لابد للمتابعات والمتابعين للحراك الداعم لفلسطين في فرنسا، خاصة أثناء الحرب الدائرة على غزة، من أن يميزوا تجمع طوارئ فلسطين Urgence Palestine وأنشطته في هذا الخصوص. من مظاهرات تجمع الآلاف في باريس لندوات ثقافية إلى تجمعات تضامن، لا يتوقف تجمع طوارئ فلسطين عن النشاط لدعم الفلسطينيات والفلسطينيين في غزة.
تَجمع مبادرة طوارئ فلسطين بين المواطنات-ين والمنظمات والحركات النقابية والسياسية التي تم حشدها من أجل تقرير مصير الشعب الفلسطيني. ومن أهداف هذا التجمع النضال ضد القمع الاستعماري والحروب الإمبريالية.
جاء التجمع الكبير في مدينة جانفيلييه بباريس في 26 يناير/كانون الثاني، كحدث محوري في الضغط على الحكومة الفرنسية لتغيير موقفها تجاه فلسطين. نظم هذا التجمع مبادرة طوارئ فلسطين وعدد من الجمعيات.
أن يجتمع ألف وخمسمئة شخص باسم فلسطين برعاية بلدية جانفيلييه، هو علامة فارقة تؤكد على السعي لكسب الدعم الفرنسي. مع هتاف رئيس بلدية جانفيلييه "تحيا فلسطين" يحل شعور بالأمل بالدعم الدافئ الذي يقدمه كل من يسعى لدحض أساطير الاستعمار حول الشعب الأصلي لفلسطين.
تعقيد الوضع في فرنسا ومنع التظاهر لأجل غزة
من المهم الإشارة لتعقيد الوضع في الساحة الأوربية وخاصة الفرنسية، لفهم أهمية نشاط الحركات والتجمعات الداعمة لفلسطين. فبعد السابع من أكتوبر واجهت هذه الحراكات موجة من القمع من قبل الحكومات بأوربا ومنها فرنسا، التي منعت المظاهرات من الخروج للتضامن. ترافق هذا مع إسكات لناشطات وناشطين، ومع إلغاء عدد من المناسبات الثقافية، حتى التي كان مخطط لها مسبقاً، والتي تستضيف كتاب وكاتبات فلسطينيين أو معارض فلسطينية. مع العلم أن هذه المناسبات هي ثقافية ولم تكن تحمل طابع دعم للمقاومة بشكل مباشر.
كما خَرس الإعلام الفرنسي عن نقل ما يحدث في غزة. الأسوأ أنه تم تشويه فعل المقاومة في السابع من أكتوبر ليبدو كحرب إبادة على إسرائيل وبات هناك تَجييش ضد غزة وترهيب من دعم شعبها. ضمن هذا السياق القمعي الذي لا يمت لادعاء أوروبا بالحرية والديمقراطية، تم منع أي تظاهر داعم لغزة. تغير هذا الأمر في فرنسا مع ترخيص خروج المظاهرة الأولى في باريس، والتي تبعها عدد من المظاهرات والتي جمعت مؤسسات وجمعيات فلسطينية وعربية وفرنسية وأحزاب يسارية فرنسية.
ناشطات وناشطون من أجل إنهاء الاحتلال والحرب
تشاركنا ليلى وهي من ضمن بوصلة فلسطين Boussole Palestine التي تعتبر نواة أساسية في مبادرة طوارئ فلسطين، حول دورهن-م في الناشطية منذ سنوات في فرنسا. تقول ليلى: "تجمع بوصلة أشخاصاً من الجالية الفلسطينية في فرنسا وبلجيكا ومن بعض الدول الأوروبية. نرغب ببناء حركة لدعم المقاومة في فلسطين كي نخبر العالم عن مطالب الشعب الفلسطيني لأن "الحكومة الفلسطينية" غائبة".
تبين ليلى مطالب التجمع الخمسة الأساسية كالتالي: "تحرير فلسطين من النهر إلى البحر. كذلك نطالب بتحرير جميع الأسرى الفلسطينات-يين في السجون. نسعى لإنهاء الصهيونية والفصل العنصري والاحتلال والإمبريالية ليس فقط في فلسطين بل في إنحاء العالم. إضافة لما سبق، مع ما يجري في البلد نزيد على هذه المطالب الأساسية، مطلب وقف إطلاق النار بشكل فوري ودائم".
"نرغب ببناء حركة لدعم فلسطين، كي نخبر العالم عن مطالب الشعب الفلسطيني لأن الحكومة الفلسطينية غائبة".
إضافة لهذا، توضح ليلى: "نعمل في فرنسا منذ فترة، لكن للأسف، في كل جلسة نُدعى لها يتطلب هذا وجود أحد غير عربي وغير فلسطيني معنا لقبول روايتنا والاعتراف بها. هذا إشكالي بالنسبة لنا، حيث أن سرديتنا غير معترف بها دون مصادقة أحد من اليهود أو الفرنسيات-ين عليها. منذ 7 أكتوبر نُصر على روايتنا سواء تم قبولها أو لا، وسواء تمت المصادقة عليها من غير العرب والفلسطينيات-ين أو لا".
كما تصف لنا مشاركة النساء بالحراك: "هناك حضور نسائي كبير، لكن يوجد بعض الخوف من مواجهة الجمهور والخطاب بالجماهير، لكن كوني منذ الصغر كنت رئيسة اتحاد الطلبة فأنا معتادة على الخطاب أمام الحشد. كما هناك تخوفات لدى بعضهن ممن ليس لديهن أوراق، وأخريات لديهن تخوفات بسبب الأوضاع السياسية غير الآمنة للفلسطينيات ومن التهديد. لسنا جميعنا جاهزات للظهور العلني، وأشير إلى أنني لا أشارك اسمي كاملاً خوفاً من تهديدي من بعض الصهاينة وملاحقتهم لنا في فرنسا. فالناشطات والناشطون ليسوا في أمان في أوربا".
تقول إيمان وهي ناشطة في حراك طوارئ فلسطين: "اجتمعنا في البدايات في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، لتغيير الراوية الإعلامية الفرنسية وحملتها الشرسة ضد غزة، كنا نواجه برفض تصريح المظاهرات بحجة اعتبارها معادية للسامية. في مظاهرة الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول، خالفت الشرطة الفرنسية الموجودين ممن طالبوا فقط "بوقف المجزرة"، بدفع غرامة مالية كبيرة. حاولنا جاهدبن الضغط باتجاه ترخيص مظاهراتنا لضمان سلامة الجميع. ورغم كل جهودنا لم يكن ترخيص المظاهرات بالأمر السهل في بداية الحرب على غزة".
دعم حركة المقاطعة
بينت إيمان، كناشطة في حركة المقاطعة، أن هناك جهوداً للعمل المنظم للمقاطعة على المستوى الاقتصادي والنقابي والجامعي، من خلال تنظيم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) وحركات أخرى. كما أكدت على الاهتمام بتكثيف الجهد في قطاع الجامعات والعمل لبناء تجمعات لمقاطعة البحث الفكري الذي يعزز المنظومة الاستعمارية. تقول إيمان: "كنا نجد سابقاً، تحركات ترفض الممارسات القمعية للفكر في الجامعة لكن لا يوجد فعل مقاطعة مباشر، غالباً كان ذلك بسبب الخوف، لقد سمعت من صديق أنه خسر عمله لمجرد أنه حاول التعبير عن رأيه بخصوص فلسطين، وجزء مما نسعى إليه هو محاربة العنصرية في فرنسا".
عند سؤال إيمان عن كيفية دعم حركة المقاطعة، وإن كان من الضرورة الالتزام بقائمة المقاطعة أم التوسع بها لتشمل الشركات العالمية المشكوك بدعمها للاحتلال الاسرائيلي، أجابت: "هناك منحى يشجع على تكثيف الضغط على الشركات التي حددتها حركة المقاطعة، أي مقاطعة محددة واستهدافية، وهناك منحى يسعى لاستهداف كل من قد يشك بكونه داعم للصهيونية. المهم أن نؤكد أن المقاطعة باتت تؤثر على الشركات ومن الضروري دعمها في منطقتنا العربية كونها تساهم بالتغيير وبالضغط على الحكومات لوقف مساهمتها تجاه الاحتلال. لا نستطيع وحدنا كحركة مقاطعة تحقيق التغيير الكامل، مع علمنا بوجود تحرك في منطقتنا العربية. نحن نطمح ونتمنى وجود تعاون عالمي وخاصة من المنطقة العربية لدعم جهودنا في تكثيف المقاطعة".
"لماذا يمكن مقاطعة روسيا بسبب حربها على أوكرانيا ومنع فرقها من المشاركة في الأولمبياد، ولماذا لا يمكننا أن نطالب بالمثل تجاه حكومة إبادة واحتلال؟"
كما أضافت إيمان لتوضح دور حركة المقاطعة للأولمبياد في فرنسا: "لماذا يمكن مقاطعة روسيا بسبب حربها على أوكرانيا ومنع فرقها من المشاركة في الأولمبياد، ولماذا لا يمكننا أن نطالب بالمثل تجاه حكومة إبادة واحتلال؟ نسعى للضغط على الحكومة الفرنسية لنمنع مشاركة الفرق الإسرائيلية في الأولمبياد لكون حكومتها تساهم في الإبادة. كذلك، يأتي اهتمامنا بمقاطعة الأولمبياد لما رأيناه من مخالفة لحقوق العمال-ات الذين لا يملكون أوراقاً رسمية والذين تم استغلالهم". تتابع إيمان: "نحتاج لجهود ضغط جماعي وخاصة في منطقتنا للتوعية بأهمية مقاطعة الأولمبياد، حتى لو لم تكن مقاطعة كاملة لكن من المهم كسر جدار الصمت وفضح الممارسات الإسرائيلية وفظاعة مشاركة فرقها بالأولمبياد".
من المهم الإشارة لحضور عدد من الناشطات-ين والمعروفين بمواقفهن-م البارزة تجاه القضية الفلسطينية ومنهم رامي شعث هو ناشط سياسي وأحد مؤسسي حزب الدستور في مصر. وهو أيضاً نجل السياسي الفلسطيني نبيل شعث. نشط رامي في المجال السياسي الفلسطيني والمصري. وفي عام 2015، أسس الفرع المصري لحركة BDS التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل. تم اعتقاله في مصر وبعد الإفراج عنه يتابع أنشطته من فرنسا. كذلك. كما يساهم في أنشطة التجمع صلاح الحموري المبعد عن فلسطين، وهو محام فلسطيني-فرنسي وباحث ميداني في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ومعتقل سابق في سجون إسرائيل.
يشكل جهد طوارئ فلسطين وغيرها من الجمعيات والمؤسسات الداعمة لفلسطين في فرنسا أدوات ضغط على حكومتها. بهدف تسليط الضوء على حركة المقاطعة، والتذكير الدائم بأهمية هذه الأداة في الضغط لصالح فلسطين. كما نرى، يستمر التظاهر والدعم لفلسطين في أنحاء العالم على أمل وقف إطلاق فوري للنار.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع