في مقال رأي سابق، فكرت فيما يمكننا فعله من أجلهم ومعهم، ومن أجلنا "هنا والآن". وبينما انتهى سؤال العنوان بعلامة استفهام - لأنه سؤال حقيقي لا بلاغي - فإن العنوان الحالي تقريري، إذ تكاد لا تساورني حيرة تذكر إزاءه (بالرغم من أن إجابتي عليه - وليس من باب المصادفة - أطول)، وإن ما دفعني إلى كتابته إلحاح بوجوب قوله دفعة واحدة وبوضوح تام وتفصيل في حدود المساحة.
بل وبينما يتطرق السؤال الاستفهامي إلى الجهد الإيجابي (افعل)، ويتطرّق السؤال غير الاستفهامي إلى الجهد السلبي (لا تفعل)، لا يعني هذا أولوية زمنية وقِيمية للجهد الأول، فكما يخصّ الأول "الآن وإلى ما شاء الله"، يخصّ الثاني ما يجب التوقف عنه "فوراً ودائماً وإلى الأبد"، والتخلص منه تماماً، وكلما أسرعنا في ذلك وحسمناه كان أفضل. التقصير في الجهد الثاني (الثاني بترتيب النشر ليس إلا) يعطل ويحد الجهد الأول، وهما متوازيان ومتداخلان بقدر ما ينطبقان في العموم وبالأساس على جماعتين متمايزتين إلى حد ما، ومن ثم يمكن القول إن هذا جهد له أولوية عند الأولى، والآخر جهد الثانية في المقام الأول - حتى تلتقيا وتتوحّد الجهود أكثر فأكثر - أما الفصل التام فلا مرغوب ولا معقول.
تطرق السؤال الأول أحياناً إلى المنطقة الخاصة بالسؤال الثاني. فأولاً حاولت أن أعدّد الأوهام التي رأيتها تنهار، ثم الأفعال المتصورة عند المناصرين في ظل ضيق ذات اليد، ثم الجوانب التي نحاول الإحاطة بها في محاولات الفهم والتحليل والتوقعات. وبينما لا مفر من الاستيعاب والاستقراء، وواحد من الأسباب هو التهيؤ للاحتمالات، كما أن كثيراً من الأفعال المذكورة نافع يشوبه الضرر أو ضار يشوبه النفع، ومن ثم لا مجال ولا داعٍ للخوض فيه هنا، سأحصر محاولتي هذه المرة لعد ما يجب التخلص منه—الضرر الخالص. ومن نافلة القول إن هذا أيضاً يتطلب جهداً ووقتاً، وإن الأول كلما اشتد وتعمّق نكون وفرنا الأخير.
معاداة السامية ليست فقط وبال على القضية الفلسطينية، وإنما شر جاثم لا ضرورة له البتة، وبالغ التناقض والتنافر مع قيم القضية الفلسطينية ومعانيها وإمكاناتها، ويتحمل نصيباً تاريخياً ومتزايداً لا يقدر بثمن في إنجاح المشروع الصهيوني وإضعاف الفلسطينيين
1. الأوهام
2. الواقعية
3. العدمية الفلسطينية
4. الارتباط الشرطي بالحدث
5. مقاطعة الفلسطينيين. نعم، الفلسطينيين
6. الجهل الزائد
7. العلم الزائد، أو فلسطين كمسألة فكرية أبدية خالدة
8. الإسكات
9. تأييد الأنظمة الإسرائيلية أثناء مناهضة إسرائيل
10. معاداة السامية. نعم، معاداة السامية
سأمر سريعاً على النفايات التسع الأولى وأطيل عند العاشرة.
الأوهام
سبق أن عددتها، وكل وهم منها يستحق الوقوف عنده. ولكن لأكتفي بإضافة أن من الأوهام الجيد والسيء، وأننا باسم انقشاع الأوهام اعتدنا أن نشهد على تحولات بهلوانية وارتماءات، من نقيض إلى نقيض، للتخلص من مرارة الشعور بالهزيمة وللانتقام من "الأوهام". (أما الجيد منها فكل ما يعاون التحرريين في بند التخلص من الواقعية أدناه).
سأخص بالذكر وهماً لم أذكره صراحة على القائمة، ألا وهو وهم الاتساق. يذهب الاتساق المنطقي الزائف والمتهافت مثلاً إلى تفنيد دعوة المقاطعة - من بابها، لا تلك الانفعالية وغير المدروسة فقط - بذريعة الحفاظ على الأرزاق والوظائف المحلية. ضع الآن هذه الحجة نفسها كسبب لرفض الدعوة إلى مقاطعة السجائر وكل ما هو ضار بالصحة (من المأكولات السريعة مثلا والكثير من وارد الانفتاح والعولمة، ولكن مرة أخرى لأسباب صحية لا سياسية).
هذا النوع من الاتساق الخادع يضمن تورطنا الممعن في ظل الرأسمالية المتأخرة أو النيوليبرالية، وعدم الفكاك من شروطهما التي تكرس نفسها، ناهيك بالسياق وتناقضاته، في أي عالم إنساني سابق أو مستقبلي. وأمامنا الآن مثال آخر بغيض في باب المخاتلة بوجود حل متسق نظيف في هذا العالم: التخيير بين ثنائية "صمود" الفلسطينيين على أرضهم و"رفض التهجير" و"تصفية القضية" إلخ، وبين فتح معبر رفح لمن يريد ويحتاج - وبما شئت من ضوابط - عملاً بحق الاختيار وتقرير المصير، وكذلك - وهو ما يدخل في بند الجهل والتجهيل أدناه - من باب المسؤولية التاريخية عن القطاع وعن تضييعه أي تسليمه إلى الاحتلال في حرب الأيام الستة (الدولة المصرية هي الوحيدة من "دول الطوق العربي" التي ليس فيها، وترفض الدولة أن يكون فيها - بدعوى حماية الفلسطينيين والسيادة - مخيمات لاجئين).
الواقعية
إسرائيل واقع قائم، هكذا يحاجج التطبيعيون، الواقعيون أكثر من الواقعية نفسها وهذه مشكلة واقعيتهم. وعلينا مع ذلك أن ننتشل من باطل حكمتهم المضللة حقيقتين أو قولين سليمين: 1- أننا لسنا في 1947 أو عشيته، رفضنا التقسيم أم انقسمنا حوله، قبله بعضنا أم نادى بعضنا الآخر بالدولة ثنائية القومية– خلفنا ثلاثة أرباع قرن ونيف من الغفلة والهزائم والخيانات والأخطاء الفادحة الكبرى بأنواعها، وعلينا تحمل مسؤولية ما ورثناه وعدم الاستمرار في إنكار "الواقع" على نحو لن يكلفنا إلا المزيد والمزيد.
2- يهود إسرائيل واقع قائم، فكما أن التاريخ حدث، ولدت أجيال وأجيال سابْرا (اليهود الذين ولدوا في فلسطين قبل 1948 وأبناؤهم)، فصار هذا وطنهم، ولم يعد ممكناً، مثلاً، تمييز اليهود الفلسطينيين (كسكان أصليين، لا ضمن وارد قرن وربع من الهجرة الصهيونية).
لا يعني التخلص من (هذه) الواقعية إنكار شيء من هذا، ولا موازين القوى، ولا واقع الدولة الحديثة وإطارها الدولي الناظم على كل خلله الفادح في ظل الإمبراطورية الأمريكية (وأياً يكن تنظير الماركسيين أو الأناركيين بأن هذا ليس واقعاً أو من قوانين الطبيعة وإنما نتيجة تغفيل أيديولوجي مؤسِّس وضامن للهيمنة)، ولا ضيق الوقت، ولا ولا... بل وتحديداً لأن وقت البشرية ضيق (أخطار الفناء الشامل المحدق)، فنحن مضطرون لئلا نكون واقعيين جداً. لا طريق أمام القوى الرهيبة العاتية سوى بنزع الشرعية عنها شيئاً فشيئاً وباستمرار، سوى بمقاومة عاقلة وغير عدمية، أجل، لكنها تنطوي على قدر أكيد وصميمي من الجنون والطفولية، ولو بالارتداد تقريباً - بصدد الشأن الحالي - إلى لغة ما قبل 1967: "الكيان" (انظر البند العاشر أدناه).
العدمية الفلسطينية
استخدم پيرس مورغان، ذائع الصيت الآن، كلمة "عدمي" (nihilistic) مقرونة بالإرهاب في وصف حماس وعمليتها. يستحق هذا الوصف الوقوف عنده فيما وراء مراد المذيع. هناك بالتأكيد نوع معين وفريد من العدمية بين قطاع من الفلسطينيين ومناصريهم، وهو قائم بالأساس على استبطان الفشل والهزيمة، ويتمايز عن أي عدمية إسلامية تقوم على الأزلية واللا تاريخية، وعن الانهزامية العلمانية العقلانية الصريحة في الوقت نفسه. يتلخص هذا الاستبطان في التالي: فلسطين لن تتحرّر ولن تعود، وإسرائيل باقية ومَن ورائها والفشل والانحطاط العربي مزمن، ومن ثم فلم نضلل ونتعب أنفسنا بحلول ومواءمات ومفاوضات، بدولة أو دولتين أو أكثر أو اللا دولة كحل؟ فلنزايد على الجميع ولنطلب المستحيل، ترونه مستحيلاً ونراه مستحيلاً. أي لنذهب إلى الجحيم طالما أننا هناك بالفعل.
الارتباط الشرطي بالحدث
الفلسطينيون موجودون، مستعمَرون، بين الحدث والحدث، بين المذبحة والأخرى، الإبادة والإبادة، الانتفاضة والانتفاضة. الصهيونية قائمة ما قامت إسرائيل كما نعرفها ومتوغلة وزاحفة الخطر. وعلى العلاقة الشرطية والحصرية القائمة بين وعي أغلبنا الفلسطيني وجهازه العصبي والانفعالي والعضلي وبين الإعلام السائد والإخباري، على هذه العلاقة المبتسرة أن تنضج.
لا طريق أمام القوى الرهيبة العاتية سوى بنزع الشرعية عنها شيئاً فشيئاً وباستمرار، سوى بمقاومة عاقلة وغير عدمية، أجل، لكنها تنطوي على قدر أكيد وصميمي من الجنون والطفولية، ولو بالارتداد تقريباً - بصدد الشأن الحالي - إلى لغة ما قبل 1967: "الكيان"
مقاطعة الفلسطينيين
ولها أشكال وألوان وطبقات وأحوال، تشمل في أحط مستوياتها كره الفلسطينيين ونفض الأيدي منهم (باعوا أرضهم، قتلوا بعضهم، ورّطونا، استباحوا بلادنا، ذهبوا دون مشورة أحد إلى أوسلو، وما شأننا، إلخ). وبعضها نتيجة فرعية لمقاطعة إسرائيل ورفض التطبيع شعبياً وفي أوساط المثقفين والمعارضين، وهو التطبيع الذي تريد الدولة المصرية في الحقيقة - على الأقل تاريخياً - أن تحتكره وتضبطه لأسباب لا مجال للخوض فيها هنا، وأما المقاطعة - على الأقل تاريخياً - فبالجملة وذات طابع تطهري وغير استراتيجي أو حتى مدروس وموجه، كما نتج عنها، إضافة إلى عزلة الفلسطينيين وبعثرتهم أكثر، جهلنا العام المطبق بإسرائيل، ويشمل ذلك حصر المعرفة في باب عملي ضيق تحت عنوان "اعرف عدوك"، ومن ثم تحوّل الإسرائيليين في مخيلتنا الجمعية إلى كتلة واحدة (وحِّد عدوك: الصدى البائس والمطلوب دائماً عند المحكومين لطريقة حاكميهم العتيدة، "فرِّق تَسُد").
هناك أيضا الزَّهَق من فلسطين. إذا كان الإرهاق قد حل فعلياً بالمجتمع الدولي إزاء حرب السودان أو حروبها، فما بالك بإرهاق الأجيال والأمم من قضية روّج البعض من زمن طويل - ساخرين بمرارة أو بخبث - أن أولها "فلس" وآخرها "طين"؟ كما أن الشيوعية قديمة وعفا عليها الدهر والرأسمالية إما لا اسم لها أو هي الحديثة دائماً، فهكذا حال فلسطين ومعجم الألفاظ الميتة والبائدة مثل "الاستعمار" و"التحرير" و"النضال"، والبديل هو الوضع القائم والنسيان.
يشمل هذا الزهق العام والعميق الزهق والنفور من تراث "الحنجورية" و"الممانعة" وبروز وتقادم الصبغة الدعائية، وليس من النادر أن يتدثّر برفض مركزية القضية الفلسطينية (لم لا نهتم بالإبادة في الصين؟ في ميانمار؟ في تيغراي؟ في دارفور؟ في الكونغو؟) وهي، وإن صح توزيع الانتباه والطاقة إلى بقية المظالم في الكوكب، مركزية حقاً وفعلاً بذاتها لا لأننا فقط متمحورون حول ذواتنا.
علينا أن نجلب إلى الوجود توأماً لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، ونسميه: حركة مصالحة الفلسطينيين، دعمهم والتعرّف عليهم والنضال معهم والتعلم منهم.
الجهل
وله أسباب وروافد وصُنَّاع شتى من الداخل، لكن من المفيد أن أخص بالذكر هنا فئة قلما أشير إلى ضلوعها، إن أشار أحد، ولهذا صلة مباشرة ببند "العلم الزائد" أدناه. فتركُّز الثروة المعرفية بفلسطين-إسرائيل في النخب المثقفة والمتعلمة - غير التقليدية على الأخص، وأغلبها في الشتات - يقابله انتشار الجهل والتبسيط بين الجماهير وعموم السكان في المنطقة، في ظل تسيّد خطاب ديني وقومي.
ومن الجدير بالاهتمام في هذا المقام درس المثال البارز الذي ضربه إدوارد سعيد في "مسألة فلسطين"، شارحاً الدور السلبي الذي لعبه في الغرب كتاب جورج أنطونيوس "يقظة العرب" ورواج طبعاته الإنجليزية بالذات. تحتكر النخب دون أن تدري - أو تدري وتظن أن لا حيلة لها - معرفة بفلسطين آخذة باستمرار في التطور والتعقد والتعملق والتخصص والتباعد عن السائد (وعن اللغة الأصلية للسكان الأصليين)، وليس السبب في ذلك فقط أسوار الأكاديميا والأنجلوفونية.
العِلْم الزائد
بالإضافة إلى ما سبق ذكره عن تحول تقويض الاستعمار إلى مبحث نقدي دراسي منفصل شرطياً عن الفعل، وإلى معضلة تأبيد دراسة ثم دراسة ثم دراسة ظاهرة ذات خطر وجودي، هناك العجز عن توزيع المعرفة المتطورة المتراكمة وما يقترن بها من أشكال وعي أنضج وأكثر تحررية وأوسع حيلة، وبهذا تتسع الهوة الفادحة بين نخبة مناصري فلسطين وجماهيرهم (بما في ذلك أغلب التلاميذ والطلبة والمتعلمين)، بين المحبوسين إلى هذا الحد أو ذاك في دائرة الفكر، وبين القادرين أكثر نظرياً على الفعل لقوتهم العددية الهائلة وتوزيعهم الجغرافي والفئوي.
تنطوي الدراسة الأبدية على جانب لا-أخلاقي، لا يختلف كثيراً عن استغراق العلم - المكبل بالمصالح الاقتصادية الضيقة - وقتاً طويلاً جداً لإثبات العلاقة بين التدخين والسرطان وتعميم نتائجه، أو انشقاقه بسبب التشككية العلمية بشأن تغير المناخ. بين عقدي 1990 و2000، أجريت دراسات - تخلصت من حرج سابق من ممارسة "متخلفة" - على العلاقة بين الفيروس المسبب للإيدز وبين ختان الذكور. توقفت الدراسات لأن النتائج كانت كافية بل وحاسمة واضحة، لصالح لعب ختان الذكور عاملاً يعتد به في الوقاية، ومن ثم يوصى به. كان من "غير الأخلاقي" الاستمرار في البحث.
الإسكات
""هل كلّ هذا الهجوم من أجل 4000 أسير فلسطيني؟ أنا مقتنعة بأنهم لا يريدون التحرّر على ظهور آلاف القتلى الفلسطينيين وتدمير قطاع غزة"، قالت لي صديقة وأوضحت أنها لا تستطيع التعبير عن موقفها بصورة علنية. هذا ما ترويه عميرة هس التي يزخر عمودها بالإشارات إلى مواقف عربية في غرف مغلقة، وليس غرف الحكم وحدها. لقد أسكتنا بعضنا البعض كدأبنا دائماً دون أن نراجع ودون تباطؤ هذا النوع من الخذلان. (يكافح كاتب صديق ليجد منبراً لنشر تحليل "متشائم" للاحتمالات، وكان قد نشر تحليله السابق "المتفائل" بسهولة). جزء كبير من الفشل في رد فعل متماسك وغير متباطئ أو متردّد - في الأوساط المناصرة للفلسطينيين وحتى في القطاعات التقدمية المتطورة - على الجانب المربك والمثير للجدل، في أقل تقدير، من عملية حماس يعود إلى تقنيات وآليات الإرهاب الفكري الذي نمارسه ضد بعضنا البعض، وهو ما يمتد إلى السكوت عن جوانب أخرى كثيرة تحمل شبهة الخروج عن الصف وتشتيت الانتباه عن الإبادة والتهجير والاحتلال.
الأنظمة الإسرائيلية
يتكفل مقالان لمحمد نعيم، يعودان إلى 2016 و2020 وحواره الأخير مع بلال فضل، بشرح ما يمكن أن نسميه خدعة رفض إسرائيل دون رفض مضامينها، أو معارضة النظام الإسرائيلي أثناء تأييد الأنظمة الإسرائيلية في جوهرها، في ظل تسيّد المنتصر والقوي لمنطقه ونموذجه (الأسْرَلة في هذه الحالة، رديفا للأمْرَكة). ويضاف في هذا الباب ما يدفع به خالد فهمي من مساهمة وجود إسرائيل ضمن "خمسة أسباب وقفت، وما زالت تقف، أمام محاولاتنا لإقامة نظام ديمقراطي في بلادنا".
معاداة السامية
هناك عمليتان بارزتان بشكل خاص في المشروع الصهيوني، لكونهما مستمرتين دون رادع، وتغذيان نجاحه المرهون بالتطهير العرقي (النكبة المستمرة) تغذية مادية مباشرة: الاستيطان والهجرة اليهودية. بلغ الأول حداً من الشدة دفع توماس فريدمان إلى القول بأن الدعم الأمريكي يجب ألا يكون مشروطاً إلا بشرط واحد وحيد: الاكتفاء بالمستوطنات الحالية دون مزيد. دون سنتيمتر واحد آخر.
يقرأ البعض أهمية "طوفان الأقصى" باعتبار نجاحه (المتوقع؟) في جعل إسرائيل مكاناً غير قابل للعيش، وعلى الأقل طارداً وغير آمن كما في السابق، ولو كان الثمن جعل غزة غير قابلة للعيش أكثر مما كانت، وغير قابلة للحكم، ومن ثم ربط أمن "الشعبين" ارتباطاً طردياً لا عكسياً.
لكن وبعيدا عن إحصاءات وتحليل بيانات الوصول والمغادرة في مطار بن غوريون في الوقت الحالي، ربما ليس من المجازفة القول بأن رحلات "العودة" لم ولن تتوقف - على الأقل ليس في الأجل القريب - حقيقة ومجازاً. أي ليس فقط بمعنى أن إسرائيل قد تنغلق على نفسها أكثر - أكثر من "قطع علاقاتها" مع غزة مثلاً - وإنما وبمعنى أخطر وكما أعلن وزير العَلْيَا (أي الهجرة أو "العودة" اليهودية) أن استفادة المزيد من اليهود في العالم من قانون "حق العودة" - العائد إلى عام 1950- متوقع أن ترتفع في ضوء ارتفاع مؤشرات العنف والكراهية بحق اليهود في كل مكان، تحديدا بعد الأسبوع الأول من أكتوبر/تشرين أول.
مقاطعة الفلسطينيين لها أشكال وألوان وطبقات وأحوال، تشمل في أحط مستوياتها كره الفلسطينيين ونفض الأيدي منهم (باعوا أرضهم، قتلوا بعضهم، ورّطونا، استباحوا بلادنا، ذهبوا دون مشورة أحد إلى أوسلو، وما شأننا، إلخ). وبعضها نتيجة فرعية لمقاطعة إسرائيل ورفض التطبيع
يعمل النشاط الغزاوي المسلح - بتبعاته - إذن في اتجاهين متضادين، وقد يحسم أحدهما غلبته على الآخر. فكل من يوجه سهامه إلى اليهود خارج إسرائيل، وفيما عدا لو كانت سهاماً نقدية للصهاينة منهم، أو مادية، مدروسة، مستهدفة، أي ليس دون تمييز، ضد كبار داعميهم من مؤسسات وجماعات وأفراد بصفتهم هذه لا بصفتهم يهوداً، تكون سهامه موجهة أيضاً إلى الفلسطينيين. ومن ضمن ما يتطلبه هذا الجهد الإصلاحي تقدير أعمق للعلاقة المعقدة بين يهود العالم ويهود إسرائيل بسبب الهجرات؛ العلاقات العائلية على سبيل المثال كما يشرح ديڤ رتش، مسؤول السياسات بصندوق أمن الطائفة اليهودية البريطاني، والذي يخاطب من يجاهرون بالعداء والكراهية لليهود أو يستهدفونهم بصفتهم هذه - على سبيل تأييد فلسطين - متسائلاً عن حق، كيف يمكن لذلك أن يعود بالنفع على الفلسطينيين. ويدعونا هذا أيضاً إلى النظر في هذا الاحتمال الوجيه: أليس من الوارد أن كثيراً من هؤلاء - في العالم الأوسع - هم بالأساس معادون للسامية ومؤيدون للفلسطينيين فقط من هذا الباب (عدو عدوي) أو كغطاء، تماماً كالإسلاموفوبيين المختبئين وراء تأييد إسرائيل والذنب وحب السامية فجأة؟
لقد أصابت عميرة هس القول - في معرض عدّ ردود الفلسطينيين ومناصريهم على هجوم السبت - بأن بعضنا عارض استهداف المدنيين في "غلاف" غزة على أساس أنه خطأ تكتيكي وحسب ("براغماتي" بعبارتها)، وهي تقول ضمناً دون تصريح، إنه موقف يستحق النقد ولديها معه مشكلة، ودعك ممن لم يعارضوا ذلك على الإطلاق.
إنها ترمي إلى أن هذا البعض منا ارتكب بذلك خطأ أخلاقياً لا سياسياً فقط، أو شارك في الخطأ الأخلاقي (لا التكتيكي) الذي ارتكبه من ارتكبوا الفظائع ومن أمروا أو سمحوا بها. وبينما يتعلق هذا عند كثيرين بسؤال من المدني ومن الأعزل ومن البريء ومن لا يجب توجيه العنف الجسدي والمسلح والقاتل ضده، فإنه وثيق الصلة أيضاً بسؤال التفريق بين الإسرائيلي واليهودي، وبين الإسرائيلي الصهيوني واللا-صهيوني والمعادي للصهيونية، وبين الصهيوني المسلح والنشط وسواهما، بل وبين الجندي والجندي إن أمكن.
أريد القول إن معاداة السامية ليست فقط وبال على القضية الفلسطينية، وإنما شر جاثم لا ضرورة له البتة، وبالغ التناقض والتنافر مع قيم القضية الفلسطينية ومعانيها وإمكاناتها، ويتحمل نصيباً تاريخياً ومتزايداً لا يقدر بثمن في إنجاح المشروع الصهيوني وإضعاف الفلسطينيين وشعوب الجوار وشعوب العالم بأسره. وبالمختصر، فإن القضية الفلسطينية لابد أن يجري تطهيرها وتخليصها تماما من كل ما يشوبها من عناصر معاداة السامية أو كراهية اليهود، وكل الأوهام والضلالات المتبقية من فكرة أن مشكلتنا هي المشكلة اليهودية لا المشكلة الإسرائيلية الصهيونية. وبعبارة أخرى، على كل مناصر للفلسطينيين - إلى جانب هذا الجهد الجماعي - أن يحسم في رحلته الفردية هذا الأمر ويتطهّر فعلاً وقولاً، وشكلاً ومضموناً، من أي خلط وتشوش وتلوث لديه بهذا الشأن، ومن كل أسباب وأعراض ومظاهر هذا المرض الخبيث، العنصري والطائفي حصراً، واللاسياسي واللاتاريخي، وليس فقط هذا الغباء والارتماء دون دراية في ملعب العدو، السعيد حقاً بهذا المرض وهذا الغباء.
يتعلق بند التخلص من معاداة السامية ببنود أخرى على قائمة المهملات الواجبة (الأنظمة الإسرائيلية، مقاطعة الفلسطينيين، الإسكات…) ولكن وعلى الأخص ببند الجهل والمعرفة التجهيلية بفلسطين. سأركز هنا على مسألة شائكة أكثر من غيرها، وأَوْثَق صلة بالمشروع المباشر والمشروعات المضادة له، أي "الحلول" المطروحة والمتخيلة للقضية الفلسطينية/المشكلة الإسرائيلية.
كما رأينا في الأيام الأخيرة، استطاعت الصهيونية إدراج شعار "من النهر إلى البحر" في قاموس معاداة السامية (ولاحظ الإسراع بتحديث هذا المدخل مؤخراً): من ناحية، صار يعني القضاء على إسرائيل وتدميرها (دولة وشعباً)، ومن أخرى وبما أنه يذكر البحر فقد صار يعني ضمناً وتلميحاً "رمي اليهود في البحر". المعنى الأول لا بأس به عند بعضنا إذا كان هو نفس المعنى الخاص بتفريغ إسرائيل من مضمونها العنصري والطائفي والعسكري. أما الثانية فلا، ويقيني أن "رمي اليهود في البحر" ينتمي إلى بندي معاداة السامية والأوهام.
لحسن الحظ أن من أفضل ما يحدث مؤخراً هو جهد ونجاح متزايد في إعادة امتلاك شعار "من النهر إلى البحر" باتجاه معناه (الأصلي؟) الخاص بدولة ديموقراطية علمانية واحدة للجميع، بما يشمل حق العودة لفلسطينيي الشتات وإلغاء الهجرة اليهودية (ولاحظ التنويه المضاف مؤخراً بأثر رجعي في مقال "فُورْوارْد" أعلاه والعائد إلى 2018). بعبارة أخرى، فكل من لا يزال يطرح هذا الشعار باعتباره مرادفاً أو تغطية ملتبسة لإعادة الفلسطينيين إلى الأرض عن طريق إعادة اليهود إلى البحر، هو ليس منا، ونراه محكوماً بالفشل والهزيمة دائماً وأبداً، وكل ما عدا ذلك قابل للتفاوض والمناقشة.
وإذْ وجهنا انتباهنا إلى القاموس الصهيوني، فلنوجهه الآن إلى القاموس الفلسطيني ووجوب العمل على طبعة جديدة منه منقحة ومزيدة. أحد أهم مداخل هذا القاموس هو الكلمة البسيطة والأساسية وبالغة الخطورة والتعقيد: اليهود.
في عبارة مثل "رمي اليهود في البحر"، هي مرادف للإسرائيليين، حيث تستخدم الكلمتان بالتبادل، وإن تكن الأولى أكثر شيوعاً على الأخص في الحياة اليومية الفلسطينية والمصرية. أما في جملة مثل "اللهم خذ اليهود أخذ عزيز مقتدر" التي يرددها خطباء الجمعة فهي في أفضل تقدير ملتبسة، وفي أسوأ تقدير مشبعة بمعاداة السامية المستندة إلى القرآن. إن تاريخ استخدامنا في المنطقة لكلمة "يهود" بعد 1948 يستحق دراسة، وهو أبعد ما يكون عن البساطة التي يزعمها أو يتصورها الصهاينة.
في حفل يعود إلى عقد الستينيات، ألقى إسماعيل يس نكتة يلفت نظرنا فيها استخدامه لكلمة صهيوني بدلاً من يهودي، على الرغم من أن سياق النكتة الديني كان سيبرر الثانية بشكل طبيعي (سب الدين في النكتة هو يقيناً ما منع عرضها على التلفزة المصرية). أغلب الظن أن ما أشاع استخدام كلمة "يهودي" بدلاً من/ أو بالتبادل مع "إسرائيلي" هو أن الثانية (التي كانت تعني في مصر، قبل 1948، الديانة– انظر فيلم نادية كامل "سلطة بلدي"، 2007) تحولت زمناً طويلاً إلى محظور. كانت إسرائيل هي "الكيان المزعوم" المؤقت، وتسميتها باسمها اعتراف ممنوع.
وبينما سيكون القول مثلاً بأن "أخدوا اليهود غزة وسينا" معادية للسامية ضرباً من الخبل، فهذا الاستخدام العتيد للكلمة مشروع أيضاً بسبب المشروع الصهيوني نفسه ومسوغاته المعلنة، فالإسرائيليون يهود في نهاية المطاف (ليس كل يهودي إسرائيلياً، لكن "كل إسرائيلي يهودي" صحيحة إلى حد كبير)، ودولتهم لليهود ومشروع وطن اليهود بألف لام التعريف. في "طريق السموني" (ستيفانو ساڤونا، 2018) يروي رجل لأقرانه عن وافد "روسي مش يهودي"، وصل ومعه ستة دولارات وازدهر سريعاً واستقدم بقية عائلته. تدعونا "مش يهودي" هنا إلى التساؤل عما يعنيه الرجل، فالروسي الوافد وأهله يهود في الأغلب. وحسناً يفعل الفيلم عندما يترجم كلمة يهودي في أغلب المواضع إلى "Israeli"، فليس هذا غشاً، والدقة الحرفية هنا قد تسببان التباساً وتضليلاً واستغلالاً.
حسب رواية بعض الناجين في رعيم والكيبوتسات، قال المهاجِمون أشياء من قبيل "ادبح اليهود!" هل كانوا سيقولونها لو انفردوا بأي يهود في العالم أو كانوا سيستهدفونهم ويبشّعون بهم من الأصل؟ هل كان من الألطف أن يقول مقاتل أو إرهابي في هذا الموقف "ادبح الإسرائيليين" ويستغرق وقتا أطول بهذه الكلمة الطويلة؟
في افتتاحية "مجلة المركز" بعد أحداث السبت وما تلاه (وفيما قد يكون استثناء كبيراً عن إجماع الأصوات العربية التقدمية)، تعلق المحرّرة - بشجاعة كبيرة إذن، على الأقل جزئياً - على الهجوم ورد الفعل، دون تمييز بين استهداف الجنود والمدنيين، ومستخدمة اللغة نفسها التي روّجها مناصرو إسرائيل. فالهجوم مرعب "رعباً استثنائياً للشعب الإسرائيلي، تَردد صداه عبر المجتمعات اليهودية في أنحاء العالم بوصفه كابوس الماضي، ماضي الغيتوات والمذابح العرقية المدبرة ومعسكرات التجميع، الماضي الذي تعهد العالم وتعهدوا بأنه "لن يحدث أبداً مرة أخرى"، وقد دبت فيه اليقظة فعاد صاخباً".
يقرأ البعض أهمية "طوفان الأقصى" باعتبار نجاحه في جعل إسرائيل مكاناً غير قابل للعيش، وعلى الأقل طارداً وغير آمن كما في السابق، ولو كان الثمن جعل غزة غير قابلة للعيش أكثر مما كانت، وغير قابلة للحكم، ومن ثم ربط أمن "الشعبين" ارتباطاً طردياً لا عكسياً
أرسلتُ تعليقاً لكنه لم ينشر (إسكات؟). قلت إن عقلي عاجز عن فهم هذا المنطق، وإن لدي سؤال قد يكون له الوقع الوحشي نفسه الذي للحسابات الرياضية التي ذكرتها المحرّرة بخصوص مقياس أعداد الضحايا بين الجانبين: كيف سيتسنى للفلسطينيين المؤمنين بالكفاح المسلح أن ينخرطوا في مقاومة عنفية ضد مضطهديهم ومستعمِريهم دون أن يعطوا الإسرائيليين الانطباع بأنهم يقتلونهم لأنهم يهود؟! هل صارت هذه الهوية اليهودية درعاً للإسرائيليين، مسلحيهم ومدنييهم، تحرِّم قتلهم في سبيل التحرّر، تماماً كما صار السكان في غزة درعاً لا يمنع قتلهم بالجملة؟ ألم يفطن الإسرائيليون والأمريكيون ومن ردّدوا هذه الرواية إلى أن كل استدعاءات ومقارنات الهولوكوست تقع تحت طائلة قانون مكافحة إنكاره بوصف هذه المقارنات تسفيها من شأن الهولوكوست؟ وكيف تأتى أن يوضع الهولوكوست والنكبة على التقويم الفلسطيني/الإسرائيلي نفسه؟ ألا يستقيم على النحو نفسه ضم الحروب الصليبية إلى هذا التقويم؟ (وتستحق المقارنةَ ردودُ فعل اليسار الإسرائيلي على هجوم "الغلاف" ورد فصيل صغير منه على عملية معلوت).
وعودة إلى أسباب استخدام كلمة يهود، فقد كانت أسهل على معاديّ السامية من المسلمين والإسلاميين، لانسجامها مع الرواية الإسلامية والتذويب الإسلامي للصراع في سردية كبرى تخص المسلمين واليهود إلى يوم الدين وشجر الفرقد، وهي سردية وظيفتها جزئياً بعث الراحة في النفس وحل الصدمة النفسية بعد النكبة والنكسة لتفسير الهزيمة المستمرة، كهزيمة عربية وإسلامية، جنباً إلى جنب مع سردية البعد عن الله والارتماء في الاشتراكية والتَّأوْرُب وترك الموروث، كسردية غائية تنتهي حتماً بانتصار الإسلام والمسلمين، لا الفلسطينيين ومناهضي الصهيونية.
ماذا نقول إذن بديلاً عن يهودي عندما نقصد إسرائيلي؟ الإجابة: إسرائيلي! وماذا نقول بديلا عن إسرائيل (ودعك الآن من إسرائيلي)؟ الكيان الصهيوني؟ دولة الاحتلال؟ فلسطين المحتلة؟ فلسطين التاريخية؟ فلسطين-إسرائيل؟… ما بين النهر والبحر؟ …
هل سينطوي هذا على وقاحة "قل ولا تقل" للفلسطينيين؟ يتلقى الفلسطينيون الدعم والمساعدات والمشاورات والنصح - سواء بطلبهم أو دون طلبهم - وهذه المشورة تقع ضمن ذلك، وضمن امتلاكنا نحن أيضاً للقضية. من الضروري وقف هذا اللبس أو تقليصه. اللغة بالغة الأهمية كما تبين، ونحن وشعبوللا نكره إسرائيل ولا نكره الاسرائيليين بالضرورة، بل قد لا نكره إسرائيل نفسها إذا صارت شيئاً آخر، أياً يكن اسمه. (يرفض تشومسكي، اللغوي الكبير وناقد إسرائيل والولايات المتحدة الكبير، مصطلح "أبارتهايد"، بوصفه "هدية لإسرائيل").
وختاماً، لنعاين شكل المعرفة العربية الحديثة والمعاصرة باليهود وأدبياتها وإنتاجها. علينا أن ننظر، دون تعجّل وقفز إلى نتائج، في ندرة ما يصدر وانحصاره في أشكال وأبواب وطبيعة معينة، في التواريخ والمبيعات والمحتويات والسياقات، ولا أتحدث عن "بروتوكولات حكماء صهيون" و"كفاحي" وإنما إصدارات حديثة نسبياً مثل "اليهود في الإمبراطورية العثمانية" و"تفسير التوراة بالعربية" (المشروع القومي للترجمة). في لماذا (إن لم يكن السبب جهلي فقط) أعجز عن تذكر عناوين مترجمة بارزة سوى كتاب لوبون (المحب للعرب والحامل على اليهود)، وكتاب شاحاك (المترجم مرتين، في عنوان إحداهما تُستبدل بـ"وطأة" آلاف الأعوام "خطايا" آلاف الأعوام)، وكراس ماركس (عن مشكلتهم أو مسألتهم)، وكتاب بينين (عن شتاتهم)، ولماذا أعجز عن تذكر مؤلف عربي واحد غير المسيري (الذي يقرنهم عنوانه الأشهر بالصهيونية)، وماذا عساه يكون السبب في أن كل دور النشر التي أصدرت طبعات عربية من أعداد سلسلة مداخل أكسفورد الوجيزة جداً لم يقع اختيارها على أي "مقدمة قصيرة عن" موضوع يهودي، عن اليهودية، التاريخ اليهودي، الكتاب المقدس العبري (التناخ) بوصفه أدباً، العهد القديم بوصفه أدباً، مخطوطات البحر الميت، معسكرات التجميع، ألمانيا النازية (أما عن الفاشية فمترجَم)، معاداة السامية… (بل إن العددين عن الصهيونية وعن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي غير مترجمين).
لعلنا بحاجة إلى قفزة إيمانية كبرى بهذا الصدد وإعادة بحث عن الذات. ولعل هناك ما نتعلمه من معركة دوكيومنتا 15، بما في ذلك مراجعات واعتذار روانغروبا (وموقف هيتو شتيريل آنذاك والآن)، ومن قبلهما إلهان عمر. بل ولعلنا بحاجة إلى إدراك أن تقويض المشروع الصهيوني لا يشمل فقط نقد التروما اليهودية واستغلالها وصناعتها وابتزازيتها، وإنما التفكير ملياً في مسألة وضرورة علاج التروما اليهودية - والفلسطينية، وكل تروما جماعية - كجزء لا يتجزّأ من عملية التحرّر.
أترك القارئ لهذا الاختبار البسيط المقترح للفحص عن أي شوائب معاداة سامية: كم كان إحساسك وموقفك سيختلفان لو كان من يستعمرون فلسطين غير يهود؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 4 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...