"لا أملك شيئاً سوى الدعاء لعائلتي وأهلي في غزة في الوقت الحالي. إنهم يعيشون وضعيةً إنسانيةً صعبةً مع تواصل القصف، وانقطاع الماء والكهرباء، وتراجع كميات الغذاء"؛ تقول ريمان بارود، وهي طالبة فلسطينية في تونس، متحدّرة من قطاع غزة.
تعيش عائلة ريمان في حي الكرامة شمال قطاع غزة، الذي تعرض لقصف مدمّر بمئات الصواريخ الإسرائيلية قبل نحوِ أسبوع، ما نتج عنه نزوح مئات العائلات و"استشهاد" العشرات معظمهم من النساء والأطفال.
أبحث عنهم في قائمة "الشهداء"
تؤكد ريمان في حديثها إلى رصيف22، أن عائلتها نزحت إلى جنوب غرب غزة، بحثاً عن ملاذٍ آمنٍ بعد أن قصف الاحتلال البناية التي يعيشون فيها، وأنها منذ خروجهم من الحي لم تتمكن من التواصل معهم.
تقول محدثتنا بصوت حزين: "منذ خروج عائلتي إلى الجنوب فقدت الاتصال بهم. أشعر بالعجز وقلبي ينفطر ألماً مع تزايد القصف أيضاً في جنوب غزة، وحديث وسائل الإعلام عن مجازر بشعة يرتكبها الاحتلال هناك".
أخاف كثيراً من أن تأتي اللحظة التي أجد فيها عائلتي أو المنطقة التي تتواجد فيها في عناوين الأخبار واسمهم في "قوائم الشهداء"
تضيف: "لا شيء أفعله سوى متابعة نشرات الأخبار لحظةً بلحظة، والبحث عن أسماء الأحياء السكنية التي تتعرض للقصف، وعن أسمائهم في "قوائم الشهداء". أخاف كثيراً من أن تأتي اللحظة التي أجد فيها اسم عائلتي أو المنطقة التي تتواجد فيها في عناوين الأخبار".
تتابع: "أصلاً عائلتي ونصف سكان غزة لا تصلهم أخبار القطاع، ولا يعرفون عنه شيئاً في ظل تواصل انقطاع الكهرباء وشبكة الإنترنت. أرسل لهم الأخبار على مجموعة واتساب العائلية، وكلّي أمل أن يقرؤوها عندما تعود الشبكة".
أشعر بالعجز... ليتني معهم!
يتابع ياسر الدبابشة، وهو صحافي فلسطيني مقيم في تونس، هو الآخر أخبار الحرب على غزة في نشرات الأخبار. فهو أيضاً فقد الاتصال بعائلته في الأيام الأخيرة. يحكي عن هذا الوضع قائلاً: "أشعر بالعجز وأنا أشاهد أهل مدينتي يتعرضون لحرب إبادة ممنهجة من قبل الاحتلال الإسرائيلي".
ويضيف الدبابشة، في حديث إلى رصيف22: "ينتابني شعور بالحزن والعجز وأتمنى لو أنني كنت مع عائلتي لنلقى المصير نفسه عوض بقائي بعيداً أتابع أخبارهم في نشرات الأخبار ولا يمكنني التواصل معهم بشكل دوري".
علم ياسر "باستشهاد" أفرادٍ من عائلته، في حين ظل البقية مشردين دون مأوى أو ملجأ آمن يحميهم من هجمات الاحتلال المدمّرة.
ويصف الصحافي الفلسطيني المجازر الذي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بالمروعة قائلاً "إن غزة تتعرض لجريمة إبادة ممنهجة وسط صمت دولي".
أمي فقدت عينها... إنه النصيب
عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أطلق الطبيب الفلسطيني المقيم في تونس حسن الزين، نداء استغاثة لوزير الصحة التونسي علي مرابط، من أجل التدخل لتسهيل إجراءات نقل والدته من غزة إلى تونس، بعد إصابتها بشظية في رأسها فقدت على إثرها عينها.
يقول حسن الزين، وهو طبيب متخصص في طب القلب والشرايين في مستشفى الرابطة في تونس، لرصيف22، إن وزير الصحة والهلال الأحمر التونسي تجاوبا مع طلبه، ووعدوه بنقل والدته وعشرات الجرحى الفلسطينيين لتلقّي العلاج في تونس، فور توافر الظروف الملائمة لذلك.
يضيف: "للأسف أختي وزوجها وابنها استشهدوا، وأصيبت أمي بشظية في رأسها فقدت على إثرها عينها وجزءاً من أنفها بعد أن قصف الاحتلال الغاشم منزلنا في جباليا".
ينتابني شعور بالحزن والعجز وأتمنى لو أنني كنت مع عائلتي لنلقى المصير نفسه عوض بقائي بعيداً أتابع أخبارهم
يواصل حديثه: "خضعت والدتي لتدخّل جراحي وأُخرجت شظية من رأسها، وغادرت المستشفى بعد يوم واحد من إجراء العملية برغم أن وضعها الصحي لا يسمح بذلك. ماذا نفعل؟ إنه النصيب".
نزحت عائلة حسن من الشمال إلى الجنوب، وهي الآن دون مأوى بعد تدمير منزلهم بالكامل، كغيرهم من مئات العائلات في قطاع غزة الذين يعيشون حياةً صعبةً دون طعام وكهرباء وماء وتحت القصف المستمرّ.
يقول حسن إن ما يحدث في غزة أثّر كثيراً على حياته، وإنه لم يعد قادراً حتى على الذهاب إلى العمل، خصوصاً بعد قصف منزل عائلته، وهو منهمك طوال اليوم في متابعة أخبار بلاده في نشرات الأخبار والدعاء لأهله".
مظاهرات شعبية حاشدة في تونس
منذ بدء عملية طوفان الأقصى، تعيش شوارع تونس ومحافظاتها، على وقع تحرّكات احتجاجية شعبية دعماً للشعب الفلسطيني، ورفضاً للعدوان الذي يستهدف الأبرياء في قطاع غزة.
وبعد ساعات من قصف الاحتلال مستشفى المعمداني في غزّة، توقفت الدروس في كافة المعاهد والجامعات في تونس، وغصّت الشوارع بآلاف الطلبة والتلاميذ الذين تظاهروا أمام السفارات وفي الساحات العامة تنديداً بالمجزرة البشعة التي خلّفت "500 شهيد".
في السياق ذاته، دعا وزر الخارجية التونسي، نبيل عمّار، في كلمة ألقاها في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، الدول الإسلامية إلى توحيد الجهود للتحرّك العاجل لإدانة هذه الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والتي يرتكبها الاحتلال في غزة.
منذ بدء عملية طوفان الأقصى، تعيش شوارع تونس ومحافظاتها، على وقع تحرّكات احتجاجية شعبية دعماً للشعب الفلسطيني
وقال الوزير: "أمام هذه الإبادة الجماعية التي تقترفها سلطة الاحتلال، بات الصمت جريمةً موصوفةً، والمجتمع الدولي مطالب الآن، أكثر من أيّ وقت مضى، بتحمل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية في فرض الوقف الفوري للعدوان الغاشم واللا إنساني ضد الفلسطينيين".
كما دعا إلى "ضرورة مواجهة الآلة الإعلامية الصهيونية المضلّلة والقنوات العالمية المنحازة إليها، والتي تقوم بتشويه الحقائق وتبرير ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الأبيّ من قتل وتشريد ومخططات تهجير".
على صعيد متصل، كشفت تقارير إخبارية أن لجنة الحقوق والحريات في البرلمان التونسي، بدأت رسمياً بمناقشة مشروع قانون لتجريم التطبيع مع إسرائيل، للوصول إلى صياغة مشتركة من مختلف المبادرات التي تمّ تقديمها ضمن هذا المسار.
وحسب ما أوردته إذاعة "موزاييك" المحلية، فإن "هناك شبه إجماع داخل اللجنة على ضرورة التسريع في وضع صياغة نهائية لمشروع القانون في انتظار عرضه على مكتب المجلس، وتعيين جلسة عامة لعرضه على التصويت".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...