شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
أمي لم تخبرني أي شيء عن الجنس

أمي لم تخبرني أي شيء عن الجنس

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الخميس 6 يونيو 202412:16 م

هذه النصوص القصيرة التي تتناول مواضيع متعلقةً بالصحة الجنسية والحقوق الجنسية والإنجابية وملكية الجسد، تندرج ضمن مشروع تعاون بين رصيف22 ومؤسسة "براح آمن"، وهي مؤسسة نسوية مصرية تناهض العنف الأسري. الهدف من هذا المشروع إفساح المجال أمام الأشخاص، وتحديداً النساء، للتعبير عن ذواتهنّ ومشاعرهنّ وجنسانيتهنّ وعلاقتهنّ بأجسادهنّ.

وصلت القاهرة بعد زواجي بأسبوع واحد فقط. لم أكن أعرف ما الذي أفعله هنا بحق الشياطين. لم أعرف ماذا سأفعل؟ أين سأعيش؟ هل ستقبلني أي جامعة بعد أن تركت جامعتي هناك بعد انقضاء السنة الدراسية الثانية؟ وهل سنجد أنا وزوجي بيتاً يؤوينا، بعد أن تنفد مدخراتنا على البنسيون الرخيص في شارع طلعت حرب؟

لكن الأصعب من كل هذا، أن أحداً لم يخبرني كيف أتصرّف في المجال الخاص جداً، في غرفة النوم وغرفة طبيبة النساء ومحل الملابس الداخلية، مع كل من يشاركني هذه الغرف ويبادلني نظرات الحيرة.

العزل الجندري

لم تخبرني أمي أي شيء عن الجنس، واكتفت بسؤال واحد بعد زفافي بيومين فقط: "هل اقترب منك؟"، فضحكت وقلت: "نعم".

"كنت أعيش في مجتمع يحافظ على عزله الجندري بصرامة، ولا ترعبه حروبه المتتالية مثلما يرعبه لقاء شاب وفتاة بعد بلوغهما بيوم، حتى وإن كان بينهما صلة قرابة وقضيا طفولتهما معاً"

لم يفهم زوجي أيضاً سبب بكائي المتشنّج عندما وجدت نقطة دم على مفرش السرير، ولم أخبره، لأنني لم أعرف السبب وقتها، أنني أبكي على كل المرات التي أسعفتني فيها أمي إلى المستشفى للتأكد من وجوده بعد كل حادث أو وقوع يدمي ركبتي ويدي ووجهي. الأهم دائماً كان ما بين فخذي، الذي تلاشى للأبد في لحظة، بلا أي متعة أو خبرة أو تحكّم مع رجل أحبه، ولكنني مجرّد فتاة بلغت التاسعة عشرة للتو، ولم يخبرها أحد بأي شيء.

كنت أعيش في مجتمع يحافظ على عزله الجندري بصرامة، ولا ترعبه حروبه المتتالية مثلما يرعبه لقاء شاب وفتاة بعد بلوغهما بيوم، حتى وإن كان بينهما صلة قرابة وقضيا طفولتهما معاً.

لم نكن متيقنين من شيء كيقيننا من ضرورة تجنّب الاختلاط، وكل ما يؤدي إليه من قول وعمل وفولو ولايك وكومنت.

لذلك، لم أحظ بأي فرصة لأفهم كيف يتجاوب جسدي مع وجود الآخر؟ وما هي المسافة التي يفترض أن تكون بيننا، كي لا يتم اختراق أماني الشخصي، إذا لم يفصل بيننا باب أو جدار أو ستارة؟

رحلة مكوكية

كنت أظن أن "الأوبر سكوتر" خيار جيد وموفر، طالما هو قانوني ومتاح، وعندما شعرت أن شيئاً ما يجب علاجه عندما لاحظت إفرازات غريبة بعد أول أسبوع زواج.

طلبت لنفسي سكوتر، وكان الوضع غريباً ومضحكاً، عندما أمسكت بأطراف قميص السائق وانطلقنا، فقال لي: "تمسّكي جيداً"، وكلما تمسّكت أكثر كلما زادت سرعته. في ذلك الوقت لم أفهم قصده، وقلت لنفسي: "ربما تتصرف كل النساء هنا على هذا النحو حتى لا يسقطن".

وصلت إلى العيادة بعد رحلة مكوكية من وسط البلد إلى المقطم. كنت أشعر بخجل شديد لأنني ولأول مرة في حياتي أُحتجز في عيادة نسائية مع طبيبة وممرضة، أحدق بهما وتحدقان بي، وأنا أحاول أن أرفع الدبلة في وجوههن، ثم بعد دقائق من الصمت المريب نطقت أخيراً: "أنا عروسة يا دكتورة، متزوجة منذ أسبوع"، ثم استطردت بشرح مشكلتي وكأن ألمي تفصيل جانبي في السياق، الأهم هو تبرير وجودي في هذا المكان.

"فكّرت فيما ستقوله عني إذا رأت سروالي الداخلي الأحمر الذي لم يره مخلوق قبل زوجي منذ أسبوع واحد فقط، أو إذا رأت اللون الأغمق للمنطقة بسبب الحر وتعدّد الطبقات التي أرتديها في بلادي"

طلبت مني أن أتوجّه لسرير الكشف، ففعلت. خلعت حذائي من باب الاحترام وانتظرت خلف الستارة حتى سألتني الممرضة إذا كنت جاهزة، لتزيح الدكتورة الستارة وتنظر بحيرة: "مش قلتِ جاهزة؟"، قلت لها: "نعم! خلعت الحذاء واستلقيت على ظهري، هل هناك وضعية معينة يجب أن أتخذها؟"، قالت: "هنعمل سونار يا حبيبتي وهفحصك"، قلت: "طبعاً طبعاً!".

رفعت لها البلوزة قليلاً، كما تفعل الحوامل في كل الأفلام التي شاهدتها، فما كان منها إلا أن قالت بنفاد صبر: "من تحت"، فصعقت وانكمشت وفكّرت فيما ستقوله عني إذا رأت سروالي الداخلي الأحمر الذي لم يره مخلوق قبل زوجي منذ أسبوع واحد فقط، أو إذا رأت اللون الأغمق للمنطقة بسبب الحر وتعدّد الطبقات التي أرتديها في بلادي.

لم أكن متأكدة إذا كان يجب أن أخلع كل شيء أم أنزل البنطلون والسروال قليلاً إلى مستوى ركبتي، فقرّرت أن أسألها السؤال الأخير، فابتسمت، وقالت: "اقلعي خالص وشدي الملاية عليكي". ثم سألتني بدورها: "ماما فين؟"، فأجبت: "ماما مش هنا حالياً، بس ماما عمرها ما قالتلي حاجة"... ثم تركت نفسي لها وأنا أفكر بحسرة وأسف: "لماذا يا ترى لم تقل ماما أي شيء؟".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image