شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"هذا المريض يموت إذا فقد الأمل"... لا مكان لعلاج السرطان في غزة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والفئات المهمشة

السبت 4 نوفمبر 202301:04 م

تم نقل الشاب العشريني خالد الهسي إلى مستشفى الصداقة لأنه يعاني من انخفاض في كريات الدم البيضاء، وبعد الفحص تبين أنه يعاني من لوكيميا الدم، ولكن كان هذا التشخيص المبدئي، ولأنه بحاجة إلى فحوصات متقدمة تم تحويل ملفه إلى مستشفى القدس على أمل أن يجد الإمكانيات المطلوبة هناك، إنما وبسبب الحرب لم يستطع الذهاب.

أما عمرو كسكين وهو مريض سرطان من مخيم الشاطئ، فلم يجد فرصة للانتقال إلى أحد مستشفيات الضفة الغربية نتيجة لإغلاق معبر بيت حانون بعد الحرب، إذ تبين أنه يحتاج لفحوصات دقيقة وعلاج لم يكن يتوفر لدى مستشفى الصداقة التركي، قبل إغلاقه، كما أن تحويله للعلاج في مصر غير مفيد في الظروف الحالية ولأنه لا يمتلك جواز سفر.  

لا مكان لعلاج السرطان 

"قمنا بإغلاق المستشفى وإخلائها بشكل كامل، ليس من المرضى فقط بل من الممرضين وكل الطاقم الطبي والعاملين فيه، ما فائدة وجودهم بدون كهرباء ولا أي شيء. لا نستطيع أن نقدم أي خدمة في مكان كالخرابة ليس به حياة". هكذا بدأ الدكتور صبحي سكيك، مدير مستشفى الصداقة التركي تصريحه لرصيف22 حول إغلاق المستشفى الوحيد الذي يعالج السرطان في القطاع. 

لم يستطع خالد أو عمرو الانتقال للعلاج في الضفة أو مصر بعد تحويلهم، وتوقف علاجهم هم و10 آلاف مريض سرطان في غزة.  

يقول: "تريد إسرائيل أن تنهي معاناة مرضى السرطان في غزة مبكراً من خلال قتلهم بشكل مباشر، وكأن المرض ونقص الأدوية والانتظار لتلقي العلاج لا تكفيهم. منذ أيام ونحن نقول إن الوقود أوشك على النفاد ويجب أن يتوفر حل سريع وليس هنالك استجابة، وهذه النتيجة المتوقعة". 

سكيك أكد وفاة أكثر من 12 مريض سرطان بسبب عدم توفر الأدوية والأجهزة، لافتاً إلى محاولة نقل عدد من الحالات الخطيرة إلى مستشفى دار السلام في خان يونس، ولكن ذلك لن يكون حلاً إذ سيتسبب بالكثير من الضحايا لنقص الأدوية والأجهزة. 

المستشفى الذي يقع في منتصف القطاع كان قد تعرض للقصف الإسرائيلي أكثر من مرة، وتسبب ذلك بتدمير واحتراق الطابق الثالث منه.

وقد ذكر سكيك أن القصف في البداية كان في محيط المستشفى، مما تسبب في إثارة الهلع والخوف عند المرضى، وتسبب أيضاً في تكسير الأبواب والشبابيك وتسرب الغازات الضارة إلى الداخل. لكن الطاقم الطبي عمل على تهدئة المرضى قدر الإمكان، والتأكد أنهم في أمان، مشدداً على أنه لم يحدث أن أرسلت إسرائيل أي تحذير أو طلب بإخلاء المستشفى، وبأن العمل في المستشفى كان بنسبة 180% رغم كل الظروف. وأضاف: "لا يوجد بديل لمرضى السرطان في غزة، وهؤلاء يتجاوز عددهم 10 آلاف".

المرضى يموتون من الخوف

يقول المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية د. أشرف القدرة لرصيف22: "إخلاء مستشفى الصداقة التركي قرار لا حيلة لنا فيه، فبعدما تعرض للقصف لم يعد يتوفر للمرضى علاج إشعاعي ولا مسح ذري ولا علاج بيولوجي بسبب الضرر الكبير الذي لحق بالأجهزة، وذلك زاد من معاناة مرضى السرطان في غزة، الذين لم يكن يتوفر لهم إلا 35 أو 40% من العلاج المطلوب في السابق، ولذلك كانوا يذهبون إلى القدس أو إلى مصر للعلاج". 

مدير مستشفى الصداقة التركي: "12 مريض سرطان ماتوا بالفعل نتيجة توقف العلاج بعد نفاذ الوقود وتوقف المستشفى عن العمل، لم يعد هناك مكان لمرضى السرطان لتلقي العلاج في كل القطاع"

أما موظف خدمات المرضى في مستشفى الصداقة أيمن العايدي فيؤكد بأن أعداد المرضى الذين يموتون في تزايد مستمر، يقول لرصيف22: "في يوم واحد فقدنا 7 مرضى دفعة واحدة، والآن نحاول مساعدة البقية بعد نقلهم إلى مستشفى دار السلام، ولكن هذا حل مؤقت والوضع سيزداد سوءاً مع الوقت".

ويؤكد سكيك هذه النقطة بقوله: "لم يتسبب القصف في وفاة أي من مرضى السرطان بشكل مباشر، ولكن تعرض كثير منهم  للوفاة اللاحقة بسبب الخوف وانخفاض الحالة المعنوية. 

ويختم: "6 من مرضانا ماتوا بعد القصف فوراً، لم يكن هذا الموت بسبب القصف المباشر نعم، ولكنه تسبب بذلك بشكل آخر، فمريض السرطان لا يعيش بدون أمل، ولا يعيش مع الخوف والقلق، وعندما حدث ما حدث تدمرت نفسية المرضى ولم يعد لديهم طاقة لمحاربة المرض. المرضى كانوا يخافون من الدخول إلى الغرف وهم في الطرقات باستمرار ليستطيعوا الحركة عند حدوث أي قصف". 

المتحدث باسم وزارة الصحة: "لم يعد يتوفر علاج إشعاعي ولا مسح ذري ولا علاج بيولوجي، مما زاد من معاناة المرضى الذين لم يكن يتوفر لديهم إلا 40% من العلاج المطلوب سابقاً" 

كان مستشفى الصداقة يستقبل يومياً من 500 إلى 600 مريض، أكثر من 150 منهم يتلقون علاج السرطان. ومعاناة مريض السرطان في غزة مستمرة منذ فترة طويلة بسبب الحصار وقبل الحرب الحالية، فالعلاج دائماً كان ناقصاً، ولذلك يذهب من يستطيع منهم للعلاج في الخارج، ورغم ذلك ينتظرون لفترات طويلة، والكثير منهم يموتون وهم ينتظرون إذناً للخروج والعلاج.



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image