شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
جرعة رومانسية زائدة

جرعة رومانسية زائدة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والتنوّع

الخميس 15 فبراير 202411:18 ص

أعرف أننا لن نلتقي إلا في هذه الزاوية الضيّقة، حيث يزعم الجميع (عداي) أنها مساحة بيضاء لكل الآراء، الأحاسيس، التجارب الفاشلة أو الناجحة، لا يهم.

الوقت مبكر جداً للاستيقاظ، الحب، التعليب. مناسب للعب فقط، دون مشتقاته.

يشغلني هذا التقييم ومساحته كما تشغلك المسافة الصغيرة التي لا أتركها بعد الفواصل.

على الأبيض نحب، نكره، نحلم بكل ما فات من أحلام، لم تتحقق على الأرجح، وإلا لسقطت المفردة وحلّ مكانها واقع ضئيل يشبه مساحتك، ما بعد الفاصلة بقليل أو كثير.

ذهبت معك، حبيبي (اعذرني حبيبي لاستعمال كلمة حبيبي دون موافقتك، أرى الوجه المليء بالدهشة الذي تضعه كلما لفظتها، دهشتك لا تعنيني ولا موافقتك).

هنا لي، القصة قصتي، لستَ بطلها. أنت فقط تلهمني كي أهذي قليلاً بشهادة بعض المتطفلين.

فلأكمل: ذهبت معك إلى جزيرة نائية، تحيط بها من كل الجهات المياه، أشجار النخيل، البحيرات الصغيرة والرمال الساخنة التي تملأ الجزيرة وتملأ أفواهنا بغموض. شغف ما شاهدته في الأفلام الرومانسية عن هروب حبيبين إلى جزيرة بعيدة جداً. هربا من مسؤولياتهما، أهلهما، أصدقائهما، مهنتهما، واختبآ. أرادا فقط أن يقبّلا بعضهما قبلة واحدة تحت ضوء القمر.

أعرف أننا لن نلتقي إلا في هذه الزاوية الضيّقة، حيث يزعم الجميع (عداي) أنها مساحة بيضاء لكل الآراء، الأحاسيس، التجارب الفاشلة أو الناجحة، لا يهم

رومانسية ساذجة لا تليق إلا بمراهقين أو عجوزين لم يعيشا هذه اللحظة.

ككل القصص، الحبكة مطلوبة. يجب خلق حدث رئيسي يقلب الموازين ويجعل القارىء متحمساً لإكمال القصة، وإلا شتمك وأغلق النافذة ومجازك على أصابعك، رغم أنفك.

رغم أنفك، أنت حبيبي على هذه الجزيرة.

بعد القبلة، تعبتَ مني وأردت أن تعود إلى روتينك اليومي. حذرتني من قبل أن الأحلام ليست لعبتك، وبأنك كبرت على الحب (أفلام أفلام). وربما، ربما أنك لم تحبني كفاية كي تكسر الزجاج الفاصل بيننا، وتتحوّل الورقة البيضاء -هنا- إلى حصان أبيض تمتطيه وتأتي إلي (مزيد من الرومانسية غير الواقعية، بعد صدور بيان بمنع دخول كل ما هو أبيض إلى بيروت. هذا اللون ممنوع منعاً باتاً، لأنه يعطي أجواء كاذبة، واهمة، لا تسرّ عدو ولا حبيب. الأبيض هنا يشبه أغاني فيروز في السيرفيسات المزدحمة وباصات الدولة التي تفوح منها رائحة سيتم منعها لاحقاً. أتخيل المدينة بلا أبيض. نساء يرضعن أطفالهن سائلاً شفافاً، عرائس يلبسن أثواباً بلا لون في يوم زفافهن، أجساد تكفّن بقماش سميك مجهول اللون. اللون، اللون، اللون، يصرخ الجميع أين اللون الأبيض، إلى أن تخفت أصواتهم إلى الأبد. عيون بلا بياض كحب بلا... يتبع). 

قلتَ لي إنك تكره الرمادي. الأبيض ينفرك. هذا واضح. لم أسألك عن الأسود.آه نسيت أن أخبرك عن الجزيرة، أو تناسيت. يطلقون عليها اسم "جزيرة الموت". والله لا أمزح.

الموت، هل تموت المشاعر قبل أن تخلق، (موت -مشاعر/شاعر – خلق).

الموت بقلب الشاعر (عنوان القصة القصيرة /القصيرة جداً) التي ستروى على ورق مقوى (لزوم الحدث).

كان يا ما كان في قديم الزمان، كاتبان تبادلا الرسائل الحزينة حداداً على ما كاناه يوماً ما. كاتبان هشّان جداً، لا يملكان عناصر قصة تستحق النشر.

في النهار يتحابان، يقتربان، يلعبان، يمارسان الحياة بروتينها المعتاد، وما إن يعطي السواد إشارة واضحة بالقدوم، حتى يستسلما له بخضوع منعش.

في الليل تمارس العادات السرية. في الليل نتحول إلى "الأنا الحقيقية". في الليل لا ننافق في الحب ولا الحياة. في الليل لا نتفلسف ونفند الأنا. في الليل لا نتعرّى لأننا بالأصل عراة. نندب، نبكي بخفوت أو بصوت عال

يبتعدان، يكرهان بعضهما، يشفقان على نفسهما، يبكيان كثيراً، ثم يغفوان.

(في الليل تمارس العادات السرية. في الليل نتحول إلى "الأنا الحقيقية". في الليل لا ننافق في الحب ولا الحياة. في الليل لا نتفلسف ونفند الأنا. في الليل لا نتعرّى لأننا بالأصل عراة. نندب، نبكي بخفوت أو بصوت عال*)

 *حشو غير مبرر، خاصة في قصة قصيرة جداً.

دون سابق إنذار ، توقفتَ عن مبادلتي الرسائل. بتُّ أكتب لوحدي وأعبر عن كل ما أريده، معك، كل رغباتي، أحلامي، ميولي، وكل ما لا أريده. أرسل لك المئات من الرسائل وأنت تضحك. أكتب، أبكي، أغضب وأنت تضحك. تضحك كمن سبقني بأشواط في الحياة. تضحك على سذاجتي ،على عدم استسلامي، على رومانسيتي. تضحك وتضحك وتضحك.

كان يا ما كان في قديم الزمان

كاتبان تبادلا الرسائل الحزينة حداداً على ما كاناه يوماً ما، كاتبان هشّان جداً، لا يملكان عناصر قصة تستحق النشر.

الروائية ماتت من جرعة رومانسية زائدة، والشاعر مات من الضحك.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

نرفض أن نكون نسخاً مكررةً ومتشابهة. مجتمعاتنا فسيفسائية وتحتضن جماعات كثيرةً متنوّعةً إثنياً ولغوياً ودينياً، ناهيك عن التنوّعات الكثيرة داخل كل واحدة من هذه الجماعات، ولذلك لا سبيل إلى الاستقرار من دون الانطلاق من احترام كل الثقافات والخصوصيات وتقبّل الآخر كما هو! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، فكل تجربة جديرة بأن تُروى. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard