أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية، يوم أمس الأحد 9 حزيران/يونيو، عن أسماء ستة مرشحين وافق مجلس صيانة الدستور على ترشّحهم للانتخابات الرئاسية الـ14 للجمهورية الإسلامية الإيرانية ولاختيار تاسع رئيس للبلاد، هم: سعيد جليلي، محمد باقر قاليباف، مسعود بِزِشْكيان، علي رضا زاكاني، مصطفى بور محمدي، وأمير حسين قاضي زاده هاشمي. هذا يعني استبعاد المجلس لـ74 شخصاً ممن تقدّموا بطلبات للترشح للانتخابات، بينهم شخصيات بارزة منها: الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، والنائب الأول للرئيس الأسبق إسحاق جهانغيري. فبإعلان هذه الأسماء دخل ملف الانتخابات الرئاسية المبكرة في إيران، مرحلة جديدة.
يمكن اعتبار استبعاد محمود أحمدي نجاد الإجراء الأكثر توقعاً من جانب مجلس صيانة الدستور الإيراني، حيث سبق أن تم استبعاده في دورتين انتخابيتين رئاسيتين عامي 2017 و2021، وشهدت السنوات الأخيرة من رئاسته على البلاد وحتى الآن، خلافات كبيرة بينه وبين النظام، وانتقادات منه وجهها إلى النظام وإلى المرشد الأعلى.
كما كان من المتوقع أيضاً استبعاد القيادي الإصلاحي إسحاق جهانغيري، وعلي لاريجاني الذي كان حتى عهد قريب شخصاً مقرباً من المرشد الإيراني، لكنه أزيح إلى الهامش، حاله حال شخصيات كبيرة أخرى في إيران، بسبب خلافات مع النظام ومواقفه السياسية من بعض القضايا.
وسبق لمجلس صيانة الدستور الإيراني، وهو هيئة غير منتخبة يهيمن عليها المحافظون ومن مهماتها البت في أهلية المرشحين ومراقبة إجراء الانتخابات، إلى جانب وزارة الداخلية، أن رفض ترشح هؤلاء في الدورة السابقة من الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2021.
وأعلن مجلس صيانة الدستور في إيران، بدءَ الحملات الانتخابية الرئاسية، بعد الإعلان الرسمي عن أسماء مرشحي الانتخابات، كما أنه من المقرر أن يتم عرض مناظرات بين مرشحي الانتخابات خلال الأيام المقبلة من التلفزيون الرسمي.
وفقاً لقانون الانتخابات في إيران، فإن الحملات الانتخابية بدأت رسمياً بعد إعلان أسماء المرشحين، وتستمر حتى 24 ساعة قبل موعد الانتخابات التي تنطلق يوم 28 يونيو الجاري.
وتشهد إيران هذه الانتخابات المبكرة إثر وفاة رئيسها إبراهيم رئيسي في 19 أيار/مايو الماضي، في حادث تحطّم مروحيته في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غربي البلاد، برفقة مسؤولين آخرين منهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان.
ووفقاً للدستور الإيراني، في حال شغور منصب الرئاسة، يتم إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال 50 يوماً، يتولى فيها النائب الأول للرئيس مهام السلطة التنفيذية مؤقتاً، على أن يتم العمل على انتخاب رئيس جديد للبلاد.
تعتبر الانتخابات الرئاسية المبكرة التي لم تكن في الحسبان، بمثابة صدمة للنظام الإيراني، الذي عمل في الانتخابات السابقة على استبعاد الشخصيات البارزة في البلاد، حتى أوصل مرشحه إبراهيم رئيسي إلى السلطة، بعد دورتين من رئاسة المعتدل الذي حظي بدعم الإصلاحيين، حسن روحاني
مرشحو الانتخابات الرئاسية الإيرانية 1>5، وفرص فوزهم
في اليوم الأخير من الموعد النهائي لتسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية، أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي في كلمته في مراسم ذكرى وفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني، أن "الإيمان بأسس الثورة" يُعدّ معياراً للرئيس الإيراني المقبل. كما أضاف "إن الشعب الإيراني يحتاج إلى رئيس واعٍ ومؤمن بأُسس الثورة، لكي يتمكن من الحفاظ على مصالح البلاد في المعادلات الدولية المعقدة، وتحقيق عمقه الإستراتيجي، وسد الثغرات الاقتصادية".
محمد باقر قاليباف
هو سياسي محافظ بارز يبلغ من العمر 63 عاماً، ويُعد أبرز مرشحي التيار المحافظ في هذه الانتخابات، وبشكل عام هو من الشخصيات المحافظة المتنفذة في البلاد، ويعتبر نفسه سياسياً تنموياً ذات سياسات حديثة.
قاليباف حاصل على الدكتوراه في الجغرافيا السياسية، وشغل مناصب قيادية في الحرس الثوري الإيراني، منها قيادة السلاح الجوي في الحرس، وقيادة مقر خاتم الأنبياء، قبل أن يُعيّن قائداً لقوات الشرطة من قبل المرشد الأعلى عام 2000، وبقي في المنصب لخمسة أعوام. كذلك حصل قاليباف عام 2005 على منصب رئيس بلدية طهران لمدة 12 عاماً، وتولى بعدها رئاسة البرلمان، وبقي فيها حتى الآن.
ترشح سابقاً أربع مرات للانتخابات الرئاسية الإيرانية، إلا أنه لم يفز فيها. وبرغم انتمائه إلى التيار المحافظ لكن لديه خلافات مع المحافظين المتشددين، كما وجهت له ولعائلته في السنوات الأخيرة اتهامات بالفساد الاقتصادي، والتي رفضها بالكامل.
مسعود بِزِشكيان
طبيب وبرلماني بارز والمرشح الإصلاحي الوحيد في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة، عينته جبهة الإصلاحات ليكون أحد مرشحيها الثلاثة إلى جانب إسحاق جهانغيري وعباس آخونْدي، معلنة شرط مشاركتها في الانتخابات الموافقة على واحد من هؤلاء الثلاثة.
بدأ بزشكيان مشواره السياسي في حكومة الرئيس محمد خاتمي الثانية عام 2001 بعد تعيينه وزيراً للصحة، كذلك تولى عام 2016 منصب النائب الأول لرئيس البرلمان علي لاريجاني، واستمر في هذا المنصب حتى عام 2020.
تم رفض أهليته في الانتخابات البرلمانية في آذار/مارس الماضي، بدعوى عدم التزامه العملي بالنظام، ولكن تم لاحقاً المصادقة على أهليته بعد تدخل المرشد علي خامنئي.
سبق لبِزِشكيان الترشح في الانتخابات الرئاسية الإيرانية مرتين، حيث انسحب من دورة 2013، وفشل في إكمال خوض انتخابات 2021، التي فاز فيها إبراهيم رئيسي، بعد رفض مجلس صيانة الدستور أهليتَه.
وبما أنه ينتمي إلى القومية التركية/الآذرية في إيران، هناك توقعات بحصوله على دعم كبير من القومية التركية في البلاد.
سعيد جليلي
محافظ متشدد، يُعرف بمواقفه المناهضة للاتفاق النووي، حاصل على شهادة الدكتوراه في فرع المعارف الإسلامية والعلوم السياسية من جامعة الإمام الصادق في طهران، والتي تعتبر الجامعة الخاصة لتخريج كوادر النظام الإيراني.
سبق وأن ترشّح مرتين في الانتخابات الرئاسية الإيرانية عامي 2013 و2021، في المرة الأولى حلّ ثالثاً بين المرشحين، وفي المرة الثانية انسحب لصالح إبراهيم رئيسي.
تولى مناصب في وزارة الخارجية الإيرانية، وفي مكتب المرشد الأعلى، وأصبح أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني من 2007 إلى 2013 في عهد الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، وقاد خلال هذه الفترة المفاوضات النووية.
في عام 2013، عيّنه خامنئي عضواً في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وفي عام 2014 أصبح عضواً في المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية.
يُعد جليلي ثاني أبرز المرشحين المحافظين بعد قاليباف في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
علي رضا زاكاني
يشغل زاكاني، السياسي المحافظ المتشدد، حالياً منصب رئيس بلدية طهران، وتولى مناصب في البرلمان قبل تعيينه رئيساً لبلدية طهران.
هذه المرة الرابعة التي يتقدم فيها زاكاني للترشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية، حيث رفض مجلس صيانة الدستور أهليته للترشح في 2013 و2017، وحصل عام 2021 على موافقة المجلس، لكنه انسحب لصالح إبراهيم رئيسي.
أمير حسين قاضي زاده هاشمي
طبيب وسياسي محافظ، يترشح للمرة الثانية للانتخابات الرئاسية، حيث حصل في انتخابات عام 2021 التي فاز فيها رئيسي، على المركز الرابع بين المرشحين السبعة آنذاك.
تولى في حكومة رئيسي منصب مساعد الرئيس ورئيس "مؤسسة الشهداء"، وقبل ذلك كان عضواً في البرلمان لأربع دورات متتالية، ونائباً أولاً لرئيس البرلمان.
مصطفى بور محمدي
رجل دين وسياسي محافظ بارز. يترشح لأول مرة للانتخابات الرئاسية الإيرانية. يترأس بور محمدي حالياً جمعية العلماء المناضلة المشكّلة من رجال الدين المحافظين.
كان وزيراً للداخلية من 2005 إلى 2008 في حكومة أحمدي نجاد الأولى، ثم تم تعيينه في حكومة حسن روحاني وزيراً للعدل من 2013 إلى 2017. كما شغل مناصب أخرى، منها مستشار رئيس السلطة القضائية ورئيس منظمة التفتيش العام، والنائب العام في عدة محافظات في البلاد.
كان عضواً في ما تسميه المعارضة الإيرانية بـ"لجنة الموت" (إلى جانب إبراهيم رئيسي) للإشراف على إعدام أعضاء في منظمة مجاهدي خلق ومنظمات أخرى إيرانية معارضة غالبيتهم من اليسار، عام 1988.
ومن بين هؤلاء المرشحين الستة للانتخابات الرئاسية الإيرانية، يتمتع قاليباف بالحظ الأوفر والأكبر في الانتخابات. وهناك اعتقاد سائد في المجتمع الإيراني بأن قاليباف سوف يكون الفائز في الانتخابات القادمة وأن حضور مرشحين آخرين إلى جانبه يأتي بُغية رفع نسبة المشاركة والمحافظة على شكل الانتخابات.
المشاركة الشعبية، والتوقعات
وصف المرشد الأعلى الإيراني في تصريحاته الأخيرة، الانتخابات المقبلة بأنّها "استكمال لملحمة تشييع الرئيس إبراهيم رئيسي"، وأضاف: "إذا أجريت انتخابات ملحمية، فستكون إنجازاً للشعب الإيراني. بعد الحادث المؤلم، يجب أن يجتمع الناس لانتخاب المسؤول التالي بـ(نسبة) أصوات كبيرة. سيكون انعكاسها في العالم مذهلاً". وبذلك دعا إلى مشاركة شعبية واسعة في الانتخابات. لكن هل تشهد إيران مشاركة انتخابية واسعة؟
تنقسم الآراء حالياً بشأن فرص فوز مرشحي الانتخابات بين من يرى أن المنافسة ستكون بين قاليباف وبِزِشكيان، وفي حال وجود مشاركة شعبية واسعة سيفوز بزشكيان في الانتخابات، وهناك من يرى بأن المنافسة تكون بين قاليباف وجليلي، وسيفوز قاليباف
قبل البت في أهلية مرشحي الانتخابات، توقع الخبراء أنه في حال وافق مجلس صيانة الدستور على مرشحين من مختلف التيارات، ستشهد إيران نسبة مشاركة في الانتخابات تفوق 50%، بعكس الانتخابات السابقة التي أدت إلى فوز رئيسي، والتي بلغت نسبة المشاركة فيها 48,8 بالمئة، وكانت الأدنى لاستحقاق رئاسي في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ تأسيسها عام 1979. لكن بعد الموافقة على 5 مرشحين من التيار المحافظ، والموافقة على مرشح إصلاحي واحد، أعاد الكثير من الخبراء توقعاتهم بشأن نسبة المشاركة.
وعن سبب تراجع رغبة الإيرانيين بالمشاركة في الانتخابات، يعتقد الكاتب والناشط السياسي الإصلاحي، عباس عبدي، أن الشعب الإيراني، اليوم، يعتقد بأن إصلاح الأوضاع الراهنة يتطلب خيارات واسعة لمن يقوم بها، وهي خارجة عن الصلاحيات والخيارات التي يمتلكها الرئيس، وأن أي رئيس يأتي إلى السلطة لن يكون قادراً على حل االقضايا والأزمات في البلد.
وهناك محللون ومواطنون ينظرون إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران بأنها اختبار لشرعية النظام الإيراني بعد ابتعاد الشعب عن السلطة وتوالي الاحتجاجات الشعبية في السنوات الأخيرة، لا سيما تلك التي شهدتها البلاد بعد مقتل مهسا أميني وتزايد السخط بشأن الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد، وتراجع نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات السابقة، ويتوقعون بأن النظام لن يحصل على إضفاء شرعية له من خلال هذه الانتخابات.
يعتبر هؤلاء أن موافقة مجلس صيانة الدستور على المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان، هي "سياسة" النظام، أو كما يعتبرها البعض "لعبة" النظام، لتشجيع المواطنين على التصويت وإظهار الانتخابات بأنها ديموقراطية وتنافسية، إلى جانب محاولته للحفاظ على صورته أمام المجتمع الدولي. كما يعتقدون بأن النظام الإيراني، قرّر منذ سنوات أن يسعى لتوحيد صفوفه بأي قيمة، والإصغاء لصوت الشعب بات آخر ما يهمّه.
وتنقسم الآراء حالياً بشأن فرص فوز مرشحي الانتخابات بين من يرى أن المنافسة ستكون بين قاليباف وبِزشكيان، وفي حال وجود مشاركة شعبية واسعة سيفوز بزشكيان في الانتخابات، وهناك من يرى بأن المنافسة ستكون بين قاليباف وجليلي، وسيفوز قاليباف، مع توقعات بانسحاب زاكاني وهاشمي لصالح قاليباف في السباق الانتخابي لتعزيز فرص فوزه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه