شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
هذه الكنيسة أنشئت في منزل صانع أحذية… الكاتدرائية المرقسية في الإسكندرية

هذه الكنيسة أنشئت في منزل صانع أحذية… الكاتدرائية المرقسية في الإسكندرية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رود تريب نحن والتنوّع

الخميس 9 مايو 202402:49 م

تظلّ الكاتدرائية المرقسية في الإسكندرية مركزاً للاحتفال والصلاة في جميع المناسبات الدينية والاجتماعية أيضاً، على مرّ الأزمنة. وفي عصرنا الحالي، يأتي إليها الزائرون من كل حدب وصوب، ومن جميع الأديان والبلدان، فلا تؤثر فيها أحداث تفجير أو إرهاب ولا حتى محاولة اغتيال البابا تواضروس الثاني.

الكاتدرائية المرقسية

فور دخولكم إلى مقرّ الكاتدرائية المرقسية في الإسكندرية، تشعرون بالسكينة والطمأنينة وروائح الإيمان تسكن جوارحكم، سواء كنتم مسيحيين أم مسلمين، وتجدون في بداية دخولكم عند مدخل الكنيسة جداريةً لتخليد صور شهدائها الذين رحلوا عن العالم جراء الحادث الإرهابي الذي تعرضت له الكاتدرائية يوم أحد الشعانين الذي وافق يوم 9 نيسان/أبريل 2017، وذلك في محاولة لاغتيال البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والذي كان يترأس القداس الإلهي حينها.

تظلّ الكاتدرائية المرقسية في الإسكندرية مركزاً للاحتفال والصلاة في جميع المناسبات الدينية والاجتماعية أيضاً على مرّ الأزمنة. وفي عصرنا الحالي، يأتي إليها الزائرون من ومن جميع الأديان والبلدان

خلال المؤتمر الوطني للشباب الأخير الذي استضافته مدينة الإسكندرية، في شهر حزيران/ يونيو العام الماضي، كرّم رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، اثنين من شهداء حادث الكنيسة المرقسية هما المقدّم عماد الركايبي ورقيب أول أمنية رشدي، وهما من أوائل ضحايا الحادث الإرهابي، وكانوا ضمن لجنة التأمين خارج الكنيسة، مما يوضح أن هذا الحادث الأليم ما زال مترسخاً في الأذهان ولم يُنسَ في تاريخ الدولة المصرية.

تتجولون داخل مبنى تاريخي من طراز رفيع لا آثار فيه لأي اعتداء شهدته الكنيسة المرقسية على مدار تاريخها. كما أنكم عندما تتجولون داخل الكنيسة لا تجدون أي آثار لتدمير أو تدهور في أي جزء منها، بل على النقيض تماماً تجدون أنفسكم تتجولون وسط قطع أثرية وتاريخية ترجع لعهود قديمة جداً وكأنكم في متحف أثري، وليس في كنيسة، كما أن الصلوات وإقامة الشعائر الدينية لا تتوقف أبداً فيها.

وأيضاً ترون تطويراً للمباني والإنشاءات داخل الكاتدرائية، واستقبالاً حافلاً للمُصلّين وإقامة الشعائر الدينية والقداس في مواعيدها بانتظام. يقول خُدّام الكنيسة إن الكاتدرائية لم تغلق أبوابها قط إلا لتلافي آثار التلفيات جراء الاعتداء عليها في حينها فقط، ثم استقبلت زائريها وفتحت أبوابها للمواطنين على الفور.

قصة إنشاء أول كنيسة إفريقيا التي انتشرت منها المسيحية 

تُعدّ الكنيسة المرقسية في الإسكندرية ذات قيمة مميزة وأهمية خاصة جداً، فهي أول وأقدم كنيسة أُنشئت في قارة إفريقيا كلها، حيث أُنشئت في منزل صانع أحذية مصري يحمل اسم "أنيانوس"، وهو من أوائل المؤمنين بالدين المسيحي، وقد تطوع لتحويل منزله إلى كنيسة، لتصبح بمثابة أول كنيسة في قارة إفريقيا كلها على أرض مصرية، تنتشر منها المسيحية إلى باقي الدول الإفريقية والعالم أيضاً.

وتعود الأهمية التاريخية لتلك الكنيسة، إلى أنها أُنشئت قبل 121 عاماً تقريباً، في عام 1899، من قِبَل المحسن الكبير قسطنطين جوجو وزوجته ماريوجا، وهي تبعد مسافة مئة متر فقط عن البحر الأبيض المتوسط، على اسم القديس نيقولاوس شفيع البحارة لتكون مكرسةً للبحّارة اليونانيين الذين كانوا يصلون إلى مدينة الإسكندرية في الماضي البعيد، ويرون من بعيد القبة الصغيرة للكنيسة وبرج جرسها.

تقول خادمة الكنيسة، إن مبنى الكنيسة تعرّض على مرّ التاريخ إلى الهدم والإنشاء والتطوير إلى أن وصلت إلى شكلها الحالي، وقد خُصّص أسفل الكنيسة مكان لمزار "رأس مار مرقس"، إذ إن الجسد كان كله موجوداً في الكنيسة حتى عام 626، ثم سُرق من قبل بحّارة من أندونيسيا.

قائمة المدفونين في مقبرة الكاتدرائية المرقسية

وبعد عمليات واسعة من البحث والتحري عن الجسد المسروق، لم يُعثر إلا على رأسه فقط، ومنذ ذلك الوقت دُفن الرأس المعثور عليه، أسفل الكنيسة في مكان غامض مبهم، بمعنى أنه تم تخصيص مكان للمزار، ولكنه ليس مكان دفن الرأس الحقيقي، فمكان دفن الرأس الحقيقي غير معروف تحديداً، ولكنه موجود أسفل الكنيسة بالتأكيد، وذلك لأن الرأس تعرض مرةً ثانيةً للسرقة بعد العثور عليه، مما أسفر عن إخفاء مكانه بالتحديد لحمايته من السرقة. 

بداية ظهور مار مرقس في الإسكندرية

وتحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر بشكل عام، والكاتدرائية المرقسية في الإسكندرية بشكل خاص، بعيد ظهور رأس القديس مار مرقس وتكريس كنيسته، وتم تخصيص يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام للاحتفال بهذا العيد، وقد ظهر رأس مار مرقس بالتحديد عام 641 م، وهو الرسول كاروز الديار المصرية ومؤسس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بحسب الاعتقاد المسيحي، في الإسكندرية، وتم تكريس كنيسة تحمل اسمه أقيمت على رأسه في المدينة.

ومن الجدير بالذكر أن مرقس ذهب ليبشر بالمسيحية في مدينة الإسكندرية عام 61 م، وعندما دخل المدينة انقطع حذاؤه وكان عند الباب إسكافي اسمه إنيانوس، وهو الذي حول منزله إلى كنيسة مرقسية، فقدّم له الحذاء وفيما هو قائم بتصليحه جرح المخرز إصبعه فصاح من الألم وقال باليونانية "أس ثيؤس" بمعنى "يا الله الواحد"، فاندهش القديس مرقس وقال له: هل تعرفون الله؟ فقال: "لا، إنما ندعو باسمه ولا نعرفه"، فتفل على التراب ثم وضع التراب على الجرح فشُفي في الحال.

تُعدّ الكنيسة المرقسية في الإسكندرية ذات قيمة مميزة وأهمية خاصة جداً، فهي أول وأقدم كنيسة أُنشئت في قارة إفريقيا، حيث أُنشئت في منزل صانع أحذية مصري يحمل اسم "أنيانوس"، وهو من أوائل المؤمنين بالدين المسيحي

ثم أخذ أنانيوس يشرح له الحكاية منذ بدء خلق الله السماء والأرض، فمخالفة آدم ومجيء الطوفان إلى إرسال النبي موسى وإخراج بني إسرائيل من مصر وإعطائهم الشريعةَ وسبي بابل، ثم سرد له قصص الأنبياء الشاهدة بمجيء المسيح، فدعاه إلى بيته وأحضر له أولاده، فوعظهم جميعاً وعمّدهم.

تحف وصور في الكاتدرائية المرقسية

وحتى وقتنا الحالي، يأتي الزوّار إلى الكنيسة المرقسية من كل حدب وصوب، ومن مختلف الأديان أيضاً مسلمين ومسيحيين لزيارتها وتفقدها، وحضور القُدّاسات، ورؤية القطع الأثرية والملكية النادرة في المبنى وزيارة رأس مار مرقس الذي يُعدّ مزاراً سياحياً. كما تُعدّ الكاتدرائية قبلة المهنئين بالأعياد من مسؤولين تنفيذيين أو مواطنين مسلمين لتقديم التهنئة للشركاء في الوطن في أي مناسبة أو احتفال خاص بهم.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard