شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
أصطادك مثل عنكبوت، ألفّ حول رقبتك مصيري

أصطادك مثل عنكبوت، ألفّ حول رقبتك مصيري

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مجاز نحن والتنوّع

السبت 10 أغسطس 202412:16 م

تصميم حروفي لكلمة مجاز

 عين واحدة لا تغطيها مرآة بحجم الكون

فأين أنت مما يحدث داخلك؟

العدو يسكن وجوهنا

في منتصف جبهتي عين، وفي أول الربيع تنضمّ لها أخرى، سأجد لها مكاناً في تفاصيل وجهي، وشيئاً أكثر زرقة تراه في هذه المدينة، وليلاً أقل هشاشة من عتمة، تتفتت كلما لمستها يد، هذه اللمسة تعني أن أحدهم مرّ من هنا، أحدهم أهتم أن يضيء مصباحاً أو يشعل المتبقي من حطب حياته، وترك أثراً.

لكني أقف على الحياد، أريد ليلاً ساكناً وثقيلاً، يذهب بنظراتي إلى قلب الأشياء، إلى ما بعد رائحة الخوف، إلى الدماء الساخنة التي تنتظر أن يفتح لها باباً، كوة في جلدها السميك، ويتطلع إلى رجفتها من خلال جرح، ويطلقها، تسيل إلى أن تجف، فتحملها الريح إلى بيتي.

على الكاميرا التي تراقب تعثري في حياتي، أن تمهلني بضعة أيام؛ ربما أقتني عيوناً أخريات، وفماً أكثر اتساعاً من جوع تخلّفه رائحة فريسة وقعت في شباكي.

تقول أمي إنني سأصير عنكبوتاً ناجحاً، وريثها الأمثل ونجمها الذي لم تسقطه المقشات ولا محاولات التنظيف المستميتة لربات البيوت، طالما أهتم بشؤوني الخاصّة، شؤوني فقط... مجاز

طعام الأمهات

تقول أمي إنني سأصير عنكبوتاً ناجحاً، وريثها الأمثل ونجمها الذي لم تسقطه المقشات ولا محاولات التنظيف المستميتة لربات البيوت، طالما أهتم بشؤوني الخاصّة، شؤوني فقط؛ عشت أسيراً لحنوها البالغ ورقتها، عارفاً بفطنتها وهي تتطلع إلى ذكر قوي تختاره، يجيد الغزل ويضيف لأسمها لقباً قاتلاً ولأولادها أفضل الصفات، حتى بعدما أمضى عمره وهو يذكرها أنه رجلها وليس فريسة. إنها حب حياته الأخير، لم تكن ترى شيئاً في ملامحه إلا الجوع لوجبة جاهزة، لهذا نسيت ذكورته وهي تمزق لحمه في ليلة زفافهما، لم تنل لحظة حب إلا في ملابس الحداد.

هناك طرق أخرى للهجر

كأن يسأل أحدهم زوجته عن خزينتها الفارغة

فتقول: شعرت أن الحقائب بردانة

تركت لها كل ملابسي

وسأخرجها الآن إلى الشمس.

استئناف الحياة

امرأة مثابرة، حملتني وأخواتي فوق ظهرها دون كلل أو شكوى، شجاعة وهي تمضي بثقلها وجوعها الذي لا يهدأ طوال أيام، لتطلق كيس أحلامها في المكان المناسب، وتهرب. كانت سيدة ترى المستقبل من ثقب إبرة، وفي بريق الحياة حين يخفت في عيون الفرائس؛ لذا كنتُ موقناً وأنا ألتهمها أنني أكتسب كل الخبرات، التي طالما أخفتْها عني في لحمها الطري، اللذيذ.

لم يكن ضرورياً أن تقلق

النساء يمضين إلى زينتهن

ووحدها ستبقي

تلعق صورته في المرآة

وتعد الغبار وجبته الدسمة

حين يموت.

آه لو تعلم كم تكلّف الطعنات الخاطئة
كلّ سكين من جهد وألم

القدر الذي يراقب من أعلى

مررت بأوقات أكثر من هذه وحدة ، وفي سقيفة الحظائر، وتحت أبراج الكنائس، وفي رؤوس المآذن وداخل عيون التماثيل التي تتمشى في الميادين، وبين صفحات الكتب، حتى تحت فساتين المراهقات عشت لحظاتي المميزة، أغزل شباكي وأتلصّص على الحياة، دون أدنى عاطفة، بفضول، وثقة العارف الذي ينتظر أن تحقق نبوءاته هدفاً، خسارته فادحة وأكثر مأساوية من المتوقع، طالما تأملت القبلات وهي تنزوي بين الأسنان المكسورة لعاشق وهو يبتسم لحبيبته دون أن تعيره نظرة أو تزين صباحه ببعض الورود والنور.

في كل مكان

وبلا مناسبة

تبدو الحياة

مثل خلة تنظيف الأسنان من العالق بها

لكنها بدلاً من ذلك

تستخدم في وخز الفرائس

لتشعرهم أنهم لا يزالون أحياء

في عتمة فم.

مررت بأوقات أكثر من هذه وحدة ، حتى تحت فساتين المراهقات عشت لحظاتي المميزة، أغزل شباكي وأتلصّص على الحياة، دون أدنى عاطفة، بفضول، وثقة العارف الذي ينتظر أن تحقق نبوءاته هدفاً، خسارته فادحة وأكثر مأساوية من المتوقع... مجاز

خطط تبادل المنفعة

كنت أخضّب وجهي بالنور؛ لأدرك أن الشّمس نفسها مرّت بمُزارعي القطن على الجهة الأخرى، وأعانت اليرقات الضعيفة في مضغ لوزاته ثم في التهام بعضها الآخر في وقت قريب، هكذا لا ينفد الطعام وتجدّد الشمس عهدها لهذا الكوكب القاتل.

كنت أنظر إلى أبعد من هذه اللحظة العابرة، أرى المستقبل ينسخ خيوطه بالمتبقي من الخوف والأمل في نعوشنا، يقف الفلاح دائماً على أرضه يمد فأسه إلى الأرض ويسألها المزيد من الطعام والدود والقبور.

شيء ما عادل في حكاية تبادل المنفعة هذه؛ طالما الملك يرتدي سروالاً ممزّقاً على مؤخّرته وينزّه نظراته في وجوهنا الشاحبة ويمني نفسه بإطلالة مدهشة تخطف الأنفاس، وامرأته الجميلة تقف إلى جانبه، في شرودها الآسر، تبيح لصدرها فرجة تتأملها عيون الفلاحين ببعض التنهّدات والأسى.

حتى في أحلام بستاني قصرها هناك حدساً من العدالة، كلما تمنى خلوة معها وتوسل إلى كل وردة يرسلها لها أن تقرأ عليها أشواقه: آه لو كنا معا في الحظيرة أو حتى في ورق الكوتشينة بعد غياب الشمس والدائنين والإصلاحيين من فوق كتفي، سأكون ملكك وأنت مملكتي.

لا شيء يستحقّ هذا الهوان

وهذا الحب،

الملك يمسك المطرقة في النهاية

ويريح عظام العساكر والخيول

من أنين الحياة

 أثناء التتويج.

كتاب الحواس

أعيش كما تقول الكتب، بعيون واسعة وشرهة، تقتات على أقل حركة وتسعى خلف كل التفاتة تلوث نظراتها بالأرق، ولكي يمضي الوقت خفيفاً وآمناً، أقنعت نفسي منذ البداية أن بعض هذه الرؤى ليست إلا خللاً ضئيلاً في مخيلتي وبعض هدايا الأحلام، وأن جسدي سكنت فيه حيوات كل من ألتهمهم، وأنني أسست عالماً من الحواس التي هجرت أصحابها لتحيط بجلدي مثل ثوب ناعم وشفيف.

أحياناً تطاردني أنا أيضاً الفرائس في غفوتي، تتوصل أن أجهز عليها ببساطة وسرعة وحنو، فأشعر حينها بغبن فنان يشكو عدم فهم جمهوره لقطعه البديعة الحالمة التي تتمطى في أكياس نومها... مجاز

بتراكم هذه الحواس أزعجت عيني بذكريات عن فرائس أمضت يومها بين الأزهار تطارد رحيقها بابتسامات لزجة، وأخرى تتودّد إلى ظلها فوق صفحة الماء كأنها في وصلة غزل متناسق لا ينتهي إلا بموت أحدهما، والتي أرهقتني حقا كانت لفراشة ترفرف بأجنحتها فوق شفتي كل حسناء، فتلاحقها الصبايا إلى الغابة إلى أن ينتهي بها الأمر بين يدي حطاب، تستجديه أن يقطعها بلطف، دون ألم.

لا احتسب لخطواتي

ولا لبقايا أنفاسك

لا ماذا قرأت لتبكي

وماذا صنعت لك الحياة لتستمر في الكآبة

أنا أعرف ماذا يفعل بنا الحزن

وماذا يرى الغريق قبل أن يغمض عينيه

لا مبرر للنجاة

أصرخ

معي

هكذا يكون وقع الصمت أوضح.

أكذوبة الموت الرحيم

أحياناً تطاردني أنا أيضاً الفرائس في غفوتي، تتوصل أن أجهز عليها ببساطة وسرعة وحنو، فأشعر حينها بغبن فنان يشكو عدم فهم جمهوره لقطعه البديعة الحالمة التي تتمطى في أكياس نومها، والنكران الذي لا يغفره نعاسها الهادئ داخل خيوط الكفن الذي غزله لها، ورغم هذا الخذلان لا أتصور أن حياتي الأكثر عزلة وكآبة كما يقولون، فحين أتأمل بيتي الآن أجده متحفاً لروائع محنطة زينتها لمسة إله.

رصاصة في القلب

استثمار طويل الأجل

آه لو تعلم كم تكلف

الطعنات الخاطئة

كل سكين

من جهد وألم.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image