قبل استقرار اليهود على أرض فلسطين لجعلها "موطناً" لهم، كانت هناك محاولات دؤوبة لإقامة هذا "الوطن" في أماكن مختلفة عدة، شملت أفريقيا وأمريكا وآسيا، لكنها جميعها باءت بالفشل لأسباب عديدة، منها محاولة كانت في منطقة الخليج العربي، وتحديداً في البحرين. فلماذا لم تُستكمل هذه المحاولة، في ظلّ نجاحها على الأراضي الفلسطينية؟
محاولة إقامة دولة يهودية في الخليج العربي
يحكي الدكتور أمين عبد الله محمود، تفاصيل هذه المحاولة، في كتابه المعنون بـ"مشاريع الاستيطان اليهودي منذ قيام الثورة الفرنسية حتى نهاية الحرب العالمية"، أن "هذا المشروع ورد ضمن رسالة تقدّم بها إلى الحكومة البريطانية طبيب يهودي روسي، كان يقيم في باريس، اسمه الدكتور ‘م. ل. روتشتين’، في الثاني عشر من أيلول/ سبتمبر عام 1917".
وتسلّم هذه الرسالة، نيابةً عن الحكومة البريطانية، سفيرها في باريس السير فرنسيس بارتي، وكان الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه صاحب المشروع إقامة دولة يهودية في الجزء الشمالي من منطقة الخليج العربي، بما فيها البحرين والإحساء السعودية، باستثناء الكويت.
وكان اقتراح روتشتين، أن تبدأ بريطانيا فوراً، بالتعاون مع حليفتها فرنسا وروسيا، بتدريب وتسليح جيش يهودي يتكون من 30 ألف مقاتل، يتم اختيارهم من العناصر الشابة ليهود أوروبا الشرقية، ويجري تزويد الجيش بالمدرّبين الأوروبيين الأكفاء والمستشارين العسكريين لقيادة الجيش، الذي يتخذ من البحرين قاعدةً له، وفقاً للكاتب عبد الكريم الحسني، في مؤلفه "الصهيونية: الغرب والمقدّس والسياسة".
عندما أعدّت بريطانيا مزيداً من البحث والدراسة، وجدت أن إقامة "دولة يهودية" في منطقة الخليج وشرق الجزيرة العربية، يعرّض مصالحها لمخاطر لا مبرر لها؛ إذ تضمّن المشروع بنداً ينصّ على الاستعانة بفرنسا وروسيا، للمساهمة في إعداد وتدريب "الجيش اليهودي"، فغيّرت خططها
بحسب محمود، فقد أشار روتشتين إلى أن نفقات تدريب وإعداد الجيش، تُعدّ ديناً تدفعه "الدولة اليهودية" بعد إنشائها، ويلتزم هو شخصياً بصفة مؤقتة بسداده، على أن يأخذ هذا الالتزام صفته الرسمية والنهائية، بمجرد إعلان قيام "الدولة" وأخذ موافقة مجمع الحاخامات اليهودي، الذي هو بمثابة السلطة العليا في الدولة المقترحة.
وركّز روتشتين، على ضرورة إعداد الجيش بسرّية تامّة، دون أن يعلم أحد حتى أفراد الجيش، بحقيقة المهام المنوطة بهم، ومن أجل تحقيق هذا على أكمل وجه، اقترح روتشتين أن يتولى هو شخصياً قيادة هذا الجيش.
وعند استكمال الجيش تدريباته وتجهيزاته، تبدأ مراحل المشروع الأخرى، فينطلق الجيش اليهودي من البحرين إلى "الأحساء" لاحتلالها، وإقامة نواة "الدولة اليهودية" فيها.
معاهدة تحالف وصداقة
يوضح مؤلف كتاب "مشاريع الاستيطان اليهودي منذ قيام الثورة الفرنسية حتى نهاية الحرب العالمية"، أن الخطة كانت تنص على أنه فور إعلان الدولة، تعترف بريطانيا وحليفاتها بها، وتعقد معها معاهدة تحالف وصداقة.
وبهدف إثارة مزيد من الاهتمام البريطاني، أشار روتشتين إلى أن قيام هذه الدولة يضمن لبريطانيا ولاء اليهود بشكل عام، ويهود الدولة العثمانية وألمانيا بشكل خاص، بحيث يؤدي هؤلاء دور طابور خامس، يعمل على إضعاف جبهة "الأعداء" وتصدّعها.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأموال اليهودية وأموال القوى المتطوعة من يهود العالم ستتدفق بشكل هائل، لتثبيت دعائم دولتهم الناشئة، ما يضمن لها أيضاً سداد ديونها لبريطانيا، والوصول بعدد "الجيش اليهودي" إلى ما لا يقل عن 120 ألف مقاتل، لتمكين الدولة تلك من توسيع حدودها، لتشمل مزيداً من أراضي منطقة الخليج العربي.
ومن جملة المهام المنوطة بالجيش اليهودي المزعوم، حمايته منطقة الخليج وثرواتها من أي خطر يتهددها، سواء أكان ذلك على شكل حملات عسكرية تشنّها الدولة العثمانية أو ألمانيا، أو على شكل اضطرابات وقلاقل داخلية يقوم بها سكان المنطقة العرب.
وقد تضمّن المشروع أيضاً، استعداد "الجيش اليهودي" للمشاركة في القتال، بجانب الحلفاء، وأداء أي مهمة توكل إليه حتى تنتهي الحرب وينتصر الحلفاء.
البريطانيون في الهند يرفضون المحاولة
يروي أمين عبد الله محمود، أن موقف المسؤولين البريطانيين في الهند جاء متشدداً في رفض هذه المحاولة، برغم أن موقف لندن كان أميَل إلى الاعتدال.
وبالفعل، عندما طرحت وزارة الخارجية البريطانية، فكرة هذا المشروع على وزير شؤون الهند، أدوين مونتاغو، لإبداء رأيه فيه، جاء ردّه متضمناً رفضه القاطع لها، لاعتبارات عدة هي على الشكل التالي:
إدخال اليهود منطقة الجزيرة العربية، لن يكون أمراً مقبولاً لدى عرب الجزيرة، ما سيخلق مشكلات معقدةً للبريطانيين في هذه المنطقة.
عدم ملاءمة الأماكن التي جرى اختيارها لإقامة "الدولة اليهودية"، خاصةً أن البحرين كانت خاضعةً للنفوذ البريطاني، وحكّامها مرتبطون بمعاهدة مع بريطانيا منذ عام 1820.
الأحساء كانت من الناحية الواقعية في حوزة عبد العزيز بن سعود، أمير نجد، منذ عام 1913، وقد عقد معاهدة تحالف وصداقة مع بريطانيا عام 1915، تعهدت فيها الحكومة البريطانية بمساعدته في حالة هجوم أي دولة أجنبية على بلاده.
وعندما أعدّت بريطانيا مزيداً من البحث والدراسة في جدوى هذا المشروع، وجدت أن إقامة "دولة يهودية" في منطقة الخليج وشرق الجزيرة العربية، يعرّض مصالحها لمخاطر لا مبرر لها؛ إذ تضمّن المشروع بنداً ينصّ على الاستعانة بفرنسا وروسيا، للمساهمة في إعداد وتدريب "الجيش اليهودي".
وبناءً عليه، بدأت بريطانيا تتوجس من مغبة هذه الخطوة، التي كان من الممكن أن تفتح أبواب المنطقة للمنافسة الاستعمارية من جديد، بعد أن أضحى الخليج "بحيرةً مقفلةً منذ النفوذ البريطاني"، وبالإضافة إلى ذلك فإن احتمال الغزو الألماني العثماني لهذه المنطقة بات بعيد الاحتمال، وتالياً تهاوى أحد المبررات الأساسية لمثل هذا المشروع.
فشل المشروع بعد وعد بلفور
يؤكد محمود، أن هذا المشروع سرعان ما تهاوى نهائياً، في أعقاب صدور وعد بلفور في الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1917؛ إذ تسلم روتشتين رد الحكومة البريطانية المتضمن ضرورة توجيه الجهد اليهودي في هذه المرحلة نحو "بناء وطن قومي" في فلسطين، وليس في غيرها.
ويقول المؤلف، إنه "يتضح من مشاريع الاستيطان، مدى عمق التحالف المصلحي العضوي بين الإمبريالية من جهة، والحكومة الصهيونية من جهة ثانية"، موضحاً: "بالنسبة لبريطانيا كان إنشاء المستوطنات الأوروبية في الأماكن الإستراتيجية من عالمها الاستعماري، يُعدّ جزءاً أساسياً وحيوياً في سياساتها الرامية إلى توطيد دعائم إمبراطوريتها وتوسيع مناطق نفوذها".
تاريخ أول محاولة استيطانية يرجع إلى عام 1859، عندما أقيم أول حيّ يهودي خارج سور القدس، وقد سُمّي حينها باسم "يمين موشي" نسبةً إلى "مونتيفيوري" الذي حصل على فرمان عثماني عام 1855 بشراء الأرض، وإقامة مستشفى عليها، وحوّلها عام 1859 إلى مساكن شعبية لليهود، أصبحت نواة الحي اليهودي في القدس
وعن الأسباب التي دفعت بريطانيا إلى ذلك، يوضح محمود: "لا شك أن جلب أعداد من يهود أوروبا الشرقية، وزرعهم في مستوطنات جرى تشييدها تحت إشراف الحكومة البريطانية، يوفر لهذه الحكومة المزيد من ‘الطوابير الخامسة’، التي تستخدمها في حماية مصالحها من أي خطر يتهددها، سواء أكان هذا الخطر خارجياً أم داخلياً، وتعمل في الوقت نفسه على تسخير قدرات هؤلاء المستوطنين، لتزويد الاقتصاد البريطاني، بما يحتاجه من مواد أولية أساسية وتأمين الأسواق اللازمة لمنتجاته بشكل مستمر وفعال".
لماذا نجحت المحاولة في فلسطين؟
الطرح السابق يجعلنا نتأكد من أن منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، تحتلّ أهميةً لدى إسرائيل، منذ زمن طويل، وسبقها في ذلك جميع المستعمرين، بسبب أنها تمتلك العديد من الثروات الطبيعية، والمقدرات التي جعلت منها مطمعاً للجميع، بجانب موقعها الجغرافي، الذي يُعدّ همزة وصل بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.
ويبدو أنه لولا المعاهدات التي أبرمتها بريطانيا مع الحكام العرب آنذاك، لكانت منطقة الخليج العربي موطناً لإسرائيل، لكن في المقابل أوقعت لندن العثمانيين في الديون التي جعلتهم يبيعون أرض فلسطين لأجانب، ما مهّد الطريق لليهود لشرائها بعد ذلك، وإقامة مستوطنات عليها.
وجاءت البداية مبكراً، وتحديداً عندما سافر الثري البريطاني، يهودي الديانة، موشيه مونتيفيوري، إلى فلسطين عام 1837، وفقاً للكاتبة ندى الشقيفي المريني، في مؤلفها المعنون بـ"بيت العنكبوت: الكيان الصهيوني بين يهودية الدولة وانهيارها"، التي تقول إن موشيه أنشأ في العام المذكور، أول مستعمرة يهودية في أرض فلسطين، التي كانت آنذاك تحت الحكم المصري، بعدما استطاع أن يحصل على ضمانات من الدولة العثمانية بالحماية والامتيازات، بعد زوال حكم محمد علي في فلسطين.
وتؤكد المؤلفة، أن تاريخ أول محاولة استيطانية يرجع إلى عام 1859، عندما أقيم أول حيّ يهودي خارج سور القدس، وقد سُمّي حينها باسم "يمين موشي" نسبةً إلى "مونتيفيوري" الذي حصل على فرمان عثماني عام 1855 بشراء الأرض، وإقامة مستشفى عليها، وحوّلها عام 1859 إلى مساكن شعبية لليهود، أصبحت نواة الحي اليهودي في القدس.
وعلى الرغم من أن السلطنة العثمانية كانت قد أصدرت قانوناً للحد من الهجرة اليهودية عام 1882، إلا أن هذا القانون لم يجرِ تنفيذه، بسبب ضغوط فرنسية وبريطانية على العثمانيين، ما تسبب في زيادة الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وإنشاء المستعمرات الزراعية والجمعيات الدينية والاجتماعية، الخيرية والعلمية، وأصبح الطريق ممهداً لإقامة "الدولة" على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أهمية الدعم الغربي في إقامة إسرائيل
من جهة أخرى، يتبيّن أن محاولات إقامة "وطن لليهود"، كانت قائمةً في الأساس على الدعم البريطاني، ولولا ذلك ما كانت لتقام هذه "الدولة"، فمنذ الحرب العالمية الأولى، تبنّت الحكومة البريطانية بشكل رسمي، وعد بلفور الصادر في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1917، مؤكدةً بذلك دعمها لفكرة إنشاء وطن لليهود على أرض فلسطين.
وقبل هذا التاريخ، اجتمعت فرنسا وبريطانيا، للتفكير في الاستيلاء على المنطقة العربية، والاتفاق على تقسيم المنطقة بينهما، على أن تبقى فلسطين تحت إدارة دولية، وتوقيع اتفاقية سايكس بيكو في أيار/ مايو 1916.
وبجانب ذلك، كان هناك تعاون من نوع آخر، بين الصهيونية والنازية، بقيادة أدولف هتلر، ساعد في إقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين، وهو ما يؤكده أبراهام ملتسر، في كتابه المعنون بـ"صنع معاداة السامية أو تحريم نقد إسرائيل"، إذ يقول: "غير معروف بالنسبة إلى كثيرين، ذلك التعاون الذي كان يجري بين الصهاينة والنازية، خلال فترة التحضيرات لتأسيس دولة يهودية، فقد شهدت تلك الحقبة تعاوناً على مستوى عالٍ بين الصهاينة والنظام النازي".
وتمثلت سياسة النازيين بعد استيلاء أدولف هتلر (1889-1945)، على السلطة عام 1933، بتسريع الهجرة الممنهجة والمنظمة لليهود من جميع مناطق الرايخ (الاسم الرسمي لألمانيا سابقاً)، من أجل القضاء على أي شكل من أشكال التأثير اليهودي، في السياسة والاقتصاد والثقافة الألمانية.
ويوضح المفكر المصري عبد الوهاب المسيري، في كتابه "إشكالية التحيز رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد"، أن هتلر حدد مشروعه بالنسبة إلى اليهود على أسس صهيونية ومنهجية رشيدة، وهي القومية العضوية، فقال رداً على سؤال وجهه إليه أحد المستمعين عن حقوق اليهود الإنسانية: "فليبحث اليهودي عن حقوقه الإنسانية حيث ينتمي، في دولته فلسطين".
وبالمقارنة مع الأوضاع الحالية في الحرب على غزّة، التي استمرت منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ودعم الولايات المتحدة الأمريكية اللامتناهي لإسرائيل بالسلاح والعتاد، نتأكد أنه لولا هذا الدعم الغربي لليهود طوال تاريخهم، ما وصلوا إلى ما هم عليه الآن، ولكان مصيرها الفشل في هذه الحرب الدائرة، خاصةً أنها برغم ما تتمتع به من نفوذ وقوة لم تستطع تحقيق أهدافها، مع دخول الحرب شهرها العاشر.
الحفاظ على المصالح الغربية في المنطقة
ويرتبط تواجد إسرائيل على أرض فلسطين، مع حجم مصالح الدول الداعمة لإسرائيل في المنطقة، فعندما أرادت بريطانيا بسط نفوذها على هذه البقعة، دعمت إقامة "الدولة" وساندتها بقوة، وساعد البريطانيون بعض اليهود على شراء الأراضي في فلسطين، وبناء المستعمرات عليها، بهدف قطع خط التواصل بين آسيا وأفريقيا، ومنع أي تحركات عسكرية مستقبلاً، ولضمان سير مصالح إنكلترا الاقتصادية بسلاسة إلى الهند.
ومن أجل مصالح بريطانيا أيضاً في منطقة الخليج العربي، والمعاهدات التي أقامتها مع الحكام العرب آنذاك، لم تدعم فكرة إقامة وطن لليهود في البحرين والأحساء، فكان الأساس في ذلك ما سيعود على الدولة العظمى من منافع، وليس غير ذلك.
وفي الوقت الحالي، تتمتع الولايات المتحدة بعلاقات قوية مع إسرائيل، ومصالح اقتصادية كثيرة، تجعلها لا تتوقف عن مساعدتها، خوفاً من تدهور مصالحها في المنطقة، ومنع الخطر الذي قد يهددها إذا لم تكن لها ذراع في هذه البقعة، وبناءً عليه أكد جو بايدن، الرئيس الأمريكي، في أثناء زيارته إلى تل أبيب، في 28 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أنه "لو لم تكن هناك إسرائيل لعملنا على إقامتها".
وقبل ذلك، كانت الولايات المتحدة الأمريكية، أول دولة تعترف بإسرائيل كـ"دولة مستقلة"، في 14 أيار/ مايو 1948، عندما أصدر الرئيس هاري ترومان بيان اعتراف، عقب إعلان إسرائيل الاستقلال في التاريخ نفسه، بحسب موقع السفارة الأمريكية في إسرائيل.
وجرى تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، عندما قدّم السفير الأمريكي جيمس غروفر ماكدونالد، أوراق اعتماده في 28 آذار/ مارس 1949، ومن وقتها أصبحت تل أبيب أهم شريك لأمريكا في الشرق الأوسط.
الاعتقاد السائد أن إقامة "الدولة اليهودية" على أرض فلسطين أسهل من أي مكان آخر، لأنها تحتل قدسيةً لدى اليهود، كونها "أرض الميعاد". لكن الزعيم الصهيوني ناحوم غولدمان، عارض ذلك، قائلاً "اليهود لا يريدون على الإطلاق سوى فلسطين، وليس ذلك لاعتبارات دينية... بل لأنها ملتقى الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، ولأنها المركز الحقيقي للقوة السياسية العالمية، والمركز الإستراتيجي للسيطرة على العالم"
ويؤكد الموقع، أن العلاقات الثنائية بين الدولتين قوية، وترتكز على أكثر من 3 مليارات دولار من التمويل العسكري الأجنبي سنوياً، بجانب المشاركة في عمليات متبادلة رفيعة المستوى، تشمل التدريبات العسكرية المشتركة، والبحوث العسكرية، وتطوير الأسلحة.
وتُعدّ الولايات المتحدة أيضاً، أكبر شريك تجاري لإسرائيل، ويعني تواجد دولة ذات طابع حضاري مثل تل أبيب في فلسطين، أنها ستكون في صدام مع أي دولة أخرى، قد تحاول شنّ صحوة حضارية في المنطقة ضد المصالح الغربية، لذا كانت المصلحة في تواجد الدولة اليهودية داخل الأراضي المحتلة.
ويتضح ذلك من حديث ثيودور هرتزل، زعيم الصهيونية (1860-1904)، عندما قال: "فإذا منحنا جلالة السلطان فلسطين، سوف نشكل جزءاً من استحكامات أوروبا في مواجهة آسيا كموقع أمامي للحضارة في مواجهة البربرية، وعلينا كدولة طبيعية أن نبقى على اتصال بكل أوروبا التي سيكون من واجبها أن تضمن وجودنا، وفقاً لما نقله ضياء عبد المحسن في كتابه المعنون بـ"الجغرافيا البولويتيكية".
هل كانت لـ"التوراة" علاقة باختيار فلسطين؟
من ناحية أخرى، كان الاعتقاد سائداً بأن إقامة "الدولة اليهودية" على أرض فلسطين أسهل من أي مكان آخر، لأنها تحتل قدسيةً لدى اليهود، كونها "أرض الميعاد"، لكن يعارض الزعيم الصهيوني ناحوم غولدمان، ذلك إذ يقول: "اليهود لا يريدون على الإطلاق سوى فلسطين، وليس ذلك لاعتبارات دينية، أو بسبب إشارة التوراة إلى فلسطين، بل لأنها ملتقى الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، ولأنها المركز الحقيقي للقوة السياسية العالمية، والمركز الإستراتيجي للسيطرة على العالم"، بحسب ما نقل الدكتور عبد الناصر العطار، في كتابه "تدمير عجل بني إسرائيل الجديد".
وتشير كلمات غولدمان، إلى أن هناك خطراً حقيقياً سيحيق بالمنطقة العربية، حال نجاح إسرائيل في حرب غزّة، والسيطرة على هذه البقعة المتبقية من أرض فلسطين، إذ حينها لن تتوقف عن التوسع في المنطقة، في ظل عدم احترامها لأي مواثيق دولية، بالإضافة إلى نواياها المسبقة بالرغبة في السيطرة على مناطق واسعة من الشرق الأوسط.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.