منعت السلطات الألمانية التظاهرات المتضامنة مع فلسطين والمناهضة للحرب على غزة لمدة أسبوعين، إلا أن متظاهرين خرجوا إلى الشوارع منذ اليوم الأول رافعين شعارات "الحرية لفلسطين" والأعلام الفلسطينية وخصوصاً في شارع (الزونن آلي) في العاصمة الألمانية برلين، الملقب بشارع العرب، نظراً لتواجد جالية عربية كبيرة فيه، بالإضافة إلى المطاعم والبقاليات التي تبيع المنتجات العربية، إلا أن تلك المحاولات للتظاهر قد منعتها الشرطة.
اتهمت السلطات في ألمانيا بعض التظاهرات بأنها معادية لإسرائيل ومعادية للسامية وهو ما يعتبر جريمة في ألمانيا ما بعد النازية، وفرقت التجمعات اليومية، كما أن الشرطة طلبت التعرف على هويات من يرفعون أعلام فلسطين أو يرتدون الكوفيات متهمة إياهم بتمجيد الإرهاب.
اتهمت السلطات في ألمانيا بعض التظاهرات بأنها معادية لإسرائيل ومعادية للساميةإلا أن نائب رئيس المكتب الصحافي بشرطة برلين، مارتن دامز، قال في رد على ذلك: "إن شرطة برلين تتخذ موقفاً واضحاً ضد العنصرية والتنميط العنصري وترفض هذه الادعاءات".
وقال دامز في رد على أسئلة رصيف22: "بسبب الجرائم السابقة، مثل الإضرار بالممتلكات وجرائم الحرق المتعمد وانتهاكات قانون برلين لحرية التجمع، وكذلك لفرض الحظر الحالي على التجمعات، تنتشر شرطة برلين في المدينة. والهدف هو منع ارتكاب الجرائم والمخالفات الإدارية مرة أخرى".
أين نخرج غضبنا؟
في شارع الزونن آلي، انتقد محمد، 27 سنة، المنحدر من قرية لوبية الفلسطينية، تصرفات الشرطة الألمانية: "منذ بدء القصف على غزة، ونحن قلقون جداً لما يحدث، نتابع الأحداث المحزنة ونحن غاضبون، وليس لدينا القدرة على التعبير عن أنفسنا، ثم منعت التظاهرات هنا، مع ذلك انتشرنا في الشارع، لأننا نؤمن بحق التظاهر والتجمع السلمي، لكن الشرطة تواجهنا بأعداد كبيرة ويطلبون منا الرحيل، أي حرية هذه؟ وأي ديمقراطية؟".وقال عصام، 29 سنة، الذي يأتي من قرية حطين الفلسطينية: "انتشار الشرطة بهذه الأعداد الكبيرة، وتهديدهم لأي شخص يحمل علماً، أو يلبس كوفية يزيد غضب الناس، التي هي في الأصل غاضبة مما يحدث لأهلها في فلسطين، ويحد من حريتهم، أين نخرج غضبنا إذا لم يسمح لنا بالتظاهر؟".
"انتشار الشرطة وتهديدهم لأي شخص يحمل علماً، أو يلبس كوفية يزيد غضب الناس، التي هي في الأصل غاضبة مما يحدث لأهلها في فلسطين، فأين نخرج غضبنا إذا لم يسمح لنا بالتظاهر؟". عصام، فلسطيني مقيم في ألمانياوسمحت السلطات بعد أسبوعين من الاحتقان، بتظاهرة انطلقت من منطقة كرويزبرغ (أورانيون بلاتز) حتى نويكولن، عند شارع العرب، شارك فيها حوالى 5000 مناصر لفلسطين، رغم أن الشرطة منعت المنظمين من استخدام مكبر الصوت "بسبب هتافات مناهضة لإسرائيل"، حسب تعليقها.
كما سمحت السلطات بتظاهرات عديدة مؤيدة لإسرائيل، آخرها تظاهرة شارك فيها الآلاف في قلب العاصمة الألمانية، وبالقرب من رمزها الشهير، بوابة برلين، براندنبورغر تور، والتي حضرها الرئيس الاتحادي شتاينماير، الذي دعا جميع المواطنين/ات في كلمة ألقاها في التجمع إلى حماية الحياة اليهودية.
وسجلت الشرطة حادثة إلقاء زجاجتين تحتويان على سائل محترق في اتجاه الكنيس اليهودي وسط برلين، إلا أن الزجاجات تحطمت على الرصيف.
عنف في الشارع
شهد شارع العرب، الزونن آلي ذاته، بعد قصف مستشفى المعمداني في غزة تجمعات غاضبة على مدار عدة ليال، حدثت فيها بعض الاشتباكات بين المتظاهرين الذين استخدم عدد منهم المفرقعات النارية، والحجارة ضد الشرطة، بالإضافة لحرق عدد من حاويات القمامة في وسط الطريق، فيما منعت الشرطة التجمعات، ومنعت إشعال الشموع ذكرى لأرواح ضحايا المستشفى، واعتقلت عدداً من المتواجدين في الشارع.محمد، 47 عاماً، من مصر الذي كان هناك، قال لرصيف22: "أرى أنه من العنصرية السماح لكافة فئات المجتمع الألماني بالتظاهر والتعبير عن رأيها ولا يسمح لمن يناصر فلسطين بالتعبير عن ذلك، كما أنه ليس من الإنسانية أن نرى تعاملاً عنيفاً مع المتظاهرين/ات في الوقت الذي يقتل فيه أشقاؤهم وشقيقاتهم في غزة".
الناشط الإيراني حسين، 34 سنة، قال: "أنا هنا يومياً، دعماً لحرية التعبير، ووقوفاً ضد الحرب الشرسة التي تقودها إسرائيل على مدنيين ليس في يدهم الدفاع عن أنفسهم، فهي تقصفهم من الجو، وتمنع عنهم الكهرباء والماء، نحن مسالمون وأنا لا أؤمن بالعنف، وعلى السلطات الألمانية أيضاً التعامل معنا بسلمية، فالشارع يشهد يومياً هنا اعتقالات عنيفة".
وكانت وزيرة الداخلية الألمانية قد دعت لترحيل الأفراد المناصرين لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) من البلاد طالما كان ذلك ممكناً، مضيفة أنها لن تسمح بانتشار "الكراهية والعنف" في برلين، وطالبت المواطنين بالإبلاغ عن أي دعاية داعمة لحركة حماس، مؤكدة أن السلطات الألمانية ستراقب عن كثب "التهديدات المحتملة".
كما أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس أن بلاده ستحظر أنشطة حماس والمنظمات المرتبطة بها: "التي يحتفل أعضاؤها بأكثر الأعمال الإرهابية وحشية"، وأعلن تعليق المساعدات للفلسطينيين.
لا حقوق لنا
وُلد عمر، 29 عاماً، في ألمانيا، وهو في الأصل من قرية طبريا في فلسطين، قال: "أنا مولود في ألمانيا ولكنني لا أملك الجنسية الألمانية، ترفض الدولة الاعتراف بي كشخص له الحقوق ذاتها التي لدى بقية البشر. مطلوب مني الاعتراف بالكيان الذي يحتل بلدي فلسطين على أنه دولة، وعلي احترامها، وهذا ضد الحقيقة، وضد مبادئي وديني".وأشار عمر إلى ما يحدث في الشارع الألماني قائلاً: "لا يسمح لنا حتى بالتعاطف مع المدنينن والمدنيات والأطفال الذين يقتلون في غزة".
وشاركه في الحديث محمد، 20 سنة، من صفد: "أنا أيضاً مولود في ألمانيا، ولكن والديّ حصلا على الجنسية قبل مولدي، فحصلت عليها مباشرة، لم يتم سؤالي إذا ما كنت أعترف بإسرائيل كدولة، لأنني لا أعترف بها، واليوم قلبي ينفطر لما نراه في غزة، وأقل ما يمكن أن نقدمه، هو التظاهر في الشارع والتوجه للدولة الألمانية للمساهمة في إيقاف هذه الحرب البشعة".
في الشارع ذاته، وفي زاوية أخرى، وقف طارق، 28 سنة، وعبدالله، 27 سنة، هما الاثنان مولودان في مخيم عين الحلوة في لبنان كلاجئين فلسطينيين من طبريا، يرتديان الكوفية الفلسطينية ويرددان: "الحرية لفلسطين"، قال طارق: "وصلت لألمانيا قبل تسع سنوات، وحتى اليوم وأنا شخص غير معترف به في الدولة الألمانية"، وأخرج طارق ورقة منحتها إياه إدارة المهاجرين في ألمانيا مكتوب فيها "غير معرّف" ويعاود الحديث: "قالت لي الموظفة في إدارة الهجرة: سنعيدك لبلدك، قلت لها: أتطلع لذلك، فأنا لم أر فلسطين قط، لبنان ليست بلدي، أنا لاجئ هناك كما أنا هنا، فقالت لي ليست هناك بلد اسمها فلسطين، وأعطتني هذه الورقة".
بالوثيقة التي يحملها طارق وأيضاً صديقه عبدالله، لا يستطيعان العمل أو استئجار منزل، ولا يمكنهما اليوم التظاهر.
خرق للقيم الديمقراطية
تعليقاً على قصص هؤلاء الشباب، قال قاسم المصري، ناشط من حركة فلسطين بتحكي: "قامت الدولة الألمانية بالفعل بسحب إقامات العشرات من اللاجئين/ات الفلسطينيين/ات في ألمانيا على خلفية مواقفهم السياسية وحضور تظاهرات من أجل فلسطين، حتى الإعلام الألماني لا ينكر هذه الحقيقة ويطالب بمزيد من الحزم والترحيل الجماعي على خلفية هذه الاتهامات، ولا تزال تعلو الأصوات اليمينية التي تطالب بتغيير صارم وعنصري لقوانين منح الإقامات والجنسية الألمانية"."سحبت الدولة الألمانية إقامات العشرات من اللاجئين/ات الفلسطينيين/ات في ألمانيا على خلفية مواقفهم السياسية، حتى الإعلام الألماني لا ينكر هذه الحقيقة بل يطالب بمزيد من الحزم والترحيل". قاسم المصري، ناشط من حركة فلسطين بتحكيوأضاف المصري في حديث لرصيف22: "إن تعامل الشرطة مع المظاهرات المتضامنة مع فلسطين يشكل تجاوزاً قانونياً غير مسبوق وخرقاً جدياً للقيم الديمقراطية التي تدعي الدولة الألمانية الدفاع عنها، لكن الوقاحة المصاحبة لهذه الإجراءات التعسفية واللاقانونية، تحمل في طياتها سياسة عنصرية واضحة واستغلالاً لسلطة الدولة لتعليق حقوق الأقلية الفلسطينية في ألمانيا".
وعما إذا كانت التظاهرات تتسم بمعاداة السامية كما تتهمها السلطات الألمانية قال المصري: "هذا الاتهام عار عن الصحة، وهو الإسقاط المستمر لعنصرية الدولة والمؤسسات على الفلسطينيين/ات والعرب والمسلمين/ات. أكثر من 96٪ من الهجمات المعادية للسامية في ألمانيا يقوم بها اليمين الألماني، والـ4٪ المتبقية لا تعود إلى فلسطينيين/ات أو عرب، لكن سياسة الدولة الألمانية التي لم تتعامل يوماً مع تاريخها العنصري والاستعماري تحاول جاهدة إسقاط هذا الاتهام على الفلسطينيين/ات".
لا تزال السلطات في ألمانيا تتعامل مع القضية الفلسطينية على أنها قضية غير محقة، وهذا يمتد لسنوات طويلة، حتى إن برلين كانت قد منعت هذا العام أحياء ذكرى النكبة التي كان مُخططاً لها بين 13 و15 مايو/أيار، إلا أن برلين وبعض الولايات الأخرى قد بدأت تسمح بإقامة المظاهرات المرخصة لأجل فلسطين، فأقيمت يوم أمس 28 أوكتوبر/تشرين الأول، أكبر مظاهرة إلى حد اليوم من أجل فلسطين، وسط العاصمة برلين، احتشد فيها أكثر من 10 آلاف شخص يهتفون من أجل حرية فلسطين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يوميناوجدتي أدلة كثيرة للدفاع عن الشر وتبيانه على انه الوجه الاخر للخير لكن أين الأدلة انه فطري؟ في المثل الاخير الذي أوردته مثلا تم اختزال الشخصيات ببضع معايير اجتماعية تربط عادة بالخير أو بالشر من دون الولوج في الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والمستوى التعليمي والثقافي والخبرات الحياتية والأحداث المهمة المؤسسة للشخصيات المذكورة لذلك الحكم من خلال تلك المعايير سطحي ولا يبرهن النقطة الأساسية في المقال.
وبالنسبة ليهوذا هناك تناقض في الطرح. اذا كان شخصية في قصة خيالية فلماذا نأخذ تفصيل انتحاره كحقيقة. ربما كان ضحية وربما كان شريرا حتى العظم ولم ينتحر إنما جاء انتحاره لحثنا على نبذ الخيانة. لا ندري...
الفكرة المفضلة عندي من هذا المقال هي تعريف الخير كرفض للشر حتى لو تسنى للشخص فعل الشر من دون عقاب وسأزيد على ذلك، حتى لو كان فعل الشر هذا يصب في مصلحته.
Mazen Marraj -
منذ يومينمبدعة رهام ❤️بالتوفيق دائماً ?
Emad Abu Esamen -
منذ 3 أياملقد أبدعت يا رؤى فقد قرأت للتو نصاً يمثل حالة ابداع وصفي وتحليل موضوعي عميق , يلامس القلب برفق ممزوج بسلاسة في الطرح , و ربما يراه اخرون كل من زاويته و ربما كان احساسي بالنص مرتبط بكوني عشت تجربة زواج فاشل , برغم وجود حب يصعب وصفه كماً ونوعاً, بإختصار ...... ابدعت يا رؤى حد إذهالي
تامر شاهين -
منذ 4 أيامهذا الابحار الحذر في الذاكرة عميق وأكثر من نستالجيا خفيفة؟
هذه المشاهد غزيرة لكن لا تروي ولا تغلق الباب . ممتع وممتنع هذا النص لكن احتاج كقارئ ان اعرف من أنت واين أنت وهل هذه المشاهد مجاز فعلا؟ ام حصلت؟ او مختلطة؟
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممن المعيب نشر هذه الماده التي استطاعت فيها زيزي تزوير عدد كبير من اقتباسات الكتاب والسخرية من الشرف ،
كان عيسى يذهب إلى أي عمل "شريف"،
"أن عيسى الذي حصل على ليسانس الحقوق بمساعدة أخيه"
وبذلك قلبت معلومات وردت واضحة بالكتاب ان الشقيق الاصغر هو الذي تكفل بمساعدة اهله ومساعدة اخيه الذي اسكنه معه في غرفه مستأجره في دمشق وتكفل بمساعد ته .
.يدل ذلك ان زيزي لم تقرأ الكتاب وجاءتها المقاله جاهزه لترسلها لكم
غباءا منها أو جهات دفعتها لذلك
واذا افترضنا انها قرأت الكتاب فعدم فهمها ال لا محدود جعلها تنساق وراء تأويلات اغرقتها في مستنقع الثقافة التي تربت عليها ثقافة التهم والتوقيع على الاعترافات المنزوعه بالقوة والتعذيب
وهذه بالتأكيد مسؤولية الناشر موقع (رصيف 22) الذي عودنا على مهنية مشهودة
Kinan Ali -
منذ 4 أيامجميل جدا... كمية التفاصيل مرعبة...