"خوفي قلّك شو بحِسّلك ونبطّل أصحاب، وتبرم فينا الدنيي فجأة ونصَفّي أغراب"؛ على إيقاع هذه الكلمات، تأتي أغنية "بلا ما نحس" لعبير نعمة، لتقدّم لنا قصةً حقيقيةً وعميقةً حول معركة البوح بالحب في ظلّ مخاوف فقدان الصداقة.
هذه الكلمات تلمسنا وتشكّل نبض مشاعرنا بطريقة فريدة، وترسم لوحةً مؤلمةً للحظة الاختيار بين الصداقة والحب والخوف المحاطة بفكرة فقدان تلك العلاقة الثمينة، وفي هذا العالم الذي يتسارع فيه كل شيء، نجد أنفسنا محاصرين بمشاعر الشك والتردد.
هل سبق لكم/ نّ أن شعرتم/ نّ بهذا الخوف؟ هل تردّدتم/ نّ يوماً في الكشف عن مشاعركم/ نّ خوفاً من فقدان الصداقة؟ إنه شعور يعكس حيرتنا الداخلية، حينما نحاول الابتعاد عن الخطر المحتمل، لكنّنا في الوقت ذاته نرغب في التعبير عمّا يختلج في أعماقنا.
مشاعر تدلّ على أنّ الصداقة تحوّلت إلى حب
"فجأةً من دون سابق إنذار، بات قلبي يدقّ كلّما رأيته، وأصبحت أشتاق إليه بشكل غير مفهوم. كنت دائماً أسأل نفسي، ما الذي يحدث معي؟ لماذا أشعر بهذه الأحاسيس تجاه صديقي؟"؛ هذا ما عبّرت عنه كاتيا (اسم مستعار)، في حديثها إلى رصيف22.
توضح الشابة، أنّها بدايةً لم تفهم هذه المشاعر وعدّتها طبيعيةً لأنّها تراه تقريباً يومياً بحكم الجامعة، هذا إلى جانب دردشاتهما على الواتساب. ولكن بعد فترة، وعندما علمت بأنّه معجب بصبية على إنستغرام، بدأت تشعر بغيرة شديدة، إلّا أنّها طبعاً لم تعبّر عن انزعاجها، وهنا بدأت تفهم ما الذي يحصل معها.
"خوفي قلّك شو بحِسّلك ونبطّل أصحاب، وتبرم فينا الدنيي فجأة ونصَفّي أغراب"؛ على إيقاع هذه الكلمات، تأتي أغنية "بلا ما نحس" لعبير نعمة، لتقدّم لنا قصةً حقيقيةً وعميقةً حول معركة البوح بالحب في ظلّ مخاوف فقدان الصداقة
توضح الأخصائية النفسية، وردة بو ضاهر، لرصيف22، أنّ هناك العديد من المشاعر التي يمكن أن يختبرها المرء عندما يدرك أنه قد وقع في حب صديقه/ ته:
الاهتمام المتزايد: إذا بدأ الشخص بالاهتمام بصديقه/ ته أكثر من العادة، سواء بالتحدّث عنه/ ا بكثرة أو السعي إلى قضاء وقت أكثر معه/ ا.
الغيرة: قد يشعر الشخص بالغيرة عندما يرى صديقه/ ته مع شخص آخر، وهذا يمكن أن يكون إشارةً إلى وجود مشاعر حب.
التفكير المستمرّ: إذا كان الشخص يجد نفسه يفكر في صديقه/ ته باستمرار، حتى عندما لا يكونان معاً، فقد يكون هذا إشارةً إلى وجود مشاعر عاطفية.
الانجذاب الجسدي: إذا كان الشخص يشعر برغبة متزايدة في الاقتراب الجسدي من صديقه/ ته، كاللمس مثلاً، فقد يكون هذا إشارةً إيجابيةً.
الخوف من البوح بالمشاعر
تشرح وردة بو ضاهر، أن السبب الرئيسي الذي قد يجعل الشخص يشعر بالخوف من البوح بمشاعره تجاه صديقه/ ته، هو فقدان الصداقة في حال كان الطرف الآخر لا يبادله الشعور عينه.
من هنا، يؤثر هذا الخوف على الشخص، فيتحمّل الوجع العاطفي والغيرة بصمت من دون التحدّث عن الموضوع.
"أنا الآن في مرحة التعرف إلى شاب جديد ولكنّني لست مستعدّةً بعد للدخول في علاقة جدية، فأنا ما زلت أشتاق إلى صديقي، خصوصاً أنّنا لم نعد كما كنّا، وهذا أمر محزن لأنّني خسرته كصديق وفقدت الفرصة ليكون حبيبي"
من ناحية أخرى، تشير Ashley C. Cantave، كاتبة مدوّنة Questions and Tisane، إلى أنّ هناك أسباباً أخرى تجعل الشخص يخشى الإفصاح عن مشاعره، من بينها: خوفه من الرفض أو ببساطة عدم الحصول على رد.
تتحدّث الكاتبة عن تجربتها المؤلمة حينما وجدت الشجاعة واعترفت بمشاعرها تجاه شخص ما، ثمّ ترك الأخير الموضوع مفتوحاً ولم يعطها إجابةً أو إشارةً واضحةً. هذا الأمر كان بالنسبة لها غير مريح وتركها تتساءل عمّا إذا كانت ستتمسّك به أم لا.
بالعودة إلى كاتيا، فهي لم تعترف بمشاعرها لصديقها لأنّها تخجل من ذلك خصوصاً أنّها ترى أنه يتعيّن على الشاب أن يعترف بحبّه أو إعجابه، لذلك فضّلت أن تبتعد عنه تدريجياً بحجّة العمل والدراسة: "أنا الآن في مرحة التعرف إلى شاب جديد ولكنّني لست مستعدّةً بعد للدخول في علاقة جدية، فأنا ما زلت أشتاق إلى صديقي، خصوصاً أنّنا لم نعد كما كنّا، وهذا أمر محزن لأنّني خسرته كصديق وفقدت الفرصة ليكون حبيبي".
أفضل طريقة للبوح بالمشاعر
تنصح سيمون بوز، المعالجة المختصّة في العلاقات، خلال مقابلتها مع موقع The Guardian، بالتفكير بالمشاعر لفترة من الوقت، وفي حال أراد الشخص اتّخاذ خطوة البوح للصديق/ ة عن مشاعره، فيجب أن يسأل نفسه: "هل أنا جاد في هذا الأمر؟". من هنا يجب البحث عن الإشارات التي تدلّ على أنّ الطرف الآخر قد يكون مهتّماً به عاطفياً، هذا إلى جانب طرح بعض الأسئلة مثل: "هل هي صداقة قوية؟"، و"هل أشعر أحياناً بأن الحدود قد تم تجاوزها؟".
وتوضح أيضاً أنّه من المهمّ جداً أن يكون الشخص متيقّظاً عندما يريد البوح عن مشاعره، وواثقاً بنفسه، حتى لا يبدأ بالشعور بالندم خصوصاً في حال كان مثلاً ثملاً واعترف بحبّه للطرف الآخر، فهذا الأمر قد يسبّب له مشكلات.
بدورها، تؤكد وردة بوضاهر، أنّ أهمّ نقطة هي أن يكون الشخص مستعدّاً للتحدّث عن مشاعره ويكون على يقين بما يشعر وما الذي يودّ قوله، هذا إلى جانب فهم مشاعر الطرف الآخر.
كان مايكل، البالغ من العمر 33 سنةً، يدرك منذ البداية أنّه وقع في حبّ صديقته، فهو كان يهتمّ بها بشكل مبالغ فيه وكأنّها حبيبته، ويتحدّث معها طوال اليوم ويطمئنّ عليها، كما أنّه كان يغضب في حال تأخّرت في الردّ عليه، فقرر أن يواجهها وأن يبوح بمشاعره تجاهها، فاختار يوم عيد ميلادها ليعبّر عمّا يختلج قلبه: "كنت واثقاً من نفسي، لم أتردّد ولو للحظة عند البوح، إذ إنّني فكّرت في حال رفضتني، في الحرص على أن نبقى صديقين، وإن قبلت فهذا سيكون أجمل يوم في حياتي... فأنا شخص عمليّ ولا أُعقّد الأمور".
"فجأةً من دون سابق إنذار، بات قلبي يدقّ كلّما رأيته، وأصبحت أشتاق إليه بشكل غير مفهوم. كنت دائماً أسأل نفسي، ما الذي يحدث معي؟ لماذا أشعر بهذه الأحاسيس تجاه صديقي؟"
ويوضح هذا الشاب لرصيف22، أن صديقته اتّضح أنها تبادله الشعور عينه ولكنّها لم تكن متأكّدةً من أحاسيسها: "نحن في علاقة منذ سنة ونصف تقريباً، والأمور إلى الآن جميلة، ولكن طبعاً هناك بعد المشكلات التي تحدث بيننا وهذا أمر طبيعي بين أي ثنائي، ونحن نحرص على تخطّيها"، عادّاً أن علاقة الصداقة التي بدأت أوّلاً هي السبب في قوة ارتباطهما.
قصّة رامي (اسم مستعار)، تختلف عن قصة مايكل، فصديقته رفضت حبّه، وفق ما يكشف لرصيف22: "يبدو أنّني فهمت تصرّفاتها بشكل خطأ، فهي كانت لطيفةً جداً معي، تهتمّ بي، تحدّثني دائماً، تمازحني، وتعانقني... لكنّها قالت لي إنّها تحبّني كصديق فقط واعتذرت منّي لأنّها جعلتني أشعر بأنّها تبادلني الشعور عينه".
ويضيف: "بقينا أصدقاء لسنتين، قبل أن تتعرّف إلى شاب ويخطبها، ومن بعدها لم نعد نتحدّث وكلّ ما نقوم به هو متابعة بعضنا البعض على إنستغرام".
الاعتراف بالحب بين الخيبة والأمل
"لا بدّ أن يتقبّل الشخص خيبة الأمل في حال رفضه من الطرف الآخر، وأن يذكّر نفسه بأنّه على الأقل عبّر عن مشاعره بدلاً من أن يعيش متأمّلاً"؛ هذا ما تؤكّده وردة بوضاهر.
وعن كيفية المحافظة على الصداقة في حال رفض الشخص الآخر مشاعر الحب، تقول: "هذا الأمر يعود للطرفين، فإما استمرار الصداقة بينهما وكأنّ شيئاً لم يكن، أو قد يتّخذان القرار بالابتعاد قليلاً ومن ثمّ العودة كصديقين، أو حتى وفي بعض الأوقات قد يكون أنسب حلّ هو التخلي عن الصداقة".
سواء كانت النهاية سعيدةً أم حزينةً، الأمر الأهمّ هو التعبير عن الأحاسيس بشكل صريح وصادق، فالحياة لا تتّبع دائماً السيناريوهات المتوقّعة، وقد يكون من المفيد تقدير اللحظة الحالية بدلاً من التفكير المفرط في المستقبل. على الرغم من أن النهاية قد تكون حزينةً، لكن يجب على المرء أن يقبل الأمور كما هي ويسعى إلى تحسين حياته بصدق وصبر.
من هنا، يتعيّن على الشخص المعني عدم وضع توقعات مفرطة من الآخرين وأن يحترم ردود فعلهم وقراراتهم، إذ قد يكون الرفض جزءاً من تجارب الحياة التي لا بد أن يستفيد منها من أجل تطوير نفسه وحياته.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون