شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
السعال النفسي... كيف يؤثر القلق والتوتر على صحتكم الجسدية؟

السعال النفسي... كيف يؤثر القلق والتوتر على صحتكم الجسدية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن وحرية التعبير

الجمعة 26 يوليو 202410:14 ص

هل سمعتم/ نّ من قبل بالسعال النفسي؟ من الممكن أن تعانوا/ ين من هذه الحالة من دون أن تعلموا/ ن بذلك حتى.

السعال النفسي هو مثال حيّ على كيفية تأثير الحالة النفسية على الجسم، ممّا يعكس الترابط الوثيق بين العقل والجسد. هذه الحالة قد تكون محيّرةً في بعض الأحيان للمرضى والأطبّاء، حيث تتطلّب التشخيص الصحيح والتفهم العميق للحالة النفسية للمريض/ ة.

السعال النفسي لا يقتصر فقط على كونه حالةً مزعجةً، بل يمكن أن يؤثّر بشكل كبير على جودة حياة الشخص المصاب، إذ إن الأفراد الذين يعانون من هذا النوع من السعال قد يجدون أنفسهم في دائرة مفرغة من التوتر والقلق، ما يزيد من حدّة الأعراض.

ما هو السعال النفسي؟ وما هي أسبابه؟

"السعال النفسي، المعروف أيضاً بالسعال نفسي المنشأ، هو سعال مزمن، لا يكون سببه الطبي واضحاً"؛ بهذه الجملة تعرّف المعالجة النفسية والمتخصّصة في العلاج السلوكي المعرفي زينة بودرغم، السعال النفسي.

وتضيف لرصيف22: "إن هذا النوع من السعال لا يكون ناتجاً عن أسباب أو مشكلات صحية مثل الربو، وأمراض الرئة أو العدوى، أي لا توجد أسباب عضوية له بل نفسية. فقد يكون التوتر والقلق من العوامل المؤثّرة، وعلاجه يعتمد على العلاج النفسي".

السعال النفسي لا يقتصر فقط على كونه حالةً مزعجةً، بل يمكن أن يؤثّر بشكل كبير على جودة حياة الشخص المصاب، إذ إن الأفراد الذين يعانون من هذا النوع من السعال قد يجدون أنفسهم في دائرة مفرغة من التوتر والقلق، ما يزيد من حدّة الأعراض

عن أسباب السعال النفسي، تقول زينة بودرغم إنها تأتي على الشكل التالي:

• التوتر والقلق: إن الضغط اليومي، والمواقف العصبية والقلق المزمن قد تُترجَم بالسعال النفسي.

• الاضطرابات النفسية: تماماً مثل الاكتئاب واضطرابات القلق التي قد تؤدي إلى أعراض جسدية، منها السعال.

• العادات غير الصحية: مثل السلوكيات المتكرّرة التي قد تصبح عادةً حتى ولو زال سببها.

• الاهتمام الزائد بالصحة: قد يؤدّي القلق الزائد أو غير الصحي إلى شعور الفرد بأعراض جسدية غير حقيقية.

كذلك تشرح زينة كيف أن السعال النفسي قد يكون مؤقّتاً، وذلك يعتمد على العوامل النفسية المؤقتة، وعلى المساعدة العلمية والنفسية، فيكون ضمن فترة محدودة. في حال لم تتمّ المعالجة الصحيحة والعوامل كانت شديدةً، فمن الممكن أن يستمرّ السعال لفترة طويلة.

من ناحية أخرى، وفي العام 2015، تمّ تقديم مصطلح متلازمة السعال الجسدي من قبل أطباء الكلية الأمريكية في أثناء مراجعتهم للمبادئ التوجيهية لعام 2006، بشأن السعال النفسي، كما أوصوا باستبدال مصطلح "السعال النفسي" بمصطلح "متلازمة السعال الجسدي".

كيف يتم تشخيص هذا السعال؟

تؤكّد زينة بودرغم، أنّه يجب قبل التشخيص الاطلاع على تاريخ الفرد الطبي، ومن الضروريّ القيام بالفحوصات اللازمة. في حال لم تكن الأسباب صحيةً أو جسديةً، أي ليس هناك سبب عضوي، فحينها يجب التركيز على العوامل النفسية: "ليست هناك معايير معيّنة مستخدمة عالمياً للمساعدة على التشخيص، إذ يتمّ اتّباع وسائل لاستبعاد عوامل معيّنة والتركيز على العوارض النفسية التي قد تكون مستحبّةً".

في السياق نفسه، نُشر في موقع Anxietycentre بإشراف الطبيبة ماريلين فولك، أن السعال النفسي يحدث عادةً خلال أوقات القلق والتوتر، ويكون أخفّ عندما يكون الشخص مسترخياً وأقلّ توتراً.

من الأعراض التي قد تدلّ على السعال النفسي، السعال الجاف المستمرّ ودغدغة متكرّرة في الحلق أو الرئتين وصعوبة في أخذ نفس عميق من دون سعال.

"ساعدني الطبيب النفسي في أن أكتشف أن السعال يحدث كلّما كنتُ في موقف صعب أو في مشكلة ما، ومن هنا بدأت رحلة العلاج... الآن يمكن القول إنّني أفضل بكثير والرياضة ساعدتني كثيراً في تخطّي هذا الموضوع"

قبل خمس سنوات، بدأت ماريا البالغة من العمر 25 عاماً، تعاني من سعال جاف، وفق ما تكشف لرصيف22: "كان يأتي السعال على شكل نوبات قد تستمرّ لساعات، ويتكرّر الأمر على مدار أسابيع عدّة، وما حيّرني أنّني عندما كنت أخلد إلى النوم، كان السعال يتوقف".

تتابع: "قمتُ بالفحوصات اللازمة التي طلبها منّي الطبيب، وذلك بعد أن وصف لي دواءً للسعال لم يجدِ نفعاً. كلّ التقارير الطبيّة كانت جيّدةً، وللأسف لم يتمكّن من معرفة سبب السعال. بعد فترة، زرتُ طبيباً آخر وطلب منّي أيضاً فحوصات، وكلّها كانت إيجابيةً. أتذكّر حينها أنّه بدأ يسألني عن حالتي النفسيّة وما إذا كنت أمرّ بضغوط".

عندها نصحها طبيب الصحة بأن تذهب إلى معالج نفسيّ، فمن المرجّح أن يكون السعال ناتجاً عن التوتر.

وتعليقاً على هذه النقطة، تقول: "ساعدني الطبيب النفسي في أن أكتشف أن السعال يحدث كلّما كنتُ في موقف صعب أو في مشكلة ما، ومن هنا بدأت رحلة العلاج... الآن يمكن القول إنّني أفضل بكثير والرياضة ساعدتني كثيراً في تخطّي هذا الموضوع".

السعال النفسي وتأثيره على الصحة الجسدية

تقول زينة بودرغم: "إن السعال النفسي لديه تأثير على الصحة الجسدية، وهذا بدوره يؤثّر أيضاً على الصحة النفسية، أي أن السعال من الممكن أن يؤدّي إلى التهابات في الحلق وإجهاد في عضلات الصدر والبطن".

تتابع: "يمكن أيضاً أن يؤثّر بطريقة مباشرة على النوم، والنتيجة الإرهاق والإنهاك، وهذا يؤثّر على زيادة التوتر ونتيجته تدهور الصحة النفسية".

في حديثها إلى رصيف22، تشير رهف (اسم مستعار)، إلى أنّها عندما علمت بأن السعال ناتج عن القلق والتوتر (وذلك بعد فترة طويلة من الذهاب إلى الأطبّاء والإياب من عندهم، حتى توصّل أحدهم إلى السبب)، لم تقتنع بذلك ورفضت الخضوع للعلاج النفسي.

بعد فترة، بدأت تشعر بوجع مؤلم في الصدر، وبسعال جاف يرافقها من فترة إلى فترة، وعلى فترات طويلة، وهنا دقّ ناقوس الخطر، خصوصاً أنّه بدأ يؤثّر على حياتها اليومية: "الألم في صدري جعلني أعيد النظر في موضوع السعال، خصوصاً أنّني في ذلك الوقت كنتُ أعاني من مشكلات عائلية. لكن على الرغم من ذلك، ولأكون صريحةً، قرأتُ الكثير عن السعال الناتج عن التوتر على الإنترنت، قبل أن أستشير معالجاً نفسيّاً. ولكن حالتي كانت بحاجة إلى طبيب نفسي".

وتختم بالقول: "من المؤسف أن الضوء غير مسلّط على السعال النفسي، فبعد الذي مررّتُ به يمكنّني أن أؤكّد أنّه صعب جداً، خصوصاً عندما لا تتوقّف الكحّة، فتُزعج صاحبها والآخرين أيضاً".

علاجات السعال النفسي

تشير زينة بودرغم، إلى أن العلاج النفسي السلوكي المعرفي (CBT)، الذي يرتكز على تحدّي وتغيير الأنماط السلبية في الأفكار والسلوكيات، هو من بين علاجات السعال النفسي: "هذا العلاج هو من أكثر العلاجات المثبتة علمياً، وأيضاً هناك أهمية لعلاجات التنفس والاسترخاء بالتزامن مع العلاج المعرفي السلوكي، لأنها تساعد في انخفاض مستوى التوتر. وقد يكون العلاج الدوائي (مثل مضادات القلق)، حلّاً في بعض الحالات عندما تكون هناك أعراض شديدة، ومن الضروريّ الالتزام بالعلاج لضمان نتيجة أفضل".

من الممكن أن يكون السعال النفسي تجربةً صعبةً للأفراد الذين يعانون منه، إذ يمكن أن يؤثّر بشكل كبير على حياتهم. من المهمّ التعرف على هذه الحالة وفهمها بشكل عميق، فالتشخيص الصحيح والعلاج النفسي الفعّال يُعدّان من الخطوات الأساسية للتغلّب عليها

وتنصح بودرغم الأشخاص الذين يعانون من السعال النفسي، باللجوء إلى العلاج النفسي، لتغيير الأفكار والسلوكيات ومعرفة العوامل المسبّبة، مشددةً على أهمية ممارسة تمارين التنفس واسترخاء العضلات التدريجي وممارسة الرياضة والنوم الجيّد للمساعدة في التقليل من التوتر، هذا بجانب حاجة الأفراد إلى دعم اجتماعي سواء من الأصدقاء أو العائلة.

خلاصة القول، من الممكن أن يكون السعال النفسي تجربةً صعبةً للأفراد الذين يعانون منه، إذ يمكن أن يؤثّر بشكل كبير على حياتهم. من المهمّ التعرف على هذه الحالة وفهمها بشكل عميق، فالتشخيص الصحيح والعلاج النفسي الفعّال يُعدّان من الخطوات الأساسية للتغلّب عليها.

وبفضل التقدّم في مجال الطب النفسي، يمكن للأفراد الذين يعانون من السعال النفسي العثور على الدعم والعلاجات التي تساعدهم على استعادة صحتهم النفسية والجسدية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image