منذ دخول الدعوة الإسلامية مرحلة المواجهة والصدام العسكري في لحظات تكوينها المبكرة، فرضت على المسلمين الوقائع الحربية التي نازلوا فيها أعداءهم ضرورة ابتكار "فقه أسرَى" يُمكن التعامل به في حالات القبض على فلول المقاتلين من أعداء دولة الإسلام. تطوّر هذا الفقه تدريجياً حتى وصل إلى درجة كبيرة من النضج في العصر العباسي.
قبل معركة بدر، نجحت سريّة إسلامية في أسر رجلَين من قريش أطلق النبي سراحهما مقابل 40 أوقيةً من الفضة عن كل واحدٍ منهما. أما معركة بدر نفسها، فانتهت بوقوع 70 أسيراً بين أيدي المسلمين تباينت الآراء في مصيرهم؛ اقترح أبو بكر إطلاق سراحهم مقابل فدية، فيما رأى عمر قتلهم جميعاً.
في النهاية، حسم الرسول الخلاف بإطلاق سراح غالبيتهم مقابل أموال، فأخذ أوقيةً ذهبيةً مقابل إطلاق سراح عمّه العباس وابنَي عمه عقيل ونوفل، وافتدى الوليد بن عقبة بـ4 آلاف درهم، أما الفقراء من الأسرى فأمر بتحريرهم مقابل تعليم 10 من صبيان المسلمين القراءة والكتابة.
وفي حالات فردية، وافق على مبادلتهم بآخرين؛ حرّر بعضهم كما حصل مع عمر بن أبي سفيان, إذ حرره مقابل الصحابي سعد بن أكال الذي حبسه أبو سفيان في مكة، أو أمر بإطلاق سراحهم بلا مقابل على الإطلاق, مثلما فعل مع أبي العاص بن الربيع، زوج ابنته زينب، وأبي عزة عمرو بن عبد الله الذي شكا للنبي ضيق حالته وعدم قُدرته على دفع أي مبلغ مالي.
عقب وفاة النبي واستمرار الفتوحات التي رسّخت دعائم الدولة الإسلامية، أظهر المسلمون اهتماماً باستعادة الأسرى من جيوش الآخرين، ورُوي عن عمر بن الخطاب: "لأن أستنقذُ رجلاً من المسلمين من بين أيدي الكفّار، أحبُّ إليّ من جزيرة العرب"
لم يلتزم أبو عزة بوعده للنبي بعدم محاربة المسلمين، وشارك في معركة أُحد التي وقع فيها أسيراً مرةً أخرى، لكن هذه المرة أمر الرسول بقتله.
من بين أسرى بدر، أمر النبي بقتل الأسير النضر بن الحارث لشدّة عدائه لدعوة الإسلام، فهو الشخص الذي كتب بنفسه صحيفة المقاطعة التي نصّت على تجنّب قريش جميع أشكال التعامل مع بني هاشم، وبسببها تم تجويعهم في الشّعب 3 سنوات.
عقب وفاة النبي واستمرار الفتوحات التي رسّخت دعائم الدولة الإسلامية، أظهر المسلمون اهتماماً باستعادة الأسرى من جيوش الآخرين، ورُوي عن عمر بن الخطاب: "لأن أستنقذ رجلاً من المسلمين من بين أيدي الكفّار، أحبُّ إليّ من جزيرة العرب"، وأفتى جمهور العلماء بجواز افتداء المقاتلين المسلمين بمالٍ أو بأسرى من الأمم الأخرى.
وفي هذه القضية منح الفقهاء الإمام صلاحيةً كبيرةً في تقرير مصير الأسرى الذين يقعون في أيدي المسلمين، وهو موقف لخّصه الماوردي في كتابه "الأحكام السلطانية"، قائلاً: "يكون الإمام في الأسرى مخيراً في استعمال الأصلح من 4 أمور هي: أن يقتلهم بضرب العنق، أن يسترقّهم وتجري عليهم أحكام الرقّ من بيعٍ وعتق، أن يفادي بهم على مالٍ أو أسرى، وأخيراً أن يمنَّ عليهم ويعفو عنهم"، وجميعها أمور أقدم عليها النبي كما سبق وذكرنا.
الأمويون: لا فداء... لا صفقات
يقول محمد عامر في بحثه "نُظم تبادل الأسرى بين المسلمين والبيزنطيين حتى بداية الحروب الصليبية"، إنه المسلمين لجأوا خلال الفتوحات الأولى في عهد الخلفاء الراشدين ثم بني أمية، إلى إظهار القوة وإلقاء الرعب في قلوب الأعداء، فكان الاتجاه الغالب هو قتل الأسرى، وهو ما فعله عمرو بن العاص خلال غزو فلسطين حين أمر بضرب أعناق أسرى الروم مبرراً فِعلته بأن "الروم تركوا أسراهم بلاءً على المسلمين ليُشغلوا بحراستهم ولئلا يتفرغوا للمعارك"، الأمر نفسه فعله عمر بن هبيرة حينما غزا بلاد الروم في سنة 102هـ، وأسر منهم 700 أسير قتلهم جميعاً.
في بحثه، أبدى عامر استغرابه من أن عصر الأمويين الذي شهد فتوحات هائلةً وصلت إلى القسطنطينية ذاتها، لم يشهد عمليات فداء كبيرةً ومنظمةً مثلما جرى في العصر العباسي الأكثر هدوءاً من الناحية العسكرية. برّر عامر هذا الأمر بأن الأمويين اهتموا بتوطين المسلمين في الأماكن التي يخضعونها لسيطرتهم، لذا فإنهم كانوا لا يهتمون بالحصول على الأسرى وإنما كانت جيوشهم تقاتل حتى تستولي على المدينة الرومية بعد القضاء على حاميتها أو جلاء أهلها أو قتل من يقع منهم في الأسر حتى تخلي الأرض تماماً للمستوطنين العرب الذين تنقلهم من الجزيرة العربية لترسيخ وجود الدولة الإسلامية في المنطقة المفتوحة حديثاً.
لهذا السبب برّر عامر قِلة المرويات التي وصلتنا عن عقد صفقات تبادل الأسرى بين الطرفين، إذ لم تردنا إلا حالات فردية محدودة جرى فيها تبادل أسير مقابل آخر، مثلما جرى في عهد معاوية بن أبي سفيان حين وقع مسلم في أسر جيش الروم فاستغاث الأخير بالخليفة الذي أمر بخطف ضابط بيزنطي استبدله بالمسلم الذي تعرّض للسجن.
في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، نجح البيزنطيون في أسر خالد بن كيسان، أمير أسطول المسلمين، وأمر الإمبراطور جستنيان بإطلاق سراحه مقابل تخفيف القائد مسلمة بن عبد الملك حصارَه المضروب حول القسطنطينية.
كذلك شهدت فترة خلافة الخليفة عمر بن عبد العزيز، أول عملية فداء منظمة بين الجانبين حُرّر فيها الأسير المسلم الواحد مقابل اثنين من البيزنطيين. قبل عملية التحرير، بعث الخليفة الأموي إلى بعض الأسرى المسلمين رسالةً قال فيها: "قد بعثتُ إليكم مَن يفادي صغيركم وكبيركم وذكركم وأنثاكم وحُرّكم ومملوككم بما سُئل، فأبشروا ثم أبشروا".
زمن العباسيين: صفقات الفداء الأولى
يقول أسامة الأمين، في ورقته البحثية "الأفدية بين المسلمين والبيزنطيين"، إن العباسيين لم يهتموا بالحرب كثيراً قدر تركيزهم على إدارة الدولة الشاسعة التي ورثوها عن الأمويين، لذا اكتفوا بحملات حماية الثغور التي عُرفت باسم "الصوائف والشواتي" والتي اقتصرت على تنفيذ عمليات عسكرية محدودة للحفاظ على الحدود، وبهذا انتقلوا من الجانب الحربي الصرف إلى الجانب السلمي الذي تشعُّ فيه الجهود الدبلوماسية، وإحدى أهم ثمراتها عمليات الفداء التي بدأت تُعقد بانتظام كبير بين الطرفين.
عُقدت صفقات الفداء منذ السنوات الأولى لقيام الدولة العباسية، ففي ظل عهد الخليفة أبي جعفر المنصور في عام 139هـ/ 756م، قرّر افتداء أهالي مدينة "قاليقلا" (مدينة تقع في أرمينية)، وما حولها من قُرى كانت تقع تحت سيطرة المسلمين حينها. في هذه الصفقة، وافق المنصور على تحرير المسلم الواحد مقابل عشرة من البيزنطيين، وفي 152هـ عُقدت صفقة أخرى جرى التبادل فيها على أساس رجلٍ برجل وامرأة بامرأة وطفلٍ بطفل.
غياب تفاصيل تلك الصفقات وعدم معرفتنا بعدد المُحرَّرين فيها، جعلا المسعودي لا يعترف بها حين عدّ أن أول عملية تبادل أسرى أجراها المسلمون مع البيزنطيين تمّت في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، في عام 189هـ/ 805م على نهر اللامس بالقرب من طرسوس، وهي بقعة فاصلة بين دولتَي الإسلام والبيزنطيين شهدت الكثير من عمليات الفداء التي جرت بين المعسكرين في أزمنة لاحقة.
يقول محمد عامر في بحثه "نُظم تبادل الأسرى بين المسلمين والبيزنطيين حتى بداية الحروب الصليبية"، إنه المسلمين لجأوا خلال الفتوحات الأولى في عهد الخلفاء الراشدين ثم بني أمية، إلى إظهار القوة وإلقاء الرعب في قلوب الأعداء، فكان الاتجاه الغالب هو قتل الأسرى.
ترأّس وفد المسلمين أبو سليم فرج، خادم هارون الرشيد، الذي أقام 40 يوماً بالقرب من نهر اللامس ليُشرف على عودة 3،700 أسير مسلم، مقابل عددٍ غير محدد من أسرى البيزنطيين. قيل بعد هذه الصفقة إنه لم يبقَ في بيزنطة أسير مسلم وبسببها أنشد الشاعر مروان بن حفص قائلاً: "وفكت بك الأسرى التي شُيدت لها محابس ما فيها حميم يزورها".
في العام نفسه وقعت عملية فداء محدودة بعدما أسر المسلمون خطيبة ابن الإمبراطور نقفور، خلال هجومٍ ناجح على مدينة هرقلة سنة 189هـ، ولما طلب الإمبراطور من هارون الإفراج عنها أعادها الخليفة العباسي إلى بلادها محمّلةً بهدايا ضخمة من المتاع والعطور.
بعدها جرت صفقة تبادل أسرى جديدة في 192هـ/ 808م، في عهد الرشيد أيضاً، انتهت بالإفراج عن 2،500 أسير مسلم تحت رعاية ثابت بن نصر بن مالك الخزاعي أمير الثغور الشامية.
عقب هذه الصفقة، غاب الحديث في كتب التاريخ عن إبرام صفقات تبادل أسرى لسنوات عدة ياستثناء عملية تبادل غير معروفة التفاصيل جرت في عهد الخليفة المأمون وحتى مجيء عهد الخليفة الواثق. وفي 231هـ/ 846م، عُقدت مفاوضات عسيرة لتبادل أسرى بين الطرفين بسبب الاختلاف في تقدير قيمة الأسرى لدى كل طرف، وفي النهاية انتهى المفاوضون إلى اتفاق إفراج عن الأسرى بموجب قاعدة "كلُّ نفسٍ بنفس".
وبحسب الطبري، فإن عدد أسرى المسلمين كان في حدود 4،362 فرداً، وهو ما فاق عدد الأسرى البيزنطيين في جيوش المسلمين، فأمر الخليفة الواثق بشراء جميع الرقيق الروم من أسواق العبيد في بغداد والرقة حتى يعوّض النقص العددي وتتم صفقة تبادل الأسرى.
شهدت هذه الصفقة شيئاً من السماحة العباسية، فبحسب شروطها شملت أيضاً مشرقيين مسيحيين أرادوا العودة إلى بلادهم في العالم الإسلامي، وكذلك جنوداً مسلمين ارتدّوا عن دينهم بعد طول أسرهم في بلاد الروم. وبرغم ذلك عُوملوا كغيرهم من المسلمين، ووافق الخليفة العباسي على إعادتهم مثل غيرهم من باقي المسلمين.
لم يُظهر الخليفة الواثق هذا التسامح على طول الخط بعدما أمر بعقد امتحان للأسرى في مسألة "خلق القرآن"، ومَن رفض من المُحرَّرين عدّ القرآن مخلوقاً -مثلما يؤمن الخليفة- أٌعيد إلى أرض البيزنطيين مُجدداً. أقرّ أغلب الأسرى العائدين الخليفة على العقيدة التي يؤمن بها إلا جماعة صغيرة منهم أبت الاعتراف بأن القرآن مخلوق واختارت الرجوع إلى بلاد الروم بدلاً من الانصياع لمعتقدات الخليفة.
وفي عهد الخليفة المعتضد، جرت عملية تحرير متبادلة تحت إشراف أحمد بن طغان، أمير الثغور الشامية، وانتهت الصفقة بإطلال سراح قرابة 2،540 مسلماً مقابل عدد لم يُحدّده المؤرخون من المسيحيين.
وشهد زمن الخليفة المكتفي، خلافاً عميقاً شاب عملية تبادل أسرى بين الطرفين، فبعدما اتفق الطرفان على إجراء عملية فداء تقضي بتحرير 1،155 مسلماً ومسلمةً تراجع الروم عن تنفيذ الصفقة في منتصفها، وانصرفوا ببقية المساجين، لذا سُميت هذه العملية بـ"فداء الغدر". لاحقاً جرى ترميم هذا الخلاف، وجُبرتْ الصفقة عبر إقرار اتفاق جديد يقضي بفكِّ أسر 2،842 مسلماً من بينهم الأسرى الذين تراجع الروم عن تحريرهم في الصفقة الأخيرة، لذا مُنح هذا الاتفاق اسم "فداء التمام".
في بعض الأحيان، كانت أعداد الأسرى عند أحد الجانبين لا تكفي لإقرار الصفقة فكان يجري دفع مبلغ إضافي من المال، مثلما جرى في عهد الخليفة المطيع الذي أبرم صفقةً مع قسطنطين السابع إمبراطور الروم، تقضي بتحرير 2،482 مسلماً مقابل تحرير عددٍ من الأسرى المسيحيين ودفع مبلغ مالي كبير.
بشكلٍ عام شهد العصر العباسي إجراء 21 عمليةً نُظِّمت 12 منها قُرب نهر اللامس وواحدة في الإسكندرية وأخرى على نهر اليدندون، أما الصفقات السبع الباقية فنُفّذت في مكانٍ غير معروف، حسب ما أورد عامر في بحثه.
الأيوبيون: صفقات لا تنتهي
في بعض الأحيان، رفض قادة مسلمون إبرام صفقات مبادلة أسرى برغم وقوع أمراء صليبيين مهمين بين أيديهم، فعندما نجح نور الدين زنكي في أسر جوسلين الثاني أمير الرها، رفض إطلاق سراحه بالمال أو مقابل أي عددٍ من الأسرى، وأبقاه سجيناً 9 سنوات حتى مات بعكس المصير الذي لاقاه ابنه جوسلين الثالث الذي أُسر عشر سنوات في سجون الأمير زنكي، وبعدها حُرّر مقابل فدية قدرها 50 ألف دينار.
وفي 559هـ/ 1163م، أمر نور الدين بإطلاق سراح بوهمند حاكم أنطاكية، مقابل تحرير جميع الأسرى المسلمين في إمارته، وبحسب شهادة ابن جبير فإن زنكي عقد صفقةً أخرى حرّر فيها عدداً من المحاربين المغاربة مقابل دفع 12 ألف دينار.
أما صلاح الدين الأيوبي، فشهد عهده عقد العديد من صفقات تحرير الأسرى؛ قبل معركة حطين وافق الأيوبي على إطلاق سراح ريموند، صاحب طرابلس الذي وقع أسيراً في عهد نور الدين وبقي في سجونه 12 عاماً حتى حرّره صلاح الدين مقابل فدية كبيرة، وعقب المعركة أطلق سراح جيرارد فورد، مقدم الداوية من دون فداء مقابل إقناع حامية غزة بالاستسلام دون قتال، وتسليم المدينة لجيوش المسلمين.
وهو ذاته ما جرى مع هيو الثاني إمبرياكو، صاحب جبيل الذي ناشَد الأيوبي إطلاق صراحه مقابل تسليم مدينته وتحرير من فيها من أسرى المسلمين، فأقرّه صلاح الدين على ذلك.
على النقيض من ذلك كان ما فعله مع "أود"، مقدّم الداوية حين أُسر عام 575هـ/ 1179م، إذ رفض صلاح الدين مبادلته بالمال وأبقاه سجيناً حتى مات. يقول العماد الأصفهاني في كتابه "البرق الشامي": "أما أود، فإنه انتقل من سجن إلى سجن حتى مات، وعندما طُلبت جيفته أخذوها مقابل إطلاق أسير من المؤمنين". في العام نفسه، جرت صفقة أخرى أطلق خلالها الصليبيون سراح 3 آلاف أسير مسلم، مقابل 270 من الفرسان المسيحيين.
بحسب أطروحة "الفداء وتبادل الأسرى بين المسلمين والبيزنطيين في العصرين الأموي والعباسي" لمنى سعد، فإن عمليات التسليم كانت تتم في احتفالٍ كبير يحضره مندوبٌ عن الخليفة وأهالي الأسرى المفرج عنه وبعض الناس الذين يتطلعون إلى متابعة الاحتفال
في المقابل، لم يتورّع صلاح الدين عن دفع الأموال مقابل تحرير المسلمين المسجونين في سجون جيوش الصليبيين، مثلما فعل مع الفقيه البارز ضياء الدين عيسى الهكاري، مقابل دفع 60 ألف دينار و"فكاك جماعة من الكفار"، حسب ما أورد أبو شامة في كتابه "الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية"، كما أوقف صلاح الدين موارد مدينة بلبيس لتحرير أهالي تلك المدينة الذين أسرهم الصليبيون في إحدى هجماتهم على مصر، واستغرق تحريرهم مفاوضات استمرّت 40 عاماً حتى عادوا جميعاً.
إزاء شيوع عمليات تبادل الأسرى في تلك المنطقة المضطربة من العالم، ظهر في بلاد الإسلام نوعٌ جديدٌ من الأوقاف، وهي الممالك التي يوقف ريعها لتحرير أسرى المسلمين، وقد فعل هذا القاضي الفاضل، المستشار المقرّب إلى صلاح الدين حين خصّص عائدات إحدى الخانات التي يملكها في القاهرة لتمويل صفقات تحرير الأسرى، واستمرّت هذه العادة لسنواتٍ طويلة من بعده، إذ يحكي ابن جبير خلال مروره ببلاد الشام في منتصف القرن السادس الهجري، أن كثيراً من أثرياء الشام كانوا يعيّنون جزءاً كبيراً من أموالهم لدفع فديات تحرير الأسرى.
مراسم التحرير
بحسب أطروحة "الفداء وتبادل الأسرى بين المسلمين والبيزنطيين في العصرين الأموي والعباسي" لمنى سعد، فإن عمليات التسليم كانت تتم في احتفالٍ كبير يحضره مندوبٌ عن الخليفة وأهالي الأسرى المفرج عنه وبعض الناس الذين يتطلعون إلى متابعة الاحتفال والمشاركة في الابتهاج بعودة الأسرى، حتى أنه في إحدى صفقات الفداء التي جرت عام 171هـ، والتي حضرها ما يزيد عن 500 ألف فردٍ لمتابعة مراسم التسليم والتسلُّم.
وتضيف منى في أطروحتها، أنه كلما حان موعد الفداء كان المسلمون يحتلون إحدى ضفتي نهر اللامس، فيما يتراصُّ الروم على الجانب الآخر، وعبر جسر يصل بين الضفتين ينطلق من الجانبين الأسرى واحداً تلو الآخر، فإذا وصل المسلم إلى قومه كبّروا، وإذا وصل البيزنطي إلى أهله هلّلوا بصيحات الفرح.
ومن بين اشتراطات هذه النوعية من المعاهدات، أن الطرفين المتحاربين يتعهّدان بفترة سلام لا قتال فيها لمدة 40 يوماً، يصل فيها جميع الأسرى المحررين إلى بلادهم في أمان لضمان ألا يتعرّضوا لأي أذى خلال رحلة العودة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
HA NA -
منذ 3 أياممع الأسف
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ أسبوعحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ أسبوععظيم