شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
الكوميديا

الكوميديا "المقموعة" في أوروبا... السخرية لإيصال الحقيقة في غزة "ممنوعة"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن وحرية التعبير

الثلاثاء 5 ديسمبر 202305:07 م

"تعرّضتُ لهجمةٍ عنيفةٍ جداً من التنمر والشتم، على جميع حساباتي، والكثير منها كان 'قليل الأدب'، وتناول عائلتي وجرحني في الصميم، برغم أنني كوميديان منذ 11 عاماً، وأتحمل بحكم طبيعة عملي النقد والتجريح والشتائم إلى حد ما. ولكنّ هذه الهجمة كانت قاسيةً"؛ يقول الكوميديان عمار دبا، عن حجم التهجم الذي تعرّض له مؤخراً، بعيد عملية "طوفان الأقصى" التي قامت بها حركة حماس في غلاف قطاع غزة الفلسطيني، وما تبعها من رد إسرائيلي وحشي.

ويضيف دبا لرصيف22: "ما أستطيع فعله، وأنا في أوروبا، هو إيصال صوت الفلسطينيين في غزة، وجمع التبرعات من خلال تخصيص ريع معيّن لدعم غزة. ما فعله المُعارضون العرب لي، هو منعي من الكلام حتى قبل أن يعرفوا بماذا سأتكلم! وتكفّل الآخرون بمنع جمع التبرعات".

التحولات الغريبة

بدأ فن الستاند آب كوميدي، في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال القرن التاسع عشر، واقتصر حينها على إلقاء النكات. ومع بداية الحرب العالمية الثانية، أخذ هذا الفن شكل المسرحيات الهزلية الهادفة إلى التخفيف من الأعباء النفسية عند الأمريكيين خلال الحرب ورفع معنوياتهم. نعم بدأت الكوميديا كوسيلة للتخفيف من آثار الحرب، لكنها باتت اليوم وسيلة دفاع فعّالةً، وربما أداةً للحرب.

يظن كثيرون أنّ هدف الكوميديا هو إضحاك الناس، وحاجة المجتمع إليها لا تتعدى حدود الحاجة إلى الترفيه والتسلية، ولكنّ الحقيقة هي أنّ خلف هذه السخرية والتسلية تقبع مستويات متعددة من النقد الذاتي الذي يحتاجه أي مجتمع كي يفهم نفسه ويُشخّص مشكلاته أولاً، ثم ينطلق في عملية إصلاح العيوب وتلافي الأخطاء، وهذا أساس أي عملية تبتغي التطور والنماء، وهو ما غدا أحد أهم مبادئ فن الـ"ستاند آب كوميدي".

يعتقد دبا، أنّ أهم ما يُميز فن الـ"ستاند آب كوميدي" عن غيره، هو إمكانية التواصل المباشر جداً مع الناس والجمهور ومناقشة همومهم ومشكلاتهم عن قُرب بطريقة تكسر التابوهات ولا تلتزم بالمبادئ السائدة خارج المسرح ودون وجود أي سقفٍ للكلام، وعلى طريقة الشاعر الفلسطيني محمود درويش: "سنصير شعباً حين نشتم حاجب السلطان والسلطان دون محاكمة". وينفرد هذا الفن بنمط خاص من التواصل حين يتكلم الكوميديان عن حياته الشخصية بما فيها من مشكلات وإحباطات ونكسات قد يُخفيها أغلب الناس. هنا يشعر كل مُتابع بأنه ليس وحيداً، وربما وجد ذاته وما يفكّر فيه أو يتمناه أمراً قابلاً للتحقق.

"قمة الاحترام لما يحدث في غزة، أن نبقى نعمل ونحاول ونقاوم، كلٌّ من مكانه، لأننا جزء أساسي من القضية الفلسطينية، وكلما تحدّثنا أكثر عما يحدث في فلسطين 'وعلّينا الصوت'، نساعد في جذب الانتباه إلى ما يحدث فعلاً في غزة"

وتُعدّ الدعابة الساخرة تُعدّ شكلاً من أشكال المعالجة النفسية، وآلية تأقلم تساعد الناس على التعامل مع القضايا المعقدة والمتناقضة، وتفريغاً صحياً للصراعات والحروب الدائرة في أدمغتنا. وتتعدى الفكاهة الدائرة الذاتية، لتكون بمثابة منهج تصحيح اجتماعي، حيث تثبت صحة التجارب المشتركة بيننا كبشر، وتجعلنا أكثر مرونةً في التفكير، وأكثر قدرةً على إعادة صياغة المواقف التي نتعرّض لها في الحياة، لتكوين الخبرة الإنسانية المفيدة.

الكوميديا مقابل الخطاب الخشبي

يتحدّث عمار دبا، الكوميديان السوري المقيم في هولندا، عن سلسلة الصعوبات التي واجهته في استكمال عُروضه المقررة بعد بدء الحرب على غزة: "في الحقيقة، كانت لديّ مجموعة من العروض، أكثر من عشرين عرضاً من الشهر التاسع حتى الشهر الثاني عشر، وجميعها عروض مُعلنة ومُثبتة مع جميع الأطراف قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وطبعاً واجهتني مجموعة كبيرة من الانتقادات لأن الناس عدّت ما قمنا به قلة حساسية وعدم احترام للشهداء وللتضحيات ولجسامة ما يحدث في غزة، وأنا بصراحة لا أتفق أبداً مع هذا المبدأ".

وفي حديثه إلى رصيف22، يعبّر دبا عن طريقته غير التقليدية في التضامن مع الفلسطينين في غزة: "في رأيي قمة الاحترام لما يحدث في غزة، أن نبقى نعمل ونحاول ونقاوم، كلٌّ من مكانه، لأننا جزء أساسي من القضية الفلسطينية، وكلما تحدّثنا أكثر عما يحدث في فلسطين 'وعلّينا الصوت'، نساعد في جذب الانتباه إلى ما يحدث فعلاً في غزة، وهذا لا يقتصر على الناشطين الفلسطينيين إذ تابعنا جميعنا باسم يوسف، والأثر الكبير الذي أحدثه".

وعن تأثير الكوميديا على الرأي العام العالمي، مقابل الخطاب الخشبي الشعبوي الذي نسمعه منذ عقود، يقول دبا: "هناك تساؤل مهم أودّ طرحه، هو لماذا ثقافتنا بشكل عام هي ثقافة عويل ونحيب وندب ولطم؟ كلنا رأينا ما فعله باسم يوسف. أنا لستُ من محبّي باسم يوسف مع أنه صديقي، وأعرفه شخصياً، ولكنني لا أحب 'ستايله' في الكوميديا، وهذه مسألة أذواق، ولكن هل أجرؤ على القول إن لقاءه الأول والثاني مع بيرس مورغان، لم يلفت الأنظار إلى القضية، أكثر من 'العلاك' الذي يُعيده محمود عباس خمسين ألف مرة؟ إلى متى سنبقى نسمع الخطاب الخشبي لإسماعيل هنية وكثر غيره؟ وإلى متى نسمع خطاب أولئك الذين يطالبون بعدم فعل أي شيء وهم في الوقت نفسه ضاقوا ذرعاً بتلك الخطابات؟".

ويضيف: "إنهم يُدركون أنّ هذه الخطابات خشبية الطابع، حتى في حال تمت ترجمتها وعُرضَت في الغرب، فلن يهتم بها أحد، ولكن عندما يتكلم باسم يوسف وعندما تواجه الناشطة المصرية رحمة زين، مراسلة الـCNN، يحدث الفرق".

وتأكيداً لما سبق، وجدَت دراسة أجراها باحثون في جامعتي "بنسلفانيا" و"أوهايو"، أنّ الفكاهة تجعل الأخبار أكثر أهميةً من الناحية الاجتماعية، وتالياً تحفز الناس على تذكّرها ومشاركتها، إذ يتذكر المشاهدون الأخبار المقدمة بطريقة فكاهية أكثر من الأخبار الكلاسيكية.

يقول المؤلف الرئيس للدراسة، جيسون كورونيل، وهو أستاذ مساعد في جامعة أوهايو، في الدراسة سابقة الذكر: "تُظهر النتائج أنّ الفكاهة تحفز النشاط في المراكز الدماغية المرتبطة بالمشاركة الاجتماعية، وتُحسّن ذاكرة الحقائق السياسية مشاركتها بين الناس، وتالياً تزيد المعرفة السياسية لدى الأفراد، ويكتسب ذلك أهميته لكون وسائل الإعلام الترفيهية أصبحت مصدراً مهماً للأخبار السياسية".

هجمة مُتعددة الأطراف

إلى جانب بعض الجماهير العربية التي اتهمَت الكوميديانز، بعدم احترام دماء الشهداء، يُتابع عمار: "أتتنا القوى الأخرى التي لا أبالغ إن وصفتها بالصهيونية، ورفضت المسارح والصالات استضافتنا، لأن هذا الكلام 'المعادي للسامية' لا يمكن أن نسمح به كما قالوا، وفي بعض الأماكن الأخرى كانوا أكثر لطفاً معنا، وقالوا لنا إن الأجواء مشحونة والجميع متشنج، ومن الأفضل لسلامتنا وسلامتكم أن نوقف العروض".

"بعض الكوميديانز الذين أعمل معهم تلقوا تهديدات مباشرةً بالطرد في حال مشاركتهم في هذه العروض، وهذا ليس أمراً بسيطاً، فبعض الكوميديانز 'بيصفوا بالشارع' في حال تنفيذ هذه التهديدات"

لم تقتصر الضغوط على تهديدات بعض العرب وأصحاب الصالات والأماكن تلك، إذ "لدى بعض الكوميديانز شركات إدارة أعمال، وهذه الشركات تتأثر بالجو العام في أوروبا، وقد يكون في مجالس إدارتها إسرائيليون أو أشخاص ميولهم صهيونية، المهم أنّ بعض الكوميديانز الذين أعمل معهم تلقوا تهديدات مباشرةً بالطرد في حال مشاركتهم في هذه العروض، وهذا ليس أمراً بسيطاً، فبعض الكوميديانز 'بيصفوا بالشارع' في حال تنفيذ هذه التهديدات".

بعد هذه التهديدات كلها التي تعرّض لها دبا، من مختلف الجهات، قرر التريث لبعض الوقت ثمّ المتابعة: "أوقفنا ثلاثة عروض، ثمّ قررنا بعدها استكمالها وأنجزنا أربعة منها في دوسلدورف وتلبراخ وأمستردام وأيندهوفن، وردات الفعل من قبل الجمهور كانت رائعةً جداً، حيث شرحنا وجهات نظرنا في الكثير من القضايا، وكيف يمكن أن ندعم غزة، وما لا يجب فعله عندما تدعم".

وخلال العروض، شرح عمار للجمهور أنّ هذه الشخصية التي تطلب منا ومنكم ألا تفعلوا شيئاً سوى الجلوس في المنزل لتحزنوا وتندبوا أمام الشاشات التي تنقل بدقة كل مجازر الاحتلال، هي أصلاً غير مؤهلة لتُملي على الناس ما يجب فعله وما لا يجب، ووجّه دبا رسالةً واضحةً إلى المتهجمين عليه: "أخي إذا أنت مُحبط ومُثبط اتركنا نعرف نشتغل، ما في داعي تحبط كل يلي حواليك". ويؤكد أنّ الكوميديا ليست للتسلية فقط وإنما هي سلاح فتّاك لم نستخدمه يوماً في عالمنا العربي، ولم ندرك أهميته: "الكوميديا لدينا غالباً منحازة بسبب أجندة مفروضة عليها".

لماذا؟

عن سبب التعامل مع الكوميديانز بهذه الطريقة، يشرح دبا: "أحد الأجوبة الحقيقية أننا مجتمع عربي لا نأخذ الفن على محمل الجد، مهما كان شكل هذا الفن من الغناء إلى الكوميديا، وعندما يؤخذ جزء منه بطريقة جدية، يكون معلباً ومُقولباً على قياس الخطاب الخشبي الذي لا يلتقي مع الإبداع أو الذكاء، لا في الشكل ولا في المضمون. نحن كجماهير عربية، نحب الفن الذي يدغدغ المشاعر (مثل أغنية "وين الملايين؟")، وإسكتشات ياسر العظمة المليئة بالتكرار والإطالة، وهي محبطة ومثبِّطة ولا توصل إلى أي حل، ونريد مسرحيةً مثل 'كاسك يا وطن'، نخرج منها ونحن نشتم أنفسنا لأنها تلتقي مع السلاح الوحيد الذي نستخدمه في الأزمات، سلاح الندب والبكاء، بالإضافة إلى الجذر الديني الذي يُحرّم الكثير من الأشياء الجميلة في أي لون فني".

إنّ ثقافة الندب والمظلومية هي جزء راسخ في الشخصية العربية، التي تتباكى على حقوقها الضائعة أكثر بكثير من عملها على استعادتها، هذا ما يلتقي مع كلام جبران خليل جبران: "وما أولاكم أن ترثوا لأمة لا ترفع صوتها إلا عندما تشيّع ميتاً، ولا تتفاخر إلا بأطلالها، ولا تثور إلا عندما ترى رقابها بين السيف والنطع. وما أولاكم أن ترثوا لأمة وليها ثعلب ماكر، وحكيمها مشعوذ، وفنّها بُني على الترقيع والمحاكاة".

"أعادتني حالة الخوف إلى سوريا حيث كُنا نحسب حساب كل كلمة نقولها (طبعاً لا مجال للمقارنة، في سوريا الوضع أسوأ بكثير)، ولكنه الشعور نفسه إلى حد ما"

ويرى دبا أنّ الستاند آب كوميدي يختلف عن غيره، بأنه نمط فني جديد على مجتمعنا، وجريء جداً يضع إصبعه على المشكلة مباشرةً دون أي مواربة أو تلميح، ويُلقي النكات البذيئة والشتائم وكل ما من شأنه أن يخدم الفكرة دون محاباة، وهو كما عرّفه جورج كلاين 'فن مسرحي سوقي' موجّه إلى العامة وليس إلى الطبقة المثقفة، وكل هذه السمات تؤدي إلى صدمة كبيرة لدى الناس، ما يولّد لديهم صعوبةً في تقبّل هذا الفن.

إلغاء العروض بسبب الخوف

بدوره، يتحدّث الكوميديان طارق بالي، المُقيم في برلين، إلى رصيف22، قائلاً إنه لم يتعرض لتهديدات أو ضغوط مباشرة كما حصل مع عمار دبا، لكنّ "خصوصية" اليهود وإسرائيل لدى الحكومة الألمانية فعلت فعلها: "صحيح أننا لم نتعرّض لتهديدات مباشرة ولكننا ألغينا عرضاً في الشهر العاشر، وآخرَين في الشهر الحادي العشر تحسباً لأي مشكلات، فالوضع في ألمانيا مختلف فهناك ضغط حكومي رهيب على أي شخص من خلفية عربية أو مهاجرة، وهناك منع للمظاهرات المؤيدة لغزة، واستخدام للعنف من قبل الشرطة".

ويؤكد بالي على "وجود موجة تحريضية كبيرة ضد اللاجئين في ألمانيا، والذين ينتمون إلى أصول عربية أو مسلمة، وهذا حدث استثنائي وغير مسبوق هنا، حيث يجري 'تلبيس' تهمة معاداة السامية لأي شخص يتضامن مع غزة بأي طريقة كانت، ويتم تصوير الصراع على إنه إسلامي-يهودي دون التطرق إلى الجوانب الإنسانية والسياسية، وتسويق فكرة أنّ أصل المُشكلة هم المُسلمون الذين يكرهون اليهود ويريدون إبادتهم، وهذا الجو العام أثّر على عملنا ككوميديانز".

بلا إشارةٍ أو كلمة أو تلميح

أصبح الجو مشحوناً بشدة من جميع الأطراف، وغير مُهيّأ للكوميديا في ألمانيا. وبرغم ذلك لم يُلغِ بالي نشاطاته بشكل كامل: "استمرينا في عروض open Mike وهي عروض مجانية بالكامل، لم تنقطع منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر وحتى الآن، حتى أنّ الإقبال كان في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أعلى منه في شهر آب/ أغسطس الذي سبقه".

ويضيف: "كل العروض في الشهر العاشر كانت ممتلئةً (طبعاً عدا الأسبوع الذي تلا 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي)، وخففنا من البروموشن والترويج بشكل كبير، وامتنعنا في الحملات الترويجية للعروض عن أي نكتة أو كلمة أو إشارة إلى إسرائيل أو غزة أو الهولوكوست. العرب في ألمانيا خائفون ومتوترون، ولا أحد يشعر بأنه محمي، الكل يَشعر بأنه مُراقب وعليه أن يحسب حساب كل كلمة يتفوّه بها، فأي جُملة قد يُساء فهمها أو تفسيرها. في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كان الجو العام في برلين 'مخنوقاً'، فالكل يُشاهد الصور والفيديوهات للشرطة الألمانية وهي تعتقل المتظاهرين وتضربهم".

"يجري 'تلبيس' تهمة معاداة السامية لأي شخص يتضامن مع غزة بأي طريقة كانت، ويتم تصوير الصراع على إنه إسلامي-يهودي دون التطرق إلى الجوانب الإنسانية والسياسية"

ويختم بالي كلامه قائلاً: "أعادتني حالة الخوف إلى سوريا حيث كُنا نحسب حساب كل كلمة نقولها (طبعاً لا مجال للمقارنة، في سوريا الوضع أسوأ بكثير)، ولكنه الشعور نفسه إلى حد ما".

أما في هولندا...

وعن أصداء العروض -بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي- لدى الجمهور، يقول دبا: "فعلاً ردة فعل الناس على كل هذه الأفكار كانت رائعةً، وقد شكرَنا الجمهور، ومنه من قال 'عالقليلة عرفنا أننا منقدر نقدّم شي، وإذا اشترينا بطاقة منعرف إنه رح تروح للدعم'. طبعاً أنا هنا لا أدّعي أنّ كل دخل العروض سيذهب إلى غزة، ففي النهاية هذا هو عملنا الذي نعتاش منه مثله مثل أي مهنة أخرى، وأكبر الداعمين 'ما قطع عن تمه كل شي وتبرّع'، أما ولي العهد السعودي محمد بن سلمان فتبرّع بثمانية ملايين دولار فقط لغزة، وهو مبلغ مضحك بالنسبة إلى ثروته، ولكنّ الناس 'ما بتتقاوى إلا علينا، دايماً منتقاوى على بعض'".

بعد كل هذه الضغوط والتهديدات والسجالات التي رافقت عمل عمار وزملائه من الكوميديانز، يرى أنّ الكوميديا حققت نصراً كبيراً، "وهو تغيّر الرأي العام في هولندا بعد الحملة الإعلامية التي قام بها الكثير من الناشطين المؤيدين للقضية الفلسطينية. طبعاً في ألمانيا الوضع لا يزال سيئاً جداً، وتوجد شائعات حول عدم إعطاء الجنسية لمن يخرج في المظاهرات الداعمة لغزة وقد يصل الأمر إلى الاعتقال".

وعن استكمال عروض الستاند آب كوميدي الداعمة للفلسطينيين في غزة، يضيف دبا: "بعدما بدأ الرأي العام يستوعب أنّ ما يحدث هو جريمة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، وارتفع زخم التأييد للحراك الداعم لفلسطين والدعوة لوقف إطلاق النار، استغللنا هذا الجو وبدأنا نضغط وتعرّفنا على إعلاميين مُتعاطفين مع فلسطين، وشيئاً فشيئاً نجحنا في التخلص من التهديدات، وسنقيم عرضاً داعماً للقضية، وستكون هناك إمكانية للتبرع لغزة داخل العرض".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ذرّ الرماد في عيون الحقيقة

ليس نبأً جديداً أنّ معظم الأخبار التي تصلنا من كلّ حدبٍ وصوبٍ في عالمنا العربي، تشوبها نفحةٌ مُسيّسة، هدفها أن تعمينا عن الحقيقة المُجرّدة من المصالح. وهذا لأنّ مختلف وكالات الأنباء في منطقتنا، هي الذراع الأقوى في تضليلنا نحن الشعوب المنكوبة، ومصادرة إرادتنا وقرارنا في التغيير.

Website by WhiteBeard
Popup Image