شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
هل ينجح حفتر في توريث ما لا يملكه لمن لا يستحقه؟

هل ينجح حفتر في توريث ما لا يملكه لمن لا يستحقه؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 29 أغسطس 202302:13 م

مشروع التوريث آفة البلدان العربية وحلم حكّامها. هو ما أضاع مبارك وأنهى حكمه، وهو ما أجلس بشار الذي أباد شعبه، على كرسي والده

ومَن من أبناء حكامنا لم يختَر مسار السياسية ولم يلمع في مجال المال والفساد (إلا من رحم ربي)؟ هذا ما وجدنا عليه حكّامنا الأقدمين.

لكن المدهش أن ليبيا، كعادتها، تمثّل حالةً استثنائيةً. فلأول مرة في العالم العربي، وجمهوريات الموز، يتم تلميع ابن، وتمهيد الطرق لوراثته، حتى قبل أن يحصل الأب نفسه على العرش! لتظل ليبيا تمثّل بصدّام ابن حفتر حالةً مختلفةً حتى في حلم التوريث.

تأمين الحدود الجنوبية مع تشاد والنيجر

بالتزامن مع لعبة بالورقة الروسية في ليبيا، في محاولة لإقناع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بخطأ تهميشه، يسعى المشير خليفة حفتر، قائد قوات الجيش الوطني، إلى استعراض جديد للقوة في رسالة مبطنة إلى حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، عبر عملية عسكرية لتأمين الحدود الجنوبية مع تشاد والنيجر.

هذه العملية الأحدث من نوعها في الجنوب الليبي، سبقتها محاولات عدة حققت فيها قوات الجيش نجاحات محدودةً، وفشلت في فرض سيطرتها على كامل المناطق الحدودية المترامية الأطراف.

لكن هذه العملية البرية-الجوية، تبدو مختلفةً من حيث نوعية القوات المشاركة فيها وعددها وتسليحها، على نحو جعل الكثيرين يرون هدفها الرئيسي، ليس فقط إنهاء وجود المعارضة الموجودة من تشاد والنيجر على الأراضي الليبية، وإنما توسيع المناطق الخاضعة لسيطرة حفتر.

ما هي طبيعة الدور الذي تلعبه إسرائيل في ليبيا بالتنسيق مع صدّام نجل خليفة حفتر؟

الوريث العقيد الفذّ صدّام حفتر

لكن على صعيد آخر، حرصت المنصات الإعلامية لقوات حفتر على إبراز دور صدّام حفتر، وتسويقه كعميد بارع في الجيش، نجح في قيادة غرفة عمليات القوات البرية في هذه العملية العسكرية.

وهو ما بدا خطوةً في طريق إسناد أدوار سياسية أوسع إلى أبناء خليفة حفتر، في نسخة محدثة (وإن كانت مهزوزةً)، عن مساعي صدّام حسين لتمكين أبنائه من بعده.

وهو المسار نفسه الذي شهدته ليبيا من قبل، على يد القذافي وأبنائه قبل أن يطاح بهم في ثورة 2011.

لكن على الجانب الآخر، ينفي حفتر والمقربون منه أي شبهة توريث لابنه صدّام حفتر، مشيرين إلى أن استعانته بأولاده أمر اعتيادي في المشهد الراهن، فهو رجل على مشارف الثمانين.

الأنجال يستقبلون الروس

لكن نفي أنصار حفتر سعيه إلى تصدّر أبنائه المشهد السياسي في ليبيا، لا يتفق مطلقاً مع قيام نجليه صدّام وخالد حفتر، باستقبال نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف، الذي زار مدينة بنغازي مؤخراً، واجتمع بحفتر، في زيارة رسمية غير مسبوقة.

وكانت لافتةً حفاوة استقبال يونس، لخالد حفتر، الذي يشغل منصب رئيس أركان الوحدات الأمنية (برغم أنه خريج كلية الاقتصاد في جامعة القاهرة)، وهو ما جعل الأقاويل تنتشر في الأوساط السياسية الليبية عن علاقة ممتدة بين الرجلين.

كما برز على ضفاف الزيارة أيضاً، الصدّيق حفتر، الذي يُعدّ بمثابة وزير الخارجية غير المعلن لوالده.

على الصعيد الرسمي، أدرج حفتر عبر المتحدث الرسمي باسمه، هذه الزيارة في إطار التعاون العسكري والأمني ومحاربة الإرهاب، لافتاً إلى أن المسؤول الروسي بحث في ما وصفه باجتماع فني مع رؤساء أركان الإدارات النوعية، احتياجات التدريب والصيانة للأسلحة والمعدات الروسية التي تُعدّ العمود الفقري لتسليح الجيش.

اجتماع حفتر بالرجل الثاني في وزارة الدفاع الروسية، في توقيت شنّه هذه العملية الموسعة نفسه، أثار سخط واشنطن التي ترفض تماماً توسع النفوذ الروسي في ليبيا.

لماذا تدعم تل أبيب صدّام حفتر؟

ظهور صدّام حفتر الطاغي في العملية العسكرية الموسعة التي شنّها الجيش الليبي على الحدود الجنوبية، لم يكن الظهور الأول له على الساحة.

فقد تردد اسمه بقوة بعد نشر صحيفتي "تايمز أوف إسرائيل" و"هاريتس" تقارير موسعةً، كشفت فيها عن قيام صدّام حفتر بزيارة إسرائيل، ليعرض عليها -وفقاً للإعلام الإسرائيلي- إقامة علاقة دبلوماسية بين ليبيا وإسرائيل، في مقابل أن يحصل والده على مساعدة عسكرية ودعم سياسي من تل أبيب. كما كشفت هآرتس أن صدّام حفتر توجه إلى مصر بعد ذلك مباشرةً.

من جانبها، ترى تل أبيب أن إقامة علاقات دبلوماسية مع ليبيا، بمثابة قفزة إلى الأمام في مسار تكوين بوابة شرقية لها في البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن سعيها إلى احتواء دول المغرب العربي.

ولم تنفِ تل أبيب، أو تؤكد، صحة التقارير المنشورة عن نشاط نجل حفتر في تل أبيب.

وكانت تقارير إعلامية أخرى قد كشفت في الأشهر الماضية عن توقيع خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي، عقداً مع شركة استشارات إعلامية إسرائيلية بشأن الانتخابات الرئاسية.

لماذا قرر خليفة حفتر اليوم، القضاء على المعارضة التشادية في بلاده؟

إنهاء وجود المعارضة التشادية في ليبيا

"ليبيا دولة ذات سيادة، لا تقبل بوجود أي معارضة على أراضيها، ومن يريد أن يعارض فليفعل ذلك داخل بلاده"؛ هكذا صرّح صدّام حفتر، إلى وسائل إعلام ليبية عقب زيارته منطقة العمليات، معلناً إنهاء ما أسماه باحتلال المعارضة التشادية وعناصرها لعمارات الشركة الصينية في منطقة أم الأرانب، وهي بلدة صحراوية تبعد نحو 300 كيلومتر شمال الحدود مع تشاد.

وتجدر الإشارة إلى أن تلك هي المرة الأولى منذ حربه الفاشلة لتحرير العاصمة طرابلس عام 2019، التي تتحرك فيها قوات الجيش الموالية لحفتر، التي تفرض سيطرتها على المنطقة الشرقية بالكامل، وتؤكد وجودها في جنوب البلاد، خاصةً بعد تجدد القتال بالقرب من المنطقة بين حكومة تشاد وجماعة متمردة تحاول الإطاحة بها.

ووفقاً لتصريحات الناطق الرسمي باسم الجيش اللواء أحمد المسماري، فإن هذه العملية التي تشارك فيها نخبة قوات الجيش برّاً وجوّاً، لن تتوقف حتى تحقق أهدافها، لافتاً إلى ما تشهده دول جنوب الصحراء والساحل من توترات سياسية وأمنية واسعة طوال الأشهر الماضية؛ مما أسهم في هشاشة الوضع في تلك الدول وضعف قدرتها على التحكم والسيطرة على حدودها البرية، وساعد في تحرك خلايا من الجماعات الإرهابية والإجرامية.

تاريخ عمليات الجنوب

سبق لحفتر أن أطلق في عام 2018، عمليةً عسكريةً لتأمين الجنوب الليبي، بعد يومين من انقضاء مهلةٍ منحها لأفارقة من دول جوار ليبيا للمغادرة، على خلفية اتهامات بمشاركتهم في المعارك التي دارت في مدينة سبها بين قبيلتي أولاد سليمان العربية والتبو غير العربية، وأسفرت عن مقتل وإصابة 40 شخصاً.

كما نفذت قوات الجيش في عام 2019، سلسلةً من الغارات الجوية على تجمعات للعصابات التشادية قرب منطقة مرزق في الجنوب أيضاً.

كما تجدر الإشارة إلى أن الاشتباكات التي شهدتها مناطق حدود ليبيا بين "القوات التشادية" و"المعارضة التشادية المسلحة" الموجودة داخل الأراضي الليبية، أثارت قلق الليبيين من امتداد النزاعات في السودان ومالي وتشاد إلى بلادهم.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard