شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"من يمتنع عن الجنس كمن يقتل نفسه بيديه"... رجال يرفضون الجنس قبل الزواج

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الجمعة 17 مارس 202301:14 م

لطالما ارتبط مفهوم العذرية في معظم المجتمعات العربية بالمرأة، وذلك لأسباب دينيّة واجتماعيّة وثقافيّة عدّة. في المقابل، قد يُجابَه الحديث عن عذريّة الرجل بالسّخرية والاستغراب.

في الواقع، تُعرَّف العذريّة في مفهومها الضيّق والخطأ بتمزّق غشاء البكارة بفعل العلاقة الجنسيّة، غير أنّ بعض النساء قد يفقدن غشاء بكارتهنّ بمجرّد ممارسة بعض التمارين الرياضيّة التي تتطلّب لياقةً بدنيّةً عاليةً، فيما بعض الإناث ليس لديهنّ غشاء بكارة من الأصل أو يكون مطاطياً، مما يعني عدم نزول الدم بعد العلاقة الجنسية الأولى.

وتعدّ مجتمعات عدة، أن الرجل يفقد عذريته لدى ممارسته علاقةً جنسيّةً كاملةً، فيما يتم عدّ مسألة فقدان الرجل عذريته أمراً "طبيعيّاً"، لا تحدّه أعراف ولا يحظى بالاهتمام نفسه الذي يكرّسه المجتمع لعذّرية المرأة، ويبقى امتناع الرجل عن ممارسة الجنس قبل الزواج مسألةً غير شائعة كثيراً في مجتمعاتنا التي يغلب عليها الطابع الذكوري.

ما الذي يدفع بعض الرجال إلى الاحتفاظ بعذريتهم وعدم اختبار تجارب جنسيّة قبل الزواج؟

بين المبادىء والقناعات... تأديب للنفس

قال منير (28 عاماً) الذي يعمل محاسباً، في حديثه إلى رصيف22: "إنّ قرار احتفاظي بعذريتي يعود إلى عاملين: المبادئ التي تربيت عليها، على الرغم من أنّ والدي لا يعارض فكرة ممارستي الجنس قبل الزواج إلا أنّه يحترم رغبتي، حتى لو مازحني أحياناً وعلّق بطريقة طريفة على إحدى التجارب التي رفضت فيها ممارسة الجنس مع فتاة".

وتابع بالقول: "أمّا العامل الثاني فهو قناعتي بأنني لا أريد أن تكون التجربة الجنسية الأولى لي مع أيّ شخص، بل أريدها أن تكون مميّزةً مع فتاة أحبها وأبادلها مشاعر وأحاسيس قويّةً وأرى فيها شريكة حياتي. فأنا أقدّر جداً العلاقة الجسديّة وأرى أنها نتاج حبّ وتفاهم لا بل عشق، لذلك أرى أنّ العلاقة الجنسية يجب أن تكون النتيجة لا الهدف".

وأكد منير عدم انزعاجه من كون العدد الكبير من أصدقائه يملك تجارب جنسيةً بعكسه: "أنا حرّ بقناعاتي وأحترم حريّتهم أيضاً، وفي المقابل أملك أصدقاء يشاركونني القرار نفسه ويدعمونني، كما أننا لا نتحدّث كثيراً عن الجنس على عكس معظم الرجال".

"لا أريد أن تكون التجربة الجنسية الأولى لي مع أيّ شخص، بل أريدها أن تكون مميّزةً مع فتاة أحبها وأبادلها مشاعر وأحاسيس قويّةً وأرى فيها شريكة حياتي. فأنا أقدّر جداً العلاقة الجسديّة وأرى أنها نتاج حبّ وتفاهم"

ونفى أن يكون قد تعرّض للسخرية من قَبل: "لم يقم أحد من قبل بالاستهزاء أو السخرية مني، لا بل ينظرون إليّ نظرة إعجاب واحترام وتقدير".

وعن هواجسه وفضوله في اكتشاف هذا الشعور، أجاب: "طبعاً لديّ حشريّة لتجربة شعور ممارسة الجنس مع فتاة، خصوصاً أنني اقتربت من سنّ الـ30، وازداد تفكيري في احتمال عدم قدرتي على الزواج في هذا الوضع الاقتصادي الصعب، ما يجعلني أعيش في صراع دائم بين رغبتي في تجربة هذا الشعور وإرادتي في السيطرة على نفسي على قاعدة: من شرب من البحر لن يغرق في الساقية".

صعوبة مقاومة الإغراءات والأوجاع الجسديّة

كشف منير أن أصعب ما في الأمر هو التعرّف إلى فتاة والشعور بانجذاب قويّ تجاهها: "هنا تصبح المقاومة أكبر وأصعب أمام الإغراءات، خصوصاً إذا ما كان الانجذاب كبيراً جداً. ومن جهة ثانية، معظم أصدقائي البنات يقلن لي أنهنّ يفضّلن الرجل صاحب الخبرة الجنسيّة وهو ما ينقصني، على الرغم من أنني أملك ثقافةً جنسيّةً واسعةً لم أكوّنها من أفلام البورنو بل من خلال الأفلام والمسلسلات التي أشاهدها على التلفاز ومن خلال بعض الكتب والمقالات، ولكن طبعاً تبقى جميعها نظريات تحتاج إلى التطبيق".

وأضاف: "لا أخشى ألا أعرف كيفيّة ممارسة الجنس مع شريكتي، إلا أننا سنحتاج طبعاً إلى بعض الوقت ريثما نفهم حاجاتنا الجنسيّة ونتعامل معها".

وعن تجاربه مع الفتيات، قال منير: "بقيت جميعها في إطار المداعبة والتقبيل، ولم نصل إلى مرحلة خلع الملابس"، كاشفاً أنه يكون صريحاً منذ البداية مع الفتاة التي برفقته ويوضح لها أنه يرفض الممارسة الجنسيّة الكاملة: "طبعاً أشعر بالإثارة، إلا أنني لا أصل إلى مرحلة القذف، وعندما أعود إلى المنزل أمارس العادة السريّة التي أستذكر فيها عادةً مشاهد جمعتني بالفتاة وأشعرتني بالإثارة، فلا أحتاج إلى تصوّرها عاريةً، يكفي أن أسترجع هذه اللحظات الحميمة فهي تفي بالغرض".

واعترف منير بأنّ امتناعه عن ممارسة الجنس واكتفاءه بالعادة السريّة، يسببان له أوجاعاً جسديّةً وآلاماً في الظهر خصوصاً عند منطقة الكليتين، إلا أنّه لم يشعر يوماً بالإحباط بعد رفضه ممارسة الجنس.

ليس خوفاً من العقاب أو طمعاً في الجنّة

من جهته، كشف عماد (32 عاماً) عن تجربته مع العذريّة لرصيف22، قائلاً: "ليس خوفاً من العقاب أو طمعاً في الجنّة، إنما لقناعتي بأنّ ضبط النفس والسيطرة على الغرائز تجعلان مني إنساناً أقوى وأوعى، وتسمحان لي بأن أتطوّر في الحياة. أنا شخص روحانيّ يمارس الكثير من ساعات التأمّل التي بدورها تساعدني على تأديب النفس".

وأضاف: "لطالما شعرت بالاشمئزاز من الطريقة التي كان ينجذب فيها أصدقائي إلى أيّ فتاة جميلة تمرّ في الشارع. فنظراتهم وطريقة تعبيرهم كانت رخيصةً وهو ما كان يستفزني، وكان الحديث يتمحور على شكل صدرها ومؤخرتها وكيف يرغبون في ممارسة الجنس معها. أمّا أنا فأرفض أن أكون لاحقاً تنورةً وفاقداً السيطرة وأرفض أن تلحقني صفة 'نسونجي'... كلّ هذه الأفكار تشعرني بالقرف".

"طبعاً أشعر بالإثارة، إلا أنني لا أصل إلى مرحلة القذف، وعندما أعود إلى المنزل أمارس العادة السريّة التي أستذكر فيها عادةً مشاهد جمعتني بالفتاة وأشعرتني بالإثارة، فلا أحتاج إلى تصوّرها عاريةً، يكفي أن أسترجع هذه اللحظات الحميمة فهي تفي بالغرض"

وصف عماد نفسه بأنه "رجل سيغما"، شارحاً بالقول: "الرجل الألفا هو من يملك سحراً يخوّله الحصول على أي فتاة يريد ويختار الحصول عليها وممارسة الجنس معها، أمّا الرجل السيغما فهو أعلى رتبةً من الألفا إذ يمكنه الحصول على الفتاة لكنه يختار عدم الحصول عليها، وهذا الأمر يعطيني قوّةً ويمنحني رضا كبيراً عن ذاتي".

وأضاف: "وضعت الكثير من المعايير وعملت على الالتزام بها في حياتي، وأوّلها عدم التعرّض لأي فتاة. وهذه أفضل نسخة عن نفسي أستطيع الوصول إليها"، عادّاً أنّ "الجنس ليس حاجةً أساسيّةً للفرد كالطعام والشراب".

لم ينفِ عماد تلقّيه جنساً فموياً من قِبَلِ بعض الفتيات ومبادلته الأمر نفسه معهنّ، "إلا أنني لم أمارس جنساً شرجياً ولم يحصل أي إدخال من قبل. فالعلاقة الجنسيّة الكاملة تؤدّي إلى ارتباط روحي قويّ وعميق بين الشريكين، وهو ما أريد تجربته مع زوجتي فقط، لأنني أخشى أن أؤذي الفتاة أو أن أنقل إليها أمراضاً جنسيّةً أو أن أجعلها تحمل".

وكشف عماد عن تعرّضه للكثير من الانتقادات والسخرية بسبب قراره عدم ممارسة الجنس قبل الزواج، خصوصاً من النساء التي يصادفها: "ينظرن إليّ بطريقة غريبة مليئة بالاستغراب ويشككن في أنّ تكون لديّ مشكلة جنسيّة متعلقة بحجم قضيبي وهو ما يضحكني".

الدين رادع قويّ

أخصائي علاج السلوك النفسي، د. هادي سمارا، رأى أنّ "الكثير من الرجال يفضّلون ممارسة الجنس مع فتاة يشعرون بمشاعر وأحاسيس تجاهها"، عادّاً أن ما يحرّكهم للإقدام على المحافظة على عذريتهم هو العامل العاطفي إلى جانب العامل الديني الذي قد يلعب دوراً رئيسيّاً في طريقة تكوينهم لمبادئهم وقناعاتهم: "الدين رادع قويّ في أغلب المجتمعات"، على حدّ قوله.

وأضاف سمارا لرصيف22: "يرى بعض الرجال أنّ عذريتهم شيء ثمين يرغبون في مشاركته مع الشخص المناسب إذ يشعرون بأنهم قاموا بتقديم أمر مميز ومهم بالنسبة لهم ولشريكهم، وهكذا تصبح العلاقة مقدّسةً وفق رأيهم".

وانطلاقاً من بعض الحالات الخاصّة التي يتابعها في عيادته، قال د. هادي، إن "ضبط الشهوات وتأديب النفس يطوّران عقل الفرد ويوصلانه إلى درجات ذهنيّة أعلى، إلا أنّ تأديب الذات له شروط وقوانين وأصول، بحيث ليس من المطلوب من الفرد أن يعذّب نفسه، فلهذه العملية أبواب واسعة تحدّها أطر وأسس وشروط وقوانين".

"العلاقة الجنسيّة الكاملة تؤدّي إلى ارتباط روحي قويّ وعميق بين الشريكين، وهو ما أريد تجربته مع زوجتي فقط، لأنني أخشى أن أؤذي الفتاة أو أن أنقل إليها أمراضاً جنسيّةً أو أن أجعلها تحمل"

وعن سبب نظرة المجتمع المغايرة إلى الرجل الذي يرفض الجنس قبل الزواج مقارنةً بالمرأة التي ترفض الأمر نفسه، قال سمارا: "نعيش في مجتمع مريض يعاني من ازدواجية في المعايير ونفاق إذ ندّعي عكس ما نمارس".

وحذّر د. هادي سمارا، من خطورة الانقطاع التام عن ممارسة الجنس، لأنّ "الإنسان لا يستطيع أن يعيش من دون جنس لكونه حاجةً أساسيّةً كالطعام والشراب"، مستشهداً بعالم النفس سيغموند فرويد الذي رأى أنّ من يمتنع نهائياً عن ممارسة الجنس، ستنفجر لديه هذه الحاجة في مكان آخر، في طباعه مثلاً أو في سلوك لديه قد يكون عنيفاً: طباع سيئة، عصبيّة أو عادة سيئة"، وختم حديثه بالقول: "من يمتنع عن الجنس كمن يقتل نفسه بيديه". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image