نظّم رصيف22 منتدى تحت عنوان: "شباب مش عَ الهامش... نحو استعادة القصة والوصول إليها"، عالج من خلاله آليات تدقيق الأخبار، وتحدّي الرقابة الرقمية، والآليّات التشاركية في صناعة الأخبار، وذلك خلال يومي 22 و 23 أيار/ مايو 2024 في مبنى معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة، في الجامعة الأمريكية في بيروت.
شارك في المنتدى شباب وطلاب من جامعات لبنانية مختلفة، عملوا ضمن مجموعات عمل خلال جلسات المنتدى، على مواضيع تتعلّق بحقوق فئات اجتماعية مهمّشة في سياق "الحريات الجندرية وحرية الميول الجنسية"، "الإعاقة الجسدية والفكرية والوصول إلى الخدمات"، "الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية"، "اللجوء وإنصاف القطاع الصحي" و"التصدي للوصمة المحيطة بتناول المخدرات".
تمحورت الجلسة الأولى حول موضوع مواجهة تحديات الخوارزميات وكسر الحلقات المغلقة، تحت عنوان: "كل مرغوب محجوب". تحدثت خلالها، بدايةً، مسؤولة البرامج في المنبر المصري لحقوق الإنسان، سمر الحسيني، عن سياسات إدارة المحتوى. قالت: "المشكلة ليست في وجود سياسات حماية المحتوى الرقمي، وإنما في آلية إقرارها وتطويرها. فكل فضاء اجتماعي يحتاج إلى نظام تنظيمي، لا إلى تقييد. يجب أن تكون هذه السياسات مرنة وقابلة للتكيّف مع المتغيرات، تراعي حقوق الأفراد وتمنع الانحرافات دون الحد من الحريات".
تالياً، قدمت منظمة "سمكس" عرضاً عن الآليات المعتمدة من منصات التواصل لحجب المحتوى أو فرض "الحظر الظلّي" عبر لعبة الخوارزميات. قال مدير البرامج الإعلامية في "سمكس"، عبد قطايا: "شركات التكنولوجيا ينبغي أن تحترم معايير حقوق الإنسان وحرية التعبير حيثما تعمل، ويجب ألا تُفضّل الربح المادي على حقوق المستخدمين وحتّى أرواحهم، كما يحدث في بعض الحالات"، وأضاف بأن "مشكلة إزالة المحتوى لا تكمن في الخوارزميات وحسب، بل في الخوارزميات والسياسات وحتّى التحيّز ضد أشخاص معيّنين وفئات معيّنة".
مسؤولة البرامج في المنبر المصري لحقوق الإنسان، سمر الحسيني: "المشكلة ليست في وجود سياسات حماية المحتوى الرقمي، وإنما في آلية إقرارها وتطويرها. يجب أن تكون هذه السياسات مرنة، تراعي حقوق الأفراد وتمنع الانحرافات دون الحد من الحريات"
أما الجلسة الثانية، فناقشت كيفية مواجهة المعلومات المغلوطة والمضللة ودور الذكاء الاصطناعي في مكافحتها، تحت عنوان: "أثبتت دراسات غروبات الواتساب…". خلال الجلسة، أشارت مديرة الشبكة العربية لمدققي المعلومات من أريج (AFCN) سجى مرتضى، إلى أن الشبكة تركز على أربعة محاور رئيسية في دعم مؤسسات تدقيق المعلومات في العالم، وهي: تطوير المهارات، التشبيك، الحماية والابتكار.
وأضافت مرتضى: "الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً كبيراً في تطوير تدقيق المعلومات، والدليل الأكبر على ذلك 'تشات بوت' الشبكة العربية لمدققي المعلومات، وأدوات 'فول فاكت' لتدقيق المعلومات باللغة العربية. في الوقت نفسه، يُصعِّب الذكاء الاصطناعي عملية تدقيق المعلومات، خاصة في ما يتعلّق بكشف التزييف العميق وتأثير ذلك على مسار أي انتخابات أو أزمة في أي بلد".
خلال الجلسة نفسها، أشار رئيس قسم التحقق الرقمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وكالة فرانس برس (AFP)، خالد صبيح، إلى أن الأخبار الزائفة بمختلف أنواعها ليست حكراً على منطقة دون منطقة أو لغة دون لغة في العالم"، مردفاً: "مدّققو المعلومات لا يمكن أن يحسموا المعركة في وجه مروّجي الأكاذيب. ما يمكن أن يُحاصر مروّجي الأخبار الزائفة هو نشر عقليّة التشكيك".
في الجلسة الثالثة، عالج المنتدى كيفية تقديم محتوى يحاكي جيل اليوم، مع عدد من الإعلاميين/ات وصنّاع وصانعات المحتوى، وذلك تحت عنوان: "صارت سنة الألفين… و24". صانعة المحتوى في منصة "بلينكس"، شذى اليمن، قالت إنه "يمكنك إنشاء محتوى مفيد عن أي شيء، حرفياً أي شيء. يتوقّف الأمر على طريقة تناولك". الممثّلتان الكوميديتان والمديرتان الفنّيتان لـ"Coffee Break"، ناتالي مصري ونادين شلهوب، أيضاً اعتبرتا أنه "بالرغم من أن مواكبة الـ 'ترند' في المحتوى الذي تقدّمه عبر الإنترنت قد تمنحك انتشاراً فورياً و'لايكات' وشهرة مؤقتة، إلا أن العثور على هويتك أو أسلوبك الرقمي الخاص يساعدك على ابتكار المحتوى الذي يتيح لك بناء جمهور طبيعي، أو مجتمع من المتابعين، يتطلّعون إلى كل ما هو جديد منك".
الصحافي والباحث روجيه أصفر: "هناك حاجة إلى توضيح الفرق بين حرية الرأي والتعبير، والحضّ على الكراهية والعنف
أما المؤسِّسة والمديرة الإبداعية لمنصة "خطيرة"، أماندا أبو عبد الله، فاعتبرت أن "التطوّر ينبغي أن يتم عن طريق التجربة والخطأ، وألّا ننتظر الكمال". تابعت: "يجب جعل الجمهور الذي تستهدفه عنصراً مهماً في عملية خلق محتواك. بينما تفكّر في ما تريد أن تقوله، فكّر في من تريد أن تقوله له". كبيرة مراسلي الأخبار، والمذيعة ومقدمة البرامج الحوارية في قناة LBCI، رنيم بو خزام، حثّت هي الأخرى: "قبل الضغط على زر 'مشاركة'، تحقّق مرّتين من المعلومات الواردة في المحتوى الذي أنت بصدد مشاركته من مصادر موثوقة. في عالم مليء بالمعلومات المضللة، علينا أن نكون 'أبطال الحقيقة'".
الجلسة الرابعة والاخيرة، خُصِّصَت لمناقشة تمثيل الشباب والفئات المهمّشة في الإعلام البديل وتوصياتهم/نّ التحريرية، تحت عنوان: "القصص الموجودة على الشاشة أعمق في الحقيقة". خلالها، تحدث الصحافي والباحث روجيه أصفر عن اللاجئين/ات السوريين/ات، فقال: "هناك حاجة إلى توضيح الفرق بين حرية الرأي والتعبير، والحضّ على الكراهية والعنف. ربما الفرق بين الوطنية والعنصرية، وإعادة تدريب صحافيين/ ات كثر على بديهيات تجنّب المعلومات الزائفة والمغلوطة، واستقاء المعلومات من مصادرها الأصلية، بدلاً من تسويق خطابات يجب أن تكون ممنوعة حقوقياً وأخلاقياً".
المؤسِّسة والمديرة الإبداعية لمنصة "خطيرة"، أماندا أبو عبد الله: "يجب جعل الجمهور الذي تستهدفه عنصراً مهماً في عملية خلق محتواك. بينما تفكّر في ما تريد أن تقوله، فكّر في من تريد أن تقوله له"
وقال منسّق التواصل في منظمة حلم، ضوميط القزي، الذي تحدث عن مجتمع الميم-عين: "يواجه أفراد مجتمع الميم-عين صعوبةً في العثور على فضاء يتيح لهم التعبير عن أنفسهم ومشاركة تجاربهم. فقد تبنّى جزء من الإعلام خطاباً مضللاً يستهدف مجتمع الميم-عين، عن طريق خلق أو تسويق صور نمطية سلبية وغير واقعية". تحدّثت المديرة التنفيذية ورئيسة نقابة الاختصاصيين في العمل الاجتماعي في لبنان، د. نادية بدران، عن فئة مستخدمي المخدرات. قالت: "الإعلام يقدر على رفع صوت من لا صوت له، ومن هو مهمّش في المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية. الإعلام لديه سلطة وعليه مسؤولية. فالإعلام وسيلة لدعم القضايا الاجتماعية وتسليط الضوء عليها من دون تعزيز الصور النمطية التي تجتاحها".
كذلك، تحدّث الناشط في مجال اللاعنف وحقوق الإنسان، نبيه السمراني، عن فئة ذوي/ات الإعاقة، فقال: "هناك إشكالية متعلّقة بالتعابير المستخدمة للتعبير عنّا. ففي اللغة الإنكليزية نستخدم تعبير people with disabilities بينما، في اللغة العربية، تُستخدم تعابير مختلفة مثل 'معاق' و'معوّق' و'أصحاب الإرادة الصلبة' و'أشخاص ذوي احتياجات خاصة'، بينما التعبير الصحيح هو أشخاص ذوو إعاقة".
في الختام، أُعلنت نتيجة مسابقة "شباب مش عَ الهامش" الطلابية، التي تقدم للمشاركة فيها أكثر من 30 طالباً وطالبة من مختلف كليات الإعلام في الجامعات اللبنانية، تخلّلها جلسات تدريب قام بها الصحافي الزميل حسن عباس، وقد وصلت الى المرحلة النهائية أربع مشاركات، وفازت بالمرتبة الأولى، الطالبة في الجامعة اللبنانية، أماني شعبان، بمقال حمل عنوان: "'نخاف من الاختلاف'... 'جحيم' حياة مجتمع الميم-عين". نالت الفائزة منحة مالية بقيمة 1000 دولار أمريكي. كما أوصت لجنة الحكم بنشر التقارير الأربعة، بعد أن وضعت علاماتها على أساس تقديم القضية وأسلوب الكتابة. تألّفت لجنة الحكم من الصحافيين/ات والكتاب/ الكاتبات حسن عبّاس، سعدى علاو، سحر مندور، أيمن شرّوف ومهند الحاج علي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين