شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
كيف يؤثر الإجهاد والعمل على تذكر الأحلام؟

كيف يؤثر الإجهاد والعمل على تذكر الأحلام؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الثلاثاء 17 سبتمبر 202410:19 ص

تستيقظ عائشة عباس، كل يوم، من دون أن تتذكر أحلامها، فتشعر بأن عقلها "كالصفحة البيضاء" على حد وصفها. وبرغم أن بعض الأصدقاء أخبروها بأن ما تمر به عادي وطبيعي، إلا أنها قررت أن تستشير طبيباً متخصصاً لأنها تعاني أحياناً من الأرق ومن آلام في عظامها بعد النوم.

تصف عائشة ما تمر به لرصيف22، قائلةً: "كنت في السابق أتذكر أحلامي بشكل أفضل. منذ عام، وتحديداً بعد أن انتقلت إلى عملي الجديد، أصبح الليل يمر عليّ بصعوبة. أحياناً أعجز عن النوم لفترات طويلة، ففي الغالب أنام لساعة ثم أستيقظ بعد ذلك، بجانب أنني أحلم ولا أستطيع تذكّر الأحلام بشكل مستمر وأشعر في الصباح بآلام في ظهري وساقي".

تضيف عائشة (44 عاماً)، من محافظة الإسكندرية وتعمل في مركز حقوقي: "كنت أتصوّر أحياناً أن عملي يؤثر على هدوئي النفسي، وهذا ما أخبرني به الطبيب المتخصص في أمراض النوم، وكان من بين الأشياء التي تؤثر عليّ، تذكري الدائم لأي كابوس أتعرّض له، بينما لا أستطيع تذكّر أحلامي العادية أبداً".

الكوابيس لا تُنسى

توضح المعالجة النفسية الدكتورة منى قابل، لرصيف22، أن "النوم وسيلة للتنفيس تجعل الأشخاص يتخلصون من التوتر الذي يعانون منه في أوقات النهار بشكل مستمر، وهو العالم المثالي الذي يبنيه الشخص للعيش وسط الآمال والأحلام، فهو وسيلة لعيش ما يعجز عن عيشه في الواقع".

وتشير قابل، إلى أن الأحلام الأكثر ثباتاً عند الشخص هي الأحلام السيئة: "هي الأحلام التي لا نرغب في أن نتذكرها ونصفها بالكوابيس، ولكن للأسف العقل يرفض أن يطردها وتظل في الذاكرة، بينما هناك الكثير من الأحلام الأكثر سعادةً وهدوءاً ونستيقظ من النوم ونحن لا ندرك ولا نتذكر ما الذي رأيناه وقت النوم".

 "النوم وسيلة للتنفيس تجعل الأشخاص يتخلصون من التوتر الذي يعانون منه في أوقات النهار بشكل مستمر، وهو العالم المثالي الذي يبنيه الشخص للعيش وسط الآمال والأحلام، فهو وسيلة لعيش ما يعجز عن عيشه في الواقع"

من جهته، يذكر الدكتور كريس موزنيك، الخبير النفسي وأخصائي طبّ النوم، في مقال له، أن مشكلة نسيان الأحلام تثير التوتر والضيق لدى بعض الناس، خاصةً لو كان الحلم مهماً ويريد صاحبه أن يتذكره ثم يتعرض للإحباط عند الاستيقاظ من النوم ويجد أنه نسيه تماماً.

يذكر كريس، بعض الأسباب التي تؤدي إلى نسيان الأحلام، ومنها الضغط والتوتر اللذان يجعلان من الصعب على الشخص أن يتذكر الأحلام بعد الاستيقاظ، حيث ينشغل الدماغ بالضغوط، وكذلك اضطرابات النوم، فيمكن لحالات مثل توقف التنفس في أثناء النوم، الأرق أو متلازمة تململ الساق، أن تمنع من الدخول في المراحل العميقة من النوم، والتي تحدث في أثناء حركة العين السريعة. ويمكن أن تؤدي هذه الانقطاعات إلى اضطراب دورة الحلم، لذلك حتى لو كنت تحلم، فإن الاستيقاظ بشكل متكرر قد يجعل من الصعب تذكّر تلك الأحلام في الصباح، كما أنك إذا كنت لا تعدّ الأحلام مهمةً، أو كنت مستعجلاً في الصباح، فقد لا تمنح نفسك وقتاً للتفكير فيها، فتتلاشى.

مراحل النوم

منذ أن أنجبت هالة محمد، توأمين وهي لا تستطيع أن تحلم، وتعيش فترات من الأرق المستمر، وحتى عندما تنام لا تأخذ الوقت الكافي لتدخل عالم الأحلام.

تقول هالة (28 عاماً)، لرصيف22: "أنام عادةً لفترة نصف ساعة، ثم أستيقظ عند سماع بكاء أحد أطفالي، وبعد فترة أنام ثانيةً وأستيقظ خلال دقائق معدودة، وهذا التعب والإرهاق يجعلاني طوال فترة النهار أشعر بآلام عديدة ولا أتذكر أبداً أنني أحلم، وذلك يسبب لي التوتر خلال اليوم ويجعلني أشعر بالصداع كما أحس بأنني أكثر تأثراً بأي موقف".

في هذا السياق، تقول ويندي تروكسيل، خبيرة النوم، إن الأحلام التي تحدث في أثناء حركة العين السريعة لها دور مهم في المعالجة العاطفية ودعم الصحة العقلية، ولذلك من يحصل على فترات النوم العميق يكون أكثر قدرةً على مواجهة الواقع بكل ضغوطه، والتعامل مع مشكلات النهار بسهولة وجدّية أكثر.

"نسيان الأحلام أمر طبيعي يمكن أن تفرضه حياة الشخص أو طبيعته القلقة التي تجعله يستيقظ باستمرار، وقد يصل الشخص أحياناً إلى مرحلة النوم العميق ولا يتذكر حلمه لأن الحلم كان عاديّاً، في حين أن الكوابيس أكثر التصاقاً بذاكرة الأشخاص"

وفي دراسة نُشرت عن 76 امرأةً تعرضن لمشاهدة صور سلبية ومنفّرة بعد مراقبة حركة النوم المعمق السريعة، تبيّن أن النساء اللواتي يتمتعن بحركة العين السريعة والنوم العميق يكنّ أقل تأثراً ونفوراً من الصور السلبية، بينما من لم تستطع الحصول على فترات من النوم العميق تكون أكثر تأثراً وتوتراً، وأثبتت الدراسة أن تأثير النوم المعمّق يسهّل المعالجة العاطفية.

تكشف الدكتورة إيمان عبد الرحيم، استشارية طب النوم في كلية الطب في جامعة القاهرة، أن نمط النوم قد لا يسمح بتذكر الحلم أو لا يسمح بالحلم من الأساس: "إذا كانت أمّ تستيقظ باستمرار في أثناء النوم للاعتناء بطفلها، فهي لا تنام لمدة كافية تسمح لها بالوصول إلى مرحلة النوم العميق وهي المرحلة الثالثة من النوم، والتي تأتي بعدها مرحلة الأحلام، ومن ثم فطبيعة حياة بعض الأشخاص قد تفرض عليهم ألا يحلموا أو نسيان الأحلام".

وتضيف لرصيف22: "دورة النوم الكاملة تستغرق 90 دقيقةً، ولا يحلم الشخص الذي ينام فترةً أقلّ، ولا يصل إلى مرحلة النوم العميق، ونسيان الأحلام أمر طبيعي يمكن أن تفرضه حياة الشخص أو طبيعته القلقة التي تجعله يستيقظ باستمرار، وقد يصل الشخص أحياناً إلى مرحلة النوم العميق ولا يتذكر حلمه لأن الحلم كان عاديّاً، في حين أن الكوابيس أكثر التصاقاً بذاكرة الأشخاص، ولكن لو ارتبط الموضوع بأعراض نفسية أو مرضية فيجب الاستعانة بمتخصص فمن ضمن الأسباب التي قد تؤدي إلى عدم الدخول في مرحلة نوم الأحلام تناول العقاقير وبعض المواد المخدرة والكحول".

وتحذّر إيمان من أن النوم المتقطع يعرّض الشخص للإصابة بمرض السكري والضغط وأمراض القلب، كما أنه يمنع القدرة على فقدان الوزن لأن مرحلة الأيض تحدث خلال النوم العميق.

الصحة النفسية والأحلام

تشدد باحثة الدكتوراه في الصحة النفسية سهى صبحي، لرصيف22، على أن الأمراض النفسية لها تأثير كبير على جودة النوم والأحلام، فالاكتئاب يمكن أن يؤثر على نمط النوم بشكل كبير، وقد يؤدي إلى تقليل مدة أو جودة مرحلة حركة العين السريعة، مما يؤدي إلى انخفاض في وتيرة الأحلام، والأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب قد يشعرون بأنهم لا يحلمون أو أن أحلامهم قليلة وغامضة.

وتوضح سهى أن التوتر والتفكير العميق والحالة النفسية للشخص قبل النوم، عوامل تؤثر على أحلام المرء ومدى وصوله إلى مرحلة النوم العميق.

من جهتها، تقدّم الدكتورة إيمان عبد الرحيم، بعض النصائح لتمكين الإنسان من الوصول إلى مرحلة النوم العميق: "قبل النوم علينا أن نبتعد عن الكافيين ونبتعد عن الشاشات أي الموبايل والتلفزيون بشكل تام، ويجب أن نتجنّب ممارسة الرياضة قبل النوم مباشرةً والنوم في إضاءة هادئة".

الأمراض النفسية لها تأثير كبير على جودة النوم والأحلام، فالاكتئاب يمكن أن يؤثر على نمط النوم بشكل كبير والأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب قد يشعرون بأنهم لا يحلمون أو أن أحلامهم قليلة وغامضة

وتنصح أن تكون هناك طقوس للنوم مثل الاستماع إلى الموسيقى والاستحمام، ومحاولة تثبيت موعد محدد للنوم حتى يعتاد الجسد على النوم في هذه الساعة ويتم تنظيم دورة النوم، وألا يتم استخدام السرير لأمور أخرى غير النوم، وتنصح في حال وجود مشكلة متعلقة بعدم الوصول إلى النوم العميق أو بالأرق المستمر أن تتم استشارة طبيب/ ة مختص/ ة.

وفي الختام، تشدد سهى على ضرورة الاسترخاء قبل النوم، من خلال ممارسة التأمل أو تقنيات التنفس العميق التي تساعد في الوصول إلى مرحلة النوم العميق والأحلام.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

خُلقنا لنعيش أحراراً

هل تحوّلت حياتنا من مساحةٍ نعيش فيها براحتنا، بعيداً عن أعين المتطفلين والمُنَصّبين أوصياء علينا، إلى قالبٍ اجتماعي يزجّ بنا في مسرحية العيش المُفبرك؟

يبدو أنّنا بحاجةٍ ماسّة إلى انقلاب عاطفي وفكري في مجتمعنا! حان الوقت ليعيش الناس بحريّةٍ أكبر، فكيف يمكننا مساعدتهم في رصيف22، في استكشاف طرائق جديدة للحياة تعكس حقيقتهم من دون قيود المجتمع؟

Website by WhiteBeard
Popup Image