شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"شعرت بسموم تتسرّب إلى داخلي"... إسرائيل تشوّه الأجنّة في أرحام غزيّات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 7 أغسطس 202412:42 م
Read in English:

“I felt poison seeping into me”: Israel mutilates the fetuses of Gazan women


مش ع الهامش

منذ ولادتها في مارس/ آذار 2024، تعاني الرضيعة زينة السيد من شمال قطاع غزة تشوهات خلقية في منطقة الحوض تعيق نموها السليم.

أثبت الفحوص الطبية التي أجراها والد زينة، التي جاءت إلى حياتهما بعد 6 سنوات من زواجهما، أن السبب إعاقة نموها هو تعرض والدتها رغدة السيد (28 عاماً) للغازات السامة والدخان الناتج عن الاستهدافات الإسرائيلية خلال حرب الإبادة المستمرة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

"خلال شهور الحمل الأخيرة، نزحت نازحة في مدرسة تابعة لوكالة الغوث بمخيم جباليا شمالي القطاع"، تقول رغدة لرصيف22.

وتردف: "تم استهدافنا أكثر من مرة بقنابل دخانية سامّة. وفي إحدى المرات، انفجرت قنبلة داخل الفصل الدراسي الذي كنت أمكث داخله مع عائلتي، فاستنشقت دخانها مباشرة، ولمدة طويلة".

واستعملت إسرائيل خلال حربها المتواصلة على غزة قنابل سامة متعددة، نتج عنها تشوهات في الأجنة والمواليد الجدد، بحسب ما يقول عضو لجنة الطوارئ الصحية في غزة معتصم صلاح، لرصيف 22.

و"الفسفور الأبيض" يعدّ من أخطر الأسلحة التي استعملتها إسرائيل في حربها، وهو معروف بأنه سلاح سام ويترك آثاراً خطيرة على الجهاز التنفسي والجسد بشكل عام، بحسب صلاح.

كما يعدّ من الأسلحة الحارقة المحرمة دولياً، حسب اتفاقية جنيف لعام 1980. إذ يحتوي على مادة كيميائية تشبه الشمع وتكون عادة صفراء اللون وتظهر بلون أبيض كثيف. وعندما يتفاعل الفسفور مع الأكسجين يشتعل ويحترق، فينتج عنه دخان ضار.

الجيش الإسرائيلي يلقي الفسفور الأبيض صوب ميناء غزة

"شعرت بسموم تتسرّب إلى داخلي"

تصف رغدة لحظات تعرضها للدخان: "شعرت بسموم تتسرب إلى داخلي. ولم أستطع منعها، إذ لم تتوفر في مركز الإيواء حينذاك أية وسيلة للحماية من القنابل الدخانية التي يستعملها الجيش الإسرائيلي".

كانت رغدة على يقين بأن الدخان الذي استنشقته سيؤثر على الجنين. "خفت من أن أفقده في أي لحظة. حتى جاءت لحظة الولادة ووضعت ابنتي مشوهة"، تقول.

يصعب على رغدة تقبل فكرة تعايش طفلتها مع الإعاقة والتشوه طوال حياتها.

وتوضح أنها انتظرت قدومها لهذه الحياة ست سنوات، كانت تعد فيها الأيام لاستقبالها بأفضل حال وصحة. لكنّ إسرائيل حرمتها تلك الفرحة، كما تقول.

وتتابع: "نظراً لوضعها الحالي، تحتاج زينة إلى رعاية خاصة واهتمام بالغ حتى لا تتفاقم الحالة. وفي ظل ظروف الحرب المستمرة، يبدو هذا مستحيلاً".

تتمنى الأم أن تنتهي الحرب الإسرائيلية في أقرب وقت حتى تتوقف معاناة الناس والأمهات. وتقول: "لقد مرّت عليّ حالات كثيرة لأطفال خلقوا مشوّهين بسبب حروب سابقة واستنشاق أمهاتهم للغازات السامة والدخان خلال فترة الحمل. 

فسفور أبيض وقنابل سامة قرب خيام النازحين جنوب القطاع

أمل المصري (33 عاماً) من بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة. فوجئت هي الأخرى من معاناة رضيعها من خلل في النمو منذ أن وضعته في مايو/ آيار 2024.

دخلت أمل في حمل في آب/ أغسطس 2023. وكانت تظن أن الأمور ستمضي على طبيعتها كما حدث في ولادة أطفالها الثلاثة السابقين.

"لكن الحرب جاءت وجلبت معها معاناة لرضيعي الذي اسميته "سعد"، أملاً في أن تكون أيامه أسعد من هذه الأيام"، تقول أمل لرصيف22.

وتضيف أنها بدأت تلاحظ علامات غريبة على "سعد" بعد أسابيع من ولادته. فحملته إلى المستشفى، ليتبين أنه يعاني من "ارتفاع معدل المعادن الثقيلة في الدم" وهو ما يؤدي لبطء في النمو بحسب ما قال لها الأطباء.

ورجح الأطباء أن سبب الإصابة يعود لما استنشقته الأم، التي اضطرت للنزوح برفقة عائلتها لمدينة غزة في بداية الحرب، من غازات سامة وأتربة وغبار ناتج عن القصف الإسرائيلي.

قنابل حارقة تنتج غازات سامّة

ولادة في منظومة صحيّة منهارة

"يجب على النساء في فترة الحمل أن يلتزمن حمية غذائية معينة ويتلقين رعاية خاصة حتى موعد الولادة، ليكون الجنين سليماً. لكن ذلك كله غاب في الحرب، وهو ما رفع حالات التشوه بين المواليد الجدد"، يؤكد معتصم صلاح.

ويتابع "الجيش الإسرائيلي يستعملنا كحقل تجارب لأسلحته المحرمة دولياً ويستخدم في غزة مختلف الأنواع دون رقابة أو خوف من المحاسبة. وهذا ما يسبب آثاراً كارثية على حياة الغزيين والغزيّات".

ويوضح صلاح "حالات التشوهات الخلقية بين المواليد الجدد موجود في غزة. لكن وزارة الصحة لا تستطيع أن تقدم أرقاماً دقيقة عن عددها لأن المنظومة الصحية داخل القطاع منهارة بفعل الحرب".

ويضيف: "إن سياسة الاحتلال في الفصل بين الشمال والجنوب وقطع الاتصالات والإنترنت، صعب عملية التواصل بين المستشفيات ووزارة الصحة، فصارت عملية الرصد فائقة الصعوبة، حتى لأعداد وأسماء الشهداء".  

الجيش الإسرائيلي يستعملنا كحقل تجارب لأسلحته المحرمة دولياً ويستخدم في غزة مختلف الأنواع دون رقابة أو خوف من المحاسبة. وهذا ما يسبب آثاراً كارثية على حياة الغزيين والغزيّات

قنابل دخانية فوق مراكز الإيواء

أسلحة محرمة دولياً

ألقت إسرائيل منذ بداية حربها على غزة أكثر من 80 ألف طن من المتفجرات. وكانت هذه الأطنان كفيلة بأن تؤدي إلى دمار هائل في الوحدات السكنية والبنية التحتية، وترك مخلفات حربية ألقت بظلالها على الصحة العامة للسكان.

يقول محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني، لرصيف 22 إن "الاحتلال يستعمل خلال حربه على غزة أسلحة وصواريخ وقنابل غريبة على القطاع الطبي المحلي، ولم يسبق أن تعامل مع مثلها في حروب سابقة". مؤكداً أن "هذه الأسلحة تُنتج انبعاثات سامة وتحدث تشوهات في الأجساد بطرق بشعة. فمن الطبيعي أن تؤثر على الأجنة والحوامل أيضاً".

كانت رغدة على يقين بأن الدخان الذي استنشقته سيؤثر على الجنين. "خفت من أن أفقده في أي لحظة. حتى جاءت لحظة الولادة ووضعت ابنتي مشوهة

ويشير بصل إلى أثر آخر لتلك الأسلحة وهو "محق جثامين الشهداء واختفاء أثرها". لافتاً إلى أن "طواقم الدفاع المدني استنتجت خلال عملها الميداني، أنه لا يظهر لعدد من الجثث أي أثر رغم تأكيد الناس بوجود أشخاص في هذا المكان. وهذا يدلل على أن الجثامين تبخرت ولم يتبق منها شيء".

وفي تقاريرها، حذرت الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، من خطر التعرض للذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة في غزة ومخلفات الحرب الأخرى التي تشمل المواد المشعة والفوسفور الأبيض والهالوجينات والمعادن الثقيلة، وهي جميعها مواد ضارة للإنسان على الأمدية القريبة والبعيدة.

وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد وثق استخدام إسرائيل 9 قنابل وصواريخ محرمة دولياً في الأقل، ضد المدنيين والأطفال والنساء.

وبحسب بيان له، فإن القنابل المستخدمة هي "الخارقة للحصون من أنوع (BLU-113) و(BLU-109) و(SDBS)، والأمريكية من نوع (GBU-28)، والموجهة بنظام GPS بهدف تدمير البنية التحتية، والفوسفور الأبيض، وقنابل "جدام" الذكية، وصواريخ من نوع "هالبر".

وأكد المكتب الإعلامي أن "تلك القنابل تسببت بحالات "قتل وإصابة جماعية في غضون ثوان. فضلاً عن إحداث أضرار دائمة للمصابين كالتشوهات والإعاقات. إلى جانب المخاطر البيئية المترتبة عليها جراء إطلاق إشعاعات سامة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image