شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
أبعاد أزمة المياه في مصر وتداعيات سدّ النهضة (14)... إستراتيجيات متكاملة نحو الاستدامة (2)

أبعاد أزمة المياه في مصر وتداعيات سدّ النهضة (14)... إستراتيجيات متكاملة نحو الاستدامة (2)

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والبيئة

الثلاثاء 27 أغسطس 202401:48 م

تطرقنا في المقال السابق إلى الحلول المقترحة والإستراتيجيات المتكاملة للتعامل مع مشكلة ندرة المياه في مصر في العموم بشكل يحقق نوعاً من أنواع الاستدامة المرجوة. إذ أصبحت مشكلة المياه في مصر معقدة لأسباب كثيرة، تم تناولها بالتفصيل في مقالات سابقة، مما يتعذر معها وجود حل فردي قادر علي التعامل كلياً مع المشكلة. ولكن يجب العمل على مجموعة من المحاور بالتوازي ووضع إستراتيجيات مبتكرة لإدارة الموارد المائية المصرية الحالية وإيجاد بدائل مستدامة.

أول محور بدأنا في مناقشته كان يعمل على إيجاد مصادر مياه بديلة. فأوضحنا أن لا مناص من الاستثمار في إيجاد بدائل جديدة للموارد المائية لمصر. والبدائل المقترحة كانت، بدءاً بالبدائل الأقل في التكاليف، هي الأمطار والفيضانات، والمياه الجوفية، وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي، وتحلية مياه البحر، وإنشاء شبكات المياه وربطها بالدول الأخرى.

وناقشنا في مقالنا السابق كلاً من الأمطار والفيضانات، والمياه الجوفية، مع التطرق إلى أنواع الخزانات الجوفية في مصر وتحديداً الخزان الجوفي في وادي ودلتا النيل و خزان الحجر الرملى النوبي.

ونستكمل اليوم باقي الخزانات الرئيسية للمياه الجوفية في مصر: وهي خزان الصخور الجيرية المتشققة، وخزان المغرة الجوفي، الخزان الجوفي الساحلي، وخزان القاعدة المتشققة.

خزان الصخور الجيرية المتشققة

يمتد خزان الصخور الجيرية المتشققة من سيناء إلى ليبيا، ويحتل أكثر من 50% من مساحة مصر. ويسود بشكل أساسي في الأجزاء الشمالية والوسطي من الصحراء الغربية مكوناً هضبة شاسعة في الجنوب إلى ساحل البحر المتوسط شمالاً، ومن غرب حوض نهر النيل شرقاً إلى مشارف الهضبة، والتي تحيط بمنخفضات الواحات الخارجة والداخلة غرباً. 

 مشكلة المياه في مصر معقدة لأسباب كثيرة، مما يتعذر معها وجود حل فردي قادر علي التعامل كلياً مع المشكلة. لذا يجب العمل على مجموعة من المحاور بالتوازي ووضع إستراتيجيات مبتكرة لإدارة الموارد المائية المصرية الحالية وإيجاد بدائل مستدامة

وينقسم الخزان إلى ثلاث طبقات رئيسية أغلبها يسودها الحجر الجيري، بينما تتداخل معها طبقات من الصخور الرملية والطينية.

تتميز هذه الصخور بتشققات وفواصل طبقية مما يؤدي إلى زيادة المسامية والنفاذية. وتعتمد تغذية هذا الخزان بشكل أساسي على التسرب التصاعدي من طبقة المياه الجوفية من الحجر الرملي النوبي وأحياناً من الأمطار.

تتميز المياه الجوفية في هذا الخزان بارتفاع نسبة الأملاح المذابة فيها. حيث تستخدم مياهه للأغراض الزراعية والصناعية، وكذلك الشرب في بعض المناطق.

ولكن في بعض المناطق ترتفع ملوحة المياه مما يحد من استخدامه. تعتمد مصر على خزان الصخور الجيرية المتشققة كمصدر للمياه الجوفية، وقد تصل الكميات المسحوبة سنوياً منه إلي 2.5 مليار متر مكعب. ومع ذلك يعتبر أقل استغلالاً من مصادر أخرى، مع وجود قلق من استنزاف هذا الخزان وعدم استدامة استخدامه على المدى الطويل.

خزان المغرة الجوفي

هذا الخزان تهيمن عليه الرمال النهرية البحرية، ويشغل مساحة واسعة تقع إلى الغرب من دلتا النيل من الحافة الغربية للدلتا إلى منخفض القطارة، غرب طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي بمتوسط سمك يبلغ 300 متر. بينما يراوح سمكه من بضع عشرات من الأمتار على الجانب الشرقي إلى ما يقرب من 1000 متر على الجانب الغربي، أي بالقرب من القطارة وسيدي براني. 

يمتد خزان الصخور الجيرية المتشققة من سيناء إلى ليبيا، محتلاً أكثر من 50% من مساحة مصر. ويسود بشكل أساسي في الأجزاء الشمالية والوسطي من الصحراء الغربية، مع مياه عالية الملوحة.  

هناك الكثير من المصادر التي تعيد تغذية هذا الخزان مثل: التسرب من طبقة المياه الجوفية في دلتا النيل، التسرب من طبقات الحجر الرملي النوبي، مساهمة طفيفة من الأمطار. وتتدفق المياه الجوفية فيه بشكل عام من الشرق إلى الغرب. وقد يصل معدل استخراج المياه منه إلى 200 مليون متر مكعب سنوياً. وتزداد الملوحة فيه باتجاه الشمال والغرب. وهو ما يعتبر من الصعوبات التي تواجه الاعتماد على الخزان في هذا المكان.

الخزان الجوفي الساحلي

يوجد هذا الخزان في شكل جيوب متفرقة وينتشر في المناطق الساحلية. ويمتد في شمال أفريقيا والشرق الأوسط تحت كل من مصر وليبيا والسودان وتشاد. وفي مصر تحديداً يمتد الخزان بطول ساحل البحر المتوسط والبحر الأحمر، تحديداً من الحافة الغربية للدلتا وصولاً إلى منخفض القطارة.

هذه المنطقة تتألف من كثبان ساحلية ومن حواجز ورواسب الأودية والصخور الكلسية والرمال البحرية الضحلة.

تشغل هذه التكوينات السواحل الشمالية الغربية والشرقية، بما في ذلك منطقة مريوط إلى الغرب من الإسكندرية. كما توجد جيوب هذا الخزان في بعض المواقع على طول البحر الأحمر، وفي عيون موسى وأيضاً في منطقة سفاجا والقصير وحلايب في الصحراء الشرقية. وهو خزان متجدد وتتم تغذيته عن طريق سقوط الأمطار. إذ تتميز المنطقة الساحلية للبحر الأبيض المتوسط (حوالي 10000 كم2) بارتفاع معدل هطول الأمطار نسبيًا (حتى 200 ملم / سنة).

خزان صخور القاعدة المتشققة

يوجد هذا الخزان في الصحراء الشرقية وسيناء. ويمثل مصدر مياه هاماً في الجزء الجنوبي من الصحراء الشرقية. وهو مصدر يتميز بإنتاجيته العالية وعمقه الضحل، مما يسمح باستخراج كميات كبيرة من المياه بتكلفة ضخ منخفضة. ولذلك، يعتمد عليه البدو المقيمون في هذه المناطق، حيث يقومون بحفر آبار يدوية عديدة.

ومع ذلك يظل هذا المصدر الأقل استكشافًا واستغلالًا في مصر. كما يتأثر هذا الخزان الجوفي بمجموعة من العوامل مثل الفوالق والسدود التي تعيق حركة المياه الجوفية في بعض الأحيان في هذه المناطق.

تتم تغذية طبقة المياه في الصحراء الشرقية وجنوب سيناء بكميات صغيرة من مياه الأمطار المتسرية عبر الشقوق الموجودة في تلك الصخور، وكذلك على التسرب من خزان الحجر الرملي النوبي. وتراوح جودة مياهه من عذبة إلى معتدلة الملوحة في الجزء الشمالي من الصحراء الشرقية. ولكن تظل إمكانيات هذا الخزان محدودة، لذا لا يمكن الاعتماد عليه بشكل دائم أو مستدام. 

يمثل خزان صخور القاعدة المتشققة مصدراً هاماً للمياه في الجزء الجنوبي من الصحراء الشرقية. ويتميز بإنتاجيته العالية وعمقه الضحل، مما يسمح باستخراج كميات كبيرة من المياه بتكلفة ضخ منخفضة. لذا يعتمد عليه البدو في تلك المناطق بحفر الآباء اليدوية

بعد دراسة أهم خزانات المياه الجوفية المصرية يتضح أنه يمكن للمياه الجوفية كمصدر أن تساهم بتوفير بعض كميات المياه من أجل الأستخدامات المتعددة، سواء المساهمة في الإنتاج الزراعي، لري المحاصيل أو تربية الماشية، أو في أغراض أخرى مثل الاستخدامات المنزلية والصناعية.

لكن في النهاية، يجب توضيح أن كمية المياه الجوفية المصرية لا يمكن الاعتماد عليها كبديل بشكل كامل، ولكنها تفي بتلبية بعض المطالب والاستخدامات للأغراض المختلفة. وسنناقش في المقال المقبل بدائل أخرى لمصادر المياه.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image