شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
ماذا نعرف عن

ماذا نعرف عن "سفينة نوح الجديدة" التي ستنقذ نتنياهو وأسرته من إيران؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتطرف

الخميس 8 أغسطس 202401:18 م
Read in English:

“Modern Noah’s Ark”: What do we know about Israel’s secret bunker in the Jerusalem Mountains?

على خلفية اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة "حماس"، إسماعيل هنية، في طهران، وتأهّب إيران للردّ على العملية التي وقف وراءها الموساد، انشغلت دوائر الأمن الإسرائيلي، في سابقة هي الأولى من نوعها، بتجهيز المخبأ السرّي القابع في باطن جبال القدس، وتحويله إلى غرفة عمليات، يدير منها نتنياهو ووزراؤه حرباً وشيكةً، ربما تواجه فيها إسرائيل إيران و"حماس" و"حزب الله"، في آن واحد معاً.

ترك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأجهزته حرية اختيار غرفة العمليات الأنسب، لا سيما في ظل المفاضلة بين مخبأ جبال القدس، المعروف "كودياً" في إسرائيل بـ"سفينة نوح الجديدة"، ونظير تقليدي له في باطن أرض وزارة الدفاع في مدينة تل أبيب، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت". لكن تقريراً آخر نشره موقع "والَّا" الإسرائيلي، ذهب إلى أبعد من غرفة العمليات، ونقل عن حاشية رئيس الوزراء الإسرائيلي، اعتزام عائلته (الزوجة سارة والابن يائير)، الانتقال إلى مخبأ في باطن أرض وزارة الدفاع حال اندلاع حرب مع إيران.

إلا أن تقارير أخرى بثتها قناة "أخبار 12" الإسرائيلية، أكدت أن يائير نتنياهو الذي يقيم حالياً في إسرائيل بعيداً عن مقر إقامته في ميامي في الولايات المتحدة، يصرّ على الانتقال ووالدته ووالده إلى مخبأ جبال القدس، إذ "تتخوف أسرة رئيس الوزراء الإسرائيلي من تهديدات إيرانية صريحة ضد نتنياهو، ومنها ما نقلته وسائل إعلام عن عضو في البرلمان الإيراني، جاء فيها: ‘لن نرضى بأقل من رأس نتنياهو’". وبحسب تقرير محلل الشؤون السياسية إيهود يعاري في القناة الإسرائيلية، ذكرت صحيفة مرتبطة بالمرشد الأعلى في إيران، أن الردّ الإيراني سيستهدف "مقارّ إقامة القادة المجرمين".

منذ اغتيال إسماعيل هنية، انشغلت دوائر الأمن الإسرائيلي، في سابقة هي الأولى من نوعها، بتجهيز المخبأ السرّي القابع في باطن جبال القدس، وتحويله إلى غرفة عمليات، يدير منها نتنياهو ووزراؤه حرباً وشيكةً. ماذا نعرف عنه؟

ضد الزلازل والنووي والكيميائي والبيولوجي والسيبراني

وتميل أكثرية قادة المنظومة الأمنية الإسرائيلية إلى التعويل، في تأمين نتنياهو وأسرته، على مخبأ جبال القدس، وهو مجمّع تطلق عليه حكومة إسرائيل بعيداً عن التسمية "الكودية"، "المركز الوطني لإدارة الأزمات" (NCL)، وهو محصَّن ضد أي خطر محتمل بما في ذلك الزلازل، والتهديد النووي، والتقليدي، والهجوم الكيميائي أو البيولوجي، وبالطبع الهجوم السيبراني. وقبل نحو ست سنوات، دعا نتنياهو مرات عدة مجلس الوزراء إلى الاجتماع في المخبأ ذاته، لكن ذلك كان وقت السِلم وليس في زمن الحرب.

وقررت إسرائيل تدشين "سفينة نوح المتطورة"، في إطار الدروس المستفادة من "حرب لبنان الثانية" عام 2006، بحسب الكاتب الإسرائيلي إيتمار آيخنر، إذ تم إسناد تنفيذ المشروع الضخم الذي كلَّف مليارات الدولارات إلى وزارة الدفاع، وتضمن بناء غرف نوم، وصالات عمل واسعة، وقاعة طعام كبيرة، وقاعات اجتماعات، بالإضافة إلى مكاتب لمختلف المناصب الضرورية. وحظرت إسرائيل تسريب أي معلومة تتعلق بمستوى عمق المخبأ، وعدّته سرّاً لا يقلّ أهميةً عن الأسرار النووية، لا سيّما بعد تخصيصه لإدارة الشؤون الإسرائيلية كافة وقت الطوارئ.

وفيما يقع ما يربو على 90% من مبنى المخبأ السرّي في باطن أرض جبال القدس، تفيد تسريبات عبرية بأن دخول المبنى يعتمد على مصاعد واسعة. ويؤكد التسريبات مصدر موجود في المجمع، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بقوله: "إنها مصاعد سريعة للغاية، فعند الهبوط إلى أحشاء الأرض، تشعر كما لو أنك تعيش أحداث فيلم خيال علمي. داخل المقر، تنعزل تماماً عن العالم الخارجي، ولكن من دون اختناق أو رهاب الأماكن المغلقة. وعلى عكس مقرّ ديوان الحكومة، لن يتمكن الوزراء من اصطحاب مساعدين أو مستشارين إلى المخبأ، لذا، فأنت وحدك تماماً".

وتحول تجهيزات "المركز الوطني لإدارة الأزمات"، دون تسريب المداولات الحكومية السرّية، التي اشتكى منها نتنياهو غير مرة في السابق، إذ تنعدم فور دخول المخبأ شبكات الاتصالات الهاتفية الخلوية، فضلاً عن استحالة البثّ، وتالياً انعدام إمكانية التنصّت على المناقشات. أما بالنسبة للمسؤولين الأمنيين، روَّاد الـ"NCL"، فالمكان معقَّم بنسبة 100%. ووفق الإجراءات المرعية في حالات الطوارئ، من المفترض أن تتواجد حكومة إسرائيل وهيئات مدنية مختلفة في المخبأ حال اندلاع حرب شاملة، ربما تتعرض فيها إسرائيل لهجوم صاروخي أو نووي.

خطط إيرانية لتصفية شخصيات إسرائيلية... ونتنياهو في المقدمة

في 2007، كانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أول من كشف عن مواصفات المخبأ السرِّي في أعماق جبال القدس، وأول من روَّج لاسمه "الكودي" "سفينة نوح الجديدة"، لكن الرقابة العسكرية الإسرائيلية فرضت منذ ذاك التاريخ حظراً على نشر أي بيانات تتعلق بالمجمّع، وتركت بذلك فرصةً كبيرةً لعمل هادئ، استغرق سنوات عدة، ليشمل تخطيط وتدشين البنية التحتية، التي تضاهي "المدن الأمنية" في الولايات المتحدة.

قررت إسرائيل تدشين "سفينة نوح المتطورة"، في إطار الدروس المستفادة من "حرب لبنان الثانية" عام 2006، بحسب الكاتب الإسرائيلي إيتمار آيخنر، إذ تم إسناد تنفيذ المشروع الضخم الذي كلَّف مليارات الدولارات إلى وزارة الدفاع. مم تتكون؟ وما الهدف منها؟

ويعزو مراقبون في تل أبيب تفضيل مخبأ جبال القدس على غيره، إلى تحسُّب أمني من اعتماد إيران و"حزب الله" خطط تصفية شخصيات إسرائيلية في طليعتها بنيامين نتنياهو، انتقاماً لاغتيال مسؤولين في حماس و"حزب الله"؛ لا سيما مع امتلاك الأخير، وكذلك إيران، صواريخ بالغة الدقة في إصابة الهدف، ومع كثرة تحركات نتنياهو خلال الآونة الأخيرة، وتحديداً منذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وتفيد تسريبات استخباراتية إسرائيلية بأن نتنياهو يتنقَّل في إقامته بين مقر إقامة رئيس الوزراء في شارع غزّة في القدس، وشقّته في شارع "بورتسيم" في المدينة ذاتها، والفيلا التي يمتلكها في منطقة قيسارية، وفيلا صديقه الملياردير سيمون باليك في "تلفيوت" (حي في القدس الغربية)، التي أقام فيها وأسرته خلال ردّ إيران العسكري السابق على إسرائيل، ومنزل صديقه المقرب جاك جلتلر، بالإضافة إلى إقامته أحياناً في فندق آخر لم يتم الكشف عن اسمه أو مكانه. وتؤكد التسريبات أن فيلا الملياردير سيمون باليك، تحتوي على مخبأ تحت الأرض محصَّن ضد الهجمات النووية.

وتنقل صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن أحد الذين زاروا "سفينة نوح الجديدة"، وهم قلّة، قوله: "عند التجول في المكان، تشعر بقدر كبير من الرهبة والانقباض. من هنا يدير نتنياهو والقادة دولةً تشتعل". وخلال العدوان الإسرائيلي على غزّة، المعروف بـ"العصف المأكول"، عام 2014، أصدر قادة إسرائيل أوامر بأكثر من عملية عسكرية في القطاع من داخل مخبأ جبال القدس، ويقول أولئك الذين زاروا المقر السرِّي في الماضي "إنه مبنى مثير للإعجاب، يبدو كما لو كان غرفة عمليات حربية متطورة، تحتوي على العديد من الشاشات ومواقع التحكُّم. أما مكاتب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، فتقع بجانب غرفة الاجتماعات الرئيسية".

أعداء نتنياهو الثلاثة الأكثر خطورةً من إيران وحماس

وبرغم القلق الإسرائيلي البالغ، وحمَّى توتر انتظار ردّ إيران ووكلائها على اغتيال هنية في طهران، وكذلك تصفية القيادي في حزب الله فؤاد شكر، إلا أن دوائر سياسيةً وأمنيةً في تل أبيب تقلّل من خطورة إيران وحزب الله وحماس، وكذلك الحوثيين على رئيس الوزراء الإسرائيلي، إذا ما قورنت بخطورة 3 شخصيات إسرائيلية عليه. وحدد الكاتب الإسرائيلي، الخبير في الملفات الأمنية، آفي يسسخاروف الشخصيات الثلاثة بـ"وزير الدفاع يوآف غالنت، ورئيس جهاز الأمن العام الشاباك رونين بار، ورئيس أركان الجيش هارتسي هاليفي".

وكشف يسسخاروف النقاب عن أن نتنياهو اعتزم بالفعل إقالة الشخصيات الثلاثة من مناصبها، فور عودته إلى إسرائيل من إلقاء كلمة أمام الكونغرس الأمريكي، لكن عملية سقوط قذيفة صاروخية في ملعب كرة قدم في بلدة "مجدل شمس" في الجولان، اضطرته إلى التراجع مؤقتاً عن القرار.

وفي تقرير آخر نشرته قناة "كان 11" الإسرائيلية، أوضح المحلل السياسي طال شيلو، أنه بعد إرجاء قرار نتنياهو، تبلورت حملة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، يقودها "وكلاء رئيس الوزراء" للنيل من الشخصيات الأمنية الثلاثة والدعوة إلى إقالتها. بالطبع، حرَّض نتنياهو أنصاره على تسويق مسؤولية غالنت وهاليفي وبار، عن أكبر فشل أمني في تاريخ إسرائيل، قاصداً بذلك الإخفاق في توقّع عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.

ويتساءل الكاتب الإسرائيلي ساخراً: "فجأةً اكتشف نتنياهو خطورة الشخصيات الأمنية الثلاثة على أمن إسرائيل؟!"، ويردّ على تساؤله: "أعطى رئيس الوزراء الإشارة للوثوب على عدوّه الحقيقي، وبالطبع هذا العدوّ ليس إيران، ولا حزب الله، ولا حتى حماس، وإنما هو غالنت وهاليفي وبار بالإضافة إلى رئيس الموساد دافيد بارنيع".

حرب كبرى تشمل إسرائيل ودول المنطقة والولايات المتحدة

وبرغم علم الشخصيات الثلاثة بمسؤوليتها عن إخفاق اقتحام مستوطنات غلاف قطاع غزّة، وتلويحهم قبل ذلك بتقديم الاستقالة فور انتهاء الحرب، لكن نتنياهو، بحسب الكاتب الإسرائيلي، يرفض أي إرجاء للخطوة، لا سيما في ظل المعارضة التي ينالها من الثلاثة، ومن رئيس الموساد على خلفية معارضته لبنود مشاريع الاتفاقات على طاولة التفاوض مع الوسطاء بخصوص أزمة الرهائن الإسرائيليين والحرب في غزّة بشكل عام.

زعم نتنياهو، وفقاً لتسريبات التقرير الإسرائيلي، بأنه "مع اندلاع هذه الحرب الكبرى، فإنها ستجبر الجميع على الجلوس حول طاولة واحدة، للقبول بتسوية شاملة تتضمن حق إسرائيل في الوجود والاعتراف بها من قبل الجميع، مقابل السلام الشامل لجميع الأطراف"

ولا تعترض الشخصيات الثلاثة، ومعها رئيس الموساد، على نتنياهو في ملفات الرهائن وغزّة فقط، وإنما في توسيع دائرة المواجهة مع إسرائيل، وتصعيدها إلى حرب إقليمية شاملة، ويؤكد ذلك تقرير نشره موقع "نتسيف" الإسرائيلي، حين أزاح الستار عن خطط ونوايا رئيس الوزراء الإسرائيلي في هذا الخصوص، وتسريبه إياها أمام وفد من كبار مسؤولي اللوبي اليهودي الموالي لإسرائيل في الولايات المتحدة "إيباك"؛ فبعد إلقاء كلمته الأخيرة أمام الكونغرس، قال أمام الوفد اليهودي: "لقد حان وقت الحرب الكبرى، وهذا لا يعني فقط إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران وحلفائها، بل كل دول المنطقة، ومنها دول عربية وخليجية وتركيا ودول أفريقية".

وزعم نتنياهو، وفقاً لتسريبات التقرير الإسرائيلي، بأنه "مع اندلاع هذه الحرب الكبرى، فإنها ستجبر الجميع على الجلوس حول طاولة واحدة، للقبول بتسوية شاملة تتضمن حق إسرائيل في الوجود والاعتراف بها من قبل الجميع، مقابل السلام الشامل لجميع الأطراف".

على الجانب الآخر، يعي المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون الثلاثة، ومعهم رئيس الموساد، وكذلك الإدارة الأمريكية، رغبة نتنياهو في إطالة أمد الحرب على غزّة، وتوسيعها لتصير حرباً إقليميةً، لتفادي المساءلة عن إخفاقات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزّة، وكذلك خضوعه للمحاكمة في قضايا فساد سبق أن أدين فيها. وجاءت تلك التقديرات على لسان وفد أمريكي زار إيران سرّاً قبل أيام، وحاول تحييد رد الفعل الإيراني المرتقب، أو ربما امتصاص تصعيد قد يخرج عن السيطرة، بحسب موقع "نتسيف" الإسرائيلي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image