في البدء كان الرجل، في الحقيقة كانت هناك مجموعة من الرجال الواقفين في صمود الجبال التي يزرعونها أو أقلّه سلّطوا أنفسهم عليها وثم هناك امرأة تتأوّه من ألم المخاض، عواطفها متشعبّة ومتلاحمة، هي في أضعف لحظاتها وأقواها إذ تلملم قواها المنبسطة جانبها لتتشكّل فيها مرحلة الحياة الأخيرة وتبدأ حكاية نجاة طفلة جديدة ولدت في كهف العفاريت. أثناء دقائق المخاض الأخيرة، تتسلّم القابلة القانونية الطفلة المولودة بعينين منكسرتين وحزن مجبول بالخيبة وخوف ممزوج بالشفقة.
هذه هي الدقائق الخمس الأولى من المسلسل الرمضاني للكاتبة اللبنانية نادين جابر والمشهد الافتتاحي الذي يشي بجوهر نسويّة ناقصة، ولكن مقاوِمَة، نحن "على أمل" بأن تقيم على أرض واقعنا أيضاً وببسالة أكبر وليس فقط على التلفاز.
لنأخذ أولاً شخصية يسار، التي تلعب دورها ماغي بو غصن، فهي مذيعة تلفزيونية معروفة ومحبوبة ومؤثرة لها برنامج تلفزيوني لم أستطع ألا أربط بينه وبين بعض المهازل التي شاهدناها على التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي في العام الماضي باسم النسوية والذكورية المستفحلة كمضاد. امرأة ناجحة لها برنامج يتناول شؤون المرأة والمشكلات الاجتماعية المتعلّقة بها كالعنف الأسري. هي حليفة وأخت المرأة ولا تعالٍ أو فصل بين يسار المرأة ونساء مجتمعها لذلك نراها منفتحة على جمهورها، تبادره بالتواصل من خلال مشاركته تفاصيل حياتها الشخصية فيتماهى معها ويرتبط بها خارج حدود البرنامج ليصبح التأثير مجدياً وممتداً.
في مسلسل "عَ أمل"، بدأت شخصية جلال كرمز "الرجولية" المساندة للمرأة وربما حتى شخصية نسوية بامتياز فهو يحترم استقلالية ومهنة يسار ويقف بجانبها كمساند ومخرج وشريك في العمل، لا بالظاهر بل بالفعل. كلّ هذا يتلاشى حين يقدم على صفع يسار وهي ضحية العنف الأسري والمنادية بضرورة التصدي له. فيصبح في صفّ الأعداء اللدودينهي امرأة مخضرمة، بَنت نفسها بنفسها وحمت نفسها الجديدة ليس من خلال رجل أو عقد زواج بل بفضل مجموعة دعم صغيرة ولكن صلبة، فلها أولاً العم سركيس، الذي بواسطته وزوجته الراحلة، انحلت العقدة الأولى في إعطاء ابنة يسار فرح فرصة الحياة القانونية ومفتاح النجاة الأول فهي بذلك بنت شرعية ومستقبلها مشروح. هذا بالإمكان اعتباره المشكلة المجتمعية الرقم 1 والتي أوجدت لها الكاتبة الحل السريع الذي يخلّص الكاتبة من الغوص في المعضلة، ولكن لا يعالج لبّ هذه القضية المحقة التي يتعرّض له جزء من كل مجتمعات المنطقة العربية.
حل شبيه أُعطي لملاك أيضاً التي بقيت مع عائلتها رغم تعرّض هويتها وثقتها بنفسها إلى أبشع أنواع التضليل والتشكيك. العم سركيس وزوجته هما أيضاً من ابتكرا ليسار مستقبلاً جديداً أخفت فيه هويتها القديمة عبر وضع نفسها تحت المجهر تماماً. وهنا الحنكة. ثم هناك جلال، الذي يقوم بلعب دوره الممثل بديع أبو شقرا، فهو الحبيب المعاصر الذي لا يبغي تملّك الشريك بل الاستمتاع به ومعه، وهو الأخ وصديق الروح والجسد. لا صديقة ليسار خارج إطار العائلة الضيقة التي لا تزال تتمسك بها ولا زميلة مقرّبة، ليس لها سوى أمها وأختها رهف وابنتها فرح التي قد تكون نموذج النسوية الجديد والمعاصر.
لاحظوا معي أنّ الفيديو الذي يرافق شارة المسلسل، يصوّر يسار كدمية جميلة ومكتملة شكلياً لا عيب فيها، يتناولها من كف إلى كف ثلاث رجال بينما كل النسوة في حياتها يتفرّجن مذهولات والرجال مراقبون صمّ بكم في مقابل الصورة التي تحاول يسار تشكيلها في برنامجها، "ع أمل"، إذ تصرّح لنا بأنّ "المرأة هي الحياة" وبأن "وراء كل امرأة ناجحة نفسها".
"الرجولية" المستفحلة
بدأت شخصية جلال كرمز "الرجولية" المساندة للمرأة وربما حتى شخصية نسوية بامتياز فهو يحترم استقلالية ومهنة يسار ويقف بجانبها كمساند ومخرج وشريك في العمل، لا بالظاهر بل بالفعل من خلال محاميهما، وأوراق قانونية، وبنود واضحة. هو أيضاً العارف بالأسرار والصديق الصدوق الذي احتمل يسار وتقلباتها النفسية بسبب ماضيها الذي يلاحقها ويلتصق بمستقبلها لأنها تأبى الغوص فيه وتخليص نفسها.علاوة على ذلك، نرى أن جلال فعلاً يؤمن بأن يسار ندّ له ولذلك لا يتوانى عن دعمها بكل الطرق ولا ينسحب من تحت مظلّة سحرها، بل يأخذ لها الصور مع معجبيها بتقبّل وعزّة منقطعة النظير. هذا كلّه يتلاشى حين يقدم على صفع يسار وهي ضحية العنف الأسري والمنادية بضرورة التصدي له ومعاقبة ممارسيه. بذلك، الشاهد على العنف والمراقب والرافض له، يصبح فاعله وبالتالي ولأي سبب كان يصبح في صفّ الأعداء اللدودين وبفضل قربه السابق من يسار وأسرتها اكتسب فوائد وقوى أضحى الآن أشد الأعداء ضراوةً وفتكاً.
إذاً، تسقط معادلة الرجل النسوي من جلال. فماذا عن الشخصيات الذكورية الأخرى؟
لنأخذ شخصية نبال، التي يلعبها الممثل مهيار خضور، وهو الأستاذ الجامعي الفلسفي ودكتور علم النفس. شخصية نبال فيها بعض الغرابة المتقنة مثل اضطراب الوسواس القهري إذ يتفانى في هندسة ووضعية أشيائه الخاصة أو في فهمه وتحليله الخارق لنفسه ولغيره ما يكسبه حكمة فائقة. هذا الرجل الذي يلبس قناع العلم هو أيضاً إنسان عالق في ماضيه وأسير رغبته بالانتقام عوضاً عن إصلاح الذات. يرسم نبال ليسار، أو يحاول أن يرسم، ظلّ الرجل الكامل الذي ينتظر زوجته بكل صبر لتكون جاهزة نفسياً وعاطفياً وجسدياً قبل إتمام زواجه منها والذي يقبلها كما هي ويدعها على سجيتها رغم تعقيداتها وأسرارها حتى أنها تقول له: "أنت ليش هلقد منيح؟"، بعدما أعطاها ثلاث ساعات لأخذ قرار نهائي بزواجهما وهو يعرف خير معرفة أنها لا تحبه وأنها تشكك بقرار الزواج الذي جاء كمزحة سمجة أصلاً.
هي أيضاً تعرف أنه يعرف كل تلك الأمور. فلماذا نتخيّل تصرّفات الرجل المتناهي الجودة عملةً نادرةً تستوجب التوّقف عندها ولا نولي أنفسنا المعيار نفسه؟ فهي أيضاً تتزوّج رجلاً غريباً لا أصل ولا فصل له، لا أصدقاء ولا عائلة ولا زميل ولا معارف ليشهدوا له؟ ألا يجدر بيسار أن تربّت على كتفها الخاصة لإيمانها بهذا الرجل ولإيمانها بالزواج "القائم على الراحة وليس على الحبّ" بعد كل انكساراتها وخيباتها وصدماتها؟
مساءلة الذات
تقول يسار في لقطة من برنامجها التلفزيوني، قبل أن تزّف نفسها عروساً أمام مشاهديها: "(هو ....) حطّها بحبس أكبر وخنقها أكثر ممّا هي مخنوقة". استوقفني المشهد كما يستوقفني في مسلسلات عربية كثيرة أو مسلسلات أجنبية معرّبة أمر "مساءلة الذات". يبدو أنّه من النادر أن تحاسب الشخصيات نفسها بصراحة على مواقف أو مشاعر معينة ليس للحكم عليها وتقبلها أو رفضها، بل لفهمها.الفيديو الذي يرافق شارة المسلسل، يصوّر يسار كدمية جميلة ومكتملة شكلياً لا عيب فيها، يتناولها من كف إلى كف ثلاث رجال بينما كل النسوة في حياتها يتفرّجن مذهولات والرجال مراقبون صمًّاً بكماً في مقابل الصورة التي تحاول يسار تشكيلها في برنامجها، "عَ أمل"، حيث تصرّح بأنّ "المرأة هي الحياة" وبأن "وراء كل امرأة ناجحة نفسها"فإذا كنّا لا نفهم أنفسنا، فمن سيفهمنا؟ النقطة هي: إذا كانت يسار فعلاً نسوية فلماذا لا تحمّل نفسها الذنب أو المسؤولية عن تشييد حبسها أو أقله عن الاعتياد عليه وتقبله؟ فما عادت تطالب نفسها بالمقاومة، بل صار عندها ارتشاف السم على جرعات صغيرة هو السبيل ومن ثم انتظار الرجل الخارق لينقذها من براثن نفسها…
المرأة عدوّة نفسها؟
في بيت سيف (يجسد الشخصية عمار شلق)، حلم الزمن بالفعل قد توقّف منذ 25 عاماً على الأقلّ، البنات هنّ سلعة البيت ودينامو إنتاجه. في الوقت عينه، لا قيمة لهنّ ولا صوت ولا جبروت ولا حقوق. فقط حين تصبح المرأة حاملاً تغدو ذات قيمة، قيمة مؤقتة ومحفوفة بالمخاطر إنما قائمة بفعل طبيعة الحَبَل والإنجاب وعليه تصبح لها حقوق وأمنيات حليفة التحقق. ولكم ماذا تفعل صفاء حين توهم زوجها بالحمل؟ تستقوي على ضرّتها من أجل التمتّع بخدمات والتهرّب من تحضير طعام الغذاء… انتصار فارغ.كلّ الحدود والقوانين المصبوبة على المرأة تصبح هامشية، فترى سيف ووالد ملاك فجأةً يمنحانها الضوء الأخضر لاستمالة يونس عريساً وزوجاً لها، ما قد يخلّص العائلة من عبء ملاك وصيتها. فالقيمة في الصيت وحده. هذا دليل آخر على كون البنات في أسرة سيف فعلاً سلعة لها تاريخ صلاحية مثلها مثل أي غرض آخر غير نفيس.
قد تكون صفاء (تجسدها إلسا زغيب) أكثر شخصية معادية للنسوية قوة في العمل. فهي لا تريد سوى تزويج بناتها و"سترهن" وأن تنجب "الصبي" لزوجها قبل "ضرّتها". هذا قبل أن تعترف لنفسها بعد صراع قصير - في محاسبة لا بأس بها للذات - بأنها بالفعل تكبر وبالتالي عليها تقبّل حدود إمكانياتها واحتمالية تدني مكانتها في الأسرة. هي الأكثر بذاءة في التصرّف والكلام والتعابير، وتتبع الصورة النمطية للمرأة المنسحقة التي تؤمن بأن سطوة الرجل ضرورة وبأن الرجل أكثر حكمة ونضجاً من النساء. هي نفسها المتدينة والتي لا تمانع في التعامل مع الجنّ من أجل إغلاق الطريق أمام "ضرّتها" واستكمال هيبتها في بيتها.
ماذا تفعل ثماني نساء في بيت يتحكّم به رجلان؟ يستسلمن للقدر. نعم، يحققن انتصارات صغيرة، ولكن الثمن دائماً أغلى. حين تتعارك صفاء وضحى بعد فضح كذبهما على سيف بشأن موضوع الحَبَل، أولاً تتلقيان العنف الجسدي والكلامي كعقاب قبل أن تصبح لهما "ضرّة" جديدة. نتيجة لذلك، تتفقّ الزوجتان الأولى والثانية، على الزوجة الثالثة، لا على الرجل أصل البلاء في لبّ الحكاية…
ولا تتطرّق الكاتبة على لسان أي من الشخصيات، إلى تحميل مسؤولية هذه الكراهية والعنف للدين. فالعيب ليس في الدين أو في المجتمع وتقاليده ونظرته إلى المرأة واستخفافه بها حدّ الهذيان، إنما هو واقع الأسرة الشخصي والفردي والخاص بـ"بيت حلم" دون سواه. لتأكيد ذلك المعنى، يتم إدخال مشهد قصير نكتشف فيه أن لرايان جارة ستسافر وحدها إلى الخارج لاستكمال دراستها فيما تتألف عصابة صغيرة في "بيت حلم" لتقف ضد الذكورية القاتمة وحدها، تعمل بكد وجهد، مصيرها الموت إن كُشفت. هذا كله من أجل مساعدة رايان لاستكمال تعليمها في العاصمة. الواقع لا يتجاوب ولا يتوازى مع هذه النظرة التسطيحية للأمور. في الواقع هناك الكثير من الأسر في لبنان وفي العالم العربي كله التي تتشابه مع "بيت حلم" في "كسر شوكة" المرأة ووأد أحلامها وقدراتها.
في بيت سيف، حلم الزمن بالفعل قد توقّف منذ 25 عاماً على الأقلّ، البنات هنّ سلعة البيت ودينامو إنتاجه. في الوقت عينه، لا قيمة لهنّ ولا صوت ولا جبروت ولا حقوق. فقط حين تصبح المرأة حاملاً تغدو ذات قيمة، قيمة مؤقتة ومحفوفة بالمخاطر إنما قائمة بفعل طبيعة الحَبَل والإنجاب وعليه تصبح لها حقوق وأمنيات حليفة التحققحتى الوالدة رجاء - تجسدها نوال كامل - منساقة كالكل، راضية بالظلم وحتى متواطئة مع ذكورية الأسرة فلا تحارب من أجل بناتها ولا من أجل زوجات أولادها ولا من أجل حفيداتها ولا من أجل نفسها. وحين تقف في وجه ابنها وتذهب إلى بيروت بحجة المطار ويونس، لرؤية ابنتها المقتولة على يد ابنها سرّاً، تتلّقى منه البعد عقاباً ثم العتاب بسبب عدم استئذانه. هذا التمكين الذي تمارسه مع ابنها بفعل صمتها ومجاراتها له ولقراراته التعسفية والذكورية هو نفسه مصدر ألمها، فلماذا تستمر في تمكينه؟ لماذا تعمل ضدّ نفسها؟ هل فات المرأة في مجتمعنا تعلّم حبّ ذاتها وتقديرها؟
على العكس من صفاء، تريدنا الكاتبة أن نكره شخصية سيف، فأسقطت عليها كل صفات الذكورية مجتمعةً. فهو يتعامل مع كل النساء في حياته كقطع شطرنج، والرجل غير معتاد إلا على تحقيق التوازن المنشود في حياته من خلال ممارسة التقاليد بصورة عمياء وجوفاء من دون أخذ أي من التفاصيل الإنسانية بعين الاعتبار وبحكمه على الأشياء من بعيد وتعميمه. فهو ساذج وغير واثق لدرجة أنه يظن أن رهف ستتغير وستحرّر من قبضته وستصبح فجأة البنت المنفتحة والمُطالِبَة بحقوقها إذا قضت ربع ساعة في غرفة مريضة تؤنِّسها حين تكون تلك المريضة أنموذج النسوية الأخطر في بيئته: يسار.
الأمل في هذا المسلسل قد يكون في صلب شخصية فرح - تجسدها مارلين نعمان - التي تنصب على تمارينها وتهتم بأصدقائها وتحضر صفوفها ولا تضيّع وقتها في ملاحقة الشباب وفرص التلاقي، بل تمضي أوقاتها بين بيت الرجل الذي ربّاها ووالدتها التي لا تستطيع الاعتراف بها أمام الناس، راضية وإن كانت حائرة وبحاجة إلى الأجوبة وفي دائرة الاستكشاف. في هذا العمر بالذات، يكون استكشاف الذات وبلورة الهوية والتعلّم وبناء العلاقات وبذل الجهود من أجل المحافظة عليها هو المطلوب والمتوّقع. وفرح ليست شخصية مسطّحة موصومة بالخير المطلق، فهي على الرغم من نضجها إنسانة تخطئ لكنها تتعلّم سريعاً من أخطائها وتتعلّم أنها بحاجة إلى دعم ووجود الآخرين بجانبها. ولذلك، أضع كلّ آمالي على شخصية فرح وأبناء أخوالها وجيلها وعلى الأجيال الجديدة من شبابنا وشاباتنا اللواتي سيسقطن رايات الظلم المؤطر بالتقاليد والمجتمع وأحياناً الأديان وسيعملن معاً لإنقاذ أنفسهنّ والآخرين والأخريات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...