شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
ناشطو الأردن ضد

ناشطو الأردن ضد "إيكوبيس"... معركة لوقف التطبيع البيئي مع إسرائيل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

شهدت الأسابيع الفائتة في الأردن حراكاً مكثفاً من ناشطين ومواطنين ومؤسسات مجتمع مدني، هدفه مطالبة سلطة وادي الأردن التابعة لوزارة المياه بعدم تجديد عقد إيجار متنزه الأردن البيئي (Jordan Eco Park) مع جمعية حماية الأرض والبيئة/ إيكوبيس الشرق الأوسط، وتكليف مشغل وطني أردني إدارته بدلاً من الجمعية، بالإضافة إلى إغلاق مكتب المنظمة في الأردن.

وقدم مواطنون شكاوى للسلطة تتعلق بإدارة المنتزه وتظاهروا لأيام أمام وزارة المياه والري في العاصمة عمان.

فما هي قصة المتنزه وكيف بات مكاناً للتعايش مع الإسرائيليين؟

إيكوبيس وأنشطتها التطبيعية

عام 2004 طلبت منظمة أصدقاء الأرض أو إيكوبيس "EcoPeace Middle East" من سلطة وادي الأردن التابعة لوزارة المياه والري، أرضاً من أجل إنشاء متنزه بيئي، فأعطتها السلطة 100 دونم من أراضي منطقة المشارع في الأغوار الشمالية، وبعد "أداء المنظمة الجيد" منحوها 116 دونماً أُخرى، أي أن مساحة الأرض الممنوحة هي 216 دونماً بما فيها أحد السدود المائية وهو سد زقلاب، أول سد أنشئ في الأردن.

لا تخفي إيكوبيس رغبتها في "خلق تعايشٍ بين الفلسطينيين والأردنيين والإسرائيليين عبر المشاريع البيئية".

وتدير المنظمة المتنزه - الذي كان يُعرف باسم متنزه شرحبيل بن حسنة سابقاً - تحت اسم "جمعية حماية الأرض والبيئة"، التي كانت مسجلة باسم أصدقاء الأرض سابقاً في وزارة التنمية الاجتماعية، ولا تخفي المنظمة رغبتها في "خلق تعايشٍ بين الفلسطينيين والأردنيين والإسرائيليين عبر الأنشطة والمشاريع البيئية".

في حين تنشر على موقعها الرسمي عن المتنزه بصفته محمية طبيعية تقع في الجزء الشمالي لوادي الأردن، محاطة بالمزارع والبدو ومربي الأغنام، وهي بمثابة منتزه بيئي يهدف للحفاظ على المياه، إضافة إلى الجوانب التعليمية فيه إذ يستهدف طلاب المدارس والجامعات، وقد اعتمد المنتزه كواحدٍ من أفضل 100 وجهة خضراء مستدامة في العالم للأعوام 2016 و2017 و2018، بحسب ما نُشر على الموقع الإلكتروني للمنظمة.

لكن، بحسب تصريحاتٍ عضو حركة "الأردن تقاطع" (BDS) حمزة خضر، فإن الحركة لاحظت تعليقاتٍ لإسرائيليين على إحدى الورشات التي أعلن عنها المنتزه عام 2019، ليتبين فيما بعد أن هناك ورشة تُقام فيه مدعو إليها طلبة جامعات أردنيين وإسرائيليين.

ويقول خضر في برنامجٍ تلفزيوني إنهم تواصلوا مع جمعية حماية الأرض والبيئة، إلا أن ردهم كان أنهم جمعية أردنية مسجلة أردنياً وأن المنتسبين أردنيون، ولم يعلقوا على استضافة الإسرائيليين.

ناشطو الأردن ضد "إيكوبيس": معركة لوقف التطبيع البيئي مع إسرائيل

منتزه إيكوبارك في الأردن - المصدر: موقع المنتزه

في حين نشر موقع إيكوبيس خبراً عام 2021 عبر صفحته الرئيسية معنوناً بـ"مشروعنا في الأردن، متنزه الأردن البيئي"، بحسب الحملة. وتنتشر فروع المنظمة في كل من عمان ورام الله وتل أبيب، وتمارس نشاطات مستمرة في المتنزه، مثل زيارة طلاب مدارس أميركية لها، ودمج في الورشات بين الطلبة الأردنيين والإسرائيليين، وأقامت مشروعاً في البحر الميت للتعاون بين الأردن وإسرائيل في مجال مكافحة بعض الحشرات.

التطبيع عبر المياه

وتفتخر المنظمة عبر موقعها الإلكتروني بدعوتها منذ فترة طويلة إلى إقامة رابطة إقليمية للمياه والطاقة بين الأردن وإسرائيل وفلسطين، وتعني بذلك اتفاقية الطاقة مقابل الماء التي أعلن الأردن عدم توقيعها على خلفية الحرب على غزة.

ونشرت المنظمة أن هذه الاتفاقية والتي يرفضها الشعب الأردني واحتج على توقيعها في العديد من الفعاليات بصفتها ترهن الأمن المائي الأردني لإسرائيل، "من شأنها أن تخلق ترابطاً إقليمياً صحياً ومستداماً يعتمد على الموارد الطبيعية الحيوية، حيث تقوم إسرائيل وفلسطين بإنتاج المياه المحلاة وبيعها للأردن الذي يبيع بدوره الطاقة المتجددة لفلسطين وإسرائيل، وبالتالي تمكين كل شريك من تسخير ميزته النسبية في إنتاج الطاقة المتجددة والمياه".

ووصفت ايكوبيس الاتفاقية بأنها "إنجاز كبير" وطمحت لأن تتوسع وتشمل دولاً إضافية مثل لبنان (إضافة خط ساحلي)، ومصر/سيناء (إضافة مناطق ساحلية وصحراوية)، والمملكة العربية السعودية، وأجزاء من سوريا والعراق.

تأسست منظمة إيكوبيس عام 1994 تحت شعار السلام البيئي، وتُعد الواجهة الأبرز للغسيل الأخضر الذي تقوم به إسرائيل. وتقوم ببرامج تدريبية وورشات عمل، ترسخ تساوي المسؤوليات البيئية المشتركة بين اسرائيل ومجتمعها من جهة، والشعبين الفلسطيني والأردني من جهة أخرى

دفع هذا بالناشطين للقول بأن المنظمة تسعى لرهن المياه وخصيصاً في منطقة وادي الأردن لإسرائيل، وبالتالي تشبيك المجتمعات في منطقة الشونة الشمالية والأغوار الشمالية مع المستوطنين في المنطقة المقابلة، ووصف المنسق العام لحملة "غاز العدو احتلال" هشام البستاني خلال تصريحٍ صحفي الأمر بـ" الاختراق التطبيعي الخطير والذي يتناغم مع التحولات الاستراتيجية في المنطقة".

وأضاف أن "ما تقوم به الجمعية هو نشاط أهلي وطني إلا أنه وسيلة لدعم التطبيع الحكومي، وإخراج الموضوع وكأنه مبادرات أهلية شعبية وليس مبادرات حكومية مساهمة في التطبيع".

وبالإضافة لاتفاقية الماء مقابل الطاقة التي دفعت الجمعية إلى توقيعها في مؤتمر الأطراف بشرم الشيخ عام 2022، وقعت اتفاقيات المياه واتفاقيات نهر الأردن والبحر الميت وكان الطرف الآخر فيها جميعاً هي إسرائيل.

إيكوبيس وإدارتها لإيكوبارك

جاء إنشاء المتنزه كما يرد في التعريف عنه "امتداداً لبناء السلام عبر التعاون البيئي والتعايش بين الأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، لتحقيق الاحترام المتبادل والتعاون باعتباره بمثابة رمز ملموسٍ للسلام والنوايا الحسنة"، بحسب الخطة الرئيسية للتطوير والتشغيل واستخدام الأرض.

طالب المحتجون بطرد إيكوبيس وإغلاق مكتبها في عمان وإيقاف التطبيع البيئي مع إسرائيل.

وبدأ المشروع بإدارة "الجمعية الأردنية للتنمية المستدامة"، وعام 2010 سُجلت مؤسسة محلية أخرى باسم "جمعية حماية الأرض والبيئة" وترأست إدارة المتنزه حتى الآن، واللافت أن نائب رئيس الجمعية الأردنية للتنمية المستدامة هو نفسه رئيس إيكوبيس الأردن، كما أن المفوضين بالتوقيع عن الجمعية في عقد الإيجار هم نفس رؤساء إيكوبيس الحالي والسابق، بحسب تغريدةٍ لحركة المقاطعة.

ونظراً لمنع تسجيل الجمعيات المحلية الأردنية بأسماء أجنبية مثل "Ecopeace" فقط، سجلت باسم "جمعية حماية الأرض والبيئة"، بحسب دليل منظمات المجتمع المدني في الأردن.

ناشطو الأردن ضد "إيكوبيس": معركة لوقف التطبيع البيئي مع إسرائيل

الأردنيون يرفضون تجديد العقد

باحتجاجاتٍ متكررةٍ طوال شهر شباط/ فبراير، طالب الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن، بعدم تجديد العقد الذي يمنح "متنزه الأردن البيئي" في الأغوار الشمالية لمنظمة وصفها بالـ"صهيونية"، ودعا لاعتصامات شعبية أمام مقر سلطة وادي الأردن.

ورفع المشاركون لافتات حول رفض التطبيع بكافة أشكاله، وتساءلوا حول الجهة التي تقوم بترخيص مثل هذه الجمعيات، وتنوعت الهتافات التي أطلقوها مثل "أراضينا الأردنية.. من التطبيع مش محمية"، و"قالوا منظمة بيئية.. واسمع مني شو الواقع.. الأجندة صهيونية.. إيكوبيس اسأل عنها.. جاية ترهن مواردنا.. بإيدين الإرهابية"، و"ما بدنا مكتبهم هون.. واطلع برا يا صهيون".

وشملت أشكال الاحتجاج التوجه إلى صندوق الشكاوى في سلطة وادي الأردن ووضع رسائل احتجاجية حول التطبيع المتعلق بالمتنزه، ومطالبتهم للسلطة بعدم تجديد عقد الإيجار.

وطالبوا كذلك بطرد إيكوبيس وإغلاق مكتبها في عمان وإيقاف التطبيع البيئي مع إسرائيل ووقف أي نشاطات مشتركة معهم، وخاصة تلك التي تستهدف طلاب الجامعات، وذلك بعد تعاون إيكوبيس مع بعض الجامعات وتقديم الورشات التدريبية لطلابها.

ودعا ممثلو خمسة أحزاب أردنية، إضافة إلى حركة "الأردن تقاطع" خلال مؤتمر صحفي عام 2022 إلى مقاطعة متنزه الأردن البيئي وذلك بالنيابة عن أكثر من 45 جهة وطنية رصدت المشروع، ونبشت مختلف تفاصيله وحقيقة القائمين عليه، وسعيه إلى إدماج الشباب الأردني والفلسطيني في برامج بيئية وورشات عمل مشتركة جنباً إلى جنب مع مجموعات إسرائيلية قادمة من الأراضي المحتلة.

نشطاء الأردن ضد "إيكوبيس": معركة لوقف التطبيع البيئي مع إسرائيل

منتزه إيكوبارك في الأردن - المصدر: موقع المنتزه

ما هو التطبيع البيئي؟

هناك اختلاف على مفهوم التطبيع البيئي لدى بعض النشطاء البيئيين، ففي الوقت الذي يرى البعض أن المشاركة في النشاطات البيئية التي تضم إسرائيليين يعد تطبيعاً، يرى آخرون بأن المؤتمرات والتمويلات لمشاريع بيئية تدعم إسرائيل هي تطبيع أيضاً.

في حين تُعرف حركة المقاطعة BDS التطبيع البيئي بأنه "التعاون مع (الكيان الصهيوني) تحت ستار تحسين البيئة، سواء من خلال تقليل التلوث أو إعادة التدوير أو زيادة الوصول إلى المياه، أو عكس تغير المناخ".

وأشارت إلى استخدام إسرائيل التطبيع البيئي كوسيلة علاقات عامة، وستار لإخفاء انتهاكاتها لحقوق الإنسان، والتستر على جرائمها البيئية بحق الفلسطينيين وأرضهم.

وقد تأسست منظمة إيكوبيس (EcoPeace Middle East) عام 1994، تحت شعار السلام البيئي، وتفتخر بمكاتبها وأنشطتها، وتُعد الواجهة الأبرز للغسيل الأخضر الذي تقوم به إسرائيل. وتقوم ببرامج تدريبية وورشات عمل، ترسخ تساوي المسؤوليات البيئية المشتركة بين اسرائيل ومجتمعها من جهة، والشعبين الفلسطيني والأردني من جهة أخرى.

يقول ناشطون إن المنظمة تسعى لرهن المياه وخصيصاً في منطقة وادي الأردن لإسرائيل، وبالتالي تشبيك المجتمعات في منطقة الشونة الشمالية والأغوار الشمالية مع المستوطنين في المنطقة المقابلة، ويصفون الأمر بالاختراق التطبيعي الخطير

وانتشر مقطع مصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي عام 2021 لسيدات أردنيات من منطقة وادي عربة في الغور الصافي، يجري بينهن وبين إسرائيليات تعاون في برنامج تنموي إسرائيلي تحت اسم "تسلم إيديك"، بهدف تمكين المرأة في المنطقة المشتركة بين الضفتين وتشغيل النساء الأردنيات "الفقيرات" بالاستفادة من "خبرة وفن الإسرائيليات". ويسلط المقطع الضوء على المرأة الأردنية المهمشة اقتصادياً ضمن حالة الفقر المجتمعي الذي يطال شريحة واسعة من الأردنيين. فيما تعاني منطقة الأغوار الأردنية التي تستهدفها المشاريع التطبيعية من فقر في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبنى التحتية مما يجعلها بيئة مرحبة لتلقي المساعدات والمشاريع التنموية.

ناشطو الأردن ضد "إيكوبيس": معركة لوقف التطبيع البيئي مع إسرائيل

تواصل رصيف22 مع سلطة وادي الأردن للحصول على تعليقهم حول تجديد العقد، إلا أنهم طلبوا منا التواصل مع الناطق باسم وزارة المياه والري عمر سلامة، الذي قال إن موضوع تجديد العقد متعلق بإيكوبيس بوصفها جمعية بيئية أردنية، مضيفاً أن موضوع التجديد "مش عند وزارة المياه".

كما تواصلنا مع فريق حركة المقاطعة على تصريح صحافي، لكنهم فضلوا حالياً عدم التعليق على الحراك القائم الآن.

فهل تترك الحكومة الأردنية المتنزه عرضة "للتعايش" مع إسرائيل؟ أم تلبي مطالب الشعب والحراك بعدم تجديد العقد؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image