حماستهم تسبق كلماتهم إذ تغمرهم فرحة المشاركة، على خشبة مسرح واحد في بلجيكا يقف خمسة وثلاثون عازفاً فلسطينياً ضمن فريق الفنفارجاتي يعزفون على آلات النفخ النحاسية والخشبية حاصدين تصفيق الجمهور البلجيكي وإعجابه.
والفنفارجاتي هي فرقة نحاسية تتألف من مئة موسيقي وموسيقية من فلسطين، وهي نتاج تعاون بين جمعية الكمنجاتي الفلسطينية والعديد من الجهات الثقافية البلجيكية التي تعمل على تدريب الأطفال الفلسطينيين على الآلات النفخية والنحاسية والخشبية، التي كانت مهملة في فلسطين خلافاً لآلات أخرى مثل البيانو الكمان والغيتار.
رمزي أبورضوان، مؤسس ورئيس جمعية الكمنجاتي، التي تهتم بتطوير الحياة الموسيقية في فلسطين، يقول لرصيف22: "من خلال فتح معاهد ومدارس للموسيقى في مدن فلسطينيّة مختلفة منها رام الله، جنين، قرى بني زيد ومخيمات شاتيلا وقلنديا، الكمنجاتي تعمل على إثراء المشهد الموسيقي الفلسطيني من خلال مدارس الموسيقى والمهرجانات وإدخالها ضمن مناهج وزارة التربية والتعليم في فلسطين، إضافة إلى تطوير القطاعات الموسيقية ودعم الفنانين الشباب المبدعين الجدد من أجل الانطلاق". أما عن فرقة الفنفارجاتي بشكل خاص، يوضح أبو رضوان: "إنها فرقة تأسست منذ خمسة أعوام بالتعاون مع مؤسسات بلجيكية حيث كانت عبارة عن تبادل مع موزعين وقائدي أوركسترا بلجيكيين جاءا إلى فلسطين لتعليم الطلاب وتدريبهم على استخدام الآلات النحاسية والخشبية لأنها كانت ضعيفة في فلسطين".
الفنفارجاتي هي فرقة نحاسية تتألف من مئة موسيقي وموسيقية من فلسطين، وهي نتاج تعاون بين جمعية الكمنجاتي الفلسطينية وجهات ثقافية بلجيكية.
ويتابع: "العزف الجماعي أتاح الفرصة لمئة شاب فلسطيني للاستفادة من مشروع إعادة إحياء فكرة العزف على الآلات النحاسية التي كانت غير متاحة بشكل كبير في فلسطين منها الترومبيت، الترمبون، الباريتون، الفرنش هورن والتوبا والآلات الخشبية منها الكلارينيت، الفلوت، الأوبوا، الباسون والساكسفون، والتي تستخدم في الاستقبالات الرسمية والدولية ونحتاجها أيضاً في أوركسترا السيمفونيات، لأننا في بعض الأحيان نعزف مقطوعات لملحنين كبار مثل بيتهوفن. فرقة الفنفارجاتي تجذب الطلاب إلى الانضمام لها بشكل أكبر من فرق أخرى لأن أغلب معزوفاتها هي من الأغاني الشعبية، وكان لدينا عروض في سبعة مدن بلجيكية مختلفة بقيادة المايسترو منتصر جبريني، هنا وجدنا لمعة الاندهاش في عيون الجمهور البلجيكي لأن من يعزف هذه الآلات النحاسية عادة، يحتاج خبرة ومعرفة بشكل جيد، لكن من أحيوا هذه العروض هم فنانون ناشئون لديهم خبرة ومستوى كبير لهذا النوع من العزف ومن الثقافة شرقية، لذلك هذا المشروع يجب أن يستمر لتولد منه طاقات جديدة وتكمله أجيال أخرى."
النشيد الوطني الفلسطيني على أرض بلجيكية
يقول بونوا، 48 عاماً، من مدينة تورنيه، وهي واحدة من أقدم المدن البلجيكية، عن سماعه للفرقة الفلسطينية ونشيدها الوطني على أرض بلاده: "قبل خمس سنوات كان لدينا مشروع في مهرجان الكمنجاتي هنا في بلجيكا كنا نغني بعض الأغاني الفرنسية وبعض الأغاني الفلسطينية، ومنها النشيد الوطني الفلسطيني، الذي غنيناه في مخيمات اللاجئين ورأينا عواطف الناس. اليوم عندما نغني هذه الأغنية نحاول أن نقول من خلالها شيئاً لأبناء فلسطين، وأن ندعمهم من خلال المشاركة لأن لديهم مواهب رائعة ومبدعة تستحق النجاح دائماً".
أما عن ماري، 56 عاماً، فتقول لرصيف22: "قبل خمس سنوات ذهبت إلى فلسطين مع بعض الموسيقيين البلجيكيين، وبقيت منذ ذاك الحين، قطعة صغيرة من قلبي محفور فيها اسم فلسطين. أعتقد أنه يتعين علينا أن نفعل شيئاً هناك، وبالفعل لقد أقمنا الكثير من الحفلات الموسيقية لجمع المال، وبهذا المال ساعدنا في صنع موسيقى فريق الفرفنجاتي لفلسطين، مما منحنا الكثير من المشاعر. فقد رأينا هؤلاء الموسيقيين الفلسطينيين الشباب يصنعون شيئاً بكل حُب. ذهبنا للمشاركة مع هذه الفرقة منذ ثلاثة أيام في العديد من مدن بلجيكا، وكانت المفاجئة مستوى خبرتهم على عزف مقطوعات موسيقية بالآلات النحاسية والخشبية. نتأمل أن يستمر هذا الإبداع وأن نشاهدهم في أكبر المسارح العالمية.
عازف الكلارنيت ماتياس لاغيا ومؤسس فرقة ليدي بيرد البلجيكية والمشاركة مع فرقة الفانفرجاتي، قال: "عندما كنت في العشرين من عمري ذهبت للعيش في مدينة غِنت شمال غربي العاصمة بروكسل، حيث قطنت في حي مليء بالجنسيات المختلفة، بعد سنوات قليلة كنت أشعر بالفضول تجاه بعض الأشياء، وبشأن جميع الجيران، فأسأل من أين يأتون؟ وأي لغة يتحدثون؟ هنا قررت إنشاء فرقة ليدي بيرد الموسيقية، هذه الفرقة التي ساعدتني بأن ألتقي بالكثير من الأشخاص من بلدان مختلفة ومنها فلسطين حيث انضمت لنا فنانة فلسطينية تدعى حنين وشاح تغني للتراث الفلسطيني، وبدأنا نكتشف معها الأغاني العربية، وقد كنت أهتم بشكل خاص دائماً بالأغنية الفلسطينية لأن لها رونقاً مميزاً، وقد دعمنا صندوق الموسيقى الفلسطيني أيضاً بهذا المشروع من خلال تزويدنا بالأدوات اللازمة لتعليم الأطفال الموهوبين".
وتابع: "كنت مندهشاً جداً وسعيداً بالانضمام لمجموعة الكمنجاتي وفريق الفنفرجاتي، الذي جاء من فلسطين لنغني ونعزف على مسرح واحد ونتبادل الثقافة العربية سوياً ونتطلع ان تكون هذه المرة ليست الأخيرة".
"نحاول إنهاء الحدود التي وضعها الاحتلال الإسرائيلي بيننا، كنا اليوم نقف جميعاً كفلسطينيين على مسرح واحد". العازف الفلسطيني، محمد اللوماني، من قطاع غزة الذي انضم وفرقته للفرفنجاتي
وأكد العازف الفلسطيني، محمد اللوماني، من قطاع غزة الذي انضم وفرقته للفرفنجاتي، على أهمية المشاركة من مختلف مدن فلسطين وإعطاء الفرصة لشبابها من أجل الإبداع في هذه الفعاليات، وقال:" كانت تجربة مميزة وجديدة لنا، أن نشارك مع أوركسترا الفرفنجاتي، ولأننا نحاول إنهاء الحدود التي وضعها الاحتلال الإسرائيلي بيننا، كنا اليوم نقف جميعاً كفلسطينيين على مسرح واحد لنشر الثقافة الموسيقية الفلسطينية وتعريف الشعب الأوروبي بمدى تطور العزف على الآلات النحاسية والخشبية، رأينا في وجه الجمهور التشجيع والتفاعل الكبيرين، ما منحنا طاقة تجعلنا نبدع أكثر وأكثر".
رهف خضر، 15 عاماً، فلسطينية من مدينة رام الله وعازفة كلارينت، تقول لرصيف 22: "قبل 9 سنوات انضممت لجمعية الكمنجاتي، لأنها توفر لنا الآلة التي نرغب بالعزف عليها، منها الشرقي ومنها الغربي، وتتيح لنا الفرصة لتعلُّم نظريات الموسيقى بالكتابة، ومعرفة تاريخها وبدايتها وعصورها".
وتتابع: "عندما جاءت إدارة مؤسسة الكمنجاتي وعرضت علينا البدء في التعلُم على آلة النفخ، وافقت دون تفكير لأني أحب الآلات القديمة مثل الكلارينت والتي تعطي 30 ثقباً لتغيير الصوت، اليوم بعد مرور سنة، عندما شاركت في الحفل، شعرت بفخر كبير لأنني أصبحت أستطيع إرسال رسالة للعالم بأن فلسطين وأبناءها قادرون على مواصلة الحياة بشكلها الطبيعي، وبأن الموسيقي جزء من حياتنا، فنحن لا نختلف عن أي دولة مستقلة فيها الموسيقى والثقافات المتعددة، بالرغم من منع الاحتلال الإسرائيلي لأشياء كثيرة، إلا إننا اليوم هنا نقف ونقابل فنانين من غزة أيضاً، فبالرغم من الحاجز الموضوع بيننا استطعنا أن نقدم عروضاً موسيقية نالت إعجابنا وإعجاب الجمهور الغربي.
هل الموسيقى هي فعلاً جزء من نضالنا؟
قطر الندى، 17 عاماً، من مخيم قلنديا، تسكن وسط عائلة فنية وتعزف على آلتي الكمان والعود، كانت هذه تجربة السفر الأولى لها خارج فلسطين، وبالرغم من مشوراها الطويل الذي استمر ما يقارب 24 ساعة إلا انها تشعر بالسعادة. تقول: "كنت مغمضة العينين ولا أريد أن أرى أو أسمع أي كلمة تحبطني، كنت أرى نفسي فقط واقفة على خشبة المسرح أقدم سلسلة العروض التي قمنا بتجهيزها على مدار الخمس سنوات الماضية، وكنت أفكر هل صوت فلسطين سوف يصل للعالم؟ هل الموسيقى هي فعلاً جزء من نضالنا؟ هل نبهر الجمهور بأدائنا؟ هل نحصل على الدعم لنكمل مشورانا الفني؟ وجدت هذه الإجابات كلها عندما انتهينا من أول عرض من سلسلة عروضنا السبعة في بلجيكا ورأيت الجمهور يغني معنا ويشجع وينادي بصوت عالٍ: "فلسطين" ويضحك، هنا شعرت بأننا قدمنا صوتاً موسيقياً عربياً ذا طابع فلسطيني مميز.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين