شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الجيش الإسرائيلي يبدأ إخفاء هويّات ضباطه الفاعلين في الحرب على غزّة... لماذا الآن؟

الجيش الإسرائيلي يبدأ إخفاء هويّات ضباطه الفاعلين في الحرب على غزّة... لماذا الآن؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتطرف

الاثنين 15 يناير 202401:00 م

مع استمرار جرائم الحرب التي تمارسها إسرائيل في غزة، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قدّمت دولة جنوب إفريقيا ملفها أمام المحكمة الدولية، وتتهم فيه إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في حربها على القطاع، وتقول إنها فشلت في منع الإبادة الجماعية وفشلت في محاكمة المسؤولين الذين حرّضوا علانيةً على الإبادة الجماعية. انعقدت جلسات الاستماع يومي الخميس والجمعة الماضيين.

توازياً مع هذا الواقع والتطور، برزت معلومات تتحدث عن تحرك إسرائيل لتحصين قادتها العسكريين، فهل أتى هذا التحرّك نتيجة الخوف من اغتيالهم، أو ملاحقتهم قضائياً بسبب جرائم الحرب؟ ولماذا تلجأ إسرائيل الآن إلى تحصين قادتها العسكريين؟ وهل لمحكمة العدل الدولية دور في هذا الأمر؟

واقع الجيش

في الحادي عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري، كشفت القناة 13 الإسرائيلية، على الهواء مباشرةً، قيام الجيش بتأمين قائد سلاح الجو، تومار بار، في أعقاب الاغتيالات المنسوبة إلى إسرائيل في الجبهة الشمالية. ويفكّر الجيش الإسرائيلي، بحسب القناة نفسها، في إخفاء وجوه الضباط وأسمائهم لحمايتهم من الدعاوى القضائية في الخارج، وكذلك خشية اغتيالهم كرد على عمليات الاغتيال التي قام بها الجيش، ومن أبرزها مقتل القيادي، صالح العاروي، لذلك عمد الجيش إلى دفع وحدة تأمين من نخبة ضباط الأركان العامة لتلحق بقائد القوات الجوية، وغيره من كبار الضباط، خشية ترصدهم وقتلهم.

الصورة من القناة 13 الإسرائيلية عن قرار الجيش تأمين قائد سلاح الجو في أعقاب الاغتيالات الإسرائيلية في الجبهة الشمالية.

يقول الدكتور محمد علي، خبير اللغة العبرية والدراسات الإسرائيلية، لرصيف22: "الجيش الإسرائيلي يعلم علم اليقين بأنه ارتكب جرائم حرب في قطاع غزة بحق المدنيين والبنية التحتية، فدمّر كل شيء، ويعلم أن قادته الذين يتجولون في القطاع بين الحين والآخر في بعض الجبهات، سيصبحون هدفاً مشروعاً للمقاومة بمختلف فصائلها، كما أن إقدام إسرائيل على سلاح الاغتيالات سواء لقادة المقاومة أو بعض الشخصيات العامة داخل غزة وخارجها، وفي أثناء المواجهة الحالية متعددة الجبهات سواء مع حزب الله أو حماس، سيُدخل المواجهة مرحلةً جديدةً، وهي مرحلة مساعي المقاومة للرد على تلك الاغتيالات، لذلك لجأ إلى تأمين قائد سلاح الجو".

من المتوقع أن "تصدر تعليمات من قادة الجيش الإسرائيلي لكبار قادة الوحدات والكتائب بعدم الظهور في جبهات القتال وإخفاء ملامح قادة الفصائل خوفاً من تعقبهم وقتلهم، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر عدم إظهار شخصياتهم للعالم خوفاً من صدور أحكام ضدهم في الوقت الذي بدأت فيه محاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي، لذا تخشى إسرائيل إصدار أحكام قضائية بتعقب القادة العسكريين وملاحقتهم خارج حدودها"

ويتوقع في حديثه إلى رصيف22، أن "تصدر تعليمات من قادة الجيش لكبار قادة الوحدات والكتائب بعدم الظهور في جبهات القتال وإخفاء ملامح قادة الفصائل خوفاً من تعقبهم وقتلهم، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر عدم إظهار شخصياتهم للعالم خوفاً من صدور أحكام ضدهم في الوقت الذي بدأت فيه محاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي، لذا تخشى إسرائيل إصدار أحكام قضائية بتعقب القادة العسكريين وملاحقتهم خارج حدودها".

كواليس مشهد الرعب

من أشهر المقولات عن إسرائيل، أنها "جيش له دولة" وليست "دولةً لها جيش" على اعتبار أن كل مواطنيها مجندون في جيشها، لذا نجد أن سنّ الاحتياط للخدمة العسكرية تصل في بعض الحالات إلى ستين عاماً، والسنّ الأساسية هي 40 عاماً للجنود، و45 عاماً للضباط، بينما قدّمت وزارة الدفاع الإسرائيلي مقترح قانون بسبب الحرب الحالية لرفع سن الاحتياط للجنود إلى 50 عاماً، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".

ومن أشهر مشاهد الحرب الحالية على غزة، مشهد استدعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بينيت، الجيش لأداء دوره كمقاتل. وفي ظل هذا الواقع، ما الذي أدى إلى المشهد الضبابي الحالي من الرعب داخل المنظومة العسكرية الإسرائيلية من تعقب أفرادها، سواء عبر الاغتيال أو المحاكمة والمطاردة خارج حدودها؟

من خلال البحث في أحداث الحرب الحالية على قطاع غزة، يظهر أن القادة العسكريين الإسرائيليين يحاربون بعقيدة تخلو من الرحمة والإنسانية أو مبادئ الحرب المتعارفة دولياً، ويتضح ذلك من خلال بعض التصريحات والمشاهد للقادة أنفسهم، ويبدأ الأمر برأس الجيش نفسه، أي بوزير الدفاع، يوآف غالانت، الذي قال في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في تصريحات نشرها الموقع الرسمي لمنظمة "هيومن رايتس ووتش": "لن تكون هناك كهرباء، ولا طعام، ولا وقود، كل شيء مغلق. نحن نقاتل حيوانات بشريةً ونتصرف وفقاً لذلك"، وأمر حينها بفرض حصار كامل على غزة.

واستمراراً للتصريحات العدائية الخالية من الإنسانية ضد غزة وسكانها المدنيين، والتي أدت إلى موجة الكراهية العالمية تجاه الجيش الإسرائيلي والمطالبة بمحاكمة قادته، هناك براهين وأفعال كثيرة تؤكد ارتكاب جرائم حرب، مثل تصريح المتحدث باسم الجيش، دانيال هاغاري، الذي قال فيه بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت": "المعابر مغلقة في القطاع، لا يوجد كهرباء في القطاع، ولا أحد يدخل أو يأتي إلى القطاع، غزة تحت الحصار، وهناك المئات مدفونون تحت المباني في هجماتنا".

الطريق إلى لاهاي

نجحت إسرائيل في بناء جسر كبير من الكراهية ضدها بسبب تصريحات قادتها العسكريين والسياسيين بدعوات الإبادة الجماعية، وهو ما يمكن وصفه بأنه كان الطريق إلى لاهاي وتقديم طلب بمحاكمة إسرائيل على جرائمها، فيظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي يناقض نفسه، ويزعم بأن الجيش الإسرائيلي هو الأكثر أخلاقيةً في أول رد فعل على المحاكمة في لاهاي ضد جيشه، ويقول نتنياهو بحسب "يديعوت أحرونوت": "نحن نحارب الإرهابيين، ونحارب الأكاذيب، إسرائيل تحارب الإرهابيين القتلة الذين ارتكبوا جرائم فظيعةً ضد الإنسانية، وجيش الدفاع الإسرائيلي، الجيش الأكثر أخلاقيةً في العالم، ويفعل كل شيء لتجنّب إيذاء غير المتورطين، ويتهمه ممثلو الوحوش بـ'الإبادة الجماعية'".

ويأتي الرد على نتنياهو نفسه من خلال تصريحات قادة جيشه العسكريين بالدعوات إلى إبادة غزة وسكانها، دون التفرقة بين مدنيين وعسكريين، وهو ما يمكن وصفه بأنه قاد إلى الطريق إلى لاهاي وتلك المحاكمة، والمدهش أن تكون البداية لدى نتنياهو نفسه الذي قال في وقت سابق إن غزة ستصبح "مدينة خراب"، ودعا سكانها إلى ترك منازلهم وهدد بأن الجيش سيستخدم كل قوته وسوف يتم شلّ غزة إلى حد الدمار الكامل، ووصف رئيس الوزراء غزة بأنها "مدينة الشر"، وأوضح: "سنحول كل الأماكن إلى مدن خراب، وأقول لسكان غزة: اخرجوا من هناك الآن، نحن سوف نعمل في كل مكان وبكل قوة".

وقال قائد الكتيبة 614 في سلاح المهندسين في الجيش الإسرائيلي، المقدم أدونيرام: "سنمر من نفق عبر الآخر وندمر كل شيء"، واعترف بتدمير البنى التحتية مثل المساجد وروضات الأطفال، بحسب حديثه إلى موقع "والا" العبري.

وحثّ قائد لواء جولاني العقيد يائير بالاي، جنوده في رسالة على تدمير العدو قاصداً الفلسطينيين و"حماس"، وحفّزهم على ضرورة مواصلة القتال، وبرغم اعتراف رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، بأن غزة مزدحمة ومكتظة بالسكان، لكنه أيضاً حث الجنود على الغزو البرّي واستمرار القتال بضراوة وعنف، وطالبهم بالشجاعة في القتال.

"إسرائيل فشلت في إدارة الحرب من الناحية العملياتية وكذلك النفسية، خاصةً في ما يتعلق بالتصريحات وكشف أوراقها كافة، فمن الناحية العملياتية لا يجب أن يكشف أحد طرفي الحرب عن كافة قادته وأوراقه للطرف الآخر، وهذه الخطوة قد تندم إسرائيل عليها لاحقاً"

وترى الدكتورة اعتماد جمال، وهي مدرسة مساعدة للغة العبرية في جامعة القاهرة في حديثها إلى رصيف22، أن "التصريحات العدائية للقادة العسكريين حولت دولة الاحتلال كلها إلى صوت واحد عدائي وعنيف ومتعطش إلى الدم الفلسطيني، فأصبح الهدف هو تدمير غزة، ولا يفرّق الجيش والمنظومة العسكرية الإسرائيلية بين المدني والعسكري، والحالة الحالية تؤكد أن إسرائيل باتت مفلسةً ولا تملك من الأمر شيئاً، وترفض أن تخضع للمحاكمة كونها تعلم مدى بشاعة الجرائم التي ارتكبتها في غزة".

وتضيف جمال أن "إسرائيل فشلت في إدارة الحرب من الناحية العملياتية وكذلك النفسية، خاصةً في ما يتعلق بالتصريحات وكشف أوراقها كافة، فمن الناحية العملياتية لا يجب أن يكشف أحد طرفي الحرب عن كافة قادته وأوراقه للطرف الآخر، وهذه الخطوة قد تندم إسرائيل عليها لاحقاً، خاصةً أنها انتهجت سياسة الاغتيالات، وبعد معرفة أسماء عدد كبير من قادة الفصائل والكتائب قد يتم ترصدهم واغتيالهم، خاصةً أن المقاومة تمتلك قدرات استخباراتيةً كبيرةً، وأثبتت ذلك بتجميع معلومات دقيقة عن القادة قد تساعدها في ترصدهم وتعقبهم".

هل انقلب السحر على الساحر؟

نسجت إسرائيل لنفسها شركاً كبيراً بتصريحات مسؤوليها السياسيين والعسكريين، التي استندت إليها جنوب إفريقيا ومدّعيها العام في طلبها المقدم لمحكمة العدل في لاهاي، وهو ما دفع صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها المنشورة الجمعة 12 كانون الثاني/ يناير الجاري، إلى شن هجوم على قادة الجيش والحكومة، وتشير الصحيفة إلى أن مدّعي جنوب إفريقيا وجد عدداً لا يُحصى من "الجواهر" التي تفوّه بها عدد من الأشخاص كان من المفترض أن يقودوا إسرائيل بمسؤولية في ساعة حرب قاسية عسكرياً ودبلوماسياً، ولفتت إلى أن جنوب إفريقيا اقتبست تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي الذي هدد بتحويل غزة إلى جهنم، وأن أهلها لن ينعموا بماء ولا كهرباء، وكذلك تصريحات الوزير الإسرائيلي كاتس الذي دعا إلى غلق صنبور المياه عن غزة، ودعوات وزير التراث، عميحاي إلياهو إلى ضرب غزة بالنووي.

كذلك، سخرت افتتاحية الصحيفة الإسرائيلية من تصريحات الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، الذي كان يجب أن يتحلى بالمسؤولية وأن يكون راشداً وبالغاً، وذلك حينما وقّع على قذيفة أُطلقت على قطاع غزة، ووصفت الصحيفة هذه الأفعال بأنها "ترهات اليمين المعتادين على النزعة القتالية"، وخلصت الافتتاحية إلى أن إسرائيل وضعت نفسها في ورطة بسبب تلك التصريحات.

وكانت التصريحات الإسرائيلية السابقة واللاحقة، سبباً كافياً لتعرض عدد كبير من ضباط وقادة الجيش لخطر الملاحقة والمحاكمة، حيث لفت موقع "سيخاه مقوميت" العبري إلى أن نحو 40 قائداً من الجيش الإسرائيلي معرضون لخطر التحقيق والمحاكمة، استناداً إلى ما قدّمته منظمة DAWN الحقوقية، التي تعمل من الولايات المتحدة والتي أنشأها الصحافي الراحل جمال خاشقجي، من أسماء تشمل 40 ضابطاً وقائداً من الجيش الإسرائيلي، على رأسهم وزير الدفاع ورئيس الأركان.

وبحسب القائمة المنشورة على موقع المنظمة: "تشمل القائمة ضباطاً من رتبة فريق وما فوق، يقودون وحدات لا تقلّ عن قوات على مستوى الكتيبة، وتغطّي تقريباً جميع فروع الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى وحدة تنسيق الأنشطة الحكومية في المناطق، وهي الوحدة التي تدير الحصار على غزة"، ومن ضمن المطلوب التحقيق معهم كذلك، رئيس وحدة تنسيق الأنشطة الحكومية العسكرية في المناطق، اللواء غسان عليان، المسؤول عن إدارة حصار غزة، وكان مسؤولاً عن قطع إمدادات المياه والغذاء وإمدادات الوقود في الأيام الأولى للحرب، وأفادت المنظمة الحقوقية على موقعها بأن "إسرائيل تحاول إخفاء هويات العديد من ضباطها المشاركين في القتال من خلال نشر أسمائهم الأولى فقط، وإخفاء وجوههم في العديد من المواد المتاحة للجمهور".

وشهد شاهد من أهلها

شنّت الحكومة الإسرائيلية ووزراؤها هجوماً لاذعاً على جنوب إفريقيا، وكذلك على محكمة العدل في لاهاي، بسبب جلسات المحاكمة، ووصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية جنوب إفريقيا بأنها الذراع القانونية لحركة حماس، وعدّت المشهد الحالي أعظم مظاهر النفاق في التاريخ، بينما قال وزير المالية الإسرائيلية، بتسلئيل سموتريتش: "إن محكمة لاهاي، مثلها مثل المحاكم الدولية الأخرى، هي هيئات سياسية ملوثة بمعاداة السامية وتكشف مراراً وتكراراً عن عروض لا تُصدّق من النفاق، والوحيدون الذين يجب أن يحاكموا في لاهاي وفي كل مكان هم إرهابيو حماس النازيون الذين يتحملون مسؤولية المذبحة المروعة ضد مواطني إسرائيل، ولكن بالنسبة للعالم المستنير، نحن جميعاً مستوطنون ومجرمو حرب"، بحسب ما نشرته القناة السابعة الإسرائيلية.

كتب المحلل والبروفيسور الإسرائيلي، يائير طال، مقالةً في موقع "زمان يسرائيل"، بعنوان "الجيش وكارثة قتل المختطفين"، تحدث فيها عن جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي، مستشهداً بواقعة قتل 3 رهائن إسرائيليين بالخطأ برغم رفعهم أعلاماً بيضاء ومتجردين من قمصانهم، مردفاً "هل يمكن أن نتعلم من هذه الحالة أن جنود جيش الدفاع الإسرائيلي يطلقون النار على الأشخاص الذين يرفعون أيديهم؟ إطلاق النار على أفراد العدو وأيديهم مرفوعة يُعدّ جريمةً"

وهناك مشهد آخر داخل إسرائيل نفسها، يعترف بفظاعة المشهد، إذ تقول الكاتبة الإسرائيلية، نيتا أحيتوف، إن "إسرائيل دمرت نحو 10 آلاف منزل في القطاع، وحجم الخراب الذي خلّفته يفوق ما حدث في سوريا على مدار ثلاث سنوات"، وتتهكم الكاتبة في مقالتها المنشورة في صحيفة "هآرتس"، على بلادها بعد ذكرها لحجم الدمار، وتقول: "والآن هناك من يريد اتهام الجيش الإسرائيلي بارتكاب نوع جديد من الجرائم ضد الإنسانية: تدمير البيئة السكنية".

كذلك، تهكّم الكاتب الإسرائيلي، موشيه جورلي، على المشهد الحالي من المحاكمة، وكتب مقالة في السابع من كانون الثاني/ يناير الجاري في صحيفة "كالكاليست" بعنوان: "ماذا تتوقع محكمة لاهاي من حكومة تحارب المحكمة العليا"، في إشارة إلى الهجوم الحكومي على القوانين والمحكمة العليا في إسرائيل من أجل تغيير القوانين والحد من سلطات المحكمة الإسرائيلية لتحقيق مصالح شخصية لأفراد في الحكومة.

وشددت جمال في حديثها إلى رصيف22، على أن "محكمة العدل الدولية تواجه تحدياً كبيراً في إدانة الجرائم الإسرائيلية في غزة، بعد الأدلة الدامغة التي قدّمتها جنوب إفريقيا والتي استندت إلى تصريحات قادة الاحتلال أنفسهم، وكذلك قائمة العسكريين المدانين، والشواهد التي رآها العالم، وعلى المحكمة أن تصفع إسرائيل على وجهها، وتكون إدانتها بارتكاب جرائم حرب وصمة عار على جبينها تلاحقها أينما حلت، ويجب أن يكون موقف المحكمة انتصاراً للإنسانية والقانون، وعدم القبول بأي ضغوط إسرائيلية أو أمريكية لعدم الإدانة، لأن هذا سينتقص من قدر المحكمة التي تمتلك الآن أدلةً دامغةً على جرائم الحرب الإسرائيلية".

وكتب المحلل والبروفيسور الإسرائيلي، يائير طال، مقالةً في موقع "زمان يسرائيل"، بعنوان "الجيش وكارثة قتل المختطفين"، تحدث فيها عن جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش، مستشهداً بواقعة قتل 3 رهائن إسرائيليين بالخطأ برغم إقدامهم رافعين أعلاماً بيضاء ومتجردين من قمصانهم، وبرغم ذلك عاملهم الجيش كأعداء، ويقول طال: "هل يمكن أن نتعلم من هذه الحالة أن جنود جيش الدفاع الإسرائيلي يطلقون النار على الأشخاص الذين يرفعون أيديهم؟ إطلاق النار على أفراد العدو وأيديهم مرفوعة يُعدّ جريمةً، كل طفل يعرف، ويجب على كل جندي أن يعرف ويتصرف وفقاً لذلك. لا تطلقوا النار على عدو مستسلم لأن هذا هو القانون وهذه هي الأخلاق، ولا ينبغي أن نطلق النار على من يستسلم".

تجدر الإشارة إلى أن مدينة غزة وفقاً للبيانات المنشورة في 13 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، من قبل منظمة Shelter Cluster، وهي منظمة تضم مجموعات الإغاثة التي تساعد السكان في مناطق النزاع والكوارث، 26% من الوحدات السكنية في شمالها دُمّرت بالكامل، وتعرضت 62% أخرى لأضرار جزئية، أي بمجموع يبلغ 88%، وفي مدينة غزة نفسها، تم تدمير 16% من الوحدات السكنية بشكل كامل، وتعرضت 59% أخرى لأضرار جزئية، أي ما مجموعه 75%. وفي المناطق الوسطى، خان يونس ورفح، كانت الأرقام فيهما أقل، خاصةً من حيث الدمار الكامل، لكن ذلك كان قبل أن يزيد الجيش الإسرائيلي نشاطه هناك. وفي المجمل، وبحسب هذه البيانات، فإن نحو 70% من مجمل الوحدات السكنية في قطاع غزة -305،000 وحدة سكنية من أصل 439،000- تضررت كلياً أو جزئياً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image