"أجبرني على النوم مع صديقه مقابل نومه مع زوجته"؛ هذا ما تقوله "فتك" (33 سنةً)، من مدينة الصدر في بغداد، وتقيم الآن في مدينة السليمانية في إقليم كردستان، بعد هروبها من زوجها "حساني"، الذي اقترنت به سنة 2000، وهي في العاشرة من عمرها، وأنجبت منه أربعة أبناء.
تصفه بالأمّي الذي لا يعرف القراءة ولا الكتابة، وآثار ندوب مشاجراته منذ صغره بادية على وجهه، ولا يعمر في عمل مطلقاً، وفوق ذلك هو مدمنٌ على الخمر. لم يكن لديها من خيار سوى مواصلة حياة الفقر معه من أجل أطفالها، وهذا لم يدُم طويلاً، وفقاً لروايتها.
أواخر 2019، طلب منها أن تتعرى، وتتخذ أوضاعاً غريبةً على حد قولها، لكي يلتقط لها صوراً. تبرّر قبولها بأن رفضها كان سينعكس على أولادها، وأحدهم تلميذ في الابتدائية، واثنان منهم بائعون جوّالون، وابنتها. "كلما تشاجرت معه، يضربني، ويضربهم، ويطردهم من البيت"، تضيف.
في 2020، خلال فترة الحظر بسبب فيروس كورونا، طلب منها زوجها ذات ليلة زيارة صديق له يسكن في منطقة الحسينية، وأخذها إلى هناك بواسطة "توك توك". لا تستطيع نسيان تلك الليلة مطلقاً. ترفض بادئ الأمر الحديث في الأمر. تبكي بحرقة، ثم تتمالك نفسها، وتصرّ على سرد حكايتها.
"كانت زوجة صديقه، ترتدي ثياباً لا يمكن أن تظهر بها إلا في غرفة النوم، وجلبت لي ثوباً زهري اللون، وطلبت مني ارتداءه، وقالت إنه المفضل لدى زوجها. لم أفهم ما تعنيه. دخلت إلى الحمام وأردت إرسال رسالة إلى حساني عبر الهاتف لأني لم أرَه بعد دقائق من دخولنا المنزل، لأقول فيها إنني أريد مغادرة المكان وإلا فسأتصل بأشقائي، وإذا بصديقه يدخل الحمام ويغلق الباب وراءه".
لم تستطع مقاومته. كان ضخماً وعنيفاً، على حد وصفها. اغتصبها مرتين متتاليتين، وفي كل مرة كانت تريد فيها الصراخ كان يضربها. وعندما انتهى وسمح لها بالخروج، ركضت تبحث عن زوجها، فوجدته في غرفة النوم يمارس الجنس مع زوجة صديقه.
هددها صديق زوجها بأن لديه مقاطع فيديو لها وهي عارية، وأنه سينشرها إن هي تفوّهت بشيء، أو لجأت إلى الشرطة أو إلى أشقائها. أما زوجها، فأخبرها بأنه مستعدّ لقتلها غسلاً للعار بسبب الفيديوهات التي كان هو من صوّرها بنفسه، على حد قولها، وهكذا رضخت للتبادل مراراً
هددها صديق زوجها، بأن لديه صوراً ومقاطع فيديو لها وهي عارية، وأنه سينشرها إن هي تفوّهت بشيء أو لجأت إلى الشرطة أو إلى أشقائها. أما زوجها، فأخبرها بكل هدوء، بأنه مستعد لقتلها غسلاً للعار بسبب الصور والفيديوهات التي كان هو من صوّرها بنفسه، على حد قولها، وهكذا رضخت لما أراده مرات عديدةً.
لا يمكن وصف تبادل الزوجات بالظاهرة المستشرية في العراق، إذ لا توجد جهة رسمية تقدّم إحصائيات بشأن أعدادها، والمجتمع بنحو عام يتعامل معها وكأنها غير موجودة، لاعتبارات دينية وعشائرية. إلا أن جهات أمنيةً وقضائيةً تؤكد وجودها، وكذلك ناشطين مدنيين يشيرون إلى تزايد حالاتها خلال السنوات الأخيرة.
المركز الإعلامي في مجلس القضاء الأعلى، كشف عن تشكيل لجنة بالأمر القضائي المرقم (711/ مكتب/ 2021)، بناءً على طلب قُدّم من قبل اللواء سعد معن، رئيس خلية الإعلام الأمني، بعد أن تم رصد العديد من الحالات "المرفوضة اجتماعياً وأخلاقياً في مواقع التواصل الاجتماعي، مثل الدعوة إلى تبادل الزوجات والحثّ على الإلحاد وممارسة أعمال الدعارة والترويج لأفكار تتنافى مع ثوابت الإسلام المنصوص عليها في دستور جمهورية العراق لسنة 2005، والذي أكد على الحفاظ على الهوية الإسلامية في المادة (2) منه معتبراً الإسلام دين الدولة الرسمي".
بالعودة إلى فتك، فإن هروبها إلى السليمانية لم يكن بسبب ما حدث لها فقط، بل لما تعرضت له ابنتها (15 سنةً)، إذ زُوّجت لابن عم لها، وهذا الأخير قام باستبدالها مع زوجة صديق له، ذات ليلة، فحاولت الانتحار بتناولها كميةً كبيرةً من الأدوية التي عثرت عليها في البيت، وتم إنقاذها في اللحظات الأخيرة، على حد قول الأم.
وتضيف فتك: "استنجدت بي، وطلبت مني أن نهرب معاً وإلا فإنها ستُقدم على الانتحار مجدداً، خاصةً بعد أن انكشف الأمر، وعرفنا بأن تبادل الزوجات أمر شائع في أسرة حساني وأعمامه، ولهذا كان عليّ التفكير واتخاذ القرار لإنقاذها، وهكذا هربنا أنا وهي، وجئنا إلى الإقليم".
الفقر والجهل
مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب العطية، يؤكد وجود "مجاميع سرّية" في العراق، تنشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في ما يُعرف بتبادل الزوجات، ويقول إن أفرادها يتوخّون الحيطة خوفاً من افتضاح أمرهم وملاحقتهم قانونياً.
وذكر أن العديد من النساء راجعن دائرته، وشكين من الأمر، لكنهن امتنعن عن تقديم أوراقهن للقضاة، خوفاً من أمور عديدة: "أولها اعتداء الأزواج، أو التعرض للقتل أو الانفصال، وحرمانهن من أطفالهن".
ودعا إلى تشريع قانون يعاقب بالدرجة الأولى المروّج لتبادل الزوجات، ويقول: "الحالات الفردية والمحصورة بنحو ضيق بين بيوتات معيّنة، لا تشكل الخطورة ذاتها، مقارنةً بمن يروّج لتبادل الزوجات ويجمّلها في نظر البعض".
الكاتبة والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة منار الجابر، تقول إن ما تسمّيها بظاهرة تبادل الزوجات موجودة في العراق، ولا سيما في السنوات الأخيرة، وتتم الدعوة إلى ذلك في الغالب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال عرض بعض الأزواج صوراً لزوجاتهم في مجاميع خاصة، تحمل أسماء مثل: "تبادل العراق"، "البدلي"... وغيرهما.
وتُبيّن: "يكتبون شروحات توضيحيةً مع الصور، مثل هذه زوجتي، تبلغ من العمر كذا سنوات، أرغب في استبدالها بواحدة متزوجة بعمر كذا. نحن زوجان من المحافظة الفلانية وهكذا... ثم يجري نقاش بين الأزواج في كيفية إقناع زوجاتهم، ويجرون اتفاقاتهم".
وترى منار، أنها رصدت حالات تبادل زوجات في المناطق الفقيرة التي تنعدم فيها الخدمات، وينخفض فيها مستوى التعليم، وأن من يقومون بذلك يعتقدون بأنهم أصبحوا بسلوكهم هذا "منفتحين".
وتستدرك: "بعض الحالات تكون بموافقة الزوجة ورضاها الكامل، وفي الغالب تُرغم على القيام بالفعل من قبل الزوج، وعملية المبادلة تكون في العادة لليلة واحدة أو لليالٍ عدة".
إهمال برلماني
القاضي رحيم العكيلي، يذكر أن تبادل الزوجات "قد يقع برضا الأزواج الأربع، ولا يكون بتحريضٍ أو إجبارٍ من الزوج بالضرورة، وإلا فإن القول بتجريم تبادل الزوجات وفقاً للجريمة الموصوفة في المادة 380 من قانون العقوبات، يجعلها غير واقعة إلا إذا كانت بتحريض من الزوجين على زوجتيهما فقط"، ويبيّن: "تبادل الزوجات لا ينهض كجريمة إذا وقع برضا الأربع، ولا يقع أيضاً إذا وقع التبادل بتحريض من الزوجتين، أو من إحداهن".
ويشير إلى أن هذه الحالات تم رصدها من قبل القوات الأمنية في إقليم كردستان، لأشخاص وصلوا إلى هناك عبر السفرات السياحية من بغداد وغيرها من المحافظات. ويضيف: "العراقيون يتحدثون عن هذه الحالات بكثرة، ولا يذكرون المحافظات حفاظاً على سمعتها الدينية، بل يحاولون نكرانها".
ويعلّق العكيلي، على أحكام أصدرتها المحاكم العراقية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بقوله: "نحن بحاجة ماسة إلى مشاورة الخبراء القانونيين المتخصصين وتشريع مواد قانونية ملائمة لهذا الفعل، من أجل حماية الأسرة".
ويعتقد بأن المهم هو حماية النساء من هذه الظواهر: "من أجل ألا تكون الزوجة ضحية رجل مستهتر"، ويعني بذلك الزوج، ويتابع: "في قضايا مثل هذه، تعاني الزوجة من عبء الإثبات، والسبب واضح، لأن الأمور الجنسية تحدث في الخفاء، لذا فمن الضروري توفير الآليات الحديثة، ليتم اتّباعها في التحقيقات أسوةً بالبلدان المتطورة، مثل توفير كوادر نسوية مدرّبة في مراكز الشرطة من أجل التحقيقات التي تخص مشكلات الزوجات".
ويلفت القاضي العكيلي، إلى أنه قدّم العديد من الدعوات لمجلس النواب العراقي من أجل مناقشة ظواهر قال إنها "تفتك بالمجتمع العراقي، وتلوث الأسر وتهدم منظومتها". ويستدرك: "لكن من الواضح أن مجلس النواب غير مهتم بالأمور المجتمعية، ويمضي وقته في تقسيم الكعكة الحزبية، لذا من الطبيعي أن نواجه هذه المشكلات، إذا لم يتم اقتلاع جذورها".
عضوة لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية السابقة، ريزان الشيخ دلير، تعدّ تبادل الزوجات شذوذاً جنسياً، ومرضاً اجتماعياً نفسياً يستدعي العلاج.
وترى دلير، أن الكثير من المشكلات المتعلقة بالمرأة يتم إخفاؤها وعدم التصدّي لها، وتقول إن "المرأة ضحية في كل الأحوال وتتم المتاجرة بها في مثل هذه الحالات، كونها الدائرة الأضعف"، وهي التي تعاني من العواقب، وتُجبر على ما يطلبه الزوج، و"إن رفضت يتم قتلها بداعي غسل العار".
وتتهم الأحزاب الإسلامية برفض القوانين التي تحمي المرأة: "لكي تكون سلعةً بأيديهم، ولهذا يمتنع ممثلوها في مجلس النواب عن تشريع قانون العنف الأسري الذي يحمي المرأة، وكل التجاوزات على حقوقها الإنسانية كزواج المتعة وتزويج القاصرات وغيرهما".
وتفسر سبب لجوء الكثير من النساء المعنّفات من محافظات العراق الجنوبية والوسطى إلى إقليم كردستان بالقول: "لا توجد دور إيواء في أغلب تلك المحافظات، وفي بعض الأحيان يتم إيداع النساء المعنّفات في مراكز التوقيف لحمايتهن، بينما تتوفر في الإقليم 'شلاتر'، وهي دور إيواء لحماية النساء، ويتم توفير فرص عمل لهن لبدء حياة جديدة".
أحكام قضائية
المحاكم العراقية سجّلت دعاوى بخصوص تبادل الزوجات، إحداها في 19 نيسان/ أبريل 2022، إذ أصدرت محكمة جنايات الناصرية، في محافظة ذي قار، في ذلك اليوم، حكماً بالسجن 15 سنةً، بحق شخص أُدين بممارسة تبادل الزوجات مع أطراف آخرين، في منزل وسط مدينة الناصرية.
وذكر مصدر قضائي، أن زوجة المدان تقدمت بشكوى ضده لدى محكمة الجنايات في منطقة استئناف الناصرية، وفقاً لأحكام قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، دون تقديم مزيد من التوضيحات.
معدّة التقرير حصلت عن طريق أحد القضاة، على حكم صادر من محكمة عراقية في شهر تموز/ يوليو 2022، وطلب القاضي عدم الإشارة إلى اسمه، وإخفاء اسم المحكمة والأطراف الواردة أسماؤهم فيه أو أسماء ممثليهم القانونيين.
ورد في حيثيات الحكم، أن الجنس الذي يحصل بين المتهمين لدى تبادل الزوجات إنما هو خروج عن القيم والنواميس التي تحفظ كيان الأسرة، بما في ذلك العلاقة الزوجية بين الزوجين، وهي جريمة وفقاً للقانون وأحكام الشرائع السماوية، كونها تشكّل خطراً على منظومة الأخلاق العامة في المجتمع العراقي، وتهدف إلى نشر الفسق والفجور والترويج لأخلاق هدّامة تتنافى مع الالتزام الديني والأخلاقي، المنصوص عليه في أحكام القانون والشرائع السماوية، التي تجرّم فعل الزنا.
وتم تعريف تبادل الزوجات في نص القرار بأنه: "قيام أحد الأشخاص بإعطاء زوجته إلى شخص آخر لممارسة العمل الجنسي معها، مقابل قيامه بالعمل الجنسي مع زوجة ذلك الشخص"، وأن الفعل هذا يدخل ضمن مفهوم السمسرة التي عرّفها المشرّع العراقي في قانون مكافحة البغاء رقم 8 لسنة 1988، بأنها "وساطة بين شخصين أو أكثر بقصد تسهيل فعل البغاء، بأية طريقة كانت".
لذلك، استند الحكم إلى أن تبادل الزوجات لغرض ممارسة العمل الجنسي ما هو إلا انتفاع متبادل، وهو بمثابة الأجر، وليس بالضرورة أن يكون الأجر بمقابل مادي، بل من الممكن أن يكون مقابل الانتفاع المتقابل بالممارسة الجنسية، أي منفعة مقابل منفعة، أو متعة مقابل متعة، على حد ما جاء في القرار.
المحامية إسراء عليوي الحداد، رئيسة لجنة المحاميات في غرفة المحامين في محكمة البياع في العاصمة بغداد، تؤكد نظر المحاكم خلال السنوات الأخيرة المنصرمة وبنحو متزايد في دعاوى متعلقة بتبادل الزوجات.
وتقول إن أغلب المتقدمات بشكاوى، هن من ذوات المداخيل المحدودة وتنتشر هذه الحالات بكثرة في المناطق العشوائية، بمعنى أن الفقر والجهل هما الدافعان الرئيسيان.
وتشير إلى أن هنالك ما وصفتها بالثغرة القانونية في المادة 409 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، أو كما أسمتها بمادة الشرف (غسل العار)، لأنها "سلاح بيد الرجال ضد النساء، يستخدمونها متى شاؤوا، ويهددونهن بها متى أرادوا".
وتذكر أن البعض منهم يهددون زوجاتهم بالقتل بعد اختلاقهم أدلةً ضدهن، في حال لم يرضخن لميولهم ونوازعهم، مثل مبادلتهنّ بنساء أشخاص آخرين، على حد تعبيرها.
وتوضح: "منهم من يرسلون رسائل غراميةً من هواتف زوجاتهم إلى صديق أو شخص آخر يريد مبادلتها بزوجته، أو يصوّرها عاريةً، أو يساعد ذلك الشخص للدخول إلى منزله ليحاول اغتصاب زوجته فيقوم بتصوريهما، ويهددها بتلك الصور"، وتقول الحداد إنها اطّلعت على حيثيات دعاوى مماثلة.
العديد من النساء اللواتي خضن تجربة تبادل الزوجات، يكتفين باستشارة محاميات بشأن وضعهن القانوني وما يمكنهنّ الحصول عليه في حال رفعن دعاوى ضد أزواجهنّ، إلا أن غالبيتهنّ يتوقفنّ عند هذا الحد فقط دون المضي في الشكوى
وتؤكد الحداد أن العديد من النساء اللواتي خضن تجربة تبادل الزوجات، يكتفين باستشارة محاميات بشأن وضعهن القانوني وما يمكنهن الحصول عليه في حال رفعن دعاوى ضد أزواجهن، إلا أن غالبيتهن يتوقفن عند هذا الحد فقط دون المضي في الشكوى.
والسبب وفقاً للمحامية: "الخوف على سمعتهن أو عدم امتلاكهن أدلةً كافيةً، وعدم ثقتهنّ بعائلاتهن، لأن أقاربهن قد يلجؤون أيضاً إلى قتلهن غسلاً للعار، كما أنهن يتعرضن للتحرش خلال سير الشكوى في مراحل التحقيق وغيرها، لأن البعض ينظر إليهن على أنهن مومسات. ولهذا يفضّلن السكوت أو الطلاق خشية الفضيحة".
وتلفت المحامية إلى أن مبادلي الزوجات لديهم مجاميع خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، يتم خلالها تعليم الأزواج الجدد على الأمر، وعلى طرائق إقناع زوجاتهم، ويضعون عادةً شرطاً أساسياً، هو أن تكون الزوجة مقتنعةً بفكرة التبادل. وتستدرك: "في جميع الأحوال هم يستغلون المرأة ويستخدمونها لإرضاء شهواتهم".
وهي تعتقد بأن من المهم جداً أن تتحرك منظمات المجتمع المدني والناشطون، نحو المناطق العشوائية والأشد فقراً، لتمكين النساء اقتصادياً هناك أولاً، ومن ثم توعيتهنّ ضد ممارسات خطأ قد يمارسنها دون علم أو دراية أو رغماً عنهن، ليعرفن حينها كيف يتخلصن من ذلك عبر القضاء.
المحامي وليد عبد الحسين جبر، من بغداد، يقول إنه ومن خلال اطّلاعه على العديد من القضايا، لمس وجود إجبار واقع على الزوجات للقيام بالتبادل، وإن غالبيتهن لم يفعلن ذلك بمحض إرادتهن، لذلك لجأن إلى إقامة دعاوى التفريق.
وينبّه إلى أنهن لا يستطعن تقديم الإثبات المباشر لواقعة تبادل الأزواج، فيُقمن دعاوى التفريق وتقديم التبادل كسبب، ويؤكد ما قاله القاضي رحيم العكيلي، من أن قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969، لم يجرّم تبادل الزوجات إلا حينما يكون في صيغة تحريض من الزوج لزوجته على ممارسة الزنا: "أما أن يوافق الأزواج دون تحريض من أحد، فلا نص يجرّم ذلك ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وهنا الطامة الكبرى"، يقول مبدياً استغرابه.
ويستشهد بالمادة 378 من القانون نفسه: "لا يجوز تحريك دعوى الزنا ضد أي من الزوجين أو اتخاذ أي إجراء فيها إلا بناءً على شكوى الزوج الآخر، فإذا لم يتقدم أحد الزوجين بشكوى فلا أحد يستطيع اتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص هكذا جرائم".
أمراض جنسية
طبيبة نسائية من بغداد، طلبت عدم الكشف عن اسمها، تذكر أن هنالك مريضات راجعنها في عيادتها، كنّ يعانين من أمراض جنسية، وأن بعضهن "أقررن بدخولهن في علاقات جنسية محرّمة ومشتركة وبموافقة أزواجهنّ".
تقول الطبيبة إن قسماً منهن كنّ يشكين من التهابات نسائية حادة، وإفرازات مهبلية بألوانها المتنوعة (خضراء، وخضراء مصفرّة)، "نتيجةً لالتهاب داء المشعرات (trichomoniasis) وهو نوع من الالتهابات المهبلية ينتقل عبر ممارسة الجماع، وغيرها من الالتهابات الجنسية وتزيد عن ثلاثين نوعاً مختلفاً مثل البكتيريا والفيروسات، وأخطر الأنواع فيروس الكبد، وفيروس العوز المناعي والحليمي البشري".
وتشير إلى إمكانية تعرضهن للعدوى الناشئة التي يمكن أن تنتقل عبر الاتصال الجنسي مثل "جدري القردة، والشيغيلية والسونية، والنيسرية، وغير ذلك".
وتروي الطبيبة بشيء من الانفعال قصة مريضة في العشرين من عمرها راجعتها ثلاث مرات، بعد تأكيدها أن سردها للقصة يعارض مبدأ عدم إفشاء الطبيب لأسرار مرضاه، إلا أنه "عليّ سرد هذه القصة لتحذير النساء وقبلهن المجتمع من بعض الممارسات المخفية".
وتتابع: "كانت تعاني من التهاب حاد، فأخبرتها بعد الكشف، بأن تمتنع عن المواقعة في فراش الزوجية إلى حين شفائها، فأخبرتني بأن زوجها يستبدلها بزوجات أولاد عمه مرّتين في الأسبوع على الأقل".
المريضة طلبت من الطبيبة أن تخبر زوجها بحالتها، لأنه لم يكن يصدّقها كلما أخبرته بأنها مريضة، وكان يتهمها بأنها تقف في طريق متعته وجلسات السمر التي يقيمها مع أولاد عمومته. وتلفت الطبيبة إلى أنها سألتها عن سبب بقائها في ذمته وعدم لجوئها إلى الطلاق أو الجهات الأمنية أو أقربائها، فأجابتها بأنها يتيمة الوالدين، وليس لديها سوى عمّتها وهي كبيرة في السن، وأن زوجات أولاد أعمام زوجها الأثرياء، لديهن أسباب مختلفة للقبول بواقعهن، إذ إنهن لا يرغبن في ترك حياة الرخاء التي يعشنها، ولا مشكلة لديهن في نسب أبنائهن، ما دام النسل واحد، من أولاد عمومة!".
وتعلّق الطبيبة على ذلك: "الأطفال لا يكونون عائقاً أمام بعض الأزواج، من ممارسي مثل هذه العادات الشاذة والمحرمة، فسواءً كانوا من نسلهم أم من نسل مختلط، فلن يهتموا مطلقاً. من يسمسر بزوجته مقابل متعة جنسية بأخرى، لن يكترث بشيء، وتنتشر بينهم أفعال وممارسات سيئة أخرى مثل تعاطي المخدرات".
مشكلة قديمة
د. رسول المطلق، مستشار وزارة الداخلية، يقول إن لتبادل الزوجات جذوراً قديمةً، وقد عاد الآن بحلّة جديدة، ويبيّن: "كان هذا الأمر محصوراً بين عائلات معيّنة، تمارسه بسرّية تامة خلال سبعينيات القرن الماضي، وتمت السيطرة عليه في العقد التالي، لأن النظام العراقي السابق كان حازماً، وبعد انهياره في 2003، بدأت هذه الظاهرة وغيرها بالرواج والانتشار في المجتمع".
لكنه يلفت إلى أنه ليست كل الشكاوى بشأن تبادل الزوجات حقيقيةً، ويصنّفها صنفَين: "ادّعاء وحقيقة"، ويقول إن بعض الدعاوى التي تنظر فيها المحاكم "يتم الادّعاء فيها وعلى سبيل الحيلة التي يستخدمها المحامون في دعاوى التفريق، بأن الزوجة مرّت بتجربة تبادل الزوجات، فالعصمة بيد الرجل وتحتاج إلى سبب قوي للتفريق، والقضاة يطلبون أدلةً، فيتم اللجوء إلى القسم وينتهي الأمر، أي تقسم الزوجة بأنها كانت ضحيةً لتبادل الزوجات، ولا تريد العيش مع زوجها".
ويواصل حديثه: "الخوض في هذا الموضوع مشكلة بحد ذاتها، لأنه بحاجة إلى جهد وتدقيق ودراسة عميقة من أجل الوصول إلى الحقيقة، وأنا بدوري كنت بين فترة وأخرى أطّلع على بعض الحالات ووجدت أن المتعاطين أو المتاجرين بالمخدرات ينتشر بينهم هذا السلوك الشاذ، وتقع النساء ضحايا لمتاجرتهم، وأن أغلب الحالات تكون فيها النساء راضخات بسبب ظروفهن الصعبة أو خشيةً من الوصمة المجتمعية أو عدم مساندة عائلاتهن لهن".
ويذكر نموذجين من صيغ الشكاوى التي تصل إلى الشرطة ودائرة حماية الأسرة من العنف الأسري: "زوجي يريد يعزم أصدقاءه عليّ، أو يريد يبدلني مع زوجة صديقه...".
د. عبد الأمير عشوان حمزة، متخصص في علم الاجتماع، يقول إن ظواهر كثيرةً يصفها بالغريبة على المجتمع العراقي، بدأت تطرأ في الآونة الأخيرة، "حتى باتت تشكل خطراً عليه إذا لم تتم معالجتها والوقاية من المشكلات التي تنجم عنها، ومن بين تلك الظواهر تبادل الزوجات".
وكشف عن وجود تحرك قضائي للاستقصاء عن تبادل الزوجات، وأنه يرى بوصفه متخصصاً اجتماعياً، أن "مثل هذه الظواهر المنحرفة تحدث عندما يتجرد الشخص من الأخلاق، ويبتعد عن قيم الدين والإنسانية، فهذا السلوك مرفوض اجتماعياً ودينياً وإنسانياً، بل إن بعض التجمعات الحيوانية لديها الغيرة على الأنثى ويتصارع فيها الذكور وقد يقع أحدهم ضحيةً دفاعاً عن أنثاه، فكيف بالبشر".
ويستغرب د. عبد الأمير، ظهور تبادل الزوجات في المجتمع العراقي الذي يصفه بالمتديّن والمحافظ، ويعود للقول: "لعل الكبت واتخاذ بعض الناس من الدين غطاءً مزيفاً وراء ذلك، أو هي ردات فعل مناهضة للدين، ومعادية للقيم الاجتماعية تقوم بها جماعات مغرضة بهدف التشويه المتعمد للقيم الدينية والاجتماعية لبلد عريق مثل العراق".
أُنجز التقرير بإشراف شبكة نيريج للصحافة الاستقصائية
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 9 ساعاترائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.