انتهت المباراة المنتظرة من قبل غالبية الإيرانيين/ات، بين "برسبوليس" الإيراني و"النصر" السعودي مساء أمس الثلاثاء 19 أيلول/سبتمبر، بهدفين نظيفين لصالح الفريق السعودي الذي حلّ ضيفاً على نظيره الإيراني، في ملعب "آزادي" الفارغ من المشجعين، بسبب معاقبة بِرسبوليس من قبل الاتحاد الآسيوي، إثر نشر منشور على منصات الفريق الإيراني، حول فتح الهند على يد إيران، والذي كان قد نُشر في عام 2020، قبل مباراة هذا الفريق ضد فريق "جوا" الهندي.
لكن عدم وجود المشجعين كان الموضوع الثاني الملاحَظ من قبل الجميع، بعد سوء أرضية الملعب التي تسببت بفتور المباراة، وأطاحت بأبرز لاعبي برسبوليس، مهدي ترابي، إذ أصيب في الدقيقة الرابعة من عمر "الماتش".
رونالدو الذي حلم بحضوره معجبوه ومشجعوه في إيران، لم يسجل ولم يصنع أي هدف، لا بل لم يكن في المستوى نفسه الذي يقدّمه في مباريات الدوري السعودي، إذ سجل الهدفين اللاعبان السعوديان عبد الرحمن غريب، ومحمد قاسم النخلي، في الدقيقتين 62 و72.
كريستيانو في إيران
وأخيراً تحقق حلم مشجعي كرة القدم الإيرانيين/ات، خصوصاً مشجعي ومحبي أسطورة كرة القدم البرتغالي ولاعب فريق النصر السعودي كريستيانو رونالدو، حيث حضر لأول مرة في إيران، لخوض أول مباراة ضمن تصفيات دوري أبطال آسيا ضد فريق برسبوليس الإيراني في ملعب آزادي، في تمام الساعة التاسعة والنصف مساءً بتوقيت طهران أمس الثلاثاء.
على طول المسافة التي سلكتها الحافلتان اللتان كانتا تقلّان بعثة فريق النصر إلى موقع إقامته رافقهما المشجعون بفوضى عارمة في الشوارع، وتسلقوا التلال التي يقع عليها الفندق، وكل ذلك بغية رؤية نجمهم المفضل في عالم كرة القدم كريستيانو
فور دخوله إيران ونزوله من سلم الطائرة في مطار الإمام الخميني الدولي، لقي اللاعب البرتغالي استقبالاً واسعاً من قبل عموم الإيرانيين والمسؤولين، حيث تلقى هدايا ثمينةً منها سجادتان فارسيتان ثمينتان، وحضر آلاف من محبيه من شتى أرجاء إيران، وكانت غالبيتهم من الشباب واليافعين، واستقبلوه بهتافات مختلفة وتقليد حركاته في احتفالياته الشهيرة بعد تسديده الأهداف.
رونالدو في شوارع طهران
على طول المسافة التي سلكتها الحافلتان اللتان كانتا تقلّان بعثة فريق النصر إلى موقع إقامته في فندق "إسبيناس بالاس" شمال غرب العاصمة طهران، رافقهما المشجعون بفوضى عارمة في الشوارع، وتسلقوا التلال التي يقع عليها الفندق، وكل ذلك بغية رؤية النجم الأشهر في عالم كرة القدم كريستيانو رونالدو.
كما علقت بلدية طهران على طول الطريق، لافتات صفراء، تتضمن شعار فريق النصر، وصورة رونالدو ولاعبين آخرين من هذا الفريق، وعبارات ترحيب بالعربية والفارسية والإنكليزية، ما يعكس أهمية هذا الحدث وفرادته، خاصةً كتابة العبارات الترحيبية بالعربية.
وفي مراحل التنسيق قبيل وصول الفريق، طلبت إدارة النصر من السلطات الأمنية الإيرانية، أن تهيّئ أمن لاعبي الفريق السعودي، بما يشبه تأمين الشخصيات السياسية والرؤساء، وأن تمنع أي تواصل مع اللاعبين، وعلى وجه الخصوص رونالدو، من قبل المشجعين، إضافة إلى منع حضور أي شخص في ردهة الفندق أثناء تواجد اللاعبين، وتخصيص عاملي نظافة فحسب في الطابق الذي يتواجد فيه اللاعبون في أثناء مكوثهم في الفندق، كما سيغادر فريق النصر رأساً بعد انتهاء المباراة.
من جانبها، طبّقت السلطات الأمنية الإيرانية هذه المطالب، ووصفتها بالإجراءات "ما فوق أمنية"، لكن كل ذلك لم يمنع الإيرانيين من تحقيق احلامهم بلقاء نجمهم، إذ قام البعض بحجز غرف في هذا الفندق الذي يبلغ سعر الحجز فيه خلال هاتين الليلتين نحو 800 دولار للغرفة العادية، ويُعدّ غالياً بالنسبة إلى أغلب الإيرانيين، لكنهم حجزوا كل غرف الفندق على أمل لقاء كريستيانو رونالدو.
وحسب مدير الفندق، فإن بعض الأشخاص حاولوا دخول الفندق، بارتداء زِيّ الفريق وحمل شنط السفر، وتظاهروا بأنهم من كادر فريق النصر، لكن قوات الأمن تعرفوا عليهم ومنعوهم من الدخول.
ورغم كل هذه الإجراءات الأمنية، إلا أن كريستيانو رونالدو التقى الطفل الإيراني "علي"، الذي أجهش بالبكاء حينما علم أنه لم يستطع ملاقاة بطله بأي شكل من الأشكال، ولم تكن هذه اللفتة الوحيدة من جانب اللاعب البرتغالي وفريق النصر، إذ التقى هذا اللاعب بالرسامة الإيرانية فاطمة حامي، التي رسمت صوراً له، وكانت تحلم برؤيته.
فرحة إيرانية على مواقع التواصل
تباينت ردود الفعل على حضور الفريق السعودي إلى إيران بين مؤيد ومندد،خاصة مع ما شهدته العاصمة من فوضى عارمة من الركض خلف حافلة الفريق في شوارع طهران حتى تسلّق التلال عند محل الفندق واقتحام ردهته، فنشر الإيراني سينا ميم، صور تسلّق محبّي رونالدو من التل على منصة (X) وكتب تحتها: "للأسف، إذا كان صورةً".
وعلّقت "ناديا" على هذه الصورة التي نشرتها بي بي سي فارسي عبر إنستغرام: "كلما أرى هذه الصورة، أتذكر أحداث مطار كابُل" في إشارة لصور ركض الأفغانيون خلف الطائرات الأمريكية والاجنبية الاخرى المغادرة لبلادهم عشية استعادة جماعة طالبان مقاليد الحكم. وعلّقت "رمزي": "نبقى في بيوتنا، برغم أنه علينا الخروج في الشوارع لأخذ حقوقنا، ولكننا نملأ الشوارع لمجرد رؤية لاعب كرة أجنبي". أكثر ردود الفعل كانت رافضةً ومقبحةً لهذا السلوك الذي رآه البعض "غير متحضر" من قبل الإيرانيين.
في المقابل أدرج البعض هذه السلوكيات ضمن إطار الحرية الشخصية، فهي ليست سوى تعبير عن مدى حبهم للاعبهم المفضل، وعن حلمهم الذي تحقق أخيراً. علّقت تحت هذه الصورة "سارا مجد": "الكل وفي جميع أنحاء العالم عملوا هكذا عند مشاهدة رونالدو".
رونالدو يعاني مع الإنترنت
عندما سألوا وزير السياحة الإيراني عزت الله ضرغامي، حول كيفية تواصل نجوم النصر مع ذويهم خلال فترة وجودهم في طهران، أجاب بأنه لم تُخصص لهم شرائح وبطاقات اتصال غير محدودة، وعليهم تثبيت التطبيقات الإيرانية الحكومية هم وذووهم مثل "إيتا" و"بله"، كي يتمكنوا من التواصل، وأثار حديثه عن استخدام البعثة السعودية تلك التطبيقات سخرية الإيرانيين.
بينما أكد الرئيس التنفيذي لنادي برسبوليس، رضا درويش، توفير شرائح إنترنت غير محدودة ومجانية للاعبي وموظفي فريق النصر، وذلك بعد تواصله مع شركة إيرانسل للاتصالات.
وكان بعض المشاهير الإيرانيين قد استغلوا الحدث للتعبير عن استيائهم بشأن الإنترنت المحدود والمحظور في بلادهم، فكتب رضا رشيد بور، المذيع السابق في التلفزيون الوطني الإيراني، عبر منصة إكس (X) ساخراً: "عزيزي رونالدو، إذا أردت تحميل طبيق إيتا (الإيراني) من منصة جوجل بلاي Google Play، عليك تشغيل VPN، وإذا أردت استخدامه فعليك إيقاف الـVPN، وللتصفح في تويتر عليك تشغيله مرةً أخرى، لكن لشراء باقة من النت عليك إيقافه، ولإجراء محادثاتك عبر واتساب والتصفح في إنستغرام عليك تشغيله من جديد، ولا تنسى إحضار الشاحن معك، لأن الـVPN يستهلك الشحن بسرعة".
ما كتبه رشيد بور كان توصيفاً لمعاناة الشعب الإيراني عند استخدام الإنترنت والتطبيقات العالمية التي حجبتها السلطات منذ العام الماضي، إثر احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية"، التي اندلعت بعد مقتل "مهسا أميني" في أحد مراكز شرطة الأخلاق في طهران.
بداية تحقيق الحلم
وعرف محبّو رونالدو أنه من الممكن تحقيق حلمهم على خلفية إعادة العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية، خصوصاً بعدما قرر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إقامة كل المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحاد السعودي لكرة القدم ونظيره الإيراني على أراضي الدولتين ذهاباً وإياباً، وذلك بدلاً من إقامتها على ملاعب دول محايدة كانت تُجرى عليها المباريات قبل ذلك.
عرف محبّو رونالدو أنه من الممكن تحقيق حلمهم على خلفية إعادة العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية، خصوصاً بعدما قرر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إقامة المباريات على أراضي الدولتين
وبموجب اتفاق بين رئيس الاتحاد الإيراني لكرة القدم مهدي تاج، مع نظيره ياسر بن حسن المسحل، في المقر الاتحاد السعودي، في الخامس من أيلول/ سبتمبر العام الجاري، وينص على تطوير وتعزيز سبل التعاون بين الاتحادين، وذلك لرفع مستوى كرة القدم في البلدين وفي آسيا.
وقبل ثمانية أشهر تقريباً، أنهت إيران والسعودية 7 سنوات من القطيعة في العلاقات بينهما عبر وساطة الصين. كما زار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الرياض للمرة الأولى خلال 10 سنوات، التقى خلالها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وكذلك الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية، وقال في مؤتمر صحافي مشترك، إنه اتفق مع نظيره السعودي على إقامة المسابقات الرياضية في الأراضي الإيرانية والسعودية.
وإلى جانب مباراة النصر وبرسبوليس، هناك مباراتان أخريان ستجمعان بين "سيباهان" الإيراني و"الاتحاد" السعودي، كما سيواجه "نساجي" الإيراني "الهلال" السعودي، وذلك حسب قرعة الموسم الجديد من دوري أبطال آسيا، وبناءً على ذلك سيحضر اللاعب العالمي الفرنسي المسلم كريم بينزيمة، والنجم البرازيلي نيمار جونيور في إيران، ومن الممكن أن يُستقبَلا أيضاً، بمثل هذا الاستقبال الواسع من قبل محبيهم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين