شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هل تتجه أوروبا نحو ترحيل اللاجئين ومصالحة النظام السوري؟

هل تتجه أوروبا نحو ترحيل اللاجئين ومصالحة النظام السوري؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والمشرّدون

السبت 28 يناير 202312:04 م

تتواتر الأخبار عن ترحيل لاجئين سوريين من تركيا قسرياً، وعن احتجاز لاجئين سوريين في مراكز ترحيل في الدنمارك، وإعادة النظر في سياسات استقبال اللاجئين السوريين في الدول الأوروبية، وتكاد تنعدم الدول التي تستقبل السوريين دون فيزا دخول يكاد يستحيل الحصول عليها، وتتعقد أوضاع اللاجئين السوريين في كل مكان تقريباً.

تكاد تنعدم الدول التي تستقبل السوريين دون فيزا دخول يكاد يستحيل الحصول عليها، وتتعقد أوضاع اللاجئين السوريين في كل مكان تقريباً.

كانت فرنسا في سنوات موجات اللجوء السوري الأولى من الدول الأوروبية التي استقبلت عدداً ضئيلاً من اللاجئين ولكنها بالمقابل وبمجرد وصول طالب اللجوء إلى الأراضي الفرنسية لا تعقد أمر حصوله على إقامة، ولكن يبدو أن أوضاع السوريين في فرنسا لن تستثنى من التغير الذي مس الملف السوري في العالم، إذ خلال السنوات الثلاث الأخيرة أصبحت ملفات طلب اللجوء السورية تعامل كما ملفات اللاجئين من كل الدول الأخرى وارتفعت نسبة الرفض التي يواجه بها طالبو اللجوء السوريون، ولا سيما في ظل موجة اللجوء الأوكراني مؤخراً.

في ظل هذا التغير كله، نشر موقع فرانس 24، خبراً حول تواصل غير مسبوق بين محافظتين فرنسيتين والقنصلية السورية التابعة للنظام في باريس من أجل التحقق من جنسية شخصين واستصدار جواز مرور قنصلي لهما، وهو الإجراء الذي يسبق عادة الترحيل إلى البلد الأم، وجاء في تفاصيل الخبر أن مراسلات بريدية تثبت أن كلاً من محافظة باريس ومحافظة غارون العليا (أوت غارون) قامتا بالتواصل مع القنصلية السورية رغم انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بشكل كامل ورسمي منذ العام 2012.

يشرح موقع الدبلوماسية الفرنسية الرسمي أن فرنسا قطعت "جميع اتصالاتها الرسمية مع السلطات السورية منذ عام 2012، عقب قيام النظام السوري بقمع حركة احتجاجية سلمية" ويؤكد الموقع أن قنصليتي فرنسا في دمشق وحلب أغلقتا في آذار/مارس 2012، فيما دفعت حالة العنف السائدة في سوريا رئيس الجمهورية في حينه نيكولا ساركوزي إلى "إعلان إغلاق سفارة فرنسا في سورية في 2 آذار/مارس 2012"، لابد من الإشارة أن قطع العلاقات الدبلوماسية الكامل لم يمنع النائب في البرلمان الأوروبي تيري مارياني، المنتمي إلى حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبن من زيارة دمشق مؤخراً واللقاء ببشار الأسد وإعلان دعمه لحرب الأسد ضد ما أسماه "الإرهاب الإسلامي".

قطع العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا وسوريا لم يمنع النائب تيري مارياني، المنتمي إلى حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبن من زيارة دمشق مؤخراً واللقاء ببشار الأسد وإعلان دعمه لحرب الأسد ضد ما أسماه "الإرهاب الإسلامي"

التقى رصيف 22 بالصحفية دانا البوز التي تعمل ضمن فريق فرانس 24 للوقوف على تفاصيل الخبر، وقد أشارت البوز إلى أن الخبر وصل إلى فريقهم عن طريق: "منظمات غير حكومية لفتت نظرهم إلى الحادثتين وأطلعتهم على المراسلات التي تؤكد حدوثهما". وأن المراسلات تمت بين محافظتين منفصلتين تواصلت كل منهما على حدى مع القنصلية السورية طالبة التحقق من جنسية الشخصين المعنيين وهما محتجزان في مراكز ترحيل مخصصة للأشخاص الذي يقيمون على الأراضي الفرنسية بشكل غير قانوني. وعادة ما يحتجز الأشخاص في مثل هذه المراكز ريثما يتم استكمال الإجراءات الإدارية إلى حين إعادتهم إلى بلدهم الأم. وأكدت البوز على أنها المرة الأولى التي يعلم بها فريق من وسيلة إعلامية بإجراء هذا النوع من التواصل ولذلك لايمكن توقع إن كان يتم سابقاً سراً أم أنها المرة الأولى التي يتم فيها.

شرحت البوز أن الفريق تواصل مع محافظة غارون العليا ومكتب وزارة الداخلية لسؤالهما عن تفاصيل التواصل الدبلوماسي مع النظام السوري، وأنهما علقا: "من الواضح أننا لا نرحّل الأشخاص إلى سوريا. لكن من الضروري أحياناً مطالبة السلطات السورية عبر جهات اتصال قنصلية بالتحقق من الجنسية السورية لأجنبي في وضع غير نظامي يدّعي ذلك"، لكن لم تعلق كلا الجهتين على التساؤلات حول الهدف من طلب "تصريح مرور قنصلي" إن لم تكن هناك نية لترحيل الشخص المعني.

وأكدت البوز أن أهمية إثبات حدوث التواصل: "لا يتعلق فقط بحالة الشخصين المحتجزين وإنما بسابقة كسر القطيعة الدبلوماسية". لاسيما في ظل خشية المنظمات الحقوقية من الخطر الذي يمكن أن ينجم عن مشاركة السلطات الفرنسية لمعلومات وتفاصيل متعلقة بإقامات اللاجئين وطالبي اللجوء في فرنسا.

عبرت المنظمات الحقوقية عن قلقها مع ورود تقارير مستمرة حول تعرض لاجئين عادوا طوعاً أو في زيارة لسوريا للاحتجاز والتغييب القسري وللتعذيب، ومن آخر هذه التقارير تقرير منظمة العفو الدولية الذي حمل عنوان "أنت ذاهب إلى الموت" والذي ورد فيه: "أن الأشخاص الذين رحلوا عن سوريا منذ اندلاع الصراع فيها معرضون لخطر حقيقي يتمثل في تعرضهم للاضطهاد لدى عودتهم". وتذكر المنظمات الحقوقية باستمرار أن السلطات الفرنسية بقيامها باستصدار جوازات مرور قنصلية، انتهكت عن عمد القوانين الأوروبية والدولية التي تحظر إعادة أي شخص قد يتعرض إلى الاضطهاد إلى بلده الأم.

عبرت المنظمات الحقوقية عن قلقها مع ورود تقارير مستمرة حول تعرض لاجئين عادوا طوعاً أو في زيارة لسوريا للاحتجاز والتغييب القسري وللتعذيب.

أشارت البوز أيضاً إلى ضرورة التأكيد على أن هذه السابقة تأتي في سياق سياسي: "يروج للتطبيع مع نظام الأسد، في ظل عودة العلاقات الدبلوماسية لدول عربية كالإمارات العربية المتحدة مع النظام السوري، وتفاوض حول مصالحة تركية سورية، وأنها قد تكون تمهيداً لمزيد من التواصل مع النظام"، رغم تأكيد الخارجية الفرنسية عدة مرات عدم نيتها إعادة العلاقات الدبلوماسية مع النظام حالياً، ويترافق هذا التواصل الدبلوماسي مع مخاوف أمنية، إذ قد يؤدي التواصل الدبلوماسي إلى كشف معلومات حول اللاجئين للنظام وربما إلى ترحيل بعض الحالات، ولكن البوز أكدت أن: "التكهنات هي التي تقود المرحلة في ظل تكتم السلطات الأوروبية والحديث عن الترحيل دون توثيق أي حالة حتى الآن"، حتى في حالة الدنمارك التي ما زالت تحتجز لاجئين سوريين في مراكز ترحيل ولكنها لم ترحل أياً منهم بعد.

يبدو المشهد العام في العالم اليوم وكأنه ينتظر كي يقرر مصير السوريين ومصير النظام الذي ارتكب بحقهم أبشع الانتهاكات ومازال أبناؤهم يقبعون في سجونه الرهيبة ومعتقلاته وما زالت أجهزته الأمنية تقبض على البلد بالنار والحديد، في ظل أخبار متواترة عن عودة النظام السوري إلى الساحة الدولية كحاكم فعلي لسوريا، وإن كان الأمر الواقع أشد تعقيداً وأكثر انفلاتاً، إلا أن قلق اللاجئين السوريين المقيمين في كل مكان من العالم يتعاظم، ولعل القلق الأكبر هو أن تمر الجرائم والفظائع المرتبكة من قبل النظام السوري وأن لا يتوصل السوريون يوماً إلى العدالة المرجوة والمحاسبة التي يمكن أن تبني مستقبلاً لكل السوريين.

يبقى الأمل في جهود المنظمات الحقوقية وغير الحكومية وفي الرأي العام للبلدان الديمقراطية وعمل الصحفيين من أجل كشف الحقائق، علّ الطريق الصعب نحو العدالة يعطي السوريين فرصة بتحقيق جزء من حلمهم الكبير بسوريا حرة عادلة تتسع للجميع.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image