رحل عن عالمنا اليوم الفنان حسن يوسف، الذي قد أثرى السينما المصرية بالعديد من الأعمال السينمائية الهامة، التي تظل علامات في تاريخ السينما المصرية، وجاء رحيله بعد عام واحد من رحيل ابنه عبد الله الذي توفي غرقاً، والذي قد حزن حُزناً شديداً عليه ليلحق به.
وقد أعلن شقيق الفنان حسن يوسف نبأ وفاته صباح اليوم عبر منشور على موقع الفيسبوك، مما آثار حزن الجميع الذين تواصلوا مع زوجته الفنانة شمس البارودي التي أكدت صحة الخبر، وكانت تستمع إلى القرآن، وتنتابها حالة من البكاء الشديد جعلتها لا تقوى على الحديث، بينما قام ابنه عمر بمشاركة منشور عبر حسابه الشخصي على الفيسبوك، نعى والده خلاله، مٌعلناً تشييع جنازته من مسجد الشرطة، ودعا الجميع لقراءة الفاتحة، رحمة ومغفرة لروح والده.
نعى الكثير من الفنانين رحيله منهم الفنان حسين فهمي، والفنانة صفاء ابو السعود، والفنان أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، والمخرج خالد جلال، والفنانة يسرا، والفنان خالد النبوي، والمطرب محمد فؤاد، والفنان أحمد السقا الذي كتب عبر حسابه بمنصة "إكس" نعياً، واصفاً خلاله الفنان حسن يوسف بأنه كان دائماً رمزاً للبهجة والعفوية والابتسامة.
رحل اليوم الفنان حسن يوسف، الذي قد أثرى السينما المصرية بالعديد من الأعمال السينمائية الهامة، التي تظل علامات في تاريخ السينما المصرية
من خلال تجربتي الشخصية معه كمُحررة فنية، كنت أتواصل معه بشكل دوري، وكان الفنان حسن يوسف معروفاً بخفة ظله في حياته الطبيعية، ومُحباً للحياة، ويتعامل بلطف مع الجميع، كما كان دوماً يطلب مني الاتصال الهاتفي قبل أذان العشاء، لأنه بمجرد أن يؤذن العشاء يذهب لتأدية الصلاة، وقراءة القرآن، فكانت حياته مُرتبة بمواعيد مُثبته، وطقوس خاصة، للحفاظ على صحته، ولياقته الذهنيه، والتقرب من الله.
وكانت زوجته شمس البارودى ترافقه دوماً خلال حواري معه على الهاتف، وكنا ثلاثتنا نتبادل أطراف الحديث بشكل ودي، ويخبرني أنه حريص دائماً على الذهاب كل صباح إلى نادي الجزيرة برفقة زوجته، وأيضاً الذهاب للاستجمام في الصيف بالساحل الشمالي.
وفي فترة ما قبل وفاة ابنه كان يشعر بالحزن على تجاهل المنتجين للقامات الفنية الكبيرة، مؤكداً أنه لا يحتاج إلى أحد، لأنه قدم تاريخاً كبيراً من الأفلام، فكان عزيز النفس. أما عن الموت، فقد قال لي بإيمان شديد بأنه قضاء الله، ولا رادّ لقضائه. أيضاً أكد لي ترشيحه لابنه عمر لتقديم قصة حياته في عمل فني، في حال وفاته.
وكان صرح لي أنه قام بكتابة مذكراته تحت عنوان "نصف قرن في عالم الفن"، ويسرد خلالها مسيرته الفنية منذ بداياته، مؤكداً أن الفنان حسين رياض كان مُرشده الذي دعم موهبته، وتبناه فنياً، ولم يبخل عليه بالنصح، والإرشاد، وكان صاحب فضل كبير عليه، و يستمع دوماً إلى نصائحه، لذا عكف هو الآخر على كتابة مذكراته كي تستدل بها الأجيال الجديدة، وتستفيد من تجاربه الفنيه، وربما ستكون تلك المذكرات الخاصة به هي عزائنا الوحيد الآن على رحيله، وآخر ما يتركه لنا من ذكريات.
وكان الفنان الراحل حسن يوسف هو من قام باكتشاف الفنان الراحل سعيد صالح، وذلك عندما كان حسن يوسف يدرس بقسم التمثيل، والإخراج بمعهد الفنون المسرحية، وقام بالإشراف المسرحي على مدرسة "المبتديان الثانوية"، وكان سعيد صالح طالباً فيها آنذاك، ليكتشفه حسن يوسف بمجرد أن رآه، ويقوم بعدها بإسناد دور البطولة له في مسرحية كان يقدمها على المسرح القومي، ولقد وقف إلى جواره، ونصحه كثيراً خلال مشواره الفني.
وقد تنبأ حسن يوسف للفنان عمر الشريف بالعالمية خلال عملهما سوياً خلال فيلم "في بيتنا رجل"، عندما شعر بالإعجاب تجاه أداء عمر الشريف غير العادي، والجديد على السينما المصرية، ولقد صارحه بذلك أثناء جلوسه معه، ومع زبيدة ثروت، في كواليس العمل خلال لعب "الطاولة"، وقال له: "عندما تُمثل يا عمر، أشعر، وكأنك ممثل أجنبي!"، فضحك عمر الشريف حينها مُستنكراً، إلا أنه بعد أسبوعين حدث ما تنبأ به حسن يوسف، وتفاجأ الجميع بأنه قد تعاقد على فيلم "لورانس العرب"، وصدق حدس حسن يوسف.
اشتهر حسن يوسف بأدوار "الولد الشقي" في السينما، وتخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية ليبدأ مشواره من المسرح القومي ثم إلى السينما، التي بدأ خلالها في أدوار بسيطة إلى أن وصل إلى البطولة
على الصعيد الشخصي وفي حياته الزوجية كان حسن يوسف دائم الاعتزاز بزوجته الفنانة شمس البارودي، ويُبدي حبه لها بجميع المُناسبات، ولقد علل سر استمرارية ونجاح زيجتهما بأن الحب والاحترام المُتبادل هو السرّ، فأحياناً تحدث خلافات إلا أن الحب الحقيقي يجعل كلاً من الطرفين يتمسك بالآخر، ويتحمل أخطاءه، قائلاً: "لا أرى سوى شمس، فعندما تزوجتها كانت تلقب بجميلة الجميلات، وأي إمرأة أراها مهما كانت جميلة أجدها في نظري أقل منها".
ولد الفنان حسن يوسف في 14 نيسان/أبريل 1934، وقد تزوج في بداية حياته من الفنانة لبلبة في عام 1964، واستمر زواجهما 8 سنوات ثم انفصلا ليتزوج بعدها من الفنانة شمس البارودي حتى وفاته.
وقد اشتهر بأدوار "الولد الشقي" في السينما، وتخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية ليبدأ مشواره من المسرح القومي ثم إلى السينما، التي بدأ خلالها في أدوار بسيطة إلى أن وصل إلى البطولة، وقد قدم تاريخاً كبيراً من الأفلام السينمائية التي تعد علامات في التاريخ السينمائى المصري منها " في بيتنا رجل"، و"الخطايا"، و"الزواج على الطريقة الحديثة"
بعد ذلك اتجه إلى التلفاز الذي قدم خلاله أعمالاً درامية هامة، أثْرت الدراما المصرية منها "زينب والعرش"، و"ليالي الحلمية"، و"إمام الدعاة" عن حياة الشيخ محمد متولي الشعراوي.
كان حسن يوسف مقلّاً في أعماله الفنية في الآونة الأخيرة، إلى أن جاءت وفاة ابنه عبد الله غرقاً في عام 2023، الحادثة التي جعلته يزهد مباهج الدنيا، ولم يعد يشارك في أعمال فنية، وكانت الخلوة مع الله تكفيه، وقد أوصى بكتابة آيات قرآنية على قبره مثل التي كُتبت على قبر الشيخ محمد متولي الشعراوي، وهي آيات 101 إلى 103 من سورة الأنبياء.
وقد اتجه الفنان حسن يوسف في أواخر حياته الفنية إلى الأدوار الدينية، مؤكداً أنه كان يهتم اهتماماً خاصاً بتلك الأدوار، ويحب تقديمها، نظراً لأن هناك شريحة كبيرة من الجمهور محرومة من الجرعة الدينية، والمعلومة الإسلامية، لأنه للأسف يخشى المنتج الخاص تقديم تلك النوعية بسبب عدم بيعها وتوزيعها بشكل جيد، أيضاً لا تُنتجها الدولة، برغم أن هذا دورها. وكان مُقلاً في أعماله الفنية، وقد كان آخر عمل قام بتصويره هو فيلم "سري للغاية" الذي لم يُعرض حتى الآن على الرغم من انتهاء تصويره منذ قرابة ثلاثة أعوام.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmed -
منذ 5 ساعاتسلام
رزان عبدالله -
منذ 15 ساعةمبدع
أحمد لمحضر -
منذ يومينلم يخرج المقال عن سرديات الفقه الموروث رغم أنه يناقش قاعدة تمييزية عنصرية ظالمة هي من صلب و جوهر...
نُور السيبانِيّ -
منذ 4 أيامالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ 5 أياموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامرائع