شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
في تأريخ الحملات المملوكية على كسروان… هل كانت حروباً طائفية؟

في تأريخ الحملات المملوكية على كسروان… هل كانت حروباً طائفية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الاثنين 11 نوفمبر 202402:28 م

عُرفت المناطق الوسطى في جبل لبنان، في القرون الوسطى، باسم كسروان. واشتهرت تلك المناطق بالحملات الكسروانية، التي يُقصد بها الحملات المملوكية الثلاث على كسروان، التي تعرّض لها أهل تلك المنطقة خلال ثلاثة عشر عاماً تقريباً في الفترة الممتدة بين "691-705هـ/ 1292-1305م".

بشكل عام، شغلت تلك الحملات حيّزاً مهماً من الكتابات التاريخية القديمة والمعاصرة، والتي شهدت تأثيرات قويةً للتوجهات السياسية والدينية والمذهبية. ما هو السياق التاريخي الذي وقعت فيه تلك الحملات؟ وما هي الهوية الدينية لأهل كسروان؟ وكيف قدّم المؤرخون المعاصرون قراءات مختلفةً لتلك الواقعة في العصر الحديث؟

السياق التاريخي

في سنة 658هـ، تمكّن المماليك من تحقيق انتصار عسكري كبير على القوات المغولية في معركة عين جالوت، وشرعوا بعدها في فرض سيطرتهم على بلاد الشام والحجاز فضلاً عن مصر وبعض المناطق الواقعة شرقي ليبيا الحالية. في نهايات القرن السابع الهجري، تمكّن المماليك من القضاء على آخر معاقل الصليبيين في مدينة عكا على الساحل الشامي، وبعدها دخلوا في صراع طويل مع الدولة المغولية الإيليخانية في إيران والعراق.

في سنة 699هـ، تعرّض المماليك لهزيمة قاسية على يد قوات السلطان الإيليخاني غازان خان، في معركة وادي الخازندار، بين مدينتي حمص والسلمية. كان من الطبيعي أن تستثمر بعض القوى المحلية الهزيمة المملوكية للتخلص من هيمنة سلاطين مصر. وكان أهل كسروان من ضمن تلك القوى

بشكل عام، استمد المماليك شرعية حكمهم من مقارعتهم الطويلة للصليبيين والمغول. في هذا السياق، انتهج سلاطين مصر -الذين اعتنقوا الإسلام السنّي- سياسةً دينيةً حازمةً ضد المخالفين دينياً ومذهبياً. في سنة 664هـ، أقرّ السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، مذاهب أهل السنّة الأربعة، وحرَّم ما عداها من المذاهب. كما عمل المماليك على تحويل العديد من المسيحيين والشيعة في بلاد الشام إلى الإسلام السنّي، وذلك بحسب ما يذكر كمال الصليبي في كتابه "تاريخ لبنان الحديث".

في سنة 699هـ، تعرّض المماليك لهزيمة قاسية على يد قوات السلطان الإيليخاني غازان خان، في معركة وادي الخازندار، بين مدينتي حمص والسلمية. كان من الطبيعي أن تستثمر بعض القوى المحلية الهزيمة المملوكية للتخلص من هيمنة سلاطين مصر. وكان أهل كسروان من ضمن تلك القوى. تذكر بعض المصادر التاريخية أنهم -أي أهل كسروان- قد لاحقوا ذيول الجيش المملوكي المنهزم، وأوقعوا بها العديد من الخسائر البشرية والمادية. كما تمكّنوا من أسر العديد من المقاتلين المملوكيين، وباعوهم كعبيد لبعض التجار الأوروبيين. بحسب ما يذكر الباحث أحمد حطيط في دراسته "الحملات الكسروانيَّة (691-705هـ/ 1292-1305م) قراءة تاريخيَّة في رسالة ابن تيمية إلى السّلطان محمد بن قلاوون"، فإنَّ ما أقدم عليه الكسروانيون من اعتداء على القوَّات المملوكية المتقهقرة "إنَّما يندرج، على الأرجح، في إطار أعمال الغزو والنَّهب التي تتعرَّض لها، أحياناً، الجيوش المهزومة في أثناء تراجعها على غير انتظام، وليس في إطار إستراتيجية عمادها التحالف مع أعداء المسلمين".

أهل كسروان

تختلف آراء المؤرخين بخصوص تحديد الهوية الدينية والمذهبية لسكان منطقة كسروان في القرن الثامن الهجري. ذكر بعض المؤرخين أن أهل كسروان كانوا من المسيحيين الموارنة، أو من العلويين النصيرية، أو من الشيعة الإسماعيلية. كما قيل إن بعض الكسروانيين كانوا من الدروز الذين يعتقدون بإلهية الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، ومن هنا فقد عُرفوا في بعض المصادر باسم "الحاكمية".

على الجانب المقابل، يرى الكثيرون أن السواد الأعظم من الكسروانيين في تلك الفترة قد تألّف من الشيعة الإمامية الاثني عشرية. ومن المعروف أن التشيّع الإمامي الاثني عشري، قد بدأ انتشاره في لبنان في منطقة طرابلس وما حولها، في منتصف القرن الخامس الهجري، وذلك بعدما أرسل علماء الشيعة الإمامية الاثني عشرية في النجف بعض وكلائهم لنشر المذهب. في هذا السياق، قدِم أبو الفتح الكراجكي، إلى جنوب لبنان، وبدأ بنشر المذهب الشيعي، وسرعان ما نجح في مهمته، فتحوّل الكثير من اللبنانيين إلى التشيع الاثني عشري، وذلك بحسب ما يذكر علي حب الله، في دراسته المعنونة "أبو ذر الغفاري أسطورة نسبة التشيع في جبل عامل إليه".

من أهم الأدلة التي تثبت تشيّع أهل كسروان في تلك الفترة، بعض الأوصاف التي وردت في رسائل الفقيه السنّي الشهير تقي الدين ابن تيمية الحرّاني المتوفى سنة 728هـ -الذي شارك في الحملة الثالثة على كسروان- والتي بعث بها إلى السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون. وصف ابن تيمية أهل كسروان في رسالته هذه، بأنهم يبيحون نكاح المتعة، وأنهم يسبّون الصحابة، ولا يعترفون بخلافة الخلفاء الراشدين الثلاثة الأوائل. كما أنهم يؤمنون بالمهدي المنتظر الغائب منذ قرون. وجميع تلك الأوصاف تنطبق على معتقدات الشيعة الاثني عشرية.

تختلف آراء المؤرخين بخصوص تحديد الهوية الدينية والمذهبية لسكان منطقة كسروان في القرن الثامن الهجري. ذكر بعض المؤرخين أن أهل كسروان كانوا من المسيحيين الموارنة، أو من العلويين النصيرية، أو من الشيعة الإسماعيلية. كما قيل إن بعض الكسروانيين كانوا من الدروز

ما الذي جرى في الحملات الثلاث؟

خرجت الحملة المملوكية الأولى لجبال كسروان في سنة691هـ، بقيادة نائب السلطنة في مصر، الأمير بدر الدين بيدرا. وكان الهدف الرئيس من الحملة هو تأديب الكسروانيين بسبب تعاونهم مع الصليبيين. تعرَّضت الحملة لمقاومة شرسة، واضطر بيدرا إلى الانسحاب إلى دمشق. وقيل إنه أخذ رشوة من أعيان كسروان في مقابل انسحابه من بلادهم، وإن السلطان قد عاتبه سرّاً. وذلك بحسب ما يذكر الباحث أحمد حطيط، في دراسته المُشار إليها.

في سنة 699هـ، جرَّد المماليك حملتهم الثانية على منطقة كسروان. وكان سبب تلك الحملة ما تعرّض له عساكر المماليك الذين هزموا أمام المغول في موقعة وادي الخازندار، على يد الكسروانيين. في محاولة للانتقام، خرج نائب دمشق، الأمير جمال الدين الأفرم، بقواته إلى كسروان واستولى عليها، وأرغم سكانها على دفع الضرائب. كما صودرت مساحات واسعة من أراضيهم، وتم تسليمها للتنوخيين، حلفاء المماليك.

أما الحملة الثالثة، فقد تمت في سنة 705هـ، عقب الانتصار الكبير الذي حققه المماليك على الإيليخانيين في سنة 702م، في معركة شَقحَب. في تلك الحملة قاد الأمير آقوش الأفرم القوات المملوكية، وحاول في بداية الأمر استرضاء الكسروانيين، وذلك عندما بعث ببعثتين لمحاورتهم. كانت الأولى برئاسة زين الدين عدنان، نقيب الأشراف في دمشق، فيما ترأس البعثة الثانية الشيخ تقي الدين ابن تيمية الحرّاني، والأمير بهاء الدين قراقوش.

يتحدث المؤرخ تقي الدين المقريزي، في كتابه "السلوك لمعرفة دول الملوك"، عن تفاصيل تلك الحملة، فيقول: توجّه ابن تيمية ومعه الأمير بهاء الدين قراقوش المنصوري إلى أهل جبل كسروان "يدعوهم إلى الطاعة فلم يجيبوا‏، فجمعت العساكر لقتالهم‏، وفي محرم 705هـ‏، سار الأمير جمال الدين أقوش الأفرم نائب الشام من دمشق في عساكرها لقتال أهل جبال كسروان ونادى بالمدينة: مَن تأخّر من الأجناد والرجال شُنق‏.‏ فاجتمع له نحو خمسين ألف رجل وزحف بهم لمهاجمة أهل تلك الجبال ونازلهم وخرّب ضياعهم وقطع كرومهم ومزّقهم بعدما قاتلهم أحد عشر يوماً، وملك الجبل عنوةً، ووضع فيهم السيف وأسر ستمئة رجل وغنمت العساكر منهم مالاً عظيماً". بعدها، سمح المماليك بخروج أهالي كسروان من أراضيهم، وقاموا -أي المماليك- بإقطاع تلك الأراضي لعدد من الأمراء التركمان الخاضعين للسلطة المملوكية.

تُعدّ رسالة التهنئة التي أرسلها ابن تيمية إلى السلطان الناصر محمد بن قلاوون، من الوثائق التاريخية المهمة التي تلقي الضوء على الانتصار المملوكي في تلك الحملة. هنّأ ابن تيمية السلطان بالفتح العظيم الذي شبّهه بالفتوحات الإسلامية الكبرى التي وقعت في فترة الخلافة الراشدة، كما وصف أهل كسروان بأنهم "أهل البدع المارقون، وذوو الضلال المنافقون الخارجون عن السنّة والجماعة، المفارقون للشرعة والطاعة".

من جهة أخرى، تسببت الحملة المملوكية الثالثة في إحداث تغييرات ديموغرافية كبيرة في الأراضي اللبنانية. يذكر الباحث علي راغب حيدر، في كتابه "المسلمون الشيعة في كسروان وجبيل"، أن ما يقرب من العشرين ألف كسرواني تركوا وطنهم، ورحلوا إلى البقاع وجزين وبعلبك. كما يؤكد الباحث محمد علي مكي، في كتابه لبنان من الفتح العربي إلى الفتح العثماني، أن الانتصار المملوكي قد غيّر من الهوية المذهبية الطائفية لأرض كسروان... "اضطرت الشيعة أمام مذابح كسروان إلى اعتماد التقية والتظاهر باعتناق المذهب الشافعي طوال القرن الرابع عشر، لذلك لم يسجل التاريخ بعد الحملات الكسروانية أي وجود شيعي في لبنان، لأن فتوى ابن تيمية كانت بالمرصاد... وكانت النتيجة الكبرى لتفريغ كسروان من سكانها الشيعة، أن بدأت الهجرة المارونية إليه بتشجيع من أصحاب الإقطاع الكسرواني وعلى رأسهم العائلات التركمانية من بني عساف...".

القراءات الطائفية لحملات كسروان

في كتابه "حملات كسروان: في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية"، ألقى المؤرخ السوري محمد جمال باروت، الضوء على طبيعة حملات كسروان، وكيفية تناولها في الحوليات التاريخية المعاصرة.

تناول باروت تلك القضية من خلال علم الإيستوريوغرافياHistoriographic ، والذي عرّفه بأنه "دراسة خطابات المؤرخين بوصفها تاريخ الخطاب الذي عقده الناس عن الماضي، عن ماضيهم... أي أن الإيستوريوغرافيا لا تهتم بدراسة الوقائع التاريخية، بل بدراسة الخطابات بشأن هذه الوقائع التاريخية".

عملت كل طائفة على إعادة التأريخ لحملات كسروان بشكل طائفي محض، بحيث تتمكن من تأسيس شرعية دينية/ سياسية تؤهلها لانتزاع ما تقدر على انتزاعه من حقوق في الدولة اللبنانية الحديثة

يذكر باروت، التأثير الكبير الذي خلّفته حملات كسروان الثلاث على أفكار المؤرخين اللبنانيين المعاصرين. بحسب باروت قرأ معظم المؤرخين المعاصرين تلك الحملات قراءةً مذهبيةً طائفيةً، فعملوا على إظهارها في صورة حرب دينية استمدت مشروعيتها من فتوى المرجعية السنّية المُمثلة في ابن تيمية الحرّاني. يرفض باروت تلك القراءة، فيقول إن ابن تيمية وإن كان قد شارك في تلك الحملات -ودعا أتباعه للمشاركة فيها- فإن ذلك قد وقع بناءً على اجتهاده الشخصي: "ولا شيء يشير، لا في التاريخ العام، ولا في تاريخ تلامذة ابن تيمية، إلى أنه أصدر هذه الفتوى بناءً على طلب المماليك، لتبرير الحملة على كسروان أو شرعنتها، هذا في حال كان هناك فتوى بمعنى الفتوى". لكن على الرغم من ذلك، افترض المؤرخون اللبنانيون المعاصرون، ضمناً، أن هذه الحملات "لم تكن لتتم من دون فتوى تشرعنها، وحولت افتراضاتها الضمنية التخييلية الزائفة هذه إلى حقائق تاريخية".

في السياق نفسه، سلّط باروت، الضوء على بعض القراءات التاريخية المعاصرة، التي حاولت أن تستدعي حملات كسروان، وأن توظفها لخدمة مصالحها الطائفية لإثبات وجود حقوق تاريخية لتلك الطوائف في الأراضي اللبنانية. من تلك القراءات ما قام به المؤرخان المسيحيان يوسف الدبس في كتابه "تاريخ سوريا الدنيوي والديني"، وبولس قرألي في كتابه "عودة النصارى إلى كسروان"، عندما ذكرا أن أهل كسروان الذين تعرّضوا للحملات المملوكية كانوا من المسيحيين الموارنة، وأنهم اضطروا إلى الخروج من أرضهم تحت الضغط المملوكي، قبل أن يرجعوا إليها مرةً أخرى في القرن الخامس عشر الميلادي. ومنها أيضاً ما قام به المؤرخ الدرزي سامي مكارم، في كتابه "لبنان في عهد الأمراء التنوخيين"، عندما قال إن أهل كسروان كانوا من العشائر القبلية التنوخية المعتنقة للأفكار الدرزية. وربما كان بعض الكسروانيين من الشيعة الإمامية الاثني عشرية، غير أن ذلك لا يغيّر من حقيقة الهوية الدرزية الجامعة لهذا الشعب. على النحو ذاته، في تسعينيات القرن الماضي، تشكلت رؤية نصيرية علوية لما وقع في حملات كسروان. حاولت تلك الرؤية أن تظهر النصيريين باعتبارهم أهل كسروان الذين تعرّضوا للظلم والقهر على يد المماليك.

من أهم الكتب التي عملت على بلورة تلك الرؤية، كتاب "العلويون ودولتهم المستقلة" للكاتب العلوي محمد هواش. بدورهم، عمل المؤرخون السنّة على تقديم قراءة خاصة بهم لحملات كسروان. تبلورت تلك القراءة في سبعينيات القرن العشرين عندما نشر الكاتب السنّي عمر عبد السلام تدمري، مقاله المعنون بـ"الموارنة وعلاقتهم بالمسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي"، في مجلة "الفكر الإسلامي"، التي تصدر عن دار الفتوى في بيروت.

عمل تدمري في المقال على التركيز على التحالف بين الموارنة والروافض في كسروان ضد المماليك السنّة، فقال مستعرضاً ملامح المؤامرة التي تعرّض لها المماليك، والتي فرضت عليهم التدخل العسكري للحفاظ على هيبة دولتهم في المنطقة: "استمر الموارنة والروافض في موقفهما العدواني السافر ضد المماليك السنّة، وكما وقفا إلى جانب الصليبيين في حملاتهم وغزواتهم في بلاد الشام ضد المسلمين، فقد أسفرا عن عدائهما في أثناء الهجمة التترية الهمجية التي شملت معظم مدن الشام، وتحالفت الطائفتان لطعن المسلمين من جنوبهم ومن ظهورهم مغتنمين فرصة انهزام المماليك أمام غازان خان، ملك التتار، في سنة 699هـ/ 1300م، وظهر المخطط الانفصالي الذي عمل على تحقيقه تحالف الموارنة-الرافضة، والذي كان يتواطأ، وبشكل سافر، مع فلول الصليبيين وكريت ورودس وموانئ إيطاليا".

وهكذا، فقد عملت كل طائفة على إعادة التأريخ لحملات كسروان بشكل طائفي محض، بحيث تتمكن من تأسيس شرعية دينية/ سياسية تؤهلها لانتزاع ما تقدر على انتزاعه من حقوق في الدولة اللبنانية الحديثة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image