غيرت اتفاقيات السلام الموقعة بين عدد من الدول العربية وإسرائيل في ما عرف بـ"معاهدات أبراهام" من حياة اليهود العاملين والمقيمين في تلك الدول؛ خفف الدعاة من هجماتهم على من يدينون باليهودية، ولم تعد إسرائيل عدواً سياسياً، وصار الظهور العام لأتباع الديانة اليهودية في الحياة الاجتماعية أمراً عادياً، خاصة في البحرين والإمارات. وبدأوا في تشكيل جمعيات وتنظيمات في الدول الخليجية، أبرزها وأحدثها "رابطة المجتمعات اليهودية الخليجية"، التي تهدف إلى خلق تواصل بين جميع اليهود في شبه الجزيرة العربية.
تضم الرابطة الجديدة، وهي الأولى من نوعها، مواطنين يهوداً وجاليات يهودية مقيمة في الإمارات والبحرين وعمان وقطر والكويت والسعودية، بحسب بيان صدر في 14 شباط/فبراير. ويتكون أعضاء مجلس رئاسة الرابطة من هدى عزرا نونو، وهي من البحرين، وكانت سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة، ورافائيل شوارتز المقيم في الكويت، ومايكل كاتز في سلطنة عُمان، ودانيال وايز في قطر، وسام روبين في السعودية، وأليكس بيترفروند في الإمارات.
يترأس الرابطة الحاخام الدكتور إيلي عبادي رئيس المجلس اليهودي في الإمارات، وإبراهيم داود نونو الذي عمل سابقاً عضواً في مجلس الشورى البحريني من 2001-2006، وسيكون الحاخام يهودا سارنا، رئيساً فخرياً، وهو مولود في كندا، وكان يقيم في نيويورك ثم انتقل إلى الإمارات.
الخروج إلى النهار
بحسب بيان منشور على موقعها، تهدف الرابطة إلى أن تكون شبكة تواصل بين اليهود عبر دول مجلس التعاون الخليجي، وكل مجتمع مستقل، بهدف تحقيق ازدهار الحياة اليهودية في دول مجلس التعاون الخليجي لصالح السكان والزوار.
وقال إبراهيم داوود نونو في البيان: "كل واحد من مجتمعاتنا لديه الكثير ليقدمه للآخر، مع الحفاظ على استقلاليتنا، وبهذه الرابطة الجديدة سنتمكّن من تجميع مواردنا لتطوير أوضاع جميع اليهود في الخليج".
وأضاف: "بينما كانت طائفتنا اليهودية جزءاً من نسيج مجتمع البحرين لأكثر من مائة عام، فإننا نقدّر احتياجات بعض المجتمعات الأصغر حجماً أو الأحدث في المنطقة، ونعتقد أنه بإمكاننا مساعدتها على الازدهار والنمو في هذا الجزء من العالم".
وقالت البحرينية هدى عزرا نونو: "خلال وباء كورونا، بدأ الكثير منا الحضور إلى المجلس اليهودي للإمارات قبل يوم السبت، والتقينا كلنا. لقد أصبح ذلك نواة إنشاء رابطة الجاليات اليهودية الخليجية، لأننا عندما تعرف بعضنا على بعض، أدركنا أن هناك موارد معينة يمكننا مشاركتها".
وأضافت: "اليوم، الجاليات اليهودية في البحرين والإمارات هي الأكبر في المنطقة، ويمكننا مساعدة اليهود في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. ونأمل أن تنشىء هذه الشبكة المزيد من الفرص للحياة اليهودية في المنطقة. نحن جميعاً هنا لدعم بعضنا بعضاً".
"الظهور لعائلة الخليج"... تتأسس الرابطة الأولى بعد نحو 140 عاماً من الوجود اليهودي في المنطقة.
ستضم المجموعة "محكمة يهودية"، وهي في طور التأسيس، للمساعدة في القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية والميراث وحل النزاعات التجارية في المنطقة.
وبحسب صحيفة "جيروزلم بوست"، قال الحاخام عبادي أنه سيكون هناك وكالة تصديق كوشير عربية، بعدما زاد نمو الحياة اليهودية في الخليج، إثر انتقال المزيد من اليهود إلى المنطقة، وذلك للاهتمام باحتياجاتهم التعليمية والثقافية والروحية والدينية من خلال إنشاء برامج ومؤسسات لخدمة هذه الاحتياجات.
في عُمان، نقلت الصحيفة الإسرائيلية عن أحد أعضاء المجتمع اليهودي، طالباً عدم الكشف عن اسمه، مدى أهمية أن يكونوا قادرين على التواصل مع باقي اليهود الآخرين، قائلاً: "نعتقد جميعاً أننا بحاجة إلى الترابط، ليس فقط كشعب يهودي من خلفيات متنوعة من جميع أنحاء العالم، ولكن كأشخاص لديهم إيمان مشترك".
ومن المقرر أن يلتقي أعضاء الرابطة كل أسبوع للصلاة معاً، والاستماع إلى جزء التوراة الأسبوعي، وإلى قادة ثقافيين ودينيين بارزين، عبر خاصية الزوم في الوقت الحالي بسبب قيود كورونا.
تاريخ الاختباء
بحسب موقع الرابطة، بدأت الحياة اليهودية الحديثة في الخليج في ثمانينيات القرن التاسع عشر عندما وصل اليهود إلى البحرين. منذ ذلك الحين، تطورت الجاليات اليهودية من مختلف الأحجام في دول الخليج الخمس الأخرى، بما في ذلك الإمارات التي تستضيف حالياً أكبر جالية يهودية في الخليج بحسب موقع الرابطة.
وبحسب صحيفة "إسرائيل هايوم"، فإن الجالية اليهودية في الإمارات ودبي على وجه الخصوص، تنمو بسرعة، مع وجود حاخامات ومئات من اليهود والمعابد اليهودية ومدرسة. لكن الوضع في دول الخليج الأخرى مختلف تماماً.
وأشارت الصحيفة إلى أن باقي المجتمعات تتكون من بضع عشرات من اليهود على الأكثر، كما هو الحال في البحرين، ويحتفظون بسرية هويتهم وسيواصلون القيام بذلك على الرغم من إنشاء الرابطة.
اللافت أن صحيفة "إسرائيل هايوم" كشفت عن أن ممثل اليهود في الكويت وصل من لندن قبل ستة أشهر فحسب.
وزار الإمارات حوالى 130 ألف إسرائيلي منذ توقيع "اتفاقيات إبراهام" في آب/أغسطس الماضي. ويُقدر عدد اليهود في سلطنة عُمان بحوالى 19.
ولفت موقع الرابطة إلى أن قطر، التي أقامت علاقات ودية أكثر مع القادة اليهود في الماضي، لديها أيضاً جالية يهودية.
وقال الدكتور كامل الحواش، الباحث في الشؤون السياسية، إنه لا يعتقد أن هناك إحصاء لعدد اليهود الحاملين جنسيات خليجية، وأغلبهم في الواقع سيكونون ممن أتوا للعمل وهم حاملون جنسيات مختلفة، ولا يحملون جنسية اسرائيلية.
إسرائيليون يتغزلون بالسفير الإماراتي… ويبدون سعادتهم بـ"قدوم الشباب"
وفي رأي الحواش، فإن العمل الأساسي، بعد اتفاقيات التطبيع، هو تشجيع اليهود على كشف هويتهم بإظهار رموزهم مثل القلنسوة ونجمة داود، سعياً لفرض وجودهم وأن يكون هناك تقبل أكبر لهم. وقال لرصيف22 إنه يعتقد أنهم لا يهدفون إلى خلق لوبي في منطقة الخليج لدعم إسرائيل، فهناك من العرب من يقومون بهذه المهمة بمنهجية، مدفوعين من دولهم لذلك.
وأشار إلى أنه لا يتوقع أيضاً تجنيس عدد كبير من اليهود لتثبيت التطبيع، وقد تسري قوانين التجنيس الموجودة حالياً عليهم، وأكد أن إسرائيل لن ترحب بتجنيس الخليجين إلا من تزوج إسرائيلية وسوف يستعملونها للدعاية الإعلامية في التطبيع.
سفير إماراتي
توازياً، أدى السفير الإماراتي محمد محمود آل خاجة، اليمين القانونية في 14 شباط/فبراير، كسفير معين لدى إسرائيل أمام حاكم دبي محمد بن راشد.
وفي أواخر شهر كانون الثاني/يناير، افتتحت إسرائيل سفارتها رسمياً في الإمارات، وعينت الدبلوماسي المخضرم إيتان نائيه أول سفير لها في أبو ظبي.
بحسب موقع "إرم" الإماراتي، فإن السفير الجديد لدى إسرائيل مولود في أبو ظبي عام 1980، ويعتبر من الدبلوماسيين البارزين في الخارجية الإماراتية، إذ كان مديراً لمكتب وزير الخارجية، عبد الله بن زايد آل نهيان.
وأشار الموقع إلى أن آل خاجة المقرب من آل نهيان، كان بحكم توليه منصب مدير مكتب وزير الخارجية، مطلعاً على جميع ملفات الدبلوماسية الإماراتية، وكان حاضراً في لقاءات صناع القرار على مستوى الخارجية مع المسؤولين الأجانب بعدما تمتع بعلاقات واسعة مع عدد كبير منهم، كذلك هو عضو في مجلس الشؤون السياسية، واللجنة الدبلوماسية، ورئيس لجنة الميزانية.
فيما أشار الصحافي الإسرائيلي روعي كايس في تغريدة له إلى أن النقطة الأهم هي أن هناك شاباً قادماً إلى إسرائيل، وهو يعكس فضول جيل الشباب في الإمارات تجاه إسرائيل، وهذا سيكون ممتعاً جداً.
واللافت أن بعض الإسرائيليين تغزلوا بالسفير الجديد، إذ كتبت الصحافية الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف تغريدة قالت فيها: "النساء الإسرائيليات بما في ذلك عضوان سابقان في الكنيست والرجال المثليون، يسيل لعابهم على السفير الإماراتي الجديد لدى إسرائيل. كتب أحد المثليين ‘سأطلب اللجوء في السفارة الإماراتية‘".
كان نتنياهو يعتزم السفر إلى أبو ظبي والمنامة قبل إجراء انتخابات الكنيست في 23 آذار/مارس في إسرائيل، في أول زيارة رسمية له منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية مع الإمارات والبحرين العام الماضي، ولكن تم تأجيلها بسبب الاعتبارات المتعلقة بفيروس كورونا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه