شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"معادن سامة في السدادات القطنية"... هل تُهَمّش النساء في البحث العلمي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مش ع الهامش لوغو

في خطوة تُعدّ الأولى من نوعها، أجرت جامعة كاليفورنيا في بيركلي، بالتعاون مع كلية ميلمان للصحة العامة في جامعة كولومبيا، دراسةً علميةً جديدةً كشفت عن وجود معادن سامّة، بما في ذلك الزرنيخ والرصاص، في العديد من العلامات التجارية للسدادات القطنية (التامبون). أثارت هذه النتائج قلقاً كبيراً بين الباحثين والمستهلكين.

في هذا المقال، يسعى رصيف22 إلى فهم تلك المخاوف من خلال استعراض آراء مستهلكات وأطباء مختصين.

المقصود بالسدادات القطنية، المنتجات التي تُستخدم لامتصاص الدم والأنسجة خلال الدورة الشهرية، وتُدخل إلى داخل المهبل لتمتص الدم الخارج منه في أثناء الحيض.

نُشرت الدراسة، التي وصفها مؤلفوها بأنها الأولى من نوعها، في المجلة العلمية Environment International، في 3 من تموز/ يوليو الحالي، ودرس الباحثون 30 سدادةً قطنيةً من 14 علامةً تجاريةً مختلفةً تُباع في الولايات المتحدة وبريطانيا واليونان، ووجدوا كميات محدودةً من الرصاص في جميع أنواع السدادات القطنية. كما أجرى الباحثون اختبارات لـ15 نوعاً آخر من المعادن، منها الزرنيخ والباريوم والنحاس والحديد والنيكل والزنك.

"لقد اكتشفنا جميع المعادن الـ16 في سدادة قطنية واحدة على الأقل، بما في ذلك بعض المعادن السامة مثل الرصاص الذي ليس له مستوى تعرّض آمن"، بحسب الباحثين، الذين قالوا إنه يمكن للرصاص أن يسبب تلفاً عصبياً عند تعرّض الجسم له.

وقالت جيني أ. شيرستون، المؤلفة الرئيسية للدراسة، إن النتائج كانت مفاجئةً، وإنه على الرغم من وجود أسباب عديدة تدعو للقلق على الصحة العامة للنساء في العالم، إلا أنه تم إجراء القليل جداً من الأبحاث لقياس المواد الكيميائية الموجودة في السدادات القطنية.

"هذه هي أول ورقة بحثية تقيس نسب المعادن في السدادات القطنية. ومن المثير للقلق أننا وجدنا تراكيزاً لجميع المعادن التي اختبرناها، بما في ذلك السامّة منها مثل الزرنيخ والرصاص"، تقول شيرستون، مضيفةً أنه كان من المتوقع العثور على بعض المعادن الموجودة في السدادات القطنية، لأن المعادن موجودة في كل مكان في البيئة، لكن وجود الرصاص في 100% من السدادات التي قام فريق الباحثين باختبارها، كان صادماً.

الدراسة أشارت إلى أن تركيزات الرصاص كانت أعلى في السدادات القطنية غير العضوية، بينما كان الزرنيخ أعلى في السدادات القطنية العضوية، وإلى أن متوسط ​​السدادة القطنية التي اختبروها تحتوي على نحو 25% من الرصاص الموجود في سيجارة أمريكية نموذجية.

ووفقاً للباحثين، فإن نتائج الدراسة قد تكون مثيرةً للقلق، لأن جلد المهبل لديه قدرة أكبر على امتصاص المواد الكيميائية في مجرى الدم مقارنةً بالجلد في أجزاء أخرى من الجسم، إلا أنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتقييم المخاطر المحتملة.

"في الوقت الراهن، كل ما فعلناه هو إظهار وجود هذه المعادن في السدادات القطنية، لكن ما لا نعرفه هو ما إذا كان ممكناً أن تخرج هذه المعادن من السدادة القطنية وتدخل إلى الجسم. إلى أن نعرف ذلك، لا يمكننا حقاً التكهن بأي آثار صحية محتملة"، بحسب شيرستون.

أضافت شيرستون، أن هذه المعادن، في حال امتصاصها من قبل الجسم، ستزيد خطر الإصابة بالخرف والعقم والسكري والسرطان، ويمكن أن تُلحق الضرر بالكبد والكلى والدماغ، وكذلك بالجهازين القلبي والعصبي والغدد الصماء. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تُضرّ المعادن بصحة الأم وتطور الجنين.

"لقد اكتشفنا جميع المعادن الـ16 في سدادة قطنية واحدة على الأقل، بما في ذلك بعض المعادن السامة مثل الرصاص الذي ليس له مستوى تعرّض آمن"، بحسب الباحثين، الذين قالوا إنه يمكن للرصاص أن يسبب تلفاً عصبياً عند تعرّض الجسم له.

عادةً ما تُصنع السدادات القطنية من القطن أو من الرايون أو من كليهما. والرايون ألياف شبه صناعية، مصنوعة من مصادر طبيعية للسليلوز المتجدد.

كما تتميز السدادات القطنية بأنها توفر حريةً أكبر في الحركة، ما يسمح للنساء بالسباحة وممارسة الرياضة والنشاطات الأخرى بشكل أكثر راحةً مقارنةً بالفوط الصحية العادية في أثناء فترة الحيض.

نتائج مقلقة

دينا (اسم مستعار، 35 عاماً)، وهي أم لبنانية لثلاثة أطفال، تقول إنها قرأت عن الدراسة بشكل عابر مؤخراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإنها تصوّرت أن يكون الخبر كاذباً، إذ لا يُعقل أن تستخدم النساء طوال هذه السنوات منتجات تحتوي على معادن سامة من دون أن يفكر أحد في أن يفحص تلك المنتجات.

"أستخدم السدادات القطنية منذ أن كنت في العشرينات من عمري؛ لأنها مريحة وعملية، إلا أنني الآن قلقة جداً بسبب هذه الدراسة"، تقول دينا، التي قررت فوراً التوقف عن استخدام السدادات واستبدالها ببدائل صديقة للبيئة مثل كوب الحيض، الذي يُصنع من السيلكون.

ورد في الدراسة ايضاً، أن المعادن يمكن أن تكون قد أتت من التربة التي يُزرع فيها القطن. كما يمكن أن تتلوث السدادات القطنية بالمعادن من المياه في أثناء عملية التصنيع. وقد يضيف المصنّعون أيضاً معادن في أثناء الإنتاج لتبييض المنتج، أو لأغراض مضادة للجراثيم، أو لتقليل الرائحة.

رأي المختصين

الطبيب اللبناني فيصل القاق، أخصائي الأمراض النسائية والتوليد وعضو مجموعة الخبراء والمجلس الاستشاري في منظمة الصحة العالمية، يقول لرصيف22، إن هذا النوع من الدراسات النادرة ينذر بضرورة إجراء المزيد من الدراسات والأبحاث التي تخص منتجات الدورة الشهرية.

"لم تحدد الدراسة ما إذا كانت تلك المواد السامة، خصوصاً الرصاص، تتراكم وتتسرب من السدادات القطنية إلى الجسم مع مرور الوقت، إذا تستهلك المرأة ما بين 5 إلى 15 ألف سدادة قطنية خلال حياتها، وإن ثبت تسرّب تلك المواد السامة إلى الجسم، فيمكن أن تؤثر على الخصوبة والإباضة، وتؤدي إلى تشوهات في الأجنّة وغيرها من المشكلات الصحية"، يقول القاق.

يشدد القاق على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات حول الموضوع، خصوصاً أنه يؤثر على ملايين النساء حول العالم، مبيّناً أنه لا يمكنه في الوقت الحالي تقديم نصيحة طبية علمية لمريضاته بشأن استخدام السدادات القطنية من عدمه.

"ليس متاحاً لي في الوقت الحالي أن أنصح بوجوب الابتعاد عن استخدام السدادات القطنية، إذ إن هذه الدراسة وحدها لا تكفي، والمسألة ليست واضحةً علمياً حتى الآن في ما يتعلق بمدى تسرّب تلك المواد السامة الى الجسد، لذا لا بد من إجراء المزيد من الدراسات"، يختم القاق حديثه.

ولم تحدد الدراسة العلامات التجارية التي تم اختبارها، إلا أن فريق شيرستون، قال إن النتائج تشير إلى الحاجة إلى فرض لوائح تجبر الشركات المصنعة على إجراء اختبار المعادن في السدادات القطنية التي تصنعها.

إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard