أو العمل تحت الخجل، مما قد يؤدي إلى انتهاك حقوق النساء.

وبحسب المصدر الأمني، لا توجد حلول حتى الآن لأن الخلل يكمن في عقلية المجتمع. ويرى خالد كمال أن من أهم الحلول هو تغيير الخطاب الديني وإقرار المرأة كشريكة للرجل.

وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان هناك ارتفاع العنف ضد المرأة بنسبة 63% منذ تصاعد الصراع في اليمن. وتذكر منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير "اليمن أحداث عام 2019"، أن النساء في اليمن كن يواجهن تمييزًا شديدًا في القانون والممارسة حتى قبل النزاع، وأن تصرفات الأطراف المتحاربة أدت إلى تفاقم هذا التمييز.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image