شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"Slave to sirens"... عربيات يفجّرن غضبهنّ على المسارح العالمية ويجاهرن بأفكارهنّ الثوريّة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الثلاثاء 7 مايو 202412:35 م

هل تخيّلتم/ نّ يوماً أن يصبح أعضاء فرق الـ trash death metalالأجنبية الذين/ اللواتي كنتم تشاهدونهم/ نّ في أفلام هوليوود الأميركية، عرباً وتحديداً لبنانيين/ ات؟ هل تخيلتم/ نّ وجود نساء لبنانيات وعربيات صاخبات، يفجّرن غضبهنّ على المسارح العالمية ويجاهرن بأفكارهنّ الثوريّة ويطلقن العنان لأصواتهنّ وأفكارهنّ غير آبهات لأحكام المجتمع ونظرته؟

هذا كله ما تجسّده فرقة "Slave to Sirens"، وهي أوّل فرقة"trash death metal" في لبنان والشرق الأوسط.

والمعروف عن هذا النوع من الموسيقى، أنه يتميّز بقوته وإيقاعه السريع ويحتاج إلى أشخاص متمردين، جامحين، ثائرين، ومتحررين من جميع القيود لإتقان عزفه.

وسيلة للهروب

في حديثها إلى رصيف22، تكشف مؤسسة فرقة "Slave to Sirens"، ليلاس مياسي، أنها وُلدت في بيروت وقضت معظم حياتها في الجبال، لكنها لم تشعر أبداً بالانتماء إلى ثقافة مجتمعها: "كنت مختلفةً في أفكاري وطريقة لبسي وما إلى ذلك، وكانت الموسيقى ملاذاً آمناً لي".

وعن شغفها بموسيقى الميتال، تقول عازفة الغيتار: "في سنوات مراهقتي، بدأت بالاستماع إلى موسيقى الروك والميتال كوسيلة للهروب من الكثير من الأشياء التي تحدث في حياتي الشخصية، خاصةً بعد طلاق والديّ. وتدريجياً بدأ ذوقي يتطور بعد أن دخلت الجامعة، ودرست علم الأحياء لمدة عامين، ولكن شغفي القويّ بالموسيقى كان نقطة تحول في حياتي، لذا قررت أن أدرس الموسيقى وحصلت بالفعل على شهادة تعليم في الموسيقى".

هل تخيّلتم/ نّ يوماً أن يصبح أعضاء فرق الـ trash death metalالأجنبية الذين/ اللواتي كنتم تشاهدونهم/ نّ في أفلام هوليوود الأميركية، عرباً وتحديداً لبنانيين/ ات؟ هل تخيلتم/ نّ وجود نساء لبنانيات وعربيات صاخبات، يفجّرن غضبهنّ على المسارح العالمية ويجاهرن بأفكارهنّ الثوريّة ويطلقن العنان لأصواتهنّ وأفكارهنّ غير آبهات لأحكام المجتمع ونظرته؟

وتكشف مياسي أن تشغيل موسيقى الميتال ساعدها في التغلب على الكثير من القلق والمشكلات الشخصية: "لقد كان علاجاً مجانياً كنت في أمسّ الحاجة إليه في ذلك الوقت. أنا الآن في أواخر العشرينات من عمري، وقد تطورت ذائقتي الموسيقية أكثر وأصبحت أستمتع بموسيقى الجاز واللوفي والموسيقى الإبداعية التجريبية".

تأسيس الفرقة

تأسست فرقة "Slave to Sirens"، في أواخر العام 2015، مستوحيةً اسمها من الأساطير اليونانية التي تحكي قصة نساء جميلات وخطيرات يجذبن البحّارة بأصواتهنّ الساحرة، في ترميز إلى قوّة نساء الفرقة وقدرة موسيقاهنّ على التأثير.

تشرح مياسي أنّ "اسم الفرقة هو أيضاً تمثيل مجازي لمجتمعنا، بحيث أننا جميعاً محاصرون/ ات أو مستعبدون/ ات لشيء ما في هذه الحياة".

وتضيف ليلاس: "أسَستُ الفرقة بعد فترة طويلة من البحث عن نساء يشاركنني الاهتمام الموسيقي نفسه. تعرفت إلى شيرلين بشارة (عازفة الغيتار الثانية) عبر صديق مشترك في العام 2015، خلال مشاركتنا في احتجاجات حملة 'طلعت ريحتكم' في بيروت ضد أزمة النفايات. واستغرق البحث عن أعضاء آخرين عاماً تقريباً، لأجد من بعدها ألما (عازفة باس)، على فيسبوك، ومايا خير الله التي كانت مغنّيةً في فرقة روك لبنانية، وبعد أن شاهدتها تغنّي على المسرح مباشرةً أدركت أنها تملك قدرات مميزةً قد تجعلها مغنّيةً محتملةً لفرقة أحلامي. أمّا تاتيانا بو غابة (لاعبة الدرامز)، فكانت تربطها صداقة طويلة مع شيري، لذا طلبنا منها أن تنضم إلينا".

الحرب والظلم والقمع والطبيعة الشريرة لبعض البشر

في العام 2018، أصدرت فرقة "Slave To Sirens" أول أسطوانة مطولة لها، ضمّت 4 مقطوعات موسيقيّة، لتشهد من بعدها اهتماماً واسعاً محلياً وعالمياً، بحسب تأكيد مياسي: "تناقش الكلمات التي كتبتها في المقطوعات الأربعة، موضوعات تتعلق بالحرب والظلم والقمع والطبيعة الشريرة لبعض البشر. أمّا الموسيقى، فهي سريعة ومتقلبة الإيقاع وحادّة كالصفعة على الوجه".

قَدّمَت فرقة "Slave to Sirens"، عروضاً عدة في بيروت، وافتُتِحَت أمام فرق محلية متعددة، كما عرضت أغانيها على مسارح كبيرة مثل Wacken Open Air التي تُعرف باسم the Mecca of the metal scene، وL'boulevard Morocco وGlastonbury Festival UK، واللافت أن كل هذه العروض كانت في العام 2019، إلى أن جاءت جائحة كورونا وغيّرت كل شيء بالنسبة للفرقة.

تعليقاً على هذه النقطة، تقول مياسي: "لم نتمكن من الاجتماع على الإطلاق لممارسة أو أداء أي عروض، ولكننا كنّا بصدد كتابة ألبوم كامل (10 مسارات) وقد كان الأمر صعباً بالنسبة لي لأن كل عضو في الفرقة كان يعيش في منطقة مختلفة من لبنان، وبما أننا لم نتمكن من الالتقاء، شعرت بالعزلة التامة".

وتتابع: "أمضيت أفضل اللحظات مع فتيات الفرقة، فهنّ موهوبات للغاية وفريدات، ولكن في مشوارنا الفني واجهتنا الكثير من التحديات لكون شخصياتنا مختلفةً ولم نتمكّن من التوافق على الرؤية نفسها لمستقبل الفرقة".

ما قبل 17 تشرين ليس كما بعده

مع انطلاق ثورة 17 تشرين، عاد الأمل إلى عضوات الفرقة بأنّ يتغيّر الواقع الصعب في لبنان، إلاّ أنّنا "سرعان ما بدأنا نفقد هذا الأمل تدريجياً بعد أن أدركنا أن لبنان لن يتحرر أبداً من أمراء الحرب الفاسدين المسيطرين على زمام الأمور في البلد كمرض السرطان المتفشي في جسم إنسان مريض، والذي يقتله على البطيء"، بحسب مياسي.

في تلك الفترة، كانت المخرجة المتخصصة في صناعة الأفلام الوثائقية، ريتا بغدادي، تقوم بتصوير وتوثيق قصة الفرقة كاملةً: الرحلة الشخصية والموسيقية لكل عضو في الفرقة.

لم يتم عرض الوثائقي في لبنان بسبب ما يتناوله من مواضيع حساسة وجريئة تُعدّ من المحرمات في لبنان، بالإضافة إلى مواضيع أخرى، كالصداقات العميقة، الحياة الجنسية، الصراعات مع الهوية، الانتماء إلى مجتمع يستهجن أي شيء مختلف عن المعتاد، المشكلات التي تواجه العيش في لبنان، والتحديات التي يفرضها صنع هذا النوع من الموسيقى

تصف مياسي ريتا بأنها "صانعة أفلام مجتهدة ومخلصة لعملها للغاية ولديها طريقة فنية في نسج القصص. كانت لدينا كاميرا تتابعنا 24/ 24، وتالياً لم تكن رحلة تصوير الفرقة سهلةً بالنسبة لنا جميعاً، وكان علينا التعود على الكاميرا التي تلاحقنا، ولكن بعدها نجح الأمر، وأصبحت الكاميرا ترافقنا أينما ذهبنا".

وتضيف ليلاس: "كناّ في أوائل العشرينات من عمرنا وارتكبنا خطأً كبيراً عندما سمحنا للآخرين بالتدخل بيننا دون توجيه مهني مناسب، غير أنه خلال رحلة التعلّم الخاصّة بي، تحملت الكثير من المسؤوليات وكل هذه التحديات لم تكن سوى دروس لتسليط الضوء على الأجزاء التي تحتاج إلى النمو والرعاية في داخلي"، كاشفةً أن "هناك اليوم عضوين جديدين في الفرقة: أنيتا توث من المجر، وعازفة الدرامز ميرنا درومتيوس، وهي في الأصل عراقية تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية".

كسر التابوهات

في العام 2022، غادرت ليلاس مياسي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، متخذةً القرار الأصعب لعرض الفيلم الوثائقي Slave To Sirens، الذي تم عرضه لأول مرة في مهرجان Sundance السينمائي، وحظي الفيلم بالكثير من ردود الفعل الإيجابية والدعم في الخارج.

لم يتم عرض الوثائقي في لبنان بسبب ما يتناوله من مواضيع حساسة وجريئة تُعدّ من المحرمات في لبنان، بالإضافة إلى مواضيع أخرى، كالصداقات العميقة، الحياة الجنسية، الصراعات مع الهوية، الانتماء إلى مجتمع يستهجن أي شيء مختلف عن المعتاد، المشكلات التي تواجه العيش في لبنان، والتحديات التي يفرضها صنع هذا النوع من الموسيقى.

قد تشبه قصّة فرقة Slave to sirensفي تفاصيلها، مراحل عدّة من حياتنا، عشنا فيها الفشل والنجاح، الضعف والقوة، التمرد على المجتمع ومحاولة التغيير، الحلم والواقع، الحب والصداقة والأخوة والشغف والجنس، والغضب والحزن والفراق

تم إخراج الفيلم الوثائقي بطريقة تمنح المشاهد حرية التفسير من وجهة نظره الخاصة. ويستكشف الفيلم حياة ليلاس مياسي وزملائها في الفرقة بشكل رئيسي في رحلتهنّ ليصبحن نجوم "تراش ميتال".

وعن الوثائقي، تقول مياسي: "جاءت فكرة الفيلم الوثائقي من المخرجة ريتا بغدادي التي اتصلت بنا في العام 2018، لتبدي اهتمامها بالفرقة، لكنني لم أعتقد أبداً أن الفيلم الوثائقي سينتهي بتسليط الضوء عليّ كشخصية رئيسية. لقد كانت رحلةً غيّرت حياتي وفتحت عينيّ على أشياء كثيرة وشجعتني على السير في طريق النمو الشخصي واستكشاف العالم والتعرف على ثقافات جديدة ومختلفة مما جعلني أتبنّى مفهوماً جديداً للحياة وثقافةً خاصةً".

تجدر الإشارة إلى أن فرقة slave to sirens سوف تصدر قريباً البوماً بعنوان: Echoes of Silence، وهو يجسد القوة الداخلية والصراعات التي زادت من عزيمة الفرقة على المضي قدماً في أحلامها.

قد تشبه قصّة فرقة Slave to sirensفي تفاصيلها، مراحل عدّة من حياتنا، عشنا فيها الفشل والنجاح، الضعف والقوة، التمرد على المجتمع ومحاولة التغيير، الحلم والواقع، الحب والصداقة والأخوة والشغف والجنس، والغضب والحزن والفراق. فهؤلاء الشابات، في رحلة بحثهنّ عن النجاح المهني، اختبرن الحياة من جوانبها كافة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard