أعلنت إثيوبيا عام 2011 عن بناء سد جديد يدعي سد النهضة الإثيوبي العظيم على منابع النيل الأزرق. وعرف سد النهضة الإثيوبي العظيم سابقاً باسم سد الألفية، وقبلها باسم المشروع أكس. وجاء ضمن الإعلان أن الغرض الرئيسي من سد النهضة هو توليد الطاقة الكهرومائية، وليس لدى الإثيوبيين نية لاستخدام هذا السد لأغراض الري أو الزراعة.
يقع سد النهضة على بعد 700 كيلومتر شمال شرقي العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في منطقة بني شنقول-جوماز، ويبعد عن الحدود السودانية بنحو 15 كيلومتراً (يظهر السد في الخريطة باللون الأحمر). وهو مشروع مملوك للدولة لشركة الكهرباء الإثيوبية.
يُقدَّر أن سد النهضة هو أكبر سد لإنتاج الطاقة الكهرومائية في أفريقيا ورقم 80 على مستوى العالم. يبلغ ارتفاع السد قرابة 175 متراً، بطول كيلومترين، وتقدر الكمية الإجمالية للخرسانة المسلحة فيه بـ 10.2 مليون متر مكعب.
تحتوي محطة السد على 16 توربينة مصممة لتوليد 6000 ميغاواط من الطاقة المركبة وإنتاج الطاقة السنوي المقدّر بحوالي 15.7 تيراواط في الساعة، ويتسع خزان سد النهضة لأكثر من 74 مليار متر مكعب من المياه.
احتياجات محلية وخارجية
عند الإعلان عن بناء السد، أشارت إثيوبيا إلى أن الكهرباء المولدة سوف تخدم كلاً من الطلب الإثيوبي وطلبات التصدير.
ونوهت إلى أمور عدة: أولاً، التوقعات بأن تغطي هذه الطاقة الكهرومائية الاحتياجات الإثيوبية، بما في ذلك الاستخدام المحلي بالإضافة إلى العديد من أنشطة الإنتاج الصناعي وغيرها من القطاعات الإثيوبية المعتمدة على الكهرباء، مما سيعزز التنمية الاقتصادية ورفاهية إثيوبيا.
ثانياً، التزام إثيوبيا بالفعل ببيع جزء من الطاقة الكهرومائية المولدة إلى دول أخرى عن طريق عقود موقعة، والتي تساعد في المقابل أيضاً في دعم التنمية الاقتصادية الإثيوبية. وبالطبع هذا حق أصيل للحكومة الإثيوبية ولكل الحكومات والدول، بأن تسعى إلى تعزيز وتحسين مستوى المعيشة لمواطنيها وزيادة النمو الاقتصادي.
أعلنت إثيوبيا بأن الغرض الرئيسي من سد النهضة هو توليد الطاقة الكهرومائية، وليس لدى الإثيوبيين نية لاستخدام هذا السد لأغراض الري أو الزراعة
أعد التصميمات الهندسية للسد المكتب الاستشاري الإيطالي Studio Pietrangeli وهو المصمم والمزود الرئيسي للخدمات الهندسية والاستشارية، في حين أن المقاول الرئيسي هو Salini-Impregilo SpA سابقاً أو Webuild حالياً.
مرفق بالمقال مستند يتضمن بعض تفاصيل التصميم والرسومات والتحليل الإنشائي الذي وضعه المكتب الاستشاري، والتي تظهر الآتي:
- خصائص السد الرئيسية وتقسيم المناطق.
- أنشطة الحقن وتخطيط نظام الصرف (Grouting activities and drainages system layout).
- تحليل التسرب (Seepage analysis).
- التحليل الساكن والديناميكي (Static and dynamic analysis).
- تصاعد التصريف (Stepped spillway).
- التحليل الحراري والتحكم في درجة الحرارة (Thermal analysis and temperature control).
تمويل السد
قدرت تكلفة سد النهضة بنحو خمسة مليارات دولار أمريكي، وجمعتها الحكومة الإثيوبية من خلال التمويل الذاتي للسد، عبر حشد مجموعة من المصادر الداخلية والخارجية.
عرف سد النهضة الإثيوبي سابقاً بإسم سد الألفية، وقبلها بإسم المشروع أكس.
وتمثلت المصادر الداخلية في الآتي:
· قروض من البنوك الإثيوبية مخفضة الفائدة للحكومة بنحو 27% عن قيمة القروض التي تقدمها للأفراد والشركات.
· طرح سندات.
· الضرائب.
· جمع الأموال من عامة الناس، ودفع موظفي الخدمة المدنية للمساهمة بجزء من رواتبهم في بناء السد.
وفقاً لتعليق صادر عن معهد بروكينغز، اشترى العديد من موظفي الحكومة الإثيوبية السندات المطروحة اضطرارياً، بسبب ترويج الدولة لكون المشاركة في هذا المشروع دليل إثبات وطنية، والرفض سيكون بمثابة تقاعس عن خدمة الوطن.
بينما بعض المصادر الخارجية كانت كما يلي:
· الصندوق الصيني والشركات الصينية: بينما لا تمول الصين تكاليف بناء السد بشكل مباشر، فإنها قدمت تمويلاً في عام 2013 قُدر بنحو 1.2 مليار دولار لإنشاء شبكة خطوط الكهرباء والبنية التحتية ذات الصلة، لنقل الكهرباء المولدة من سد النهضة والتي سيتم بيعها إلى البلدان المجاورة.
وفي عام 2017 شيدت شركة ستيت جريد الصينية خط النقل عالي الجهد لنقل الكهرباء بتكلفة قُدرت بنحو مليار دولار. وفي نفس العام، منحت الصين إثيوبيا قروضاً بقيمة 652 مليون دولار.
وفي عام 2019، وقع كلا البلدين اتفاقية بقيمة 1.8 مليار دولار لتمويل خطوط نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية، إضافة إلى بناء الخط الثاني للسكك الحديدية بين أديس أبابا وجيبوتي ومدن مختلفة في الدولة.
· المهاجرون والمغتربون الإثيوبيون: قدرت السندات التي بيعت للمغتربين والمهاجرين الإثيوبيين بقيمة 38 مليون دولار أمريكي في عام 2016.
· طرح سندات للبيع على مستثمرين وشركات متعددة الجنسيات.
من المتوقع أن تكون عواقب ومخاطر سد النهضة مختلفة تماماً على دولتي المصب، مصر و السودان، وذلك يرجع إلى اختلاف مصادر المياه المتاحة لهما إلى جانب مياه نهر النيل، واختلاف احتياجاتهما المائية، واستخداماتهما للمياه، وكذلك اختلاف مواقفهما الاقتصادية
الجدير بذكره أن البنك الدولي رفض تمويل مشروع السد في البداية بسبب الاعتراضات المتوقعة من دول المصب بسبب مخاطر السد. إلا أن هذا لم يمنعه من تمويل خط نقل عالي الجهد، وتمويل تمديد أجزاء أخرى في الشبكة التي تعد جزءاً من مجمع الطاقة في شرق إفريقيا، وتمويل مشروع الطريق السريع الكهربائي الشرقي من إثيوبيا إلى كينيا، والذي سيفيد بشكل غير مباشر في نقل الكهرباء المولدة والمباعة من السد.
المخاطر على دول المصب
تجدر الإشارة هنا إلى أنه من المتوقع أن تكون عواقب ومخاطر سد النهضة مختلفة تماماً على دولتي المصب، مصر و السودان، وذلك يرجع إلى اختلاف مصادر المياه المتاحة لهما إلى جانب مياه نهر النيل، واختلاف احتياجاتهما المائية، واستخداماتهما للمياه، وكذلك اختلاف مواقفهما الاقتصادية.
بالنسبة إلى السودان، فإن سد النهضة سيحقق فوائد كثيرة، وتشمل هذه الفوائد حجز الطمي والعوالق التي يحملها النيل الأزرق سنوياً إلى أراضي البلاد، وتحتل تلك الرواسب أكثر من نصف حجم التخزين في السدين السودانيين سنار والروصيرص، وتؤثر على قدرتهما على توليد الطاقة الكهرومائية.
قدرت تكلفة سد النهضة بنحو خمسة مليارات دولار أمريكي، جمعتها الحكومة الإثيوبية عبر مجموعة مصادر داخلية وخارجية.
كما سيساعد سد النهضة في تنظيم تدفق النيل، مما سيمنع الفيضانات ويوقف تدمير الممتلكات والمحاصيل ويحافظ على أمن العائلات السودانية التي تعيش على ضفاف النهر. وسيساعد هذا التدفق المنتظم السودان على زيادة دورات زراعة المحاصيل إلى مرتين أو ثلاث سنوياً، مما سيزيد الإنتاج الزراعي السوداني. وهذا من شأنه أن يساعد أيضاً في تجديد المياه الجوفية على مدار العام.
وأشار بعض الباحثين إلى إمكانية تخزين السودان أيضاً لجزء من حصتها السنوية من مياه النيل في خزان سد النهضة لاستخدامها لاحقاً، بعد إبرام اتفاق مع إثيوبيا. كما أن شراء الكهرباء بأسعار زهيدة من إثيوبيا هي فائدة أخرى محتملة للسودان.
ومع ذلك، هناك شاغلان فقط للسودان بسبب سد النهضة. الأول هو سلامة جسم السد نفسه لقربه الشديد من الحدود السودانية، فهو قادر على إبادة السودان في حال انهياره وخزانه مملوء بالكامل. الشاغل الثاني هو عملية التشغيل السنوي للسد، بما لا يؤثر على وقت ملء السدود السودانية الأخرى.
في ضوء ما سبق يمكن ملاحظة أن مكاسب سد النهضة للسودان أكثر بكثير من التحفظات والمخاوف لديها بشأنه. أما بالنسبة لمصر فموقفها على النقيض تماماً، وللحديث بقية في المرة القادمة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
عبد الغني المتوكل -
منذ 16 ساعةوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ 17 ساعةرائع
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت