شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
صديق إسرائيل أم مدافع شرس عن الحق الفلسطيني؟... غزَّة تعيد مُبارك إلى الواجهة

صديق إسرائيل أم مدافع شرس عن الحق الفلسطيني؟... غزَّة تعيد مُبارك إلى الواجهة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الأحد 26 نوفمبر 202312:59 م

خلال سنوات حكمه التي امتدت ثلاثة عقود، حافظ الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك (1928-2020) على "سلام بارد" مع إسرائيل، مستكملاً مسيرة سلفه محمد أنور السادات الذي قطع الخطوات الأولى في هذا المسار بموجب اتفاقية كامب ديفيد 1978، إلى الحد الذي جعل رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يصفه بأنه كان صديقاً عظيماً لإسرائيل.

اكتسب مبارك هذه الصفة بفضل دبلوماسيته الشديدة، وحرصه على إبقاء العلاقات المصرية الإسرائيلية في الثلاجة، أو بحسب تعبيره كمن يمشي على سلك مشدود، فقلما ما شهدت فترة ولايته الطويلة توترا أمنيا أو سياسيا بين البلدين، حتى مع تحرك الشارع دعما لفلسطين في فترات مختلفة، وهو ما رسخ صورة مبارك الصديق الذي ارتبط بعلاقات جيدة بالقادة في تل أبيب، لكن العدوان الأخير على قطاع غزة رافقه محاولات حثيثة من ناشطين داعمين لنظامه، لتجميل هذه الصورة ومحاولة بناء انطباع آخر عن مبارك "الداعم الأول للقضية الفلسطينية"، عبر فيديوهات وتسجيلات نشرت بكثافة مع استمرار آلة الحرب الإسرائيلية.

خلال سنوات حكمه التي امتدت ثلاثة عقود، حافظ الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك (1928-2020) على "سلام بارد" مع إسرائيل، وخلال العدوان الأخير على غزة المُحاصرة منذ عهده، استعيدت مواقفه وخطاباته حول القطاع في إطار المقارنة بين إدارته لأزمة العدوان وإدارة خليفته الحالي، فهل كان مبارك صديقاً أقرب لغزة أم لإسرائيل؟

في هذا التقرير يرصد "رصيف22" النشاط الملحوظ لمجموعة "أنا أسف ياريس" على موقعي فيسبوك وتيك توك، سخر بعضهم حساباته لنشر تسجيلات قديمة يتحدث فيها مبارك عن القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، وحلول مصر لإحلال السلام في الشرق الأوسط، وهو ما اعتبره محللون جزءا من حملة إلكترونية لتبييض وجه الرئيس الراحل ورد الاعتبار إليه، واستغلالها في توجيه الانتقادات للنظام الحالي.


يشدد مبارك في أحد المقاطع التي لاقت رواجا على منصتي فيسبوك وتيك توك على أن مصر لم تتخل مرة عن دعم القضية الفلسطينية، وغير مسؤولة عن إراقة دماء الفلسطينيين في أي محطة من المحطات، قائلا: "مصر بريئة من أي دم فلسطيني على مدى الـ35 عاما المتعلقة بالصراع، وأنا لا أوافق الولايات المتحدة الأميركية إذا كان هذا صحيحا فهو حق شرعي للرد"، في خضم حديثه عن إحدى عمليات المقاومة الفلسطينية.

@mohamedelhelaly52 ‏المقاومة الفلسطينية لها حق شرعى للرد على ممارسات الاحتلال الصهيونى ضد الفلسطينين .#الرئيس_الراحل_محمد_حسنى_مبارك #مصر #غزة #اسرائيل #القدس #انتفاضة_الأقصي ♬ الصوت الأصلي - Mohamed Elhelaly

الخطاب الأشهر الذي أظهر فيه الرئيس الراحل دعمه لقطاع غزة وتسليح المقاومة الفلسطينية داخل القطاع، كان خلال خطاب بمناسبة احتفالات عيد الشرطة المصرية، أكد خلاله أن تهريب البضائع نتيجة للحصار، وأن الاتفاق الإسرائيلي الأميركي لمراقبة تهريب السلاح لا يلزم مصر بشيئ، في إعلان صريح منه أن القاهرة لا تمانع وصول الإمدادات العسكرية إلى يد الفصائل الفلسطينية للدفاع عن حقها الشرعي في الرد لمقاومة الاحتلال.

اتهم مبارك عناصر حركة حماس بالتسلل إلى مصر خلال ثورة يناير لدعم الإخوان وإحداث الفوضى، وأنهم استعملوا السلاح في الشيخ زويد والعريش، ووصلوا للسجون وقاموا بتهريب قيادات الإخوان

رغم هذه المباهاة بأن مصر تدعم المقاومة الفلسطينية بغض الطرف عن عمليات تهريب السلاح إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، إلا أن مبارك نفسه عاد باتهام حماس بتهديد الأمن القومي المصري، وسعيه لهدم الأنفاق تدريجيا وذلك خلال شهادته في قضية اقتحام السجون المصرية.

مبارك ذكر أن أنفاق التهريب على الحدود بين مصر وقطاع غزة معقدة وصعبة، وحاولت مصر التخلص منها جذرياً بهدمها، وعندما شرعت في الهدم تعرضت لهجمات بالنيران من غزة، متهما عناصر الحركة بالتسلل إلى مصر خلال ثورة يناير لدعم الإخوان وإحداث الفوضى، وأنهم استعملوا السلاح في الشيخ زويد والعريش، ووصلوا للسجون وقاموا بتهريب قيادات الإخوان.

@mohamedelhelaly52 "التهريب عبر الأنفاق هو نتيجة للحصار، وأن الاتفاق الإسرائيلي الأمريكي لمراقبة تهريب السلاح، لا يلزمنا في شئ" "ملتزمين بالسلام حريصين عليه، طالما بادلتنا إسرائيل بالمثل، مستعدين لرد الصاع صاعين، إذا وقع عدوان على أرضنا وسيادتنا والمصالح العليا لهذا الوطن" مبارك في 2009 بعد حرب غزة#انتفاضة_الأقصي #الرئيس_الراحل_محمد_حسنى_مبارك #غزة #نصر_اكتوبر_73 ♬ الصوت الأصلي - Mohamed Elhelaly

أعاد العدوان الإسرائيلي على غزة انتشار مقاطع من حوارات سابقة لمبارك مع مسؤولين وإعلاميين إسرائيليين، حذر فيها من زيادة خطاب الكراهية بين العرب وإسرائيل نتيجة لاستهدافها الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، وتبني ممارسات الفصل العنصري والتوسع الاستيطاني، متهما قادة إسرائيل بتأجيج الصراع وخلق كراهية ستتسبب في خلق جيل جديد من الشباب العربي كاره لإسرائيل، متابعا: "لو استمر هذا الوضع عشرة 15 سنة هيجي يوم وتلاقي 400 مليون واحد بيكرهوا إسرائيل، هتعلموا ايه هتقدروا تقفوا أمام 400 مليون واحد؟ انتوا بتضحكوا علينا؟! عايزين نساعد عشان نهدي لا إحنا عايزين سلام عايزين منطقة كلها سلام، اللي انتوا بعلموه هيرد عليكم وهتلقبوا الدنيا كلها جهنم".

@mohamedelhelaly52 فيديو للتاريخ : الرئيس مبارك يتنبأ بأحداث اليوم ويحذر إسرائيل من إنتفاضة العرب #الرئيس_الراحل_محمد_حسنى_مبارك #نصر_اكتوبر_73 #مصر #فلسطين #غزة #القدس #انتفاضة_الأقصي #اسرائيل #غزة_الان #مبارك #مصر ♬ الصوت الأصلي - Mohamed Elhelaly

فلسفة مبارك في علاقته مع إسرائيل

يشرح مبارك فلسفته في إدارة العلاقات مع إسرائيل تحت رعاية الولايات المتحدة، خلال إحدى مرافعته أثناء محاكمته في عدد من القضايا عقب ثورة 25 يناير، قائلا: "أدرت العلاقة مع إسرائيل كمن يمشي على سلك مشدود دون أي تهاون في السيادة الوطنية أو حقوق الشعب الفلسطيني".

مبارك أشار إلى أنه رفض زيارة إسرائيل طالما بقيت القدس تحت حكم الاحتلال، اتساقا مع موقفه بحل الدولتين بحدود ما قبل 1967 الذي تدعمه المواثيق الدولية، لافتا إلى أنه ناهض خلال فترة حكمه التي استمرت 3 عقود الانقسام بين الضفة الغربية وغزة، وفي الوقت الذي لم يتردد عن دعم قطاع غزة تصدى كذلك لحماية السيادة الوطنية بتأمين الحدود المصرية مع غزة.

@mohamedelhelaly52 ادرت العلاقات مع اسرائيل كمن يمشي علي سلك مشدود دون تهاون في السيادة الوطنية او حقوق الشعب الفلسطيني رفضت زيارة اسرائيل طالما بقي الاحتلال لم اتردد لحظة في تقديم دعم مصر للمحاصرين في غزة #الرئيس_الراحل_محمد_حسنى_مبارك #نصر_اكتوبر_73 #غزة #القدس #انتفاضة_الأقصي #مصر ♬ الصوت الأصلي - Mohamed Elhelaly

لكن وثيقة أميركية كشفت أن سجلات مبنى صالة كبار الزوَّار الملحقة بمطار "بن جوريون" بإسرائيل، سجّلت دخول وخروج الرئيس المصري السابق 6 مرات "هبوط ترانزيت"، في الفترة من عام 2005 إلى 2010، خلافا للمعلومة المتاحة أن مبارك زار إسرائيل مرة واحدة عندما قدّم العزاء في وفاة رئيس الوزراء إسحاق رابين في 4 نوفمبر 1995.

يشرح مبارك فلسفته في إدارة العلاقات مع إسرائيل تحت رعاية الولايات المتحدة، خلال إحدى مرافعته أثناء محاكمته في عدد من القضايا عقب ثورة 25 يناير، قائلا: "أدرت العلاقة مع إسرائيل كمن يمشي على سلك مشدود دون أي تهاون في السيادة الوطنية أو حقوق الشعب الفلسطيني"

وأظهرت الوثيقة الأميركية أن مبارك زار إسرائيل عقب زيارة السادات لها في 19 نوفمبر 1977، وأوضحت الوثيقة أن هناك فيلماً وثائقياً تاريخياً يوثق زيارة السادات ومبارك لمبنى الموساد في الفترة من 1974 حتى 1981.

ورصدت كذلك الوثيقة أن إسرائيل قدمت لمبارك في مايو 2011 تمثالا صغيرا، كُتب عليه إن مبارك كان صديقاً خاصاً لدولة إسرائيل، وعمل على دعم السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.

موقف مبارك من توطين الفلسطينيين بمصر

رغم وضوح موقف مبارك في العديد من المواقف وعدم وجود أي التباس في تفسير دعمه للمقاومة الفلسطينية، إلا أن الرئيس الأسبق كان منفتحا على فكرة توطين الفلسطينيين بمصر التي أعيد طرحها بشكل مباشر في العدوان الأخير على غزة، إذ كشفت وثائق سرية بريطانية، أفرج عنها في 2017، عن قبوله طلب أميركي بتوطين فلسطينيين في مصر قبل أكثر من ثلاثة عقود، أي في منتصف الثمانينيات، في أعقاب العدوان الإسرائيلي على لبنان لتحجيم نشاط الفصائل الفلسطينية.

جرى تداول مقطع صوتي منسوب لمبارك يشير فيه إلى حديث سابق مع نتنياهو قبل 6 أشهر من اندلاع ثورة 25 يناير، اقترح خلاله الأخير نقل الغزاوية إلى مصر، لإنهاء التهديد المستمر من الفصائل الفلسطينية، لكن مبارك حذره من هذا المخطط، لأنه سيتسبب في إشعال حرب جديدة بين مصر وإسرائيل

مبارك اشترط أنه كي تقبل مصر توطين الفلسطينيين في أراضيها، لابد من التوصل لاتفاق بشأن إطار عمل تسوية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي، وذلك خلال مباحثاته مع رئيسة الوزراء البريطانية مرغريت تاتشر أثناء زيارته إلى لندن في طريق عودته من واشنطن في فبراير 1983 حيث التقى بالرئيس الأمريكي رونالد ريجان.

الوثائق تشير إلى أنه عندما طُلب من مبارك في وقت سابق أن يقبل فلسطينيين من لبنان، فإنه أبلغ الولايات المتحدة أنه يمكن أن يفعل ذلك فقط كجزء من إطار عمل شامل لحل.

مبارك نفسه كشف أنه تصدى لمخطط توطين الفلسطينيين في سيناء قبل إزاحته من السلطة في 2011، حيث تداول مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي مقطع صوتي منسوب للرئيس الأسبق يشير فيه إلى حديث سابق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل 6 أشهر من اندلاع ثورة 25 يناير، اقترح خلاله الأخير نقل الغزاوية إلى مصر، لإنهاء التهديد المستمر من الفصائل الفلسطينية، لكن مبارك وفقا للتسجيل حذره من هذا المخطط، لأنه سيتسبب في إشعال حرب جديدة بين مصر وإسرائيل.


مبارك وصفقة القرن

خلال فترة تولي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، راج إعلاميا خطة أمريكية للسلام في الشرق الأوسط عرفت باسم "صفقة القرن"، قدم فيها ترامب اقتراحاً بحل الدولتين مع احتفاظ إسرائيل بالقدس عاصمة غير مقسمة، مع اعتراف الطرفين بالدولة الفلسطينية بأنها دولة للشعب الفلسطيني والدولة الإسرائيلية بأنها دولة للشعب اليهودي.

خطة ترامب تضمنت نزع سلاح حركة حماس وأن تكون غزة وسائر الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح، وتعهد إسرائيل بعدم التوسع في الاستيطان بعد ضم مستوطنات الضفة الغربية إليها بشكل رسمي، وهو الخطة التي اعترضت عليها السلطة الفلسطينية، وتبنت مصر موقفا حياديا إلى حد كبير بدعوة الطرفيّن المعنييّن بالدراسة المتأنية للرؤية الأمريكية لتحقيق السلام، والوقوف على كافة أبعادها، وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أمريكية، مصحوبة بتأكيد إعلامي على أن مصر ترفض نزوح اللاجئين الفلسطينيين ونقلهم إلى سيناء.

في هذه الأثناء، أبدى مبارك عدم تفاؤله بشأن مقدمات الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن نتنياهو لا يرغب في حل الدولتين، هو يريد فصل غزة عن الضفة، مذكرا باقتراح سابق منه عام 2010 لنقل فلسطينيي غزة إلى جزء من الشريط الحدودي بسيناء المصرية، وهو ما رد عليه لرفض هذا الطرح تماما.

انتشار الفيديوهات بهذه الكثافة قد يكون لتبييض وجه الرئيس الأسبق في ملفات حساسة مثل موقفه من القضية الفلسطينية وإظهار شجاعته في التعامل مع حكومات إسرائيل، في خضم حملات لإثبات أن مبارك ظلم بخروجه من السلطة في 2011 بثورة شعبية وإدانته في قضايا متعلقة بالفساد

مبارك الابن يستدعي مآثر والده

هذه الفيديوهات والتسجيلات استشهد بها علاء مبارك، نجل الرئيس الراحل، دفاعا عن موقف مصر من القضية الفلسطينية، إذ قال إن موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية ثابت لم ولن يتغير، نمضى في تحركٍ يسعى لوقف العدوان فوراً دون قيدٍ أو شرط يضع إسرائيل امام مسئوليتها القانونية والسياسية كقوة احتلال‘".

علاء انتقد في تغريدة أخرى احتفاء مصر بالقضاء على فيروس الكبد الوبائي في ظل الأحداث الدموية بغزة، قائلا:"الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة تعلن!!!! هو ده وقت احتفالية كبرى بالذمة! مع كل الأحداث اللي بتحصل والناس والأطفال اللي بتموت والكلام على احتفالية كبرى تحت سفح الهرم مساء اليوم! لهذه الدرجة لا يوجد أي احساس!".

تبييض سمعة رئيس سابق أم هجوم على الرئيس الحالي؟

الكاتب طارق سعيد، خبير تطوير الإعلام الرقمي، رصد كذلك كثافة الفيديوهات القصيرة لا يزيد مدتها عن دقيقة، يبثها مصريون وعرب محسوبون على مجموعة " أنا أسف ياريس" على منصات التواصل الاجتماعي، ولاسيما منصة تيك توك الصينية، بشكل يدعو للاستغراب والتشكيك في آن واحد.

يوضح سعيد لرصيف22 أن شكوكه نابعة من أن محتوى الفيديوهات يبدو جديدا ولم يعرض من قبل، ولم يسبق أن سمع وشاهد مبارك طوال فترة حكمه يتحدث بهذه اللهجة القوية في دعمه للقضية الفلسطينية أو هجومه على دولة الاحتلال، بأنها تجهض محاولات تسوية النزاع وإحلال السلام في المنطقة، مضيفا: "ربما هذه الفيديوهات استخدم فيها الذكاء الاصطناعي والأمر يستدعي مطابقته من خبراء متخصصين في الذكاء الاصطناعي لأنها فيديوهات جديدة بالنسبة لي لم أرها من قبل".

في معرض تعليقه، يشير خبير تطوير الإعلام الرقمي طارق سعيد إلى أن نشر الفيديوهات بهذه الكثافة يحمل وجهتي نظر إما لتبييض وجه الرئيس الأسبق في ملفات حساسة مثل موقفه من القضية الفلسطينية وإظهار شجاعته في التعامل مع حكومات إسرائيل، في خضم حملاتها لإثبات أن مبارك ظلم بخروجه من السلطة في 2011 بثورة شعبية وإدانته في قضايا متعلقة بالفساد، وهو ما ينافي الحقيقة بأنه كان يدير ملف فلسطين والعلاقات مع إسرائيل بحذر شديد وطريقة دبلوماسية تجنبه الصدام والانجرار إلى حرب.

مبارك لم يكن زعيماً راديكالياً على الإطلاق وأي محاولة لتصويره على أنه رجل راديكالي هي محاولة فاشلة تماماً لأنه كان معروفا بالوقوف على الحياد وعدم الانجرار إلى المعارك

"الفيديوهات تستخدم لغة شعبوية وتعبيرات ساخنة لدغدغة مشاعر المصريين ومحاولة ناعمة لرد الجميل إلى الرئيس الأسبق وهذا واضح في فيديوهات يسخر فيها مبارك من حكام إسرائيل وممارستهم وكذلك دعمه للمقاومة الفلسطينية في عدم سد الأنفاق ومد غزة بالطعام والإعاشة والسماح بتهريب الأسلحة عبر الأنفاق" يتابع سعيد.

أما الهدف الآخر من هذه الحملة هو المقارنة بين الموقف المصري إزاء التصعيد في غزة خلال عهد مبارك والموقف في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وتسليط الضوء على تراجع الدور المصري في القضايا الإقليمية كداعم رئيس للقضية الفلسطينية.

برأي خالد داوود، المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية، فإن الهدف الأساسي من وراء هذه الحملة هو توظيف فيديوهات مبارك القديمة التي يتحدث فيها عن نصرة القضية الفلسطينية في توجيه الانتقادات للنظام الحالي، وليس تبييض وجه رئيس رحل بالفعل وأغلق المصريون صفحته للأبد.

"مبارك بلا أيديولوجيا ليس عروبيا مثل جمال عبدالناصر وليس ساداتي، فلا يوجد مباركيون يحملون أجندته ويدافعون عن إرثه، في مصر يوجد ليبراليون مناصرون للملكية وناصريون وهم الطيف الأكبر من النخب السياسية والساداتيين وهم أقل عددا ولا تجمعهم مظلة سياسية، ولا يوجد ما نستطيع أن نسميهم مباركيين حتى أعضاء الحزب الوطني السابقين انخرطوا في الحياة السياسية" يوضح داوود لرصيف22.

بحسب داوود، فإن مبارك لم يكن زعيماً راديكالياً على الإطلاق وأي محاولة من مجموعات سابقة تصويره على أنه رجل راديكالي هي محاولة فاشلة تماما لأنه كان معروفا بالوقوف على الحياد وعدم الانجرار إلى المعارك، ويحسب له بكل تأكيد عدم الدخول في حروب طوال 30 عاما سواء مع العدوان على بيروت 1982 أو الانتفاضة الأولى والثانية وكذلك حرب غزة 2008

واستطرد: "مبارك كان ميالا طوال الوقت إلى تجميد الأمور وعدم التصعيد حتى مع سحبه السفير المصري من تل أبيب في مرحلة سابقة لم يبلغ الغضب ذروته عند مبارك".

يعتقد السياسي المعارض أن الغرض الأساسي هو توظيف الانتقادات ضد النظام الحالي للمزايدة على موقفه من الأحداث وتقديم الدعم للمقاومة الفلسطينية أكثر منه تجميل الصورة لأنه في النهاية توفي ورحل وانتهى وليس بالضرورة خدمة جمال مبارك باعتباره يبحث عن استعادة إرث والده، هي مجرد حرث في الماء.

"النظام الحالي والأسبق يتشابهان في علاقتهما مع إسرائيل إلى حد كبير في الحفاظ على السلام واستثمار العلاقة في ازدهار الاقتصاد المصري، وإن كان مبارك أكثر حدة في التعبير عن مواقفه وسخريته من قادة إسرائيل في بعض الأحيان عكس السيسي الذي يلتزم بالحديث المنضبط عن السياسات الخارجية في خلافاته مثلما كان يفعل مع تركيا وقطر قبل تسوية الخلافات المترتبة على إزاحة الإخوان المسلمين من السلطة" يختم داوود.

إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

‎من يكتب تاريخنا؟

من يسيطر على ماضيه، هو الذي يقود الحاضر ويشكّل المستقبل. لبرهةٍ زمنيّة تمتد كتثاؤبٍ طويل، لم نكن نكتب تاريخنا بأيدينا، بل تمّت كتابته على يد من تغلّب علينا. تاريخٌ مُشوّه، حيك على قياس الحكّام والسّلطة.

وهنا يأتي دور رصيف22، لعكس الضرر الجسيم الذي أُلحق بثقافاتنا وذاكرتنا الجماعية، واسترجاع حقّنا المشروع في كتابة مستقبلنا ومستقبل منطقتنا العربية جمعاء.

Website by WhiteBeard
Popup Image