شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"أن تحلم وتتبع حلمك"... بِلا وطن للمخرج توفيق الصابوني إلى أوسكار الطلاب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والمهاجرون العرب

السبت 9 سبتمبر 202304:43 م

شعور بالسعادة والفخر يبدو واضحاً على المخرج السوري الشاب توفيق الصابوني مع منافسته على أوسكار الطلاب للأفلام الروائية، مترافقاً مع إعلان الأكاديمية قوائم الأفلام التي وصلت للمرحلة النهائية من المنافسات منتصف شهر آب 2023، وهو الذي وصل منذ أعوام قليلة إلى أوروبا لا يحمل سوى أحلاماً بالعمل في السينما.

"بلا وطن"... هو فيلم تخرج توفيق من المعهد الوطني العالي للدراسات السينمائية ببلجيكا، حيث يدرس الماجستير في الإخراج السينمائي، ويدور حول السورية سلمى، تلعب دورها الممثلة ريم علي، التي تصل مع ابنها إلى بلجيكا، حيث يقيم شقيقها، يلعب دوره الممثل جلال الطويل.

عندما تكتشف بطلة الفيلم، سلمى، وضع السلطات لكلمة "لاجئ/ة" في خانة الجنسية على هويتها عوضاً عن "سورية" تصاب بالذعر والانزعاج، وتقرر الاحتجاج لاستعادة جنسيتها

عندما تكتشف وضع السلطات لكلمة "لاجئ/ة" في خانة الجنسية على هويتها عوضاً عن "سورية" تصاب بالذعر والانزعاج الشديدين، أمر لا يتفهمه شقيقها البراغماتي، الذي يجد في تصرفاتها مغالاة وتكلفاً عند النظر إلى ظروف سوريين/ات آخرين يحلمون بالوصول إلى مكان آمن، يحظون فيه بمعيشة كريمة. لكن سلمى تقرر الاحتجاج لدى السلطات لاستعادة جنسيتها.

لكن هل تصارع حقاً لأجل كلمة مكتوبة على ورقة رسمية، أم أنها ترفض تقبل حقيقة أنها فقدت وطنها، بكل ما يحمله من ماض وذكريات.

مع أن الأفلام القصيرة المدعومة من قبل الجامعات معروفة بميزانياتها القريبة من الصفر، بذل المخرج توفيق وطاقم فيلمه جهداً مثمراً لبلورة رؤيتهم للفيلم، والخروج بأفضل نتيجة ممكنة بما في ذلك التغلب على تحدي تصوير مشهد موسيقي وواقعية سحرية. ومن الملاحظ تصويره مشاهد من لقطة واحدة، رغم ما تحمله من صعوبة تنفيذ من الناحية الإخراجية والتقنية وتدريب الممثلين/ات على الأداء.

وينقل المخرج والكاتب توفيق بطلة فيلمه من شوارع بلجيكا إلى دمشق عندما تسمع أغنية، واضعاً المشاهدين/ات في مخيلتها وهي ترى نفسها في مقهى دمشقي، يُلعب فيه بالنرد، ويروي فيها الحكواتي قصصه.

يقول توفيق لرصيف22 إن الميزانية كانت قليلة للغاية، لم تتجاوز عدة آلاف من اليورو، وهو ما يبدو ظاهراً في الفيلم، مع ذلك حاولوا جعل ضعف الميزانية جزءاً من هوية الفيلم، على حد وصفه.

لطالما أراد صناعة فيلم عن الموضوع، يتذكر توفيق، وكان التحدي بالنسبة له كيفية تناول موضوع إداري بحت عبر شخصيات من لحم ودم. وهنا خلق شخصية نسائية ثائرة ومتمردة على واقعها.

ينقل المخرج بطلة فيلمه من شوارع بلجيكا إلى دمشق عندما تسمع أغنية، واضعاً المشاهدين/ات في مخيلتها وهي ترى نفسها في مقهى دمشقي.

يرى توفيق أنه وإن كان موضوع تجريد السوريين من جنسيتهم على أوراق الإقامة لم يمسسه شخصياً حينها، لكنه شعر بأنه معني به كسوري، يرى آثاره على أصدقائه، متذكراً كيف علم بالأمر للمرة الأولى، عندما رأى صديقه منزعجاً من وضع صفة لاجئ عوضاً عن سوري على أوراقه الثبوتية، ما شكل دافعاً له للعمل على سيناريو الفيلم وفي النهاية صناعته.

رغم إلغاء هذا الإجراء في بلجيكا في هذه الأثناء، فهو لا يريد الزعم بأن فيلمه هو من تسبب بالتغيير، مخمناً أنه ربما طرح أسئلة دفعت باتجاه التغيير.

وعن اختياره الممثلين ريم وجلال، يرى أنه وُفق في خياراته، مشيداً بالإضافة التي قدماها للفيلم، بما يتمتعان به من خبرة، وكرمهما في العطاء لأجل إنجاح الفيلم، مشيراً إلى أنه شعر بأنهم نجحوا في خلق علاقة عائلية أصيلة بين الشخصيات الثلاثة، إلى جانب الطفل يمان، من خلال ردات فعل الجمهور بعد العرض في السينما، معتبراً أن إحساسهم هم الثلاثة كان مختلفاً عن باقي أفراد طاقم صناعته، لكونهم سوريين.

عندما تُعلن الأكاديمية عن الفائزين/ات في أيلول، يتمنى توفيق أن يفوز بالطبع أو أن يفوز صانع أفلام سوري آخر هو أمير ظاظا بفيلمه "ستمطر"، أو أن يفوزا سوية ربما.

وعما يعنيه له وصول شابين سوريين بصدد إنهاء دراستهما لهكذا مرحلة بأفلام تخرجهما، يرى أن ذلك ينم عن وجود مواهب سورية قادمة في صناعة السينما، يلتقي هو شخصياً ويتواصل مع بعضهم.

إن كان انتقال المخرج والكاتب السوري، توفيق الصابوني، للعيش في الغرب قد أعطاه شيئاً فهو منحه حرية أن يحلم، ويتبع حلمه.

بعد مرور أعوام يمكننا رؤية جيل سينمائي سوري جديد، حينها قد ينجحون بصناعة هوية سينمائية سورية خاصة، هكذا يتوقع توفيق أو يتمنى، لافتاً إلى عدم وجود قطاع صناعة سينما أو أكاديمية سينما في سوريا، التي كان المرء فيها مسيراً في مختلف مجالات حياته.

إن كان انتقاله للعيش في الغرب أعطاه شيئاً فهو منحه حرية أن يحلم، ويتبع حلمه.

درس توفيق الأدب الفرنسي والحقوق في سوريا، وكانت له تجربة مع ورشة عمل "تياترو"، للفنانة مي سكاف.

عندما انتقل في العام 2015 إلى أوروبا، كان متأكداً من رغبته في دراسة السينما. وكان عليه ترك ما درسه خلفه ومحاولة عبور اختبارات الالتحاق بالأكاديمية التي يدرس فيها الآن.

بعد أن صنع فيلماً وثائقياً قصيراً بعنوان "على حافة الجنون"، يتناول عنف الشرطة ضد العرب والسود، طاف فيلمه "بلا وطن" مهرجانات في بلجيكا، كالمهرجان الدولي للفيلم الفرhنكوفوني في نامور.

رغم صعوبة تقدير الأثر الذي سيتركه هذا الترشيح في انطلاقة مسيرته المهنية الآن، يدرك توفيق مسبقاً ماهية خطوته القادمة، فقد وقع منذ أشهر عقد إنتاج فيلمه الروائي الطويل الأول مع شركة بلجيكية، ويعمل على تطوير السيناريو في الأثناء، على أن يصوره صيف العام 2024.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بين دروب المنفى وذكريات الوطن

خلف كلّ مُهاجرٍ ولاجئ، حياة دُمِّرت وطموحاتٌ أصبحت ذكرياتٍ غابرةً، نُشرت في شتات الأرض قسراً. لكن لكلّ مهاجرٍ ولاجئ التمس السلامة في أرضٍ غريبة، الحقّ أيضاً في العيش بكرامةٍ بعد كلّ ما قاساه.

لذلك هنا، في رصيف22، نسعى إلى تسليط الضوء على نضالات المهاجرين/ ات واللاجئين/ ات والتنويه بحقوقهم/ نّ الإنسانية، فالتغاضي عن هذا الحق قد يؤدّي طرديّاً إلى مفاقمة أزمتهم والإمعان في نكبتهم. 

Website by WhiteBeard