شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
مليونا طفل يمني بلا تعليم... هل ينتظر البلاد جيل من الأمّيين؟

مليونا طفل يمني بلا تعليم... هل ينتظر البلاد جيل من الأمّيين؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!
Read in English:

Two million children without education: Is an entire illiterate generation what awaits Yemen’s future?

يواجه التعليم في اليمن أزمة حادة نتيجة الحرب المستمرة منذ عام 2014، بالإضافة إلى الفقر المتزايد والتغيّرات المناخية وغيرها من العوامل الوثيقة الصلّة. تضرّرت البنية التحتية للمدارس، وانقطعت رواتب غالبية المعلمين/ات، مما أدى إلى حرمان ملايين الأطفال والطفلات من التعليم. كل هذه التحدّيات تهدّد مستقبل الأجيال المقبلة وتزيد تعقيد الوضع التعليمي في البلاد.

أولاً، الفقر

الفقر يحرم أطفالاً من التعليم في اليمن

يشير تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومبادرة أكسفورد للفقر والتنمية البشرية (OPHI)، الصادر نهاية شباط/ فبراير 2024، إلى أن 82.7% من سكان اليمن يعيشون في فقر متعدّد الأبعاد، ما يعني أن غالبية اليمنيين محرومون من حقوق أساسية في الحياة، بينها الصحة والتعليم والعيش الكريم.

وفق المصدر نفسه، "تبلغ شدة الفقر، أو متوسط عدد حالات الحرمان التي يواجهها الفقراء المتعدّدو الأبعاد، 46.7%. ويُعد الحرمان من سنوات التعليم والصرف الصحي من أعلى مستويات الحرمان، إذ يعاني أكثر من 70% من السكان من الحرمان في كلا المؤشرين".

الفقر، وتضرّر المدارس، وحرمان المعلمين من رواتبهم، والتغيّرات المناخية، وعمالة الأطفال وتجنيدهم… إليكم صور من التحديّات التي تجعل التعليم الأساسي مهمّة شاقّة في اليمن

وفيما مليونا طفل/ة خارج المدرسة بسبب الفقر والصراع ونقص الفرص التعليمية، يربو عدد الأطفال الذين يعانون من الاضطرابات التي تلحق تعليمهم إلى 6 ملايين، وهو ما ستكون له تبعات هائلة على المدى البعيد. كما أن 8.1 مليون طفل كانوا بحاجة إلى دعم تعليمي طارئ بين 2015 وشباط/ فبراير 2021، وفق تقديرات اليونيسيف.

عراقيل تواجه التعليم الأساسي في اليمن

ووفق اليونيسيف، اضطر مئات الآلاف من الطلاب في اليمن، خلال السنوات الأخيرة، إلى ترك مدارسهم والتسول أو مساعدة أولياء أمورهم في العمل أو في حقول الزراعة.

ثانياً، أزمات المعلمين/ات

أزمات المعلمين/ات تهدد التعليم في اليمن

لا يتقاضى ثلثا المعلمين في اليمن، ما يقرب من 172 ألف معلم رواتبهم بشكل منتظم منذ عام 2016. وهو ما يجعل هذه الفئة مثقلة بالأعباء والهموم. وقد لجأ الكثير منهم إلى ترك مهنة التعليم إلى مهن أخرى مربحة لإعالة أنفسهم وأسرهم. في حين اضطر آخرون إلى العمل في مهن مختلفة إلى جانب التدريس لتأمين احتياجاتهم الأساسية.

وبحسب الأكاديمية والناشطة المناهضة للحرمان من التعليم في اليمن، أحلام أحمد، فإن "انقطاع الرواتب يشكّل أزمة للكوادر التعليمية التي امتنعت عن العمل وبعضهم هاجر ومنهم من راح يبحث عن مهنه ثانية تكون مصدر مالي لهم".

أزمة أخرى متعلقة بالمعلمين/ات هي أن الكثير منهم/ن غير مؤهّلين/ات بالشكل الكافي لتدريس الأطفال في المراحل الأساسية للتعليم أو التعامل التربوي الصحيح في خلال الدوام المدرسي.

يُجبر الكثير من المعلمين/ات أيضاً على مزاولة العمل من دون راتب، تحت وطأة التهديد باستبدالهم/ن بكوادر غير مؤهلة مقابل سلة غذائية تصرف على فترات متقطعة.

ثالثاً، تضرر المدارس

التعليم في اليمن

تضرر المدارس وإغلاقها يُهددان فُرص أطفال اليمن في الحصول على التعليم، مما يجعلهم عرضة لمخاوف كبيرة تتعلق بحمايتهم.

مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وفي مناسبة اليوم العالمي للتعليم الذي صودف 24 كانون الثاني/ يناير 2024، خذّر من أن أكثر من 2,400 مدرسة تضرّرت أو دُمرت أو استُخدمت لأغراض غير تعليمية جراء الحرب الدائرة منذ نهاية عام 2014. وتذكر اليونيسيف، بدورها: "دُمّرت 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من كل 4 مدارس) أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية"، جرّاء الصراع.

عراقيل تواجه التعليم الأساسي في اليمن

ويعاني ما لا يقل عن نصف مليون طفل من عدم التمتع بفرص تعليمية بسبب ارتفاع كثافة الفصول الدراسية وعدم وجود مكان لهم في صفوف المدارس، وفق اليونيسيف. ففي خلال عام 2023، كان طفل من كل أربعة أطفال في سن التعليم الأساسي لا يذهب إلى المدرسة بينما واجه أولئك الذين كان بمقدورهم الالتحاق بالمدرسة مشكلة اكتظاظ الفصول الدراسية.

رابعاً، التغيّرات المناخية

التغيّرات المناخية تهدد التعليم في اليمن

التغيّر المناخي وتغيير الجدول الدراسي في شمال البلاد إلى موسم الصيف أثّرا سلباً على التعليم في اليمن. علاوة على ذلك، قضى عدد من الطلاب جرّاء السيول بينما دمرت أحذية وكتب آخرين كثيرين.

يوضح الإعلامي المتخصص في المناخ والبيئة، عمر الحياني، أنه "على اعتبار أن اليمن ذو أمطار موسمية تهطل في الصيف، ازدادت حالات غرق الطلاب بينما يشكو الكثير من الطلاب صعوبة الدراسة في هذه الأجواء الحارة في ظل تكدّس الفصول الدراسية وعدم وجود مصادر تهوية تلطّف الجو في الفصول".

خامساً، عمالة الأطفال

عمالة الأطفال في اليمن

عمالة الأطفال في اليمن واحدة من أخطر تبعات الحرب المستمرة إذ يُحرم آلاف الأطفال من التعليم ويجبرون على العمل لإعالة أنفسهم وأسرهم بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية. أما الطفلات، فعادةً ما يُحرمن من التعليم ويُجبرن على الزواج القسري للتخلّص من نفقاتهن واستفادة الأهل من "المهر".

التحدّيات التي تواجه التعليم في اليمن تظل معقدة ومتعددة الأبعاد إذ يتشابك الفقر المستمر والصراع الطويل مع الأضرار البيئية والتجنيد القسري للأطفال… هل من سبل ممكنة لمواجهة هذه العراقيل وعلاجها؟

وقد أظهر مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء في اليمن، بالشراكة مع اليونيسف، نُشرت نتائجه في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أن 29% من أطفال اليمن في الفئة العمرية (بين 12 و14 عاماً) منخرطون في العمل. ووفق تقرير لمنظمة العمل الدولية، صدر في حزيران/ يونيو 2021، احتلّ اليمن المركز الأول عربياً على مؤشّر عمالة الأطفال بنسبة 13.6%.

عراقيل تواجه التعليم الأساسي في اليمن

سادساً، تجنيد الأطفال

التعليم في اليمن

تعد الأوضاع الاقتصادية المتردية في سياق النزاع سبباً رئيساً لتجنيد الأطفال في اليمن إذ يدفع الفقر بعض الأسر اليمنية إلى تجنيد أطفالها لإيجاد مصدر دخل ثابت يوفّر لها الحد الأدنى من احتياجات البقاء الضرورية، أو لتحسين مصدر الدخل المحدود بالنسبة إليها.

في بعض الحالات، يضطر أطفال إلى الالتحاق بالتجنيد لأي من طرفي الصراع تحت الشعور بوطأة الفقر والحاجة الجماعية للأسرة، أو بغرض الحصول على ما يُلبّي احتياجاتهم الشخصية التي تعجز الأسرة عن تلبيتها.

ويشير تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية، الصادر مطلع العام الجاري، إلى أنه "بحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومنظمة سام للحقوق والحريات، وهي منظمة مجتمع مدني يمنية، جنّد الحوثيون أكثر من 10 آلاف طفل بين 2014 و2021. كما جنّدت الحكومة اليمنية الأطفال طوال فترة النزاع على الرغم من خطة العمل لإنهاء تجنيدهم التي وقعتها مع الأمم المتحدة العام 2014".

عراقيل تواجه التعليم الأساسي في اليمن

ختاماً، يلفت أوتشا إلى أن التحدّيات التي تواجه التعليم في اليمن تظل معقدة ومتعددة الأبعاد، إذ يتشابك الفقر المستمر والصراع الطويل مع الأضرار البيئية والتجنيد القسري للأطفال. كذلك تبرز أولويات التدخّل في تحسين البنية التحتية للمدارس، وضمان انتظام رواتب المعلمين، ومكافحة تجنيد الأطفال، وتخفيف تأثير التغيّرات المناخية على النظام التعليمي. علماً أن "معالجة هذه القضايا بفعالية ضرورية لضمان توفير فرص التعليم للأطفال اليمنيين وإعادة بناء مستقبلهم".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image