شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
مشروع قانون تجريم التطبيع ... لماذا تراجع سعيّد عن سنّ قانون

مشروع قانون تجريم التطبيع ... لماذا تراجع سعيّد عن سنّ قانون "الجريمة العظمى"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحريات العامة

الجمعة 10 نوفمبر 202311:50 ص

أيّ علاقة تُنسج مع إسرائيل، أو بمعنى أوضح، أيّ تطبيع للعلاقات يتخذ منحى طبيعيّاً على مستوى جميع العلاقات، يعدُّ جريمةً بل "خيانةً عظمى"، كما أسماه رئيس الجمهوريّة التونسيّة قيس سعيّد.

هذه المسألة طُرحت بجدّية أكبر، من خلال مشروع قانون يجرّم أيَّ شكل من هذه العلاقات، قبل أن يتراجع البرلمان عمّا روّج له الخطاب الرئاسي مطولاً بطلب من الرئيس نفسه، الذي "نصح" رئاسة المجلس بتأجيل النظر في المشروع.

عودة إلى "الكلام"؟

انطلقت يوم الخميس 2 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، مناقشة المشروع المتعلّق بتجريم التطبيع مع إسرائيل، لكن سرعان ما عُلّقت الجلسة العامة المخصصة للمصادقة عليه داخل البرلمان التونسي، بتدخّل من رئاسة الجمهوريّة التونسية.

بعد مناوشات كلامية بين النواب، قال رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة، إن رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد، أوصاه بتأجيل الجلسة نظراً إلى الآثار السلبية التي يمكن أن يحدثها القانون على أمن البلاد والمصالح الخارجيّة لتونس.

وفق زهير المغزاوي، النائب في البرلمان عن كتلة حركة الشعب: "من المنتظر أن تُعقد جلسة في مكتب البرلمان لوضع نقاط تجنّبننا حالة الفوضى عند عقد الجلسات قبل تحديد جلسة جديدة للنظر في مشروع القانون".

ويوضح النائب أن مشروع هذا القانون مطروح على مجلس نواب الشعب (البرلمان)، منذ شهر تموز/ يوليو الماضي، لكن تم تسريع النظر فيه بإلحاح من نواب البرلمان بعد أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في قطاع غزة.

رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد، أوصى بتأجيل جلسة برلمانية لنقاش مشروع قانون يجرم التطبيع. ما مبرّراته؟

ويضيف أنّ "المشروع قُدّم تحديداً يوم 12 تموز/ يوليو الماضي، أي قبل اندلاع المعركة بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني، وقد أُرسلت آنذاك مراسلة إلى عدد من المصالح المختصة المعنية بالموضوع، مثل وزارة الخارجية ووزارة العدل ولم نتلقَّ ردّاً. لكن تم تعجيل النظر في ملف المشروع بالتزامن مع الوضع في الأراضي الفلسطينية، وتمت المصادقة عليه، وأحيل على أنظار البرلمان".

ويؤكد المغزاوي، أنّه توجد أصوات تريد وقف سنّ القانون، قائلاً إن هناك "مراوغات برغم أنّ أغلبية الأصوات في البرلمان مع تمرير القانون".

وفي تعليقه على موقف رئيس الجمهوريّة، وتدخله لتأجيل جلسة المصادقة على مشروع القانون، علّق المغزاوي مستنكراً هذا التوجه، موضحاً أن "البرلمان لديه الاستقلالية التامة ورئيس الجمهورية التونسية لديه صلاحياته. هناك عدم احترام للإجراءات والقانون من طرف رئيس البرلمان، والكتلة البرلمانية مصرّة على عدم انعقاد جلسات في المجلس إلا عند البت في جلسة مكتب البرلمان التي تعبّر عن هذا الموقف".

وتُوجّه انتقادات إلى رئيس الجمهورية، ترى أن المواقف "الممانعة" والتوجّه السياسي للرئيس سابقاً، فتحا الباب أمام خطوة "تجريم التطبيع"، قبل أن يتراجع الرئيس عن توجهه هذا بسبب ضغوط أو قراءة سياسيّة لما قد يحدث من انعكاسات دولية على تونس في حال اتخذت هذا المسار.

في هذا الصّدد، يوضح القاضي المتقاعد أحمد صواب، في تصريح لرصيف22، أن "تحديد علاقتنا مع الكيان الصهيوني هو السقف الأعلى الممكن للدولة التونسية، وظهر ذلك خلال التصويت في الجلسة العامة للأمم المتحدة".

ويرى صواب أنّ "تهمة الخيانة العظمى لا يمكن ترجمتها إلا بنصّ قانوني، لأن الخيانة مفهوم قانوني موجود في المجلة الجزائية (القانون التونسي)، كما أن الملف مطروح أمام البرلمان منذ نحو 5 أشهر، واتخذ أهميةً كبرى بعد أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في غزة".

ويضيف المتحدّث أنه برغم "العملية البطولية للمقاومة الفلسطينية، وطوال هذه المدّة، لم يعلّق رئيس الجمهورية التونسية على الموضوع، ما يعني أنه توجد موافقة عليه، لكن إعدام هذا المشروع الآن، وفي هذه المرحلة، من طرف الرئيس التونسي، سيطرح إشكاليات عدّة".

تُوجّه انتقادات إلى رئيس الجمهورية، ترى أن المواقف "الممانعة" والتوجّه السياسي للرئيس سابقاً، فتحا الباب أمام خطوة "تجريم التطبيع"

ويوضّح أن "أبرزها التضارب بين موقفَي كل من أغلبيّة الأصوات في البرلمان التونسي ورئاسة الجمهورية التونسية، ومدى تطور هذا التضارب بين أغلبية أعضاء البرلمان الذين يمثلون مسار 25 تموز/ يوليو، والرئيس سعيّد. وقد يعلن عن بداية تفكك ونقاط ضعف في أوساط المناصرين لسعيد تظهر عدم بناء الأغلبية على أرضية صلبة، بل على بعض النقاط المتناثرة التي تفقد معنى الترابط في ما بينها".

ما فحوى القانون؟

يُعرّف مشروع القانون الذي يضمّ سبعة فصول، في فصله الأوّل، عدم الاعتراف بـ"الكيان الصهيوني"، أي عدم الإقرار بوجود إسرائيل وشرعيّتها.

كما يمنع قيام أيّ علاقة بين المواطن التونسي، سواء أكانت داخليّةً أو خارجيّةً، وإسرائيل، وعدم إقامة أي علاقة رسمية أو غير رسميّة.

ويفيد المشروع في تعريفه العدوّ "الصهيوني"، بأنّه "إسرائيل" أو "الكيان الصهيوني".

وخُصّصت أبواب عدة تتضمن فصولاً منها باب عدم الاعتراف بـ؟؟، ويقرّ عدم اعتراف الدولة التونسية والشعب التونسي بإسرائيل، وباب المقاطعة الذي يقضي بعدم زيارة الأراضي المحتلة.

ومن أهمّ ما ورد في هذا المشروع، في الفصل الأول من باب العقوبات، توجيه تهمة "الخيانة العظمى" لكلّ من يعترف بإسرائيل التي نعتها مشروع القانون بـ"العدوّ"، ويعاقَب صاحبها "بالإعدام أو السجن المؤبّد وسحب الجنسية والطرد من الأراضي التونسية والمنع من حق العمل".

ملف تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني يهمّ السياسة الخارجية للبلاد التونسية، وعند مروره عبر البرلمان سيسلّط عقوبات على المواطنين

ويقرّ القانون بعدد من العقوبات الأخرى لمن يروّج لإسرائيل، منها السجن لفترات تتراوح بين 6 سنوات و12 سنةً، مع غرامات مالية يُقدّر بعضها بـ10 آلاف دينار (نحو 3 آلاف دولار)، و100 ألف دينار (نحو 30 ألف دولار)، ولا تسقط هذه "الجرائم" والعقوبات بالتقادم.

بين "الخيانة" والحريّات

ترى أستاذة القانون الدستوري حفيظة شقير، في حديثها إلى رصيف22، أنّ "ملف تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني يهمّ السياسة الخارجية للبلاد التونسية، وعند مروره عبر البرلمان سيسلّط عقوبات على المواطنين، علماً بأنّه لا يمكن تحديد المطبّع وغير المطبّع بسهولة".

وتضيف: "يجب أن يطبَّق القانون على سياسة الدولة، وليس على الأشخاص. فوفق أيّ معايير ستتم معاقبة المواطنين؟ أنا ضد إصدار قانون حول التطبيع، لأن التطبيع يندرج في إطار السياسة الخارجية للدولة، ومن المستحسن ألّا يصدر قانون فيما تكتفي سياسة الدولة التونسية بتحديد التطبيع على أنه خيانة فقط".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image