منذ سنوات يتجه أبو زيد إلى عمله في محلّ الألبسة في العاصمة عمّان منذ الصباح ويبقى حتى منتصف الليل، منتظرًا الزبائن الذين يجيئون من المحافظات أو بعد إنهاء أعمالهم ليشتروا من عنده، وظل هذا روتين عمله اليومي حتى فوجئ بقرار غرفة تجارة عمان بتحديد ساعاتٍ لإغلاق المحلات التجاريّة.
يقول لرصيف22 "أنا ضد القرار لأنني في قطاع خاص ويجب أن أكون حرًا في مواعيد العمل".
قرار الإغلاق
مطلع الشهر الحالي أعلنت غرفة تجارة الأردن بدء تطبيق مواعيد محددة لإغلاق المحلات التجاريّة في عدد من القطاعات، بدءًا من شهر تشرين الأول/ أكتوبر المُقبل إذ ستُغلق شتاءً في الساعة التاسعة مساءً، وصيفًا في العاشرة.
واقتصر القرار على العاصمة عمّان، مع استثناء بعض القطاعات والأعمال، بينما ستتم دراسة جدواه كلَّ ثلاثة أشهر وإضافة المزيد من القطاعات.
هذا القرار جاءَ على خلفيّةِ دراسةٍ نُفذّت بالتعاون بين إدارة السياسات والدراسات في غرفة تجارة عمان ومركز الدستور للدراسات الاقتصادية، وأظهرت أن 60.2٪ من أصحاب المحلات التجارية يؤيدون فكرة تحديد ساعات العمل، بينما يعارض 24.5٪ هذا الإجراء.
وترى نسبة كبيرة من المؤيدين لتحديد ساعات العمل، أن أسباب ذلك تعود لاعتبارات اجتماعية من أجل إتاحة وقت أطول للعائلة والمناسبات الاجتماعية، ولتخفيف الحركة، وتوفير الطاقة وتخفيف الازدحام المروري.
أعلن الأردن أنه سيبدأ في تطبيق مواعيد محددة لإغلاق المحلات التجاريّة في عدد من القطاعات في العاصمة عمّان، بدءًا من شهر تشرين الأول/ أكتوبر المُقبل إذ ستُغلق شتاءً في الساعة التاسعة مساءً، وصيفًا في العاشرة. مع دراسة جدوى القرار كل ثلاثة أشهر وإمكانية توسيعه ليشمل مدناً أخرى
رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج صرّح سابقاً أنه سيتم دراسة القرار كل ثلاثة شهور بحيث يشمل قطاعات أخرى أو استثناء قطاعات أو تمديد مدد الدوام أو تقليلها، وذلك حسب التغذية الراجعة من قبل والتجار والمواطنين ووسائل الإعلام والموظفين ، ومن الممكن أن يمتد هذا القرار إلى مدن رئيسية أخرى مثل الزرقاء وإربد.
واستثنى القرار المناسبات والأعياد من ساعات الإغلاق، حيث سيكون الدوام في جميع القطاعات في الأعياد حتى ساعات متأخرة لتلبية حاجات المواطنين.
الأردن على خطى مصر
قرار إغلاق المحال التجاريّة كان قد طُبّق في جمهوريّة مصر العربيّة العام الحاليّ؛ إذ تغلق المحال في الساعة العاشرة مساءً مع وجود استثناءات في بعض الأعمال، وقد جاء هذا القرار في إطار ترشيد استهلاك الكهرباء.
وكما في الأردن، يتم تمديد التوقيت يومي الخميس والجمعة وفي أيام الإجازات والأعياد الرسمية، لتغلق الساعة الحادية عشرة مساءً، وبذلك يكون التخفيض ساعة واحدة فقط عن المواعيد الصيفية المعمول بها، غير أن الأردن لم يحدد وقت الإغلاق في أيام المناسبات.
صاحب محل ملابس: "أنا ضد القرار، لأنني أعمل في القطاع الخاص، ويجب أن أكون حرًا في تحديد مواعيد عملي".
وعن هذا يقول أستاذ تخطيط الطاقة في جامعة القاهرة محمد السبكي لـرصيف22: "هذا الإغلاق يمكن أن يعود بفائدةٍ اقتصاديّة على مستوى الدولة نتيجة تحديد مواعيد عمل المحال التجارية؛ بسبب تقليل الطلب على استيراد الوقود اللازم لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء".
ويستدرك بإمكانيّة وجود ضررٍ على شركات الكهرباء بسبب تقليل مبيعات الكهرباء، مشيرًا إلى ضرورة العمل على رفع كفاءة عمل محطات الإنتاج وزيادة أنشطة ترشيد استخدام الطاقة مع مراعاة ظروف كل منطقة عند تطبيق ساعات عمل محددة.
تخفيف أعباء ونوم مبكّر
أما الخبير والمحلل الاقتصادي للنفط والطاقة الأردني هاشم عقل فيقول لرصيف22 إنَّ تنظيم عمل المحلات التجاريّة والإغلاق في ساعات مُحددة يؤدي إلى تنظيم الحياة الاجتماعيّة والأسريّة للمواطن، قائلًا "هناك نوع من الاقتصاد في النفقات ونوع آخر من التوفير الإجباري وأيضًا هناك توفير في مصاريف المحروقات".
ويتابع بأنَّ عمل هذه المحال لفترات طويلة وساعاتٍ غير منتظمة يشجع الناس على الخروج وزيادة النفقات غير الضروريّة، كما أنَّ نتائج تطبيق هذه التجربة إيجابيّةٌ في دول العالم، لافتًا إلى أن التجربة المصريّة ليست مقياسًا لأنها حديثة مُقارنةً بغيرها من دول العالم.
ويوضح عقل أنَّ الدولة تستفيد من توفير استهلاك الطاقة وتخفيف الضغط على الخدمات الحكومية واستهلاك الكهرباء، مضيفًا "يعتاد المواطن على ساعات نوم أبكر تقلل مستوردات الحكومة من النفط والغاز بسبب تراجع الاستهلاك".
المقاهي غير مشمولة
من جانبٍ آخر يعمل عبدالله الجوهري في أحد مقاهي العاصمة عمان، ويقول لـرصيف22 إنَّ من الضروري شمول المقاهي بهذا القرار نظرًا للتأثير الكبير الذي يُشكّل العمل حتى بعد منتصف الليل على العاملين في هذا القطاع.
يعمل الجوهري ويدرس في الوقت نفسه، وهو ما أثّر بالسلب على حياته، وجعله يعتقد بأنَّه سيكون من الجيّد لو تعمل المقاهي حتى الساعة الحادية عشر والنصف ليلًا كأبعد تقدير.
وفي تغريدةٍ سابقةٍ نشر الإعلامي المصري مصطفى البكري حول إغلاق المحال بوقتٍ محدد أنَّ صديقًا أُردنيًا أخبره حول دمار السياحة والاقتصاد بسبب هذا القرار. قائلًا "هذه هي نتيجة القرار العشوائي الذي اتخذه رئيس الوزراء".
الأردن ليس أول بلد يتخذ هذا القرار، فقد سبقته مصر ولنفس الهدف وهو ترشيد استهلاك الطاقة، لكنه أول بلد يرى بأن من فوائد هذا القرار قضاء مزيد من الوقت مع العائلة، والتشجيع على النوم المبكر
وذلك قبل تطبيق القرار في الأردن الذي يستورد الكهرباء من مصر، إذ ترتبط الكهرباء المصرية بـ3 دول؛ ويجري تصدير الكهرباء إلى الأردن عبر خط بقدرة 550 ميغاواط وسط خطط لزيادة قدرات الربط الكهربائي إلى 1.1 غيغاواط، ومع السودان بقدرة 300 ميغاواط مع اتفاقيات لرفعها إلى 2000 ميغاواط، ومع ليبيا بقدرة 240 ميغاواط، وسط خطط لرفعه إلى 2 غيغاواط.
وهو ما يجعل من الغريب أن تقوم الأردن بتطبيق قرار الإغلاق، فيما يقول الحاج توفيق إنه يأمل أن يساهم هذا القرار بتخفيف الأزمة المروريّة في شوارع العاصمة.
وفي تصريحاتٍ صحافيّة قال الخبير الاقتصاديّ حسام عايش إنَّ إغلاق المحلات سينقل مشكلة الازدحام من فترات الذروة في المساء إلى فترات ذروة قبل الإغلاق خلال اليوم، الأمر الذي سترتب عليه نتائج تخالف التوقعات لهذا القرار.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 18 ساعةمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع