شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
هل أجداد الفلسطينيين هم أنفسهم أجداد الإسرائيليين؟

هل أجداد الفلسطينيين هم أنفسهم أجداد الإسرائيليين؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والتاريخ

الاثنين 26 فبراير 202410:57 ص
Read in English:

Genetic lineage in Palestine and Israel

على مدى الأشهر الأربعة الماضية، ومع استمرار إسرائيل في شن هجماتها العشوائية على المدنيين في غزة، ومع تصاعد أعمال عنف المستوطنين في الضفة الغربية، عاد النقاش حول المبررات الأخلاقية للمطالبة بفلسطين التاريخية إلى المركز. معظم خطب مسؤولي الحكومة الإسرائيلية ووكلائهم في الغرب، وحين تشير إلى الحق في الأرض، تبدأ بادعاء يؤكد أن اليهود هم السكان الأصليون للأرض، وبالتالي يحق لهم المطالبة بها دون جدال. ومع ذلك، تثبت الأبحاث الجينية وأبحاث علم الآثار المنشورة أن كلا من العرب واليهود ينحدرون من نفس سكان بلاد الشام منذ أكثر من 3000 عام. واستناداً إلى هذه الحجة، تتقاسم اليوم كلتا المجموعتين المطالبة بالمنطقة بنسبة متساوية.

إن العديد من اليهود الحاليين هم بالفعل من أحفاد الإسرائيليين القدماء. وقليلون هم الذين يعارضون حق اليهود في الإقامة في بلاد الشام. ومع ذلك، يكمن الإشكال في حقيقة أن الصهاينة يصرون على المطالبة الحصرية بالأرض لليهود. وبالتالي، أنشأوا دولة تشبه جنوب أفريقيا في عصر الفصل العنصري. وتعتمد حجة الصهاينة حول هذه الحصرية على فكرة أنه لا يمكن لأي مجموعة أخرى أن تطالب بالأرض، والتي تديمها الخرافة القائلة بأن فلسطين قبل عام 1948 كانت "أرضًا بلا شعب لشعب بلا أرض". في حين أن أكاديميين ذوي مصداقية في هذا المجال، مثل رشيد الخالدي وإيلان بابيه، كانوا قد وثقوا المطالبات الفلسطينية بفلسطين التاريخية والتطهير العرقي الإسرائيلي خلال النكبة في عام 1948، إلا أن أبحاثهم مقتصرة على التاريخ الحديث.

تثبت أبحاث علم الوراثة الجينية وعلم الآثار بشكل قاطع أن اليهود والعرب لديهم تداخل جيني كبير ومن المرجح أنهم ينحدرون من نفس الأجداد. 

على الرغم من خطاب الحكومة الإسرائيلية، إلا أنه لم تكن هنالك مشاركة علنية لأي دليل علمي أو أثري يربط الإسرائيليين المعاصرين بالإسرائيليين القدماء. اليوم، تُعرف "اليهودية" في السياق الاجتماعي على أنها مجموعة دينية. لكن لا تُعرّف بصلة أفرادها الوراثية أو الجينية بالسكان التاريخيين لهذه الأرض. وفقاً لموسوعة المؤسسة التعاونية الأمريكية الإسرائيلية على الإنترنت، والمكتبة اليهودية الافتراضية، لم يعد اليهود مجموعة عرقية:

"هل اليهودية عرق؟ باختصار،لم تعد كذلك. على الرغم من أن اليهودية نشأت من عرق واحد في الشرق الأوسط، إلا أنه كانت هناك دائماً تحولات دينية داخل هذه الديانة وخارجها. وبالتالي، ثمة أولئك الذين ربما كانوا، عرقيًا، جزءًا من المجموعة الأصلية، والذين لم يعودوا جزءًا من اليهودية، وآخرون ينتمون إلى مجموعات عرقية أخرى، واعتنقوا اليهودية".

ويقوم الصهاينة أيضاً بتجاهل أو رفض الأصول المشتركة والتشابه الجيني بين اليهود والعرب. يفصل مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي السكان اليهود عن السكان العرب في إسرائيل في الإحصاءات الديموغرافية الرسمية، معتبراً أنهما متنافيان أو متعارضان. يتجاهل هذا الفصل حقيقة أن العديد من اليهود هم أنفسهم عرباً من الناحية العرقية، وبالتالي يتم تصنيفهم ببساطة على أنهم يهود "مزراحيون"- أي شرقيون. من خلال صناعة تعريف عرقي لليهودية، صادقت الدولة الإسرائيلية على آليتها التي تعمل على التمييز العنصري لصالح اليهود الأشكناز الأوروبيين بشكل خاص. وصفت الناشطة اليهودية المزراحية أورلي نوي مؤخراً نظرة اليهود الأشكناز إلى الهويات العربية للمواطنين المزراحيين: "إنهم بحاجة إلى أن يكونوا أكثر وطنية، للتخلص من أي أثر للعرب في هويتهم، ولغتهم، وثقافتهم، وتقاليدهم، وتاريخهم". 

