يختلف الأزواج على التفاصيل الصغيرة أكثر مما يختلفون على القرارات الكبرى، وفي الغالب، فإن الخلافات التافهة تكون تنفيساً لعدم رغبة أحد الطرفين بإثارة مشكلة حقيقية، وأحياناً تكون بسبب ضغوط الحياة، ومن الممكن أيضاً أن تكون مجرد "نكشة راس" وكسر للملل. فالشجارات تقاطع الروتين في العلاقات الزوجية بحسب علماء النفس، وهي ضرورية للحفاظ على علاقة صحية ومنفتحة وصادقة.
لكن إذا كان هناك ما يجب أن يحذر منه المتزوجون فهو كثرة الشجارات وليس نوعها، فبحسب موقع IPC المختص بالصحة النفسية والعلاقات، تؤثر النقاشات المتكررة على العلاقات ولها القدرة على تدمير العلاقة.
أمك أختك... أبوك وأخوكِ
تقول الحاجة خديجة (86 عاماً) إنها عاشت كل حياتها مع زوجها الراحل، وهي تعاني من تدخلات أمه وأخواته وإخوانه وزوجاتهم، فكونها زوجة البكر كان لا بد أن تفتح لهم بيتها طوال الوقت، الأمر الذي سمح لهم بانتقاد شكل حياتها، ومنعها لسنوات طويلة من التمتع بخصوصية منزلها وعلاقتها مع أطفالها.
تختم: "الله يغفرله شو كان نكد... كانوا عيلة بحبوا العياط واللت والعجن من صغيرهم لكبيرهم، الله يرحمهم كلهم عاد".
مين غيّر مكان الكرسي؟
ترى الحاجة خديجة إن عمرها ضاع في النكد بسبب سماح زوجها الراحل لعائلته بالتدخل في شؤونها الزوجية، تقول:"الله يغفرله شو كان نكد، كانوا عيلة بحبوا العياط واللت والعجن من صغيرهم لكبيرهم، الله يرحمهم كلهم"تقول أماني (36 عاماً): "زوجي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في المنزل، وهذا الأمر يخنقني، فبرغم أنني امرأة عاملة إلا أنني أقضي وقتاً أطول في المنزل منه بحكم أمومتي وعمر أطفالي، لا أستطيع حتى تحريك كرسي من مكانه وإلا سوف يجن جنونه ويبدأ باستخدام جمل مثل أنا مش رجل طاولة، ويجب أن تتم استشارته أولاً".
وتضيف: "المنزل ملكي، فقد ورثته عن أمي، وهذا الأمر يدفعني للسكوت كي لا يعتقد أنني (أعايره) بأن المنزل لي وليس له، إلا أنه يتصرف وكأنه صاحب الكلمة الأخيرة في أي تغيير بحكم أنه من اشترى الأثاث حين تزوجنا".
ليست هنا المشكلة الكبرى، المشكلة الحقيقية وبيت القصيد أن أماني تعمل مهندسة ديكور في واحدة من الشركات الكبرى في العاصمة عمان، وأن هذا هو عملها. يقول يوسف عن هذه النقطة: "كونها مهندسة ديكور فهذا يجعلها تعتقد أن على الجميع السكوت إذا قالت رأيها، هذا منزلنا وليس منزل أحد عملائها".
إنت رفعت صوتك؟... هيك صوتي الطبيعي
مين الأخت؟
تقول منى (44 عاماً) من الأردن إنها تعاني من شهرة زوجها على مواقع التواصل الاجتماعي، وكثيراً ما تكون جالسة معه في مقهى أو يتمشيان سوياً في المول فتقترب منه فتاة وتبدأ بالحديث معه عن آخر منشوراته أو فيديوهاته، فإذا سألته منى "مين الأخت؟" ستنشب مشكلة لأنه يتعامل مع نفسه على أنه براد بيت ومن الطبيعي أن تستوقفه المعجبات بحسب كلماتها.تقول منى إن زوجها الشهير نسبياً على الفيسبوك يتعامل على أنه براد بيت، فليس من حقها أن تسأله "مين الأخت؟" إذا استوقفته فتاة في المول لتسأله عن منشوره الأخيرأما هي فقد سلّمت في عيد الأضحى الماضي على ابن جيرانها القديم أثناء مصادفة وجوده في منزل أهلها مع عائلته للمعايدة، وتسبب الأمر بشجار كبير بينها وبين زوجها الفيسبوكي المشهور. تقول: "كنت فرحانه في داخلي بسبب امتعاضه حين سألني مين الأخ، وبضحك في عبي لأنه جرّب أخيراً شعوري مع معجباته".
مسلسل مين وريال مدريد بيلعب؟
لدى الحديث عن أتفه مسببات الشجار بين الأزواج، فالتلفزيون متهم دائماً، فإذا لم يكن السبب الصوت العالي أو المنخفض، فمواعيد المباريات التي تتقاطع مع مواعيد البرامج الثابتة أو المسلسلات كفيلة دائماً بتفجير صراعات القوى في المنزل.تقول جود (17 عاماً): "لستُ من عشاق كرة قدم، على عكس والدي المشجع المتعصب، وأعتقد أنني أصبت برد فعل سلبي من المباريات بسبب تشنجاته في المشاهدة، وبسبب خلافاته مع أمي على التلفزيون في كل مباراة".
قررت الابنة حل هذا الخلاف الأزلي بين أمها وأبيها، فأخذت جود من أمها 20 ديناراً لتدعو أباها إلى أحد المقاهي، تقول: "في البداية لم يتحمس لدعوتي، لأنه يحب مشاهدة المبارايات في البيت بالبيجاما، مع كثير من الطعام والشتائم الحرة المباشرة، لكنه لا يرد لي طلب، فأنا دلوعته كما يسميني".
وتضيف: "سألت زملائي في الكليّة عن مكان تجمع مشجعي ريال مدريد، ودعوته إلى ذلك المقهى رغماً عنه، ومنذ الدقائق الأولى اندمج مع بقية الطاولات وصار المشجع المفضل لديهم. أما أنا فانزويت إلى طاولة بعيدة عن الشاشات وشربت عصيري بهدوء ولعبت بالموبايل إلى أن انتهت المباراة، واليوم هو لا يجلس في المنزل لمشاهدة ريال مدريد، إذ يدعوه أصحابه الذين تعرف عليهم في المقهى دائماً لمشاركتهم في مشاهدة المباراة والشتائم".
ما تضحّكنا معك
الموبايل أيضاً متهم وأكثر من التلفزيون بالشقاق بين الأزواج، يكفي أن نتذكر جمل "على شو بتضحكي؟" "مع مين بتحكي؟" "مين اللي ببعتلك في هالوقت وإنت زلمة متزوج؟" "سيب اللي في إيدك وإحكي معي؟". وبمرور سريع على عدد الطلاقات التي تسبب بها الفيسبوك ومواقع التواصل، فالموبايل أكثر الأجهزة التي تتسبب بالخلافات الزوجية.
شوب.. لا برد
الجهاز الثالث المتهم دائماً بالتسبب بالخلافات الزوجية هو المكيف، في الصيف وفي الشتاء، فإذا لم يكن الخلاف حول ارتفاع فاتورة الكهرباء، سيكون حول ارتفاع درجة الحرارة أو انخفاضها، فمن الصعب أن يتفق أي اثنين وليس الأزواج فقط على درجة حرارة الغرفة المناسبة نتيجة الاختلافات الجسدية بين البشر.متلازمة الذاكرة الزائفة
بحسب تقرير لصحيفة الغارديان حول أغبى أسباب الخلافات بين الشركاء، تبين أن العديد من الجدالات لا تدور حول حقيقة ما حدث ولكن حول كيفية تذكر الحدث، الجميع يسطرون الماضي بشكل خرافي لوضع أنفسهم في أفضل ضوء. لذا عندما يتعلق الأمر بمحاولة معرفة ما حدث يصبح الأمر صعباً جداً، حيث يستخدم كل طرف الخيال لتعزيز الذاكرة، بل وخلق الذاكرة. وبما أنه لا يمكن الاتفاق بشكل متطابق على الحقائق المشتركة، فإن هذا ميدان غني للصراع.الموبايل متهم أكثر من التلفزيون بالشقاق بين الأزواج، يكفي أن نتذكر جمل مثل "على شو بتضحكي؟" و"مع مين بتحكي؟" و"مين اللي ببعتلك في هالوقت وإنت زلمة متزوج؟" و"سيب اللي في إيدك وإحكي معي"
الحاجة خديجة من طرفها تنكر هذا الأمر برغم مرور 20 عاماً على وفاة زوجها، تقول: "الأسى ما بتنسى"، في إصرارها على تحمله مسؤولية عدم وضع حد لتدخلات أهله طوال حياتها الزوجية.
إدمان اللوم
إلقاء اللوم على الشريك في العلاقة الزوجية هو من أكثر أسباب الخلافات شيوعاً، والسبب يعود إلى أن الشراكة في كل شيء تشعر الطرف غير السعيد بالنتائج أن هذه الشراكة نفسها هي المشكلة، وتوهمه أن قراره لم يكن حراً.
متفرقات
كثير من المواقع المختصة بالعلاقات الزوجية أو الصحة النفسية ذكرت أسباباً أكثر تفاهة حتى من الأسباب المذكورة للخلافات الزوجية الحادة، مثل ترك معجون الأسنان مفتوحاً، أو الإصرار على معرفة اتجاهات الطريق من الزوج، أو أن يكون أحد الشريكين سريع المشي والآخر بطيئ.ترك معجون الأسنان مفتوحاً، النوم أمام التلفزيون، الإصرار على معرفة اتجاهات الطريق، ورفع كرسي الحمام، هي من أكثر أسباب الخلافات وأسخفهاكذلك وردت دائماً خلافات حول مكان قضاء العطلة، أو صوت المنبه إذا كان أحد الزوجين يرغب بالنوم والآخر بالاستيقاظ باكراً، أو النوم في غرفة الضيوف أمام التلفزيون، كذلك الخلافات المعروفة دائماً حول رفع الزوج كرسي الحمام، وتدخل أحد الطرفين في طريقة قيام الآخر بأحد المهارات الأساسية، كالسواقة، والطبخ. وبالطبع التدخل في ذائقة الآخر في اللباس والأغنيات والطعام.
أما الأسباب الحقيقية للشجارات
الجنس: حين يشعر أحد الطرفين بأنه يريد المزيد، أو يريد أقل، أو بأن نوعية احتياجاته لا تلبى. بعض الأزواج يجادلون حول من يبدأ، ووضع الجنس، أو الأفعال الجنسية. ووراء هذا الصراع يكمن صراع الأزواج في التواصل والمعرفة بكيفية التفاوض والتسوية.المال: القضايا المتعلقة بالمال التي يتناقش عنها الأزواج كثيرة ومتنوعة. تشمل الأمثلة ما يتعلق بكيفية إنفاق الأموال، وكمية المال التي يجب توفيرها، وما الذي نوفر من أجله، والاحتياجات مقابل الرغبات، سواء يجب دمج المال أم الاحتفاظ به منفصلًا، كيفية تقسيم الفواتير ودفعها، كيفية إعداد ميزانية، أو ما يجب تضمينه فيها. وتزيد الصراعات عندما يقل الدخل، أو عندما يقوم الأزواج بالاستدانة، والنزاع حول كيفية الخروج من الديون، أو من المسؤول عن الديون. قلما يتفق الأزواج على إدارة المال والأهداف والاستراتيجيات أو العمليات.
الأطفال: يجد العديد من الأزواج أنفسهم في حالة نقاش حتى قبل وجود أطفال. قد يتشاجرون حول ما إذا كان يجب أن يكون لديهم أطفال، ومتى يجب أن يكونوا، وعدد الأطفال، الأسماء، وغير ذلك الكثير. في بعض الأحيان تكون هناك نقاشات أثناء محاولة الحمل، خاصةً إذا كانت هناك مشاكل في الخصوبة.
بمجرد وصول الأطفال، تظهر مجموعة جديدة من النقاشات، مثل من سيقوم بالاستيقاظ مع الطفل في منتصف الليل، وما إذا كان يجب على أحد الوالدين البقاء في المنزل لتربية الطفل، ماذا يجب تغذية الأطفال به، وكيف يجب أن يلبسوا، والتربية والإجراءات التأديبية، درجة المراقبة والإشراف، المدارس، أساليب التربية.
تقول منى: "مثلما هناك خلافات هناك حب بالطبع، يجب أن يعرف الأزواج كيف يتشاجرون مثلما يتعلمون كيف يتصالحون، الحياة قصيرة". أما الحاجة خديجة فتنصح الزوجات تحديداً بإثارة خلافات مبكرة مع أهل الزوج كي "يحردوا من الكنة الجديدة" بحسب كلماتها، وحول تعليقها على بقية أسباب الخلافات التي وردت في التقرير تقول: "مش عارفين على شو يزعلوا".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون