أكثر من 12 ساعة مرّت على المجزرة المروّعة التي ارتكبتها إسرائيل باستهداف المستشفى الأهلي العربي (المعمداني سابقاً) في غزّة، مساء الثلاثاء 17 تشرين الأول/ أكتوبر، وأدّت إلى مقتل ما لا يقل عن 500 شخص وإصابة العشرات بإصابات متفاوتة، وما تزال ردود الفعل الغاضبة، عربياً ودولياً، تتوالى، على الصعيدين، الرسمي والشعبي.
وبين مظاهرات غاضبة لم تخل من المواجهات، ووقفات حداد وتضامن صامتة، وتجمّهر أمام سفارات إسرائيل والدول الغربية الداعمة لها في المنطقة، ودعوات "الإضراب العام" و"النفير"، وحتّى وقف تصدير النفط من دول خليجية، تنوّعت ردود فعل الشارع العربي على هذه الجريمة ضد الإنسانية.
اندلعت هذه المواقف بشكل عفوي فور تداول الأنباء عن استهداف المشفى ووقوع "مئات" الضحايا، قبل أن تأخذ منحىً أكثر تنظيماً، صباح الأربعاء الموافق 18 تشرين الأول/أكتوبر، وتدعمها مؤسسات رسمية وسياسية في دول عربية عدّة.
وبرغم أن غالبية الهتافات اتسمت بنبرة تحدٍّ وقوة، إلا أنها عكست في باطنها شعوراً بـ"الضعف" و"قلة الحيلة"، كما ظهر جلياً في تعليقات المواطنين العرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
في الأردن: مظاهرات ومواجهات وإضراب عام
فور وقوع المجزرة، تجمّع آلاف الأردنيين الغاضبين أمام السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمان، وهم يردّدون: "بالروح بالدم نفديك يا أقصى"، ووقعت اشتباكات بينهم وبين قوات الأمن الأردنية التي منعتهم من اقتحام السفارة.
واستجاب آلاف الأردنيين لدعوات إلى "إضراب عام" في كافة التراب الأردني، و"زحف نحو السفارتين، الأمريكية والصهيونية"، اعتباراً من ظهر الأربعاء، وردّد المتظاهرون: "سيري سيري يا حماس، أنت المدفع ونحن رصاص".
المزيد عن الغضب العارم في الشارع الأردني في تقريرنا المفصّل.
في مصر: مظاهرة ومطالبة بطرد السفير
وفي ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء، خرج عشرات النساء والرجال المصريين في منطقة ميدان الحصري بمدينة 6 أكتوبر، مندّدين بالمجزرة الإسرائيلية بهتافات من بينها: "بالروح بالدم، نفديك يا شهيد" و"بالروح بالدم، نفديك يا أقصى"، كما نشط العشرات عبر وسم "#طرد_السفير_الإسرائيلي_من_مصر"، داعين إلى قطع العلاقات الرسمية والدبلوماسية تماماً مع تل أبيب.
"يا غزّة لا تعتبي علينا، حكّام العرب سكّروها علينا"... مشاعر "عجز" و"غضب" تسيطر على الشارع العربي عقب ارتكاب إسرائيل مجزرة #مستشفى_المعمداني في غزة. إليكم/ن أبرز المواقف والمطالبات
والأربعاء، تظاهر طلاب عدد من الجامعات المصرية تعبيراً عن غضبهم من مجزرة المستشفى الأهلي. وهتف طلاب غاضبون في جامعة المنصورة: "أنتو فين يا عرب؟ دم الفلسطيني راح هدر".
في حين هتف طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة: "الموت ولا المذلة" و"ارفع إيدك علّي الصوت، اللي بيهتف ما بيموت". ووقعت على ما يبدو اشتباكات بين طلاب في جامعة المنيا، في صعيد مصر، وأمن الجامعة الذي اعترض طريقهم للخروج بالمظاهر من الحرم الجامعي.
في لبنان: الموت لإسرائيل وحلفائها
وعلى الفور، تظاهر عدد من اللبنانيين أمام السفارة الأمريكية في عوكر، مردّدين هتافات من بينها: "يا غزّة لا تعتبي علينا، حكّام العرب سكّروها علينا"، و"بالروح بالدم نفديكي يا غزّة". وقد اتخذت السلطات الأمنية اللبنانية تدابيراً مشدّدة لمنع المتظاهرين الغاضبين من الوصول إلى السفارة، وحجبتها خلف الأسلاك الشائكة.
وجابت مظاهرات متفرقة شوارع العاصمة بيروت. كما احتشد المئات أمام منزل السفير الفرنسي في قصر الصنوبر، مردّدين هتافات مناهضة لإسرائيل وحلفائها الغربيين، ونظّم المئات من أبناء النبطية في جنوب لبنان، وقفةً احتجاجية في ساحة المنشية وسط المدينة، رفعوا خلالها الأعلام الفلسطينية ورايات حزب الله، وهتفوا "الموت لإسرائيل"، و"منشان الله، يا سيد يلّا"، في دعوة صريحة لحزب الله كي يتدخّل في الحرب.
ودعت الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية إلى "تظاهرة غضب" أخرى أمام السفارة الأمريكية في عوكر، عصر الأربعاء، "تنديداً بحرب الإبادة التي تشنها آلة الحرب الصهيونية"، وأعلنت نقابة محرّري الصحافة اللبنانية، ونقابة المهندسين اللبنانيين، غلق أبوابهما حداداً على أرواح الضحايا الأربعاء أيضاً.
وفي بيان، ندّد حزب الله في بيان بـ"الجريمة المروعة والوحشيّة التي ارتكبتها عصابات القتل والإجرام الصهيونية في المستشفى المعمداني في غزة"، قائلاً إن "كل بيانات الإدانة والاستنكار لم تعد تكفي"، ومطالباً الشعوب العربية والإسلامية بـ"التحرّك الفوري إلى الشوارع والساحات للتعبير عن الغضب الشديد والضغط على الحكومات والدول أينما كانت، وعلى المنظمات الدولية والإقليمية، للتحرّك الفوري ضد المجازر والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني المظلوم وتنفيذ التهجير القسري تحت وطأة المجازر والإرهاب والقتل".
في غضون ذلك، دعت أصوات لبنانية عديدة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى "التعقل" و"عدم جر لبنان إلى حرب بالوكالة" قد تعني نهايته كدولة، نظراً لما يعانيه من أزمات على كافة الأصعدة، وذلك عبر وسمي "#لبنان_لا_يريد_الحرب" و"#لبنان_أولا".
في تونس: ماكرون سفّاح
واتجه عشرات التونسيين ليلاً إلى السفارة الفرنسية في تونس، وهتفوا جميعاً: "ماكرون سفّاح" و"الشعب يريد طرد السفير"، وهاجم متظاهرون غاضبون كنيساً يهودياً في ولاية قابس، وحرقوا جزءاً منه احتجاجاً على جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
وصباح الأربعاء، تظاهر عشرات التونسيين في مختلف الولايات، بمن فيهم طلاب وأطباء وأحزاب سياسية ومنتسبو نقابات عمالية، مردّدين شعارات من بينها: "الشعب يريد تحرير فلسطين"، و"لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، وهم يلوحوّن بالأعلام الفلسطينية.
سلطنة عُمان: الموت لأمريكا وإسرائيل
ونظّم عدد من الناشطين والناشطات وقفةً سلمية أمام السفارة الأمريكية في العاصمة العمانية مسقط، مردّدين: "يا شهيد ما ننساك، أنت قدوة للي وراك"، و"دم الطفل في فلسطين، فجّر فينا البراكين"، و"نحن نرفض الاستعباد، حريّة أو استشهاد"، و"من عمان تحية للقدس العربية"، مع دعوات بنصرة فلسطين والقصاص من "قتلة الأطفال" و"الموت لأمريكا وإسرائيل".
الكويت: دعوات لوقف تصدير النفط لداعمي إسرائيل
وعقب وقوع المجزرة، تجمّع عشرات الكويتيين في ساحة الإرادة، ساحة الاحتجاجات الرئيسية في العاصمة الكويت، مردّدين بصوتٍ عالٍ: "لا سلام لا استسلام، الانتقام الانتقام"، و"الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا".
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، دشّن ناشطون خليجيون حملة "أوقفوا عنهم النفط"، في إشارة إلى حلفاء أمريكا وداعميها بالأسلحة من الدول الغربية، وفي مقدمتهم أمريكا، وحثّ ناشطون نقابة النفط والعاملين في هذا القطاع في الكويت على الإضراب عن العمل اعتراضاً على تصدير النفط.
في العراق: أمريكا الشيطان الأكبر
وهتف عشرات المتظاهرين العراقيين الذين انطلقوا من ساحة التحرير، الساحة الرئيسية للاحتجاجات في العاصمة بغداد، ناحية المنطقة الخضراء التي تضمّ مقر السفارة الأمريكية: "الله الله أكبر، أمريكا الشيطان الأكبر".
وصباح الأربعاء، نظّمت جميع دوائر الدولة وطلبة الجامعات والمدارس في أنحاء العراق وقفات تضامن وحداد مع ضحايا المجزرة الإسرائيلية، كان قد دعا إليها رئيس مجلس الوزراء
محمد شياع السوداني، مساء الثلاثاء، كما أعلنت الحوزة العلمية في النجف الحدادَ العام وتعطيل دروسها.
بينما هتف مواطنون: "منشان الله يا سيّد يلا"، في تحريض لحزب الله على الانخراط بشكل مباشر في حرب ضد إسرائيل للقصاص لضحايا مجزرة #مستشفى_المعمداني، دشّن لبنانيون حملة #لبنان_أولاً و#لبنان_لا_يريد_الحرب رفضاً للانخراط في ما يعتبرونه "حرباً بالوكالة" قد تؤدي إلى "نهاية" دولتهم المأزومة على كافة الأصعدة
في الضفة الغربية: الشعب يريد إسقاط الرئيس
وخرج مئات المواطنين الغاضبين في رام الله وطولكرم ونابلس والخليل وجنين، مندّدين بالجريمة الإسرائيلية المروّعة، وهتافات ضد السلطة الفلسطينية ومطالبات لها بالرحيل، ما أدى إلى حدوث اشتباكات مع أمن السلطة الفلسطينية، واتُهم جهاز الأمن الوقائي بإطلاق الرصاص على المتظاهرين واعتقال البعض منهم.
والأربعاء، عمّ إضراب شامل، كان قد دعت إليه القوى الوطنية والإسلامية في المحافظات الشمالية، جميع مناحي الحياة في محافظات الضفة الغربية، حيث أغلقت أبواب الجامعات، والبنوك والمصارف والمحلات التجارية، وسط دعوات للاستمرار في الإضراب، بل والنزول إلى الشارع والمواجهة مع السلطات الإسرائيلية، واحتشد العشرات بالفعل في دوار المنارة وسط رام الله.
ردود فعل رسمية "معتادة"
وأعربت العديد من الحكومات العربية، بما فيها دول مطبّعة مع إسرائيل، مثل الإمارات والمغرب، عن شجبها وتنديدها بالمجزرة المروعة التي وقعت في المستشفى الأهلي العربي (المعمداني سابقاً) في غزة، من بينها الجزائر وتونس وقطر والكويت ولبنان ومصر والأردن.
وفور وقوع المجزرة، أعلنت وزارة الخارجية المصرية إلغاء القمة الرباعية التي كان مقرّراً انعقادها في العاصمة الأردنية عمان الأربعاء، وذلك بالتنسيق بين كل من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، وقطع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، زيارته إلى الأردن، وعاد إلى رام الله لبحث الإجراءات الواجبة إزاء "جريمة حرب لا يمكن أن نجعلها تمرّ دون حساب". وعقد الرئيس اجتماعاً عاجلاً للقيادة الفلسطينية، كما أعلن الحداد العام وتنكيس الأعلام لمدة ثلاثة أيام.
اعتبر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مجزرة مستشفى المعمداني بغزة "جريمة حرب نكراء لا يمكن السكوت عنها"، مضيفاً "على إسرائيل أن توقف عدوانها الغاشم فوراً"، محذراً من "جرّ المنطقة إلى كارثة لا يحمد عقباها". في حين طالب المندوب الأردني الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير محمود ضيف الله الحمود، بتقديم المسؤولين عن الاعتداء على مستشفى الأهلي المعمداني في غزة إلى العدالة.
وعقد الرئيس التونسي قيس سعيد، اجتماعاً لمجلس الأمن القومي، ودعا في كلمة عقب انتهائه "كل إنسان حرّ أن يتحرك من أجل وقف هذه المذابح"، مردفاً: "الساعة اليوم ليست ساعة شجب وتنديد".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...