إذا كانت اليهودية تشكل عرقاً فريداً من نوعه- بما يكفي، في الأقل، لتقديم مثل هذا الادعاء التاريخي لمنطقة جغرافية- فإن الأدلة العلمية هي أمر بالغ الأهمية. لطالما كان يُنظر بشكل سلبيّ، تاريخيًّا، للسماح للمجموعات المبنية اجتماعيّاً (أي المبنية على وفاق اجتماعيّ، وليس على حقائق موضوعيّة) بالمطالبة بالملكية الحصرية على هذه الأرض.

معظم خطب مسؤولي الحكومة الإسرائيلية ووكلائهم في الغرب، وحين تشير إلى الحق في الأرض، تبدأ بادعاء يؤكد أن اليهود هم السكان الأصليون للأرض، وبالتالي يحق لهم المطالبة بها دون جدال. 

على سبيل المثال، تخيل/ي أنه في عام 3024، سيطالب أحفاد سكان لندن اليوم بالأرض المحيطة بملعب الإمارات لأن أجدادهم كانوا من مشجعي أرسنال — فكيف سيتم وزن مطالباتهم مقابل السكان الحاليين إذا كانوا جميعًا متجانسين وراثيًا؟

وفي الواقع، أثبتت الدراسات الوراثية الحديثة والأبحاث الأثرية وجود مجتمعات أخرى في بلاد الشام تسبق وجود بني إسرائيل وتتزامن معهم، ما يتناقض مع الرواية التوراتية القائلة إن الإسرائيليين جاءوا من مصر وقضوا على الكنعانيين.

وفي دراسة أجراها عام 2013 الدكتور هاري أوستر، أستاذ علم الأمراض وطب الأطفال وعلم الوراثة في كلية ألبرت آينشتاين للطب في نيويورك، لتحليل علم الوراثة السكانية للشعب اليهودي، توصل إلى الاستنتاج التالي:

'كان أقرب الجيران الجينيين لمعظم المجموعات اليهودية هم الفلسطينيون والبدو الإسرائيليون والدروز، بالإضافة إلى الأوروبيين الجنوبيين، بما في ذلك القبارصة. يشير قربهم من بعضهم البعض ومن اليهود الأوروبيين والسوريين إلى تاريخ جيني مشترك لأجدادهم الساميين وغير الساميين في شرق البحر الأبيض المتوسط الذين اتبعوا انتماءات دينية وقبلية مختلفة. قدمت دراسات سابقة للسكان اليهود والفلسطينيين والدروز الإسرائيليين ملاحظة مماثلة من خلال إظهار قرب هاتين المجموعتين غير اليهوديتين من اليهود الأشكناز واليهود العراقيين.' (أوستر)

وقد أكدت هذا الاستنتاج دراسة لاحقة أجريت عام 2020 من قبل الجامعة العبرية ومختبر الحمض النووي القديم في جامعة هارفارد برئاسة عالم الوراثة ديفيد رايش. وقام الفريق بتحليل الجينوم الخاص بـ 93 شخصاً مدفونين في بلاد الشام في الفترة ما بين حوالي 2500 قبل الميلاد و1000 قبل الميلاد. وأشارت النتائج إلى أن السعوديين والبدو واليهود الإيرانيين في العصر الحديث لديهم أعلى ارتباط بالحمض النووي (DNA) في بلاد الشام في العصر البرونزي بنسبة 90 بالمئة. يليهم الفلسطينيون والأردنيون والسوريون بنسبة 80 بالمئة. وكانت نسبة ارتباط اليهود المغاربة 70 بالمئة والأشكناز 60 بالمئة. (رايش)

يجب رفض السياسة والمركزية العرقية والتفوق العرقي لصالح الحقائق الموضوعية من أجل بناء مستقبل المنطقة، تعيش فيه جميع الشعوب بحقوق وحماية متساوية بغض النظر عن تصنيفهم العرقي أو دينهم

إذا كانت مطالبة شعب ما بالأرض تعتمد على الوجود التاريخي لأجدادهم، فإن كلا من اليهود والفلسطينيين يحتفظون بحقوق متساوية في الأرض بناء على هذا البحث وحده. تثبت أبحاث علم الوراثة الجينية وعلم الآثار بشكل قاطع أن اليهود والعرب لديهم تداخل جيني كبير ومن المرجح أنهم ينحدرون من نفس الأجداد. وبدلاً من أن ترفض قوى العالم الغربي مخاطر القومية العرقية والتعصب والتفوق العرقي، فقد أيدتها من خلال اعترافها باستقلال الهوية العرقية اليهودية والسيادة الحصرية على فلسطين التاريخية.

إذا عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته، بادعاءاتهم، إلى آلاف السنين الماضية، فما الذي يمنع أحفاد المشرقيين القدماء من القيام بالشيء نفسه؟ يجب رفض السياسة والمركزية العرقية والتفوق العرقي لصالح الحقائق الموضوعية من أجل بناء مستقبل المنطقة، تعيش فيه جميع الشعوب بحقوق وحماية متساوية بغض النظر عن تصنيفهم العرقي أو دينهم. ففي نهاية المطاف، وكما تبيّن، نحن جميعاً متشابهون. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